مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / نؤمن بيسوع / الدرس الرابع: الكاهن

نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثاني

الدورات الدراسية نؤمن بيسوع الدرس الرابع: الكاهن نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثاني
الدرس Progress
0% Complete
 
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

التحقيق في يسوع
المؤهلات
التعيين من الله

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES04_08.mp4
موضوعات ذات صلة
How did Jesus fulfill the office of priest?

الوفاء لله
العمل
القيادة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES04_09.mp4

الطقوس

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES04_10.mp4
موضوعات ذات صلة
How did Jesus fulfill the function and significance of the temple?

التشفع
التوقعات
رئيس الكهنة العظيم

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES04_11.mp4
موضوعات ذات صلة
How did the incarnation make God the Son a more effective high priest?

الكاهن ملكاً
مملكة كهنة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES04_12.mp4
موضوعات ذات صلة
Why were the Old Testament priestly ceremonies so important?
  • التحقيق في يسوع
    المؤهلات
    التعيين من الله
  • الوفاء لله
    العمل
    القيادة
  • الطقوس
  • التشفع
    التوقعات
    رئيس الكهنة العظيم
  • الكاهن ملكاً
    مملكة كهنة

التحقيق في يسوع
المؤهلات
التعيين من الله

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES04_08.mp3
Related Audio How did Jesus fulfill the office of priest?

الوفاء لله
العمل
القيادة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES04_09.mp3

الطقوس

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES04_10.mp3
Related Audio How did Jesus fulfill the function and significance of the temple?

التشفع
التوقعات
رئيس الكهنة العظيم

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES04_11.mp3
Related Audio How did the incarnation make God the Son a more effective high priest?

الكاهن ملكاً
مملكة كهنة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES04_12.mp3
Related Audio Why were the Old Testament priestly ceremonies so important?
  • التحقيق في يسوع
    المؤهلات
    التعيين من الله
  • الوفاء لله
    العمل
    القيادة
  • الطقوس
  • التشفع
    التوقعات
    رئيس الكهنة العظيم
  • الكاهن ملكاً
    مملكة كهنة

التحقيق في يسوع

ينبغي أن نبدأ بالإشارة إلى أن الأناجيل ورسائل العهد الجديد تتكلّم بوضوح عن كون يسوع تمَّم توقُّعات العهد الجديد المتعلِّقة بالوظيفة الكهنوتية. فمثلاً، نقرأ في عبرانيين 3: 1 هذا التأكيد الواضح على خدمة يسوع الكهنوتية:

لاَحِظُوا رَسُولَ اعْتِرَافِنَا وَرَئِيسَ كَهَنَتِهِ الْمَسِيحَ يَسُوعَ. (عبرانيين 3: 1)

وتعبِّر عبرانيين 4: 14 عن الأمر بالكلمات التالية:

فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ … يَسُوعُ ابْنُ اللهِ. (عبرانيين 4: 14)

يسوع المسيح، رئيس كهنتنا العظيم هو الذي يتوسَّط بيننا وبين الله، حتى نُقبَل في محضر الله المُقدَّس الخاص. هو من يضمن لنا أن نكون مُقدَّسين ومكرَّسين لله، حتى نستطيع أن نحيا في محضر الله وننال بركات عهده.

سنستكشف تحقيق الوظيفة الكهنوتية في يسوع بالنظر إلى الفئات والتقسيمات التي استخدمناها في الحديث عن خلفية العهد القديم. أولاً، سننظر إلى الطريقة التي ظهرت بها مؤهلات يسوع لهذه الوظيفة. ثانياً، سننظر إلى قيامه بمهمات وأعمال هذه الوظيفة. وثالثاً، سننظر إلى الكيفية التي بها تمّت التوقُّعات المرتبطة بوظيفة الكاهن. لننظر أولاً إلى مؤهلات يسوع لوظيفة ومركز الكاهن.

المؤهلات

أشارَ كثيرون إلى أنَّ يسوعَ لَمْ يَخْدُمْ في الهَيْكلِ أو يُقَدِّمْ الخدماتِ الليتورجيّة، وبأنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَسْلِ هارون. إذاً، لِماذا يَقولُ كُتّابُ العهدِ الجديدِ إنّ يسوعَ أدّى وظائفَ وخدماتٍ كَهْنوتيَّةَ؟ وما الذي جَعَلَهُ مُؤَهَّلاً لِوظيفَةِ الكاهِن؟ بِبَساطَةٍ نَقولُ إنّ يَسوعَ كانَ مؤهَّلاً لِهذِهِ الوَظيفةِ لأنَّهُ كانَ تَتْميمَ رَجاءِ العهدِ القديمِ بكاهِنٍ مَلَكِيٍّ يُعَيِّنُهُ اللهُ ليُتَمِّمَ كُلَّ الخدَماتِ الكَهْنوتِيَّة.

سننظر إلى مؤهِّلات يسوع ككاهن ضمن إطار المؤهّلات المُشار إليها في خلفية العهد القديم لوظيفة الكاهن. سنشير أولاً إلى أن يسوع عُيِّن كاهناً من الله. وثانياً، سنرى أنه كان أيضاً وفياً لله. ولننظر أولاً إلى حقيقة أن يسوع مُعيَّن من الله.

التعيين من الله

تتكلَّم عبرانيين 5: 4-10 بوضوح عن أن الله عيَّن يسوع رئيسَ كهنة. استمع إلى ما يقوله:

وَلاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ هَذِهِ الْوَظِيفَةَ بِنَفْسِهِ، بَلِ الْمَدْعُّوُ مِنَ اللهِ، كَمَا هَارُونُ أَيْضاً. كَذَلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضاً لَمْ يُمَجِّدْ نَفْسَهُ لِيَصِيرَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ، بَلِ… مَدْعُّواً مِنَ اللهِ رَئِيسَ كَهَنَةٍ. (عبرانيين 5: 4-10)

ولأن الله هوَ مَن عيَّن يسوع، فمن المؤكَّد أن يسوع كان يتمتَّع بالمؤهِّلات المطلوبة. وفي الوقت نفسه، علينا أن نعترف أن هذا التعيين كان غير اعتيادي، لأن يسوع لم يكن منحدراً من نسل كهنوتي لاوي. تذكَّر أن الله في بداية حقبة العهد القديم سمح لأنواعٍ عديدة من الناس بأن يكونوا كهنةً. وفي نهاية العهد القديم، حصر الكهنوت في نسل صادوق. ومع هذا، فإن تعيين يسوع كاهناً ليس أمراً غير اعتيادي كما يبدو في البداية.

