مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / من هو الإنسان؟ / الدرس الثالث: لعنة الخطية

من هو الإنسان؟ – الدرس الثالث – القسم الثاني

الدورات الدراسية من هو الإنسان؟ الدرس الثالث: لعنة الخطية من هو الإنسان؟ – الدرس الثالث – القسم الثاني
الدرس Progress
0% Complete
 
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

الطبيعة
التعدي على الناموس

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aMAN03_06.mp4

عدم المحبة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aMAN03_07.mp4
  • الطبيعة
    التعدي على الناموس
  • عدم المحبة

الطبيعة
التعدي على الناموس

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aMAN03_06.mp3

عدم المحبة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aMAN03_07.mp3
  • الطبيعة
    التعدي على الناموس
  • عدم المحبة

الطبيعة

تعدُ الوسيلةُ الأسهلُ والأكيدةُ لتحديدِ الخطيةِ في الكتابِ المقدسِ هي البحثُ عن أمثلةٍ لأشياءٍ ينهى عنها الله، أو يدينُها، أو يلعنُها. حين نفعلُ ذلك، نرى أن الكتابَ المقدسَ يستخدمُ تنوعًا شاسعًا من المصطلحاتِ للإشارةِ إلى الخطية. وهو يصفُ باستمرارٍ الخطيةَ بمفرداتِ الظلمِ، والتعدي، والإهمالِ، وعدم إصابةِ الهدفِ، والضلالِ، والانحرافِ، والبطلِ، والخيانةِ، والتسببِ في الأذى، والتمردِ، والإثمِ، والغشِ، والغدرِ، والطيشِ، والخلاعةِ، والشهوةِ – والقائمةُ تطول، وأيضا يمكنُ لحديثِنا عن كلِ كلمةٍ أن يطول. وبالتالي، بدلًا من أن نحاولَ استكشافَ معنى كلِ كلمةٍ يستخدمُها الكتابُ المقدسُ لتحديدِ الخطية، سنسلطُ انتباهَنا على الصفاتِ العامةِ للخطية.

سنصفُ طبيعةَ الخطيةِ في جزئين. أولًا، سنرى أن الخطيةَ هي في الأساسِ التعدي على الناموس. وثانيًا، سنرى أنها عدمُ محبة. لننظرْ أولًا إلى فكرةِ أن الخطيةَ تعدٍ.

التعدّي على الناموس

من الشائعِ أن يفكرَ المؤمنونَ اليومَ في أن ناموسَ اللهِ غيرُ ضروريٍّ بل وأنه ضارٌ بنا. عادةً ما يكونُ هذا بسببِ سوءِ فهمِهم لتعليمِ بولس عن دورِ الناموسِ في الخلاص. بالطبعِ لا يستطيعُ الناموسُ أن يخلصَنا. فلا يمكنُه سوى أن يدينَنا. ولهذا كتب بولس في رسالةِ غلاطية 5: 4 الآتي:

قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ (غلاطية 5: 4).

لكن لهذا السببِ بالتحديدِ يعدُ الناموسُ ذا فائدةٍ كبيرةٍ في مساعدتِنا على تحديدِ الخطيةِ ووصفِها. فإن قدرةَ الناموسِ على إدانتِنا تكمنُ في قدرتِه على تحديدِ حالتِنا الخاطئة. كما كتب بولس في رسالةِ رومية 5: 20:

وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ. وَلكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدًّا (رومية 5: 20).

يُكثِر الناموسُ من الخطيةِ بطرقٍ مختلفة. على سبيلِ المثال، يضعُ الناموسُ علينا التزاماتٍ لم نكنْ مطالَبينَ بها قبلَه. كما أنه يشعلُ رغباتِنا الخاطئةَ بجذبِ انتباهِنا إلى ما ينهى عنه. ومع ذلك، لا يزالُ الناموسُ صالحًا. فهو لا يزالُ انعكاسًا حقيقيًا لطبيعةِ الله، وللمقياسِ الذي به تُقاسُ الخطية. كما استكملَ بولس وكتبَ في رسالةِ رومية 7: 12:

إِذًا النَّامُوسُ مُقَدَّسٌ، وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّسَةٌ وَعَادِلَةٌ وَصَالِحَةٌ (رومية 7: 12).

عادةً ما يخطئُ الناسُ بالظنِ أن كلَ ناموسِ اللهِ قد أٌعطِيَ كي يعيقَ حياةَ الإنسان. حقيقةً، ليس الأمرُ هكذا. فقد أُعطِيَ ناموسُ اللهِ للجنسِ البشريّ كي يعلمَ كيفَ يحيا باستقامةٍ. لكن بسببِ عجزِ البشرِ من جهةِ الخطيةِ، صار الناموسُ شيئًا يساءُ فهمُهُ من قِبَلِ الجنسِ البشريّ الخاطئ. لكن بعدَ أن يعرفَ الإنسانُ اللهَ، يعلمُ جيدًا أن ناموسَ اللهِ قد أُعطِيَ لكي يتمكنَ من الحصولِ على حياةٍ صالحة، كاملةٍ في الله. وبهذا، حقاً، على المؤمنِ أن يتجاوبَ مع ناموسِ اللهِ على نحوٍ إيجابيّ، وبامتنانٍ، لأن ناموسَ اللهِ يحميهِ، ويحفظُهُ، ويرشدُهُ. وناموسُ الله، بحسبِ كلمةِ الله، كاملٌ في ذاتِهِ. [ق. أجوس ساتيابوترا]

تظهرُ طبيعةُ التعدي على الناموسِ في الخطيةِ بسهولةٍ في سقوطِ البشرِ في جنةِ عدن. فقد تلقى آدمُ وحواءُ نهيًا واحدًا صريحًا من قبلِ الله. وأخطآ بالتعدي على تلك الوصيةِ بشكلٍ مباشر. وقد عكست كلُ خطيةٍ منذ ذلك الحينِ هذا التعدي على الناموس.

فكِّرْ في طبيعةِ التعدي على الناموسِ التي للخطيةِ من حيثُ علاقةِ العهدِ بينَ اللهِ والبشر. فقد ذكرنا أن عهدَ اللهِ يُظهرُ إحسانَه من نحوِنا، ويطالبُنا بالولاءِ، ويقدمُ نتائجَ لولائِنا أو خيانتِنا. نعم، إن الناموسَ هو الذي يصفُ الولاءَ الذي يطالبُنا اللهُ به. فإن كلَ ما يصدقُ عليهِ اللهُ ويباركُه هو مطلبٌ في ناموسِ عهدِه – سواءَ كان مكتوبًا كتكليفٍ صريحٍ في الكتابِ المقدسِ أم لا. وكل ما يُدينُه اللهُ ويلعنُه هو نهيٌ في ناموسِ عهدِه – سواءٌ كان محظورًا بشكلٍ صريحٍ في الكتابِ المقدسِ أم لا. وبالتالي، كلُ ما نعملُه إما أنه طاعةٌ لعهدِ اللهِ أو انتهاكٌ لناموسِه. كلُ دافعٍ في قلوبِنا إما أنه يسعى لمجدِ اللهِ ومسرتِه، أو يسعى لشِبَعِنا الشخصيّ. فكلُ فكرةٍ تراودُنا، وكلُ تصرفٍ نقومُ به، وكلُ مشاعرَ تنتابُنا، إما أنها خطوةٌ تجاهَ بناءِ ملكوتِ عهدِ الله، أو خطوةٌ تجاه التمردِ على ملكِ هذا الملكوت. هذا ما قادَ الرسولَ يوحنا إلى أن يكتبَ في رسالةِ 1 يوحنا الأولى 3: 2-4:

الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ. وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هذَا الرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ. كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضًا. وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي (1 يوحنا 3: 2-4).

في هذا النص، قابلَ يوحنا بين التعدي على الناموسِ وبين الطهارةِ المطلَقةِ بأن نكونَ مثلُ يسوع. كان هذان هما الخياران الوحيدان اللذان رآهما. إما أن نكونَ بلا خطية، أو نكونَ متعدين على الناموس.