في جنة عدن، عُيِّن آدم ليحكم على الأرض كملكٍ تابعٍ لله. ولكن حُكمه كان خدمة كهنوتية أيضاً كانت تهدف لتحويل العالم إلى مكانٍ مناسب لحضور الله المجيد. وقد كانت وظيفتا الكاهن والملك مرتبطتين ارتباطاً وثيقاً بالملوك في حقبة الحكم الملكي في شعب إسرائيل.

وبطريقة مشابهة جداً، يسوع كاهن ملكي. فهو يحكم كملكٍ كامل تابع لله. ولكن حُكْمه هو أيضاً خدمة كهنوتية تُعِدُّنا وتُعِدّ الأرض لحضور الله الخاصّ والمجيد. وبهذه الطريقة، أتمّ المسيح ما فشل آدم وبقية نسله في عمله. استمع مرةً أخرى إلى ما يقوله داود عن المسيح المنتظر العظيم في المزمور 110: 1-4:

قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ. يُرْسِلُ الرَّبُّ قَضِيبَ عِزِّكَ مِنْ صِهْيَوْنَ. تَسَلَّطْ فِي وَسَطِ أَعْدَائِكَ… أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ: أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ. (مزمور 110: 1-4)

في هذا المقطع، المسيح المنتظر، الذي يدعوه داود ربّي، يوصَف بسماتٍ ملكية: قضيب عزّك وتسلَّط وبكونه كاهناً.

تتطلَّع نبوة داود إلى اليوم الذي فيه سيرتقي واحدٌ من نسله إلى هذا السمو الملكي العظيم الذي سيتمِّمه لا بخدمته الملكية فقط، ولكن بخدمته الكهنوتية أيضاً، مثلما عمل ملكي صادق. لهذا تشدِّد رسالة العبرانيين 7: 14 على حقيقة أن يسوع ينحدر من سبط يهوذا، السبط الملكي، لا من سبط لاوي الكهنوتي. وحقيقة كون يسوع الملك المنحدر من يهوذا ورئيس الكهنة العظيم هي دليل على أنه ابن داود الذي طال انتظاره، المسيح المُنتظَر.

يرجع ذلك الأمر إلى تكوين 14 إلى ملكي صادق، الذي ينعته الكتاب بالملك والكاهن على حدّ سواء، لأنّ ابراهيم قدّم عشوره وملكي صادق قبلها كما يقبل الكاهن العشور. إلّا أنّه في الوقت نفسه من الواضح أنه كان ملك شاليم. وتنشأ عن ذلك، على طول الكتاب المقدس، قصصٌ يجتمع فيها أحياناً لقب الملك والكاهن في شخصية واحدة. إنّه المزمور المئة والعاشر الذي فيه يشار إلى ملك على أنّه المشرف على البرّ. في الواقع، من الواضح أننّا نرى في ذلك مظاهر للحكم، فإذا كنت مشرفاً على البرّ، فأنت تشارك في دور الكاهن، لأنّ برّ الله هو إرادة الله أن يشمل البرّ العالم كلّه. وبالتالي إن كان الملك يشترك في هذا الأمر، فحتّى لو كان هناك كهنة تعيّنوا ليقوموا بهذا الدور، فإنّ الملك لا يزال يقوم بعملٍ كهنوتي. ثمّ، بالتأكيد، حين نأتي إلى المسيح، نشهد انبثاقاً لهذه الآراء، فنشير إليه كنبي وكاهن وملك. وفي الرسالة إلى العبرانيين، هو ملكي صادق الجديد. هو تجسيد في العهد الجديد لحقيقة ما كان الله في العهد القديم. [د. ستيف هاربر]

بعد أن رأينا أن الله” هو مَن عيّن يسوع، نحنُ الآن مستعدّون للنظر إلى حقيقة أنه وفى بمتطلَّب الوفاء لله.

الوفاء لله

كما ذكرنا سابقاً، كان على الكهنة أن يُظهِروا مقداراً خاصّاً من الولاء لله بقصر العبادة والخدمة عليه، وبتتميم الواجبات التي أوكلها الله إليهم. وأحد أسباب واجباتهم تلك هو ضمان ولاء شعب الله وأمانتهم أيضاً له، على المستويين الأخلاقي والطقسي، حتى يتمكَّنوا من دخول محضر الله من دون خوف. كانت هذه إحدى الخدمات الرئيسية التي كان الكهنة يقدِّمونها.

وفّى يسوع بالمتطلَّبات نفسها وبشكلٍ كامل وتامّ. فقد كان دائماً يعبد الله وحده ويخدمه وحده. وكان دائمَ الطاعة لوصايا وأوامر الله. ومن خلال خدمة يسوع الكهنوتية، يستطيع أن يُعِدَّنا للدخول إلى محضر الله المقدَّس.

وبمعنى عامّ، نستطيع أن ننظر إلى المحتوى الكامل للأناجيل الأربعة كدليلٍ على ولاء يسوع لله. فقد حفظ وأتمّ المأمورية الموكَلة إليه من أبيه، ولم يتكلَّم إلا بما أعطاه أبوه ليقوله، ولم يعمل إلا ما رأى الآب يعمله. وهناك مقاطع أخرى عديدة في العهد الجديد تلخِّص هذه الأفكار بوضوح، مثل متّى 26: 42، ويوحنا 5: 19، 14: 31، 17: 4؛ وعبرانيين 7: 5-7.