آمنَ يوحنا بأن الناموسَ غيرُ مقتصرٍ على عددٍ محدودٍ من “افعل” و “لا تفعل” واردةٍ في الكتابِ المقدس. بل يلخصُ الناموسُ طبيعةَ اللهِ الكاملة. هذه الطبيعةُ ذاتُها هي تتميمُ الناموسِ بشكلٍ تام، في حينِ أن الناموسَ المكتوبَ في الكتابِ المقدس فقط يصفُها. وبالتالي، كل ما هو مناقضٌ لطبيعةِ اللهِ المقدسة ينتهكُ ناموسَه. استمع إلى الكيفيةِ التي صاغَ بها يعقوبُ هذا في رسالةِ يعقوبَ 2: 10-11:

لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ. لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ»، قَالَ أَيْضًا: «لاَ تَقْتُلْ» (يعقوب 2: 10-11).

كانت فكرةُ يعقوبَ مماثلةً لفكرةِ يوحنا: كل ناموسٍ كتابيٍّ يصدرُ عنِ اللهِ نفسِه، ويطالبنا بأن نرضيَ اللهَ بالكامل.

إنَّ الله نفسَهُ هو المقياسُ المطلَق لسلوكِنَا، ويعلنُ الناموسُ ذلك المقياس لنا. ليس القصدُ من الناموسِ أن يُعلنَ اللهَ بشكلٍ كامل. ففي الواقع، الله غيرُ محدودٍ، وغيرُ مُدرَكٍ، فلا كلماتٌ يمكنُ على الإطلاقِ أن تصفَهُ بالكامل. ولكنَّ الناموس فقط يلخّصُ طبيعتَهُ. وبالمثل، فإنَّ الإلزامَ الواقعَ علينا ليس فقط أن نفعل ما يقولُهُ الناموسُ بشكلٍ صريح. بل أنْ نُشاكِلَ الطبيعة الكاملة للإلهِ الذي يصِفُهُ الناموس. وأينما نخفُق، تُوصفُ خطيتُنا عن حق بأنها تعدٍّ على الناموس.

بعدَ أن رأيْنا أن طبيعةَ الخطيةِ هي التعدي على الناموس، لنتناولْ فكرةَ أنها أيضًا عدمُ محبة.

عدم المحبة

حين أخطأَ آدمُ وحواءُ خطيتَهما الأولى في حقِ الله، أبدا افتقارًا رهيبًا للمحبةِ تجاه اللهِ وتجاه بعضِهما البعض. وينطبقُ الشيءُ ذاتُه علينا حينَ نخطئ: فإن خطيتَنا هي عدمُ محبةٍ لله وللبشرِ الآخرين.

ولكي نفهمَ ما يَعنيهِ أن تكونَ الخطيةُ عدمَ محبة، ينبغي أن نبدأَ بشرحِ ما يعنيه أن تكونَ مُحبًا. توجدُ مفاهيمٌ مختلفةٌ كثيرةٌ عن المحبة. يتحدثٌ الكتابُ المقدسُ عن المحبةِ بين زوجٍ وزوجة، بين أفرادِ العائلة، وبين الأصدقاء، وعن محبةِ العدلِ والمُثلِ العليا، بل وعن حبِ الطعام. لكن حين يتحدثُ عن محبةِ اللهِ والبشر، يميلُ إلى أن يقصدُ شيئًا مختلفًا. فهذه محبةُ ولاءٍ تجاه التزاماتِنا في العهد، ومحبةُ لطفٍ تجاه الآخرين لأجلِ العهد. فكرْ في كلماتِ يسوعَ لتلاميذَه في إنجيلِ يوحنا 14: 15:

إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ (يوحنا 14: 15).

يتمُ التعبيرُ عن المحبةِ بصورةٍ صحيحةٍ في هيئةِ طاعة، فقط حين يكون للشخصِ الذي نحبه سلطانٌ علينا. هل يمكن أن تتصورَ طفلةً تقول لأبويها: “إن كنتما تحبانَني، ستطيعانَني”؟ أو هل يمكن أن تتخيلَ أن تقولَ أنت هذا لأحدِ أصدقائك؟ بالطبع لا. لا يستطيع الأصدقاءُ أن يأمروا أصدقاءَهم بطاعتِهم. كما ليس للأبناءَ السلطانُ على والديهم. لكن لم يكنْ يسوعُ يتحدى تلاميذَه كي يحبوه كطفلٍ أو كصديق. بل كان يتحداهم كي يحبوه باعتبارِه ملكَهم في العهد. عبّر يوحنا عن هذه الفكرةِ نفسِها في رسالةِ 1 يوحنا 5: 3، حينَ كتب:

فَإِنَّ هذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ (1 يوحنا 5: 3).

وفي سفرِ التثنية 6: 5-6، ربطَ اللهُ بين المحبةِ والولاءِ للعهدِ على هذا النحو:

فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ. وَلْتَكُنْ هذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ (التثنية 6: 5-6).

في كلا هذين النصين، نتعلمُ أن التعبيرَ الرئيسيَّ عن المحبةِ التي طالبَ بها اللهُ هو طاعةٌ قلبيةُ لوصاياه.

أظنُ أن المحبةَ لله تحفِّزُ على طاعتِهِ، لأنه إن كانَ يحبُني، وإن كنتُ أبادِلُهُ الحبَ، وإن كنتُ أدركُ الثمنَ الذي دفَعَهُ عني، فإنني سأفعلُ أيَّ شيءٍ لأجلِهِ. تجمَعُني هذهِ العَلاقةُ ببعضِ الأشخاص. ليس كعَلاقتي باللهِ على الإطلاق. كزوجتي على سبيلِ المثال. فإنني سأفعلُ أيَ شيءٍ تحتاجُه مني لأنني أعلمُ أنها تحبُني، وأنا أبادِلُها الحب، لأنني أدركُ الثمنَ الذي دَفَعتْه في زواجِنا كي تجعلَني سعيدًا، ومقدسًا، وكي تجعلَني ذلك الرجلَ الذي يريدُني اللهُ أن أكونَهُ. وبالتالي، وإذ أدركُ ذلك، يكونُ لدي حافزٌ ضخمٌ يدفعُني كي أكونَ الرجلَ الذي ينبغي أن أكونَهُ لأجلِها. وأعتقدُ أن الأمرَ يسيرُ على هذا النحوِ نفسِهِ تمامًا في العَلاقةِ بينَ اللهِ والإنسان. فإننا سنفعلُ أيَ شيءٍ بمجردِ أن نعرفَ تلك المحبةَ وأن ندركَ ذلكَ الثمن. [د. مات فريدمان]

لم يرغبْ اللهُ أن يطيعَه شعبُه لمجردِ خوفِهم منه، أو لمجردِ رغبتِهم في مكافأة. بل أراد أن يطيعوه لأنهم يكرمونه بحق، ولأنهم شاكرون له من أجلِ إحسانِه، ولأنهم أوفياءٌ لعهدِه، ولأنهم يعتزون به وبناموسِه في قلوبِهم. ولهذا يتحدثُ الكتابُ المقدس كثيرًا عن عهدِ اللهِ باعتبارِه محبة. على سبيلِ المثال، استمع إلى هذه الكلماتِ من سفرِ التثنية 7: 9-13:

الإِلهُ الأَمِينُ، الْحَافِظُ الْعَهْدَ وَالإِحْسَانَ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ إِلَى أَلْفِ جِيل … وَمِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ تَسْمَعُونَ هذِهِ الأَحْكَامَ وَتَحْفَظُونَ وَتَعْمَلُونَهَا، يَحْفَظُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ الْعَهْدَ وَالإِحْسَانَ اللَّذَيْنِ أَقْسَمَ لآبَائِكَ، وَيُحِبُّكَ وَيُبَارِكُكَ وَيُكَثِّرُكَ (التثنية 7: 9-13).

في هذا النص، توصفُ كلُ من محبةِ اللهِ لشعبِه، ومحبةِ شعبِه له من منطلقِ حفظِ العهد.

كان هذا ما قصدَه يسوعُ حين تحدثَ عن الوصيةِ العظمى في الناموسِ في إنجيلِ متى 22: 34-40، وفي إنجيلِ مرقس 12: 28-31. في تلك النصوص، كان يسوعُ يجري حديثًا مع فريسيٍّ ناموسيّ. وطرح الفريسيُّ سؤالًا بغرضِ اختبارِ فهمِ يسوعَ لعلاقةِ وصايا الناموسِ ببعضِها البعض. وبالأخصِّ، طلبَ من يسوعَ أن يذكرَ الوصيةَ العظمى أو الأهم. وأجاب يسوعُ باقتباسِه من سفرِ التثنية 6: 5-6، ومن سفرِ اللاويين 19: 18. استمع إلى ما قالَه يسوعُ في إنجيلِ متى 22: 37-40:

تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ (متى 22: 37-40).