ولاء يسوع الكامل لله ناحية مهمة في نجاحه كرئيس كهنةٍ عظيم. وبولائه الكامل لله فقط يستطيع أن يجعل أتباعه مُقدّسين تماماً، ويمكِّنهم من السكَن في محضر الله المُقدَّس والخاصّ طول الأبدية. ونجد أمثلة كثيرة على هذا في الكتاب المُقدس. فمثلاً، صلّى يسوع لأجل قداستنا في صلاته الكهنوتية في يوحنا 17: 19. وبحسب مقاطع مثل رومية 15: 16؛ و1 كورنثوس 6: 11، نرى أن الله استجاب هذه الصلاة بجعلنا مُقدَّسين في محضره.

بعدَ أن رأينا أن يسوع كان يتمتَّع بمؤهلات الكهنوت، نستطيع الآن الانتقال إلى الطريقة التي أتمّ بها مهمات وأعمال الكاهن.

الأعمال

سنقوم الآن باستكشاف عمل المسيح ككاهن في إطار الأدوار الكهنوتية التي نظرنا إليها في خلفية العهد القديم. أولاً، القيادة الكهنوتية لشعب الله. ثانياً، الطقوس الكهنوتية. ثالثاً، التشفُّع الكهنوتي. ولننظر أولاً إلى الطريقة التي تمّم يسوع بها عمل القيادة الكهنوتية.

القيادة

مع أن ثمّة نواحي كثيرة في قيادة يسوع يمكن الإشارة إليها، فإننا سنركِّز على النواحي الثلاث التي ذكرناها في حديثنا عن خلفية العهد القديم لوظيفة يسوع الكهنوتية، بدءاً بقيادته العبادة.

يسوع، بصفته مَن سيُرفَّع ويُعيَّن رئيس الكهنة العظيم، عمل أموراً كثيرة لتعزيز العبادة الحقيقية والروحية في أمّة إسرائيل ووسط أتباعه. فمثلاً، في متّى 21: 12-13، طرد التجّار والصيارفة من الهيكل لأنهم حوَّلوا بيت الصلاة، بيت الله، إلى مغارة لصوص.

ولكن الأمر الأكثر أهمية هو أنّه فتح الطريق للمجيء إلى الله في مقدِس الهيكل السماوي. في العهد القديم، كانت خيمة الاجتماع، والهيكل لاحقاً، المكانين اللذين فيهما تتقابل وتتقاطع السماء مع الأرض. كانا موقعين خاصّين وكان العابدون فيهما على الأرض وفي الوقت نفسه في بلاط الله السماوي. ولكن في العهد الجديد، صارت هذه المهمة من مسؤولية يسوع. ولذا، بدلاً من الذهاب إلى بناءٍ خاصّ للدخول إلى بلاط الله السماوي، يأخذنا يسوع شخصياً إلى هناك. فمن خلاله، قُبِلنا في محضر الله المُقدَّس الخاصّ، حيث ننال بركة الشركة معه. استمع إلى الطريقة التي تتحدَّث بها عبرانيين 10: 19-22 عن هذا الأمر:

فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى الأَقْدَاسِ بِدَمِ يَسُوعَ، طَرِيقاً كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثاً حَيّاً، بِالْحِجَابِ، أَيْ جَسَدِهِ، وَكَاهِنٌ عَظِيمٌ عَلَى بَيْتِ اللهِ، لِنَتَقَدَّمْ بِقَلْبٍ صَادِقٍ فِي يَقِينِ الإِيمَانِ. (عبرانيين 10: 19-22)

كما نرى في يسوع قيادةً كهنوتية على شكل إرشادٍ خاصّ في الشؤون المدنية والطقسية.

فمثلاً، في متّى 12: 1-8، أصدر يسوع حكماً كهنوتياً حين اتُّهِم تلاميذه بالتعدِّي على السبت. وفي مَرقُس 7: 19، أصدر حكماً بشأن الطهارة الطقسية للطعام. وبعد شفاء الأبرص في متّى 8، أعلن إعلاناً كهنوتياً بأن الرجل طاهر طقسياً، وأمر بأن يذهب إلى الهيكل ليقدِّم الذبيحة المناسبة. ومع أن يسوع أمر الأبرص الذي شُفي بأن يُري نفسه للكهنة، فإن ذلك لم يكن بقصد أن يحكموا على حالته، ولكن بحسب متّى 8: 4، كان هذا الأمر ليكون الشفاء شهادةً على قوة يسوع المسيح وسلطانه.

النوع الثالث من القيادة الكهنوتية الذي تحدَّثنا عنه هو التعليم. ويسوع تمّم هذا العمل أيضاً.

وُجِد في شعب إسرائيل أنواعٌ عديدة من المُعلِّمين. فالأنبياء كانوا مُعلِّمين أعلنوا عهد الله وإرادته. والأهل كانوا يعلِّمون أولادهم. والرابيون والشيوخ كانوا يعلِّمون جماعاتهم. ولكن الكهنة كانوا مهتمين بشكلٍ خاصّ بتعليم التوبة والأمانة والإخلاص حتى يُقبَل شعب الله في حضرة الله. ونرى مثلاً على هذا في نحميا 8. وكثيراً ما كان تعليم يسوع بمثابة عمل كهنوتي أيضاً. فمثلاً، وضّح يسوع في العظة على الجبل، في متّى الفصول 5 إلى 7، أن القصد والتطبيق الحقيقيَين لشريعة الله هما قيادة الذين يسمعونه إلى الأمانة لعهد الله. وقد كانت التوبة والأمانة “اللازمتَين” المتكرّرتين في تعليمه، كما نرى في مقاطع مثل متّى 4: 17، ولوقا 5: 32، ويوحنا 14: 15-24.

والآن، بعد أن رأينا أنّ يسوعَ أتمَّ دور القيادة في خدمته الكهنوتية، لنلقِ نظرة إلى تتميم دور أداء وإقامة العبادة الكهنوتية.

الطقوس

لا شك أن موت يسوع على الصليب كان الناحية العبادية الأعظم في خدمته الكهنوتية.