أولًا، وللتذكرةِ، لاحظْ أن يسوعَ حددَ هاتين الوصيتين في الناموسِ باعتبارِهما موجزًا عامًّا يهدفُ إلى أن يعكسَ طبيعةَ ناموسِ اللهِ كاملًا. وثانيًا، لاحظْ أن كلا هاتين الوصيتين تمَ التعبيرُ عنهما من منطلقِ المحبةِ: محبةٍ تجاه الله، ومحبةٍ تجاه القريب.

أدلى بولس بتصريحاتٍ مماثلةٍ في رسالةِ رومية 13: 9 وفي رسالةِ غلاطية 5: 14، حيث قال إن الناموسَ بأكملِه يمكنُ إيجازُه في المحبةِ للقريب. بكلماتٍ أخرى، إن المحبةَ للهِ وللقريبِ تتعدى كونَها مجردَ وصيتين من الناموس. بل كلُ وصيةٍ من هاتين تُوجِزُ الناموسَ ككل. فإن المحبةَ للهِ إجمالٌ لكلِ الناموس، والمحبةُ للقريبِ هي إجمالٌ آخرٌ لكلِ الناموس.

وبالتالي، يترتبُ على هذا أن تكونَ الخطيةُ في الأساسِ عدمَ محبةٍ تجاهَ اللهِ وتجاه القريب. فعلى أقلِ تقدير، كلُ خطيةٍ هي عدمُ محبةٍ تجاه اللهِ لأنها تظهِرُ أنه ليس التكريسَ الرئيسيَ لقلوبِنا. فكل خطيةٍ هي رفضٌ لطبيعتِه، وتمرٌد على سلطانِه، وانتهاكٌ لعهدِه. كما أن كلَ خطيةٍ هي عدمُ محبةٍ تجاه قريبِنا. فهي تزدري بانعكاسِ طبيعةِ اللهِ وسلطانِه في قريبِنا، الذي هو على صورةِ الله. وتخفقُ في طلبِ ما لخيرِ قريبِنا من خلالِ بركاتِ عهدِ الله.

إنني أُعلِّم الطلبةَ لديَّ بأنهم لن يتمكنوا من التخرجِ ما لم ينجحوا في أولِ مادةٍ أساسية من موادِ اللاهوت، ثم أخبرُهم بأن هذه المادةَ هي ببساطةٍ هذا التصريحُ: اللهُ هو الله وأنتَ لستَ كذلك. أما الخطيةُ فتقول: “أنا اللهُ”. فالخطيةُ تهمّشُ اللهَ، ومجدَهُ، وكرامتَهُ، ومشيئتَهُ، وملكوتَهُ؛ وتضعُ مجدَنا، وكرامتَنا، وإرادتَنا، وملكوتَنا في المركز. وبالتالي، تلي المادةَ الأولى للاهوتِ المادةُ الثانية والتي تقول: لأنَ اللهَ هو اللهُ، فعليكَ أن تحبَ الربَ إلهَكَ من كلِ قلبِكَ، ومن كلِ نفسِكَ، ومن كلِ فكرِكَ، ومن كلِ قدرتِكَ، ولأنك لستَ اللهَ، فإنك لستَ مركزَ الكَوْنِ. وعليك أن تحبَ قريبَكَ كنفسِكَ. وبالتالي، حقًا، تعدُّ الخطيةُ في الأساسِ عدمَ محبة الآخرين. فهي أن تحبَ ذاتَك، وأن تضعَ نفسَكَ في المركز. وهكذا، فإن الطاعةَ الكاملةَ للهِ – أي ألَّا تخطئَ – هي أن تحب. أن تحبَ اللهَ وتحبَ الآخرينَ. [د. ألان هولتبيرج]

فكرْ في طبيعةِ الخطيةِ عديمةِ المحبةِ من حيثُ سقوطِ البشرِ في الخطية. فقد أغوت الحيةُ حواءَ بإخبارِها أن اللهَ كان يكذبُ بشأنِ الثمرةِ المحرمة. وقالت لها إنها إن أكلتْها، لن تموت، ليس هذا فحسب، بل أيضًا ستصيرُ كالله. وبعد أن أكلت حواءُ من الثمرة، يبدو أن آدمَ اقتنعَ بالكذبةِ نفسِها، ولذا أكل أيضًا منها.

كيف كان آدمُ وحواءُ إذًا غيرَ محبين للهِ وللقريب؟ كانا غيرَ محبين لله بتمردِهما على ناموسِ عهدِه، وبالوثوقِ في أكاذيبَ الحيةِ أكثرَ من حقِ الله. وكانت حواءُ غيرَ محبةٍ لآدمَ بإغوائِه كي يخطئ، وبعدمِ اكتفائها بصورةِ اللهِ فيه، وبإخفاقِها في طلبِ ما لخيرِه من خلالِ طاعةِ ناموسِ الله. وبالمثل، كان آدمُ غيرَ محبٍ لحواءَ بإخفاقِه في تصحيحِ فَهمِها حين خُدِعت، وبالتصديقِ على عدمِ اكتفائها بصورةَ اللهِ فيها وفيه، وبارتكابِه خطيةً كانت لها تداعياتٌ سلبيةٌ عليها.

وينطبقُ شيءٌ مماثلٌ لهذا على جميعِ خطايا البشر. فنظيرُ تلك الخطيةِ الأولى لآدمَ وحواء، كل خطيةٍ بشريةٍ لها نظرةٌ مماثلةٌ عن اللهِ برفضِ حقِه، وعدمِ الوثوقِ في إحسانِه، والتمردِ على سلطانِه. وباختصارٍ، تخفقُ كلُ خطيةٍ يرتكبُها الإنسانُ في إبداءِ محبةِ العهدِ المناسبةِ تجاه الله. وتخفق كلُ خطيةٍ بشريةٍ أيضًا في إبداءِ محبةِ العهدِ المناسبةِ تجاه أقربائنا. سواءٌ أخطأْنا في حقِهم مباشرةً أو بشكلٍ غيرِ مباشر، وسواءٌ أخطأْنا بالفعلِ أو بالتراخي عن الفعل، فإن خطيتَنا دائمًا ما تسببُ الضررَ للآخرين. فهي تزدري بصورةِ اللهِ فيهم. وتخفق في طلبِ ما هو لخيرِهم. وتصيب حياتَهم بالضررِ بفسادِ الخطيةِ وعواقبَها.

هل سبقَ لك أن قابلت مؤمنين يعتقدونَ أنهم يستطيعونَ كسرَ ناموسِ اللهِ، ما دامَ دافعُهُم هو المحبة؟ أو أُناسًا يظنونَ أنهم إن حفِظوا ناموسَ الله، فلا تُشكّلُ محبتُهُم لأحدٍ أيَّةَ أهمية؟ كِلا هذينِ النوعينِ من البشرِ مخطئونَ في فَهمِ الأمر. فإننا نحبُ الله وأقرباءَنا فقط حين نُقدِّرُ قيمتَهُم كما يُطالبُ عهدُ الله. وتَحفظُ أفعالُنا ناموسَ الله فقط عندما يكونُ الدافعُ لها هو محبةٌ عهديّة. هذا ما يجعلُ ارتكابَ الخطيةِ سهلًا للغاية. لا تكترثُ الخطية بالوصيةِ التي نتجاهلُها. سواءٌ كنا متعدِّين أو غيرَ محبين، فإنَّ الخطية تنتصر. ولهذا إنهُ لأمرٍ حتميٍّ أن يفهمَ المؤمنون طبيعةَ الخطية. لأننا حينَ نفهمُهَا، نكونُ أفضلَ تأهّبًا لتجنّبِها، وأكثرَ تقديرًا لخلاصِنا منها.

حتى الآن في درسِنا عن “لعنةِ الخطية”، تناولْنا أصلَ الخطيةِ البشرية، ووصفْنا طبيعةَ الخطيةِ الجوهرية. والآن نحن على استعدادٍ لتناولِ موضوعِنا الرئيسيِّ الثالث: عواقبَ الخطية.