شارَكَ يسوعُ في طقوسِ شَعْبِ إسرائيل. وفي الحَقيقَةِ، الكثيرُ مِنْ هَذِهِ الطقوسِ مَذْكورٌ في إنجيلِ يوحنا. ولكنْ لَمْ تُنجِزْ أيٌّ مِنْ هذِهِ الطُقوسِ الفِداءَ لِشَعْبِ اللهِ باسْتِثْناءِ ذَبيحَةِ المسيحِ على الصليب. لا شكَّ أنَّ صَلْبَ المسيحِ كانَ أعظمَ ناحِيَةٍ طَقْسِيَّةٍ في خِدْمَتِهِ الكَهْنوتِيَّة. كانَ ناموسُ موسى يَتَطَلَّبُ الطاعَةَ مِنْ شَعْبِ إسرائيلَ، لَكنْ إذ عَرَفَ الله أنَّ الشَعْبَ سَيَسْتَمِرُّ في العِصيانِ، أَمَرَهم بأنْ يُقَدِّموا ذَبائِحَ لله ليكفّروا عن خطاياهم. وبالرُغمِ مِنَ الأهَمِّيَّةِ العَظيمةِ لهذه الذبيحَةِ، كانَ يَنْبَغي تَقديمُها بِشَكلٍ مُتَكَرِّرٍ سَنَةً بعدَ سَنَةٍ، إذْ لَمْ تَكُنْ أيٌّ مِنْها قادِرَةً على أنْ تَرْفَعَ خَطيَّةَ إسرائيلَ وتَحُلَّ مُشْكِلَتَها بِشَكْلٍ تامّ. ولذا، أتَى يسوعُ وقَدَّمَ نَفْسَهُ ذَبيحَةً كامِلَةً للخَطيَّة. ذبيحةُ المسيحِ الكَفّاريَّةُ أتَمَّتِ الخَلاصَ وَحَقَّقَتِ الفِداءَ، وَهُوَ ما لَمْ تَسْتَطِعْ ذَبائِحُ وَقَرابينُ شَعْبِ إسرائيلَ أنْ تُنْجِزَهُ قَطّ. وبِهذا، فَقَدْ أَتَمَّ يسوعُ تَوَقُّعاتِ شَعْبِ إسرائيلَ بِشَأْنِ الوَظيفَةِ الكَهْنوتِيَّةِ مِنْ خِلالِ ذَبيحَتِهِ الكامِلَةِ والوَحيدَةِ لأجْلِ الخَطيَّة.

في الواقع، إنّ ذبائح العهد القديم اشارت مسبقاً إلى اليوم الذي فيه ستكون هناك ذبيحة واحدة لمغفرة الخطايا. ويصف لنا الكتاب المقدّس أنّ المسيح على الصليب جسّد دور الذبيحة المقدّمة عن الخطية لكن أيضاً دور الكاهن الذي يقدم تلك الذبيحة. بمعناً آخر لقد تمّم كلّاً من هذين الدورين. صار حمل الله الذي يحمل خطايا العالم. لكنّه في آنٍ صار الكاهن الذي يقدّم نفسه ليجعل منها ذبيحة تكون خاتمة كلّ الذبائح الأخرى. [د. سايمن فايبرت]

إنّ العلاقة بين موت يسوع وذبائح العهد القديم يمكن أن نفصّلها بشتّى الطرق. في جوهرها كانت ذبائح العهد القديم جزءاً من العهد الذي أعطاه الله لشعب إسرائيل. فنظام الذبائح كان وسيلة الشعب للتخلّص من الخطية ولترتدّ عنهم دينونة الله. كانت هناك ثمّة علاقة بين الله وشعبه آنذاك. ونحن نقول إنّ تلك الذبائح كانت رموزاً، كانت نماذج تشير إلى أمرٍ أعظم. فحتّى في العهد القديم نرى الكثير من التلميحات إلى كون تقدمة ذبائح الحيوان غير كافية قط لإزالة الخطية. لم ترد مطلقاً كالسبيل للتخلّص نهائيّاً من الخطيئة. كانت نماذج عن أعظمٍ سيأتي. كانت تشير إلى ذبيحة المسيح الذي على غرار هذه الذبائح سوف يقدّم نفسه عنّا، ويحلّ محلّنا. وذبيحته أعظم بكثير لأنّ الدم الذي يسفك هو دم إنسان. هو أخذ طبيعتنا البشريّة. بينما الذبائح الحيوانية لم تفعل. ورغم ذلك، هو لا يزال ابن الله، ابن الله المتجسّد، لكي يقوم الآن بإتمام شروطه التبريريّة بطرح خطيتنا جانباً كممثّلنا، كبديلنا وكاهننا. ويحقق كلّ ما كانت قد أشارت إليه تلك الذبائح، ويعيدنا إلى علاقةٍ مع الله ويردّنا إلى ما خلقنا الله لنكونه منذ البداية شعبه الذي يحيا له ويخدمه، لنكون على مستوى الدور والمهمة كأفراد مخلوقين على صورته في هذا العالم. [د. ستيفين وِلَم]

كما رأينا سابقاً، كان كهنةُ العهد القديم مسؤولين عن تقديم أنواعٍ عديدة من القرابين والذبائح، بما في ذلك ذبائح عن الخطية وذبائح شكر وذبائح وقرابين سلامة أو شركة. وفي موته على الصليب، قدّم المسيح ذبيحة واحدةً شكّلت أساس الاستحقاقات الخاصة بكل ذبيحة قُدِّمت عبر التاريخ. كانت كل ذبيحة سابقة للتكفير ظلالاً تشير إلى الذبيحة التي قدّمها يسوع حين مات على الصليب. يعلِّم الكتاب المُقدَّس هذه الحقيقة في مقاطع عدّة مثل رومية 3: 25، و8: 3، و1 يوحنا 2: 2، و4: 10. وكمثال على هذا، استمع إلى كلمات عبرانيين 10: 1-4:

لأَنَّ النَّامُوسَ، إِذْ لَهُ ظِلُّ الْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ لاَ نَفْسُ صُورَةِ الأَشْيَاءِ، لاَ يَقْدِرُ أَبَداً بِنَفْسِ الذَّبَائِحِ كُلَّ سَنَةٍ، الَّتِي يُقَدِّمُونَهَا عَلَى الدَّوَامِ، أَنْ يُكَمِّلَ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ… لَكِنْ فِيهَا كُلَّ سَنَةٍ ذِكْرُ خَطَايَا. لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا. (عبرانيين 10: 1-4)

لم يكن العابدون يستفيدون من ذبائح وقرابين العهد القديم بسبب الذبائح نفسها، بل لكونها كانت تشير إلى جوانب في ذبيحة المسيح الخاصة التي قُدِّمت على الصليب. وعلاوةً على ذلك، فإن الفائدة التي كانت تقدِّمها هذه الذبائح لم تكن كاملة إلا حين قدّم المسيح الذبيحة التي كانت كل الذبائح الأخرى تشير إليها. لهذا السبب لم تكن ذبائح وقرابين العهد القديم قادرةً على إزالة الخطية بشكلٍ دائم ونهائي. فقد كانت مجرَّد وسيلة أجّل الله بها إيقاع عقابه وتنفيذ عدله ومارس الصبر حتى وقت موت المسيح على الصليب.

في هذه الناحية الخاصة، لم يكن يسوع مجرد الجوهر الذي أشارت إليه كل الذبائح السابقة، ولكنه كان أيضاً الكفارة النهائية. والآن بعد أن تحقق ملء الذبائح الكفارية في يسوع، لم يعد هناك حاجة لتقديم هذه الرموز والظلال. لهذا السبب لا يقدّم المسيحيون الذبائح الكفارية الموصوفة في العهد القديم. ليس لأننا نؤمن أن الذبائح الكفارية غير ضرورية. بالعكس نحن نعلم انه توجد حاجة ضرورية للكفارة. لكن سبب عدم تقديمنا ذبائح تكفيرية هو اننا نؤمن بأنّ ذبيحة يسوع الاستثنائية قد تممت بالكامل حاجة كل شعب المؤمنين إلى كفارة في كل زمان. ومن خلال هذا العمل الواحد، فقد ضمن لنا قداستنا، وجعلنا قادرين على السكنى في حضرة الله المميزة، المقدسة. كما نقرأ في عبرانيين 10: 10:

نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً. (عبرانيين 10: 10)

شكّلت ذبيحة يسوع بداية حقبةٍ جديدة في ملكوت الله. فقد كانت بداية نهاية سبي شعب الله ودينونته. فهذه الذبيحة جعلَتْ غفران الله ممكناً بشكلٍ مباشر في كل أمةٍ على الأرض. كما أنها كانت إشارة إلى نهاية صبر الله واحتماله تجاه كثيرين من غير المؤمنين.

لكن كما نقرأ في كتاب العدد 17: 30، قبل تقديم ذبيحة المسيح كان الله بطيئاً في إدانة الذين كانوا يجهلون الحق. ولكن ذبيحة المسيح أعلنت الحق بحيث صار الجهل بلا مبرِّر ولا عذر. نتيجة لهذا، بدأ الله يأتي بالدينونة على الخطاة بتكرارٍ وشدة أكثر حين لا يتوبون استجابةً للكرازة ببشارة الإنجيل.

بعض المشككين لا يرون في موت يسوع أكثر من نهاية مأساويّة لعمله المضلّل. لكن بالنسبة إلى المؤمنين، موت المسيح هو موتٌ إراديٌّ، هادفٌ، وافتدائي. وجزءٌ من كيفيّة فهمنا لمجريات الصلب الغامضة، جزءٌ من كيفية فهمنا لذلك هو بإدراكنا أنّه تتميم لرمز أو لفكرة سابقة عن ذبيحة العهد القديم. واليوم، مرّة أخرى، نرى العديد من الناس لا يرتاحون بتاتاً لموضوع الحاجة إلى سفك الدم. إذ يبدو الأمر لهم بدائيّاً جداً، يبدو غير مقبول بالنسبة للمثقفين والمهذبين. أعتقد أنّه من المهمّ بالنسبة إلينا أن ندرك أنّ الله ليس إلهاً متعطشا للدماءٍ هو لا يحتاج إلى الدم ليروي عطشه. إنّ ذبيحة العهد القديم، ونظام الذبائح في ذلك العهد كان فيه جرأةٌ ووحشيّة وقوة، كلّ هذا للتركيز على خطورة الإثم الذي تقدّم عنه الذبيحة. هو تذكير للشعب القديم أنّه ينبغي التخلّص من الخطيئة من أجل استرجاع التوازن الأخلاقي في عالم الله. وهنا يأتي يسوع المسيح متمّماً تلك الحاجة بحيث إنّ الشروط التي تتطلّبها عدالة الله والتوازن الأخلاقي للكون قد استوفيت بهذا الحب الباذل الذي لم يسبق له مثيل. فالعهد القديم يوجّه الأنظار نحو المسيح ويتحقق في المسيح وهذا ما نتبينه إذا ما تعمّقنا في تفاصيل النظام الذبائحي القديم. [د. غلِن سكورجي]

بعد أن رأينا كيف أتمّ يسوع دوره الكهنوتي من خلال القيادة وإقامة العبادة، علينا أن ننظر إلى تتميمه عمل التشفُّع المرتبط بالكهنوت.

التشفع

في وقتٍ سابق في هذا الدرس، قُلْنا إن التشفُّع هو التوسُّط أو التوسُّل لأجل شخصٍ آخر. ونريد الآن أن ننظر إلى كيفية تتميم يسوع عمل التشفُّع المرتبط بالوظيفة الكهنوتية.

سألني صديقٌ ذات مرّةٍ: “إن كان المسيح قد جاء بنا إلى الله، لماذا لا نزال بحاجةٍ إليه؟ لماذا لا نستطيع الاستغناء عنه الآن بعد أن جاء بنا إلى الله ونكتفي بالصلاة إلى الآب؟ لسنا بحاجة بعد إلى يسوع”. حسناً إنّ ذلك يغفل دور يسوع المستمرّ. لأنّ العهد الجديد يقول مستخدماً الزمن الحاضر، يوجد َوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الذي يحيا إلى الأبد ليشفع فينا. ذلك لا يعني البتّة أنّ عمل يسوع الكفّاري على الصليب كان بطريقةٍ ما غير كافٍ. بالطبع، إنّ عمل يسوع الكفّاري قد تمّ لمرّة واحدة، قد أكمل، ولا يحتاج أن يُزاد عليه شيء. لكن لا يزال ليسوع هذا الدور الشخصي المستمرّ، لتمتين علاقتنا بالله، الذي يلعبه في حياتنا كمحامينا ووسيطنا وممثّلنا. هو محامينا الذي يستمرّ يوميّاً في المثول أمام رئيس القضاة ليدافع عن قضيّتنا. والخبر الرائع هو أنّه بفضل عمله الكفّاري، لم يخسر قضيّة قطّ. هو يلجأ دوماً إلى عمله التام والكامل الذي يقوم به بالنيابة عنّا من خلال دوره التشفعي كرئيس كهنتنا الأعظم وعمله دائماً ناجح ودائماً فعّال. لكنّه أيضاً عملٌ مستمرّ، لتمتين علاقتنا بالله، ومتجدّد. وهكذا فإنّ يسوع، انطلاقاً من عمله الكفاري الذي تمّمه، يستمرّ في عمله كوسيطنا وشفيعنا، وكرئيس كهنتنا الأعظم. [د. إريك ثيونيس]

أحد أوضح الأمثلة على عمل المسيح التشفعي في الكتاب المُقدَّس صلاته لأجل تلاميذه في الليلة التي فيها قُبِض عليه، والمُدوّنة في يوحنا 17. وفي الحقيقة، عادةً ما تُدعى هذه الصلاة صلاة يسوع الكهنوتية. في هذه الصلاة، رفع يسوع طلبات وتضرُّعات كثيرة لأجل الرسل. وفي يوحنا 17: 20-21، صلّى أيضاً لأجل الذين سيؤمنون ويصيرون تلاميذه من خلال خدمة الرسل التبشيرية.

استمرّ يسوع في عمله التشفُّعي بموته على الصليب، حيث توسَّط بين الله والبشرية بأكثر الطرق فاعلية. وبعد ذلك صعِد إلى السماء. ويخبِرنا الكتاب المُقدس أنه مستمرّ في التشفُّع لأجلنا في الهيكل السماوي وبتقديم دمه على المذبح والتوسُّل لأجلنا أمام الآب. كما نقرأ في عبرانيين 7: 24-25:

وَأَمَّا هذَا [يسوع] فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، لَهُ كَهَنُوتٌ لاَ يَزُولُ. فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضاً إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ. (عبرانيين 7: 24-25)

خلاصنا مضمون دائماً وإلى الأبد لأن يسوع، رئيس كهنتنا العظيم، يتشفَّع باستمرار لأجلنا، طالباً من الآب قبول استحقاق موته كثمنٍ لكل خطيةٍ ارتكبناها ونرتكبها.

أتَمَّ يسوعُ وَظيفَةَ كَهْنوتِ العهدِ القديمِ بِشَكْلٍ كامِل. فَقَدْ قادَ، وأقامَ الطُقوسَ والشَعائِرَ، بِما فيها أهَمُّ طَقسٍ في كُلِّ التاريخِ الذي هُوَ ذَبيحَتُهُ على الصَليبِ، وَقَدَّمَ التَشَفُّعَ لِأجْلِ شَعْبِه. وفي الحَقيقَةِ، ما يَزالُ يسوعُ يَقومُ بِهذِهِ الأعْمالِ والمُهِمّاتِ الأساسيَّةِ اليومَ مِنْ خِلالِ كَنيسَتِهِ وَمِنْ خِلالِ عَمَلِهِ الكَهْنوتيِّ في السَماء. وهَكَذا، علَيْنا كأتْباعٍ لَهُ أنْ نَرى ما يَعْمَلُهُ يسوعُ ونَعْتَمِدَ عَلَيْهِ في المَجيءِ إلى الآبِ، ونَخْضَعَ لِخِدْمَتِهِ بَينما يُهَيِّئُنا للدُخولِ إلى مَحْضَرِ اللهِ المُقدَّسِ الخاص.

بعد أن نظرنا إلى مؤهِّلات يسوع وأعماله ككاهن، لننظر الآن إلى الطريقة التي وفّى بها توقُّعات العهد القديم بشأن الوظيفة الكهنوتية.

التوقعات

كما رأينا سابقاً في هذا الدرس، فإن التطوُّر التاريخي لوظيفة الكاهن أدّى إلى خلق توقُّع لدى الناس بأنه في المستقبل ستستمر وظيفة الكاهن في التوسُّط بين الله وشعبه، حتى يُقبَل الناس أمام الله ويستطيعوا الدخول إلى حضرة الله المُقدَّسة. وقد رأينا أن يسوع أتمّ هذه التوقُّعات بالقيام بمهمات وأعمال وظيفة الكاهن. وهكذا، في هذا القسم من درسنا، سنركِّز انتباهنا على الطريقة التي بها أتمّ يسوع نبوّات العهد القديم بشأن مستقبل الوظيفة الكهنوتية.

سينقسم نقاشنا إلى ثلاثة أجزاء. أولاً، سننظر إلى النبوّة المتعلِّقة برئيس الكهنة العظيم. ثانياً، سنفحص النبوات المتعلقة بعمل الكاهن العظيم كملك. وثالثاً، سننظر إلى النبوة القائلة إن شعب الله سيصير مملكة كهنة. ولنبدأ بالنظر إلى كيف حقّق يسوع نبوات رئيس الكهنة العظيم.