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

القسم الثاني: الطبيعة

مخطط لتدوين الملاحظات

II. الطبيعة

أ. التعدّي على الناموس

ب. عدم المحبة

أسئلة المراجعة

1. ما هما المصطلحين المُستخدمين لوصف طبيعة الخطية في الدرس 3؟

2. كيف يصف الدرس دور ناموس الله؟

3. بحسب الدرس، إلى ماذا يؤول كل ما نعمله سواء بطاعة أو بعصيان؟

4. ” آمنَ يوحنا بأن الناموسَ غيرَ مقتصرٍ على عددٍ محدودٍ من “افعل” و “لا تفعل” في الكتابِ المقدس. بل يلخصُ الناموسُ في _______.”

5. بعيدًا عن التحفيز، هل يريد الله من شعبه أن يطيعوه؟

6. كيف أجاب يسوع الفريسيين حين سألوه ماذا كانت الوصية العظمى؟

7. على مَنْ ترتكز الخطية بشكل أساسيّ؟

8. هل يمكنك كسر ناموس الله حين تكون متشجِّعًا بالمحبة؟

أسئلة التطبيق

1. هل غيّر هذا الدرس نظرتك للخطية؟ اشرح كيف. هل لديك ميل للتفكير في الخطية على أنها “افعل” و “لا تفعل” من الكتاب المقدس؟ إن كان كذلك، هل صحَّحَّ هذا الدرس سوء فهمك؟

2. كيف يمكنك معرفة ما إذا كانت دوافعك نقية؟ هل هي دائمًا مزيج من الدوافع الخيِّرة والسيئة؟ إذا كان الأمر كذلك، كيف يمكن لأعمالنا مُطلقًا أن ترضي الله – حتى بالنسبة لنا كمسيحيين؟

3. إن طلب منك أحد ما أن تُلخِّص له ناموس الله، كيف ستفعل ذلك؟ هل ستفعل ذلك بنفس الطريقة التي فعل بها يسوع ذلك؟

4. كيف تساعدك إجابة يسوع حول الوصية العظمى في الناموس على التركيز على ما هو أكثر أهمية؟

AJAX progress indicator
Search: (clear)
  • الأنثروبولوجي
    مصطلح لاهوتي لدراسة الإنسان أو العقيدة عن الإنسان.
الاختبارات
من هو الإنسان؟ - الدرس الثالث - الامتحان الثاني
Previous القسم
Back to الدرس
Next القسم

انجازك في الدورة

0% Complete
0/34 Steps

محتوى الدورة الدراسية

الدورة Home عرض الكل
ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: في البدء
6 الأقسام | 5 الاختبارات
التحضير للدرس الأول
من هو الإنسان؟ – الدرس الأول – القسم الأول
من هو الإنسان؟ – الدرس الأول – القسم الثاني
من هو الإنسان؟ – الدرس الأول – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثاني: صورة الله
6 الأقسام | 5 الاختبارات
التحضير للدرس الثاني
من هو الإنسان؟ – الدرس الثاني – القسم الأول
من هو الإنسان؟ – الدرس الثاني – القسم الثاني
من هو الإنسان؟ – الدرس الثاني – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثالث: لعنة الخطية
6 الأقسام | 5 الاختبارات
التحضير للدرس الثالث
من هو الإنسان؟ – الدرس الثالث – القسم الأول
من هو الإنسان؟ – الدرس الثالث – القسم الثاني
من هو الإنسان؟ – الدرس الثالث – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الرابع: عهد النعمة
7 الأقسام | 7 الاختبارات
التحضير للدرس الرابع
من هو الإنسان؟ – الدرس الرابع – القسم الأول
من هو الإنسان؟ – الدرس الرابع – القسم الثاني
من هو الإنسان؟ – الدرس الرابع – القسم الثالث
من هو الإنسان؟ – الدرس الرابع – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الخامس: القراءات المطلوبة
3 الأقسام | 4 الاختبارات
متطلبات القراءة 1
متطلبات القراءة 2
متطلبات القراءة 3
العودة إلى من هو الإنسان؟

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in