رئيس الكهنة العظيم

بطرقٍ عديدة، وفي بعض الأحيان بشكل واضح وصريح، أنبأ العهد القديم بأنه سيأتي رئيس كهنةٍ عظيم مستقبلي يعلِن العصر المسيحاني، وهذا الكاهن سيكون المسيح المنتظر نفسه. وبحسب المزمور المئة والعاشر، سيكون رئيس الكهنة العظيم هذا على رتبة ملكي صادق، أي أنه لن ينحدر من هارون. كما أنه سيبقى في مركزه هذا إلى الأبد، أي أنّ موته لن يمنعه من إتمام عمله. وبحسب كاتب العبرانيين، فإن كل هذه النبوّات تحقَّقت في يسوع. تقتبس عبرانيين 7: 21-22 من المزمور 110: 4، وتعلِّق عليه كما يلي:

أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ، أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ”. عَلَى قَدْرِ ذلِكَ قَدْ صَارَ يَسُوعُ ضَامِناً لِعَهْدٍ أَفْضَلَ. (مزمور 110: 4)

قال كاتب العبرانيين إنه حين أقسم الله بأن يكون المسيح المنتظر كاهناً إلى الأبد قصد أن رئيس الكهنة العظيم المستقبلي سيكون المسيح المنتظر، الذي سيأتي بالعهد الجديد. وبحسب هذا المقطع أيضاً في عبرانيين، فإن يسوع هو رئيس الكهنة العظيم ذاك.

في الحقيقة، تذكر رسالة العبرانيين دور يسوع باعتباره رئيس الكهنة العظيم هذا عشر مرات على الأقل. وهي تشير بشكلٍ منتظم إلى يسوع بصفته المسيح أو المسيا، وهي تقول بكل وضوح في الفصول 8 و9 و12 إنه هو مَن يأتي بالعهد الجديد وضامنه. الرسالة إلى العبرانيين تفوق أي كتاب آخر في العهد الجديد في إثبات أن يسوع يتمِّم توقُّعات العهد القديم بشأن رئيس الكهنة العظيم بشكلٍ لا يقبل الجدل والشك.

التوقُّع الثاني في العهد القديم الذي أتمّه يسوع هو أن رئيس الكهنة العظيم سيحكم كملك.

الكاهن ملكاً

رأينا أنّه منذُ زمن آدم وحتى إبراهيم، وظيفتا الكاهن والملك متّحدتان في الشخص نفسه. ومع أنّهما انفصلتا في زمن الملكية في إسرائيل، فإن العهد القديم أنبأ بأنهما ستعودان وتتوحّدان في شخص المسيح المنتظر. هذا ما نقرأه واضحاً في المزمور 110: 2-4، وزكريا 6: 13.

وقد رأينا في هذا الدرس ودروسٍ سابقة أنه حين أتى يسوع بصفته المسيح المنتظر، قام بوظيفتي الملك ورئيس الكهنة. وهذا يرِد بوضوح في مقاطع مثل مرقس 8: 29، ولوقا 23: 3، وعبرانيين الفصلين 8 و9.

قبل أن أتى يسوع، خدم الكهنة، أبناءُ هارون، شعبَ الله مدةً فاقت الألف سنة. ولكنّ خدمتهم كانت تشير دائماً إلى ما يتجاوزهم – إلى المسيح الآتي، الذي سيكون كاهناً وملكاً. وفي الحقيقة، بحسب أعمال 6: 7، آمن كثيرون من الكهنة في أورشليم وإسرائيل بأن يسوع هو المسيح المنتظر، وصاروا أتباعاً له. ولأن يسوع لم يؤسِّس كهنوتاً جديداً مستقلاً ولا أكّد الخدمة الدائمة للهيكل والكهنوت الهاروني، فإن الدعم الذي تلقاه يسوع من كهنة شعب إسرائيل يشير إلى أن هؤلاء الكهنة فهموا تعليم العهد القديم القائل إنه حين يأتي المسيح المنتظر سيوحِّد وظيفة رئيس الكهنة والملك في شخصه. وكما رأينا، كان هذا ما عمله يسوع بالضبط.

التوقُّع الثالث الذي أُنبئ به هو أنّ تتميم نبوة رئاسة الكهنوت في يسوع سيقود إلى صيرورة شعب الله مملكة كهنة.

مملكة كهنة

رأينا سابقاً أن خروج 19: 6، وإشعياء ا61: 6 أنبآ بوقتٍ سيصبِح شعب الله فيه أمّة كهنة أو مملكة كهنة. فسيخدمون في حضرة الله المُقدّسة بقيامهم بالأعمال الموكَلة إليهم، وتقديم ذبائح الشكر والتسبيح والطاعة، والقيام بأعمالٍ كهنوتية أخرى. والأمر اللافت للنظر في عظة يسوع المُدوّنة في لوقا 4 هو أن الرب اقتبس من إشعياء 61، وقال إنّه كان يتمِّمها. وهكذا، أشار يسوع إلى أنّه سيحوِّل شعب الله إلى مملكة كهنة. وبحسب مقاطع أخرى في العهد الجديد، فقد كان هذا هو ما عمله بالضبط.

على سبيل المثال، في 1 بطرس 2: 5، أشار بطرس إلى الكنيسة بالكهنوت المقدس، وفي العدد التاسع دعا الكنيسة الكهنوت الملوكي. ونجد هذه الفكرة ذاتها في رؤيا 1: 6، و5: 10، و20: 6. وكمثال على هذا، استمع إلى الكلمات التالية عن يسوع في رؤيا 1: 6:

وَجَعَلَنَا مُلُوكاً وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ. (رؤيا 1: 6)

يسوعُ، باعتباره المسيح المنتظر، هو رئيس الكهنة الذي يحكم ملكاً، ويعيِّن كل أتباعه ليخدموا كهنةً في ملكوته.

أحد الأمور التي يعلّمنا إيّاها العهد القديم هو أن الشخصيّات الدينيّة الرئيسيّة هم الكهنة. ونرى في العهد الجديد أنّ الأمر لم يعد محصوراً بشريحةً من المسيحيين إنّما صار كلّ المؤمنين كهنةً الآن. هذه الحقيقة كثيراً ما نعبّر عنها بالعبارة المألوفة، كهنوت كلّ المؤمنين. وتمّ التشديد على هذه النقطة على أن جميع المؤمنين هم مدعوّون ومفوّضون للخدمة، ليكونوا يدّي يسوع، وقلبه، ورجلَيه، وجسده. وهذه حقيقة تمنحنا قوّة عظيمة. وإحدى النتائج التاريخيّة المثيرة لاقتناء هذه الحقيقة المذهلة هي أنّه لم يعد أحدٌ بحاجة بالضرورة لأن يقوده إنسانٌ آخر أو أن يكون هناك وسيطً آخر بينه وبين الله. وكلّ نظام يضع وسيطاً بينك وبين الله هو مملوء بفرص الاستغلال، والسيطرة الاجتماعية واستعباد الآخرين. فهذه بالتالي حقيقة مشجّعة، محرّرة، تحفظ الكرامة، إلّا أنّها لا تنتقص بأي شكلٍ من الأشكال من الحقيقة المكمّلة لها وهي أنّ الله قد وهب جسده شتّى المواهب، وأنّ بين المواهب هذه موهبة ينبغي أن أقدّرها في الذين يقومون بالخدمة من خلال موهبة الرعاية المعطاة لهم. موهبة الرعاية تتطلّب قلباً غير اعتياديّ. تتطلب قلباً ومهاراتٍ للقيادة والإرشاد والتشجيع والتعزية. ليس الأمر في الوقوف بين أي أحد وبين الله. ليس الأمر في الانتقاص من حقّ الآخرين في تفسير الكتاب المقدس بينما الله ينير عقولهم وحدهم وهم يقومون بعملهم الصالح ويدرّبون أنفسهم على هذه المهمّة. بل هي نعمةٌ توفّرت لنا لتساعدنا في مشوار حياتنا حيث كلّ واحدٍ منّا هو كاهن، وكلّ من هؤلاء الكهنة يحترم ويقدّر الدور الرعوي (العناية الرعوية). [د. غلِن سكورجي]

تَتْميمُ يسوعَ لوظيفةِ الكاهِنِ يُذَكِّرُنا بِأَنَّ مَقاصِدَ اللهِ الأصْلِيَّةَ في الخَليقَةِ قَدْ تَعَقَّدَتْ بِفِعْلِ الخَطِيَّةِ، دونَ أنْ تُلغَى أو تُهزَم. مَجيءُ يسوعَ وتَتْميمُهُ الدقيقُ لِلْمُتَطَلِّباتِ الكَهْنوتِيَّةِ تُرينا أمانَتَهُ وإخلاصَهُ لِخُطَّةِ اللهِ الصالِحَة. مَسؤوليَّةُ يسوعَ الكَهْنوتِيَّةُ، ومَعْناها الأسْمى يُظْهِرانِ مَرْكَزِيَّةَ يسوعَ في تَتْميمِ خُطَّةِ الله. ويسوعُ باعتِبارِهِ رئيسَ الكَهَنَةِ العَظيمَ الذي يَحْكُمُ مَلِكاً يُتَمِّمُ النواحِيَ الأصْلِيَّةَ والمُتَوَقَّعَةَ لِلْخِدمَةِ الكَهْنوتِيَّة. وهكذا، فإنَّنا كَشَعْبِ اللهِ لَدَينا سَبَبٌ عَظيمٌ لإكْرامِ يسوعَ وعِبادَتِهِ وخِدْمَتِهِ بِكُلِّ وَلاءٍ بِصِفَتِنا مَمْلَكَةَ كَهَنَتِه.

قُمنا حتى الآن باستكشاف خلفية العهد القديم لوظيفة الكاهن وتتميمها في يسوع. ولذا، فإننا الآن مستعدّون للنظر إلى التطبيق المعاصر لكهنوت يسوع. ما المعاني التي يحملها دور يسوع كرئيس كهنتنا العظيم لحياتنا اليوم؟

 

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

القسم الثاني: التتميم في يسوع

مخطط لتدوين الملاحظات

II. التحقيق في يسوع
أ. المؤهلات
1. التعيين من الله
2. الوفاء لله
ب. العمل
1. القيادة
2. الطقوس
3. التشفع
ج. التوقعات
1. رئيس الكهنة العظيم
2. الكاهن ملكاً
3. مملكة كهنة

أسئلة المراجعة

1. قُم بالاطلاع على عبرانيين 4: 14.
2. بما أن يسوع ليس من عائلة هارون، وبما أنه لم يمارس أية طقوس في الهيكل، فكيف تأهل ككاهن؟
3. ما هو أعظم ملمح طقسي لخدمة يسوع الكهنوتية؟
4. لماذا كانت ذبيحة يسوع على الصليب ضرورية لجعل كل الذبائح التي تمت تقدمتها سابقًا فعالة؟
5. كيف حصل مؤمنو العهد القديم على الغفران؟
هل هناك ذبائح ضرورية بعد ذبيحة المسيح على الصليب؟
7. ما معنى أن يسوع يشفع فينا الآن؟
8. أي رسالة من رسائل العهد الجديد تشدد بشكل خاص على حقيقة أن يسوع هو رئيس الكهنة الأعظم الذي يتمم ما توقعته نبوات العهد القديم؟

أسئلة تطبيقية

1. كيف ساعدك هذا الدرس على أن تتعرف أكثر على المسيح وعمله من أجلنا؟ ما الذي تعنيه لك بشكل شخصي علاقتك معه؟
2. بماذا تشعر عندما تعرف أن يسوع يشفع فيك؟

AJAX progress indicator
Search: (clear)
  • الثالوث
    تعبير لاهوتي يُستخدم للتعبير عن حقيقة أن الله جوهر واحد في ثلاثة أقانيم
الاختبارات
نؤمن بيسوع - الدرس الرابع - الامتحان الثاني
Previous القسم
Back to الدرس
Next القسم

انجازك في الدورة

0% Complete
0/42 Steps

محتوى الدورة الدراسية

الدورة Home عرض الكل
ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: الفادي
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثاني: المسيح
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثالث: النبي
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الرابع: الكاهن
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الرابع
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الخامس: الملك
6 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الخامس
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس السادس: القراءات المطلوبة
3 الأقسام | 4 الاختبارات
متطلبات القراءة 1
متطلبات القراءة 2
متطلبات القراءة 3
العودة إلى نؤمن بيسوع

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in