مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / نؤمن بيسوع / الدرس الخامس: الملك

نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الأول

الدورات الدراسية نؤمن بيسوع الدرس الخامس: الملك نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الأول
الدرس Progress
0% Complete
 
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

المقدمة
خلفية العهد القديم
المؤهلات

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES05_01.mp4

العهد مع موسى
العهد مع داود

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES05_02.mp4
موضوعات ذات صلة
What gives God the right to rule as king over all creation?

الأعمال
العدالة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES05_03.mp4
موضوعات ذات صلة
Why were ancient kings, and even God in his divine kingship, sometimes referred to as fathers?

الرحمة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES05_04.mp4

الأمانة
التوقعات

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES05_05.mp4

التطور التاريخي

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES05_06.mp4
موضوعات ذات صلة
What did the Jews in Jesus' day expect the Messiah to do, and did their expectations reflect Old Testament teachings?

النبوات المحددة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES05_07.mp4
  • المقدمة
    خلفية العهد القديم
    المؤهلات
  • العهد مع موسى
    العهد مع داود
  • الأعمال
    العدالة
  • الرحمة
  • الأمانة
    التوقعات
  • التطور التاريخي
  • النبوات المحددة

المقدمة
خلفية العهد القديم
المؤهلات

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES05_01.mp3

العهد مع موسى
العهد مع داود

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES05_02.mp3
Related Audio What gives God the right to rule as king over all creation?

الأعمال
العدالة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES05_03.mp3
Related Audio Why were ancient kings, and even God in his divine kingship, sometimes referred to as fathers?

الرحمة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES05_04.mp3

الأمانة
التوقعات

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES05_05.mp3

التطور التاريخي

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES05_06.mp3
Related Audio What did the Jews in Jesus' day expect the Messiah to do, and did their expectations reflect Old Testament teachings?

النبوات المحددة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES05_07.mp3
  • المقدمة
    خلفية العهد القديم
    المؤهلات
  • العهد مع موسى
    العهد مع داود
  • الأعمال
    العدالة
  • الرحمة
  • الأمانة
    التوقعات
  • التطور التاريخي
  • النبوات المحددة

المقدمة

غالباً ما يكتب تاريخ البشرية وفق رأي الملوك الظافرين. سمعنا عن ملوك حكموا مناطق واسعة من آسية، وأوروبا، وأفريقية، وأميركا اللاتينية. بعضهم قهر عدداً كبيراً من الأعداء وامتدت ممالكهم إلى أقصى زوايا الأرض. وقد اشترك هؤلاء جميعاً بأمر واحد على الأقل. فجميعهم رحلوا؛ جميعهم ماتوا؛ جميعهم لم يعودوا في الحكم. وجيوشهم الضخمة تلاشت، وسلطانهم زال.

لكن يوجد استثناء واحدٌ لهذه القاعدة. فهناك ملك واحد سلطانه لم يضمحل، وملكوته لن يزول إلى الأبد. هذا الملك هو يسوع بكل تأكيد.

هذا هو الجزء الخامس في سلسلتنا نؤمن بيسوع، وقد أعطيناه العنوان يسوع الملك. في هذا الدرس سنعالج كيف تمّم يسوع وظيفة الملك في العهد القديم، وحكَم كابن الله وخادم الله الأمين. كما سبق ورأينا في دروس سابقة، أنشأ الله في مراحل مختلفة من تاريخ العهد القديم ثلاث وظائف أدار من خلالها ملكوته: وهذه الوظائف هي وظيفة النبي، ووظيفة الكاهن، ووظيفة الملك. وفي المرحلة النهائية من ملكوت الله، والتي نسميها عادة عصر العهد الجديد، وجدت هذه الوظائف الثلاث تتميمها النهائي في يسوع. في هذا الدرس، سنركّز على وظيفة يسوع كملك.

من أجل أهدافنا في هذا الدرس سنعرّف الملك بأنه:

الإنسان المعيّن من الله ليمارس حكمه بالنيابة عن الله على مملكته.

وكما يدل هذا التعريف، فإن الله كان دائماً وسيستمر الحاكم النهائي على كل خليقته. لكنه عيّن أيضاً بشراً ليخدموه كأوصياء على عرشه. وهؤلاء الملوك البشريون يخدمون تحت إمرته، ويدعمون مقاصد وأهداف مملكته. ونحن إذ نبقي هذا التعريف الأساسي في أذهاننا، سنكتسب بصيرة أعمق في فهمنا لوظيفة الملك الكتابية، وفي كيفية تتميم يسوع لهذه الوظيفة.

سيتبع هذا الدرس التصميم ذاته لدرسينا حول وظيفتَي يسوع كنبي وكاهن. أولاً سنفحص خلفية العهد القديم لوظيفة الملك. ثانياً، سندرس تتميم وظيفة الملك في يسوع. وثالثاً، سندرس التطبيق المعاصر لمُلك يسوع على حياتنا. لننظر أولاً في خلفية العهد القديم لوظيفة الملك في يسوع.

خلفية العهد القديم

في كتابه الجمهورية يزعم الفيلسوف اليوناني أفلاطون بأن أفضل الحكومات الممكنة هي تلك التي يحكمها فيلسوف ملك. فبرأيه، إن الملوك الذين حقاً يفضلون الحكمة على الثروة والسلطة، يقودون بلادهم إلى بركات لا تحصى. وبطريقة مماثلة، يبيّن الكِتاب المُقدَّس أنه عندما كان ملوك إسرائيل يخافون الله ويتبعون وصاياه، كانت بلادهم تزدهر ببركات الله. لكن العكس أيضاً صحيح: فعندما كانوا يتمردون على الله، كانت الأمة برمتها تتألم تحت دينونة الله. بهذا المعنى، كان ملوك إسرائيل العامل الأساسي في رفاهية مملكة الله على الأرض.

سنفحص خلفية العهد القديم لوظيفة الملك عن طريق النظر في ثلاثة مواضيع: أولاً، مؤهلات وظيفة الملك، ثانياً، وظيفة الملوك؛ وثالثاً، التوقعات التي نشأت في العهد القديم للمُلك المستقبلي في إسرائيل. لنبدأ بمؤهلات وظيفة الملك.

المؤهلات

أعلن الله في العهد القديم مؤهلات الملوك على مرحلتين. أولاً، أعلن الله في شريعة موسى معايير المُلك حتى قبل أن يكون لإسرائيل ملك. ثانياً، وفّر عهد الله مع داود مؤهِلاً إضافياً مع حلول الملكية. لننظر أولاً إلى قواعد المُلك المدرجة في شريعة موسى.

شريعة موسى

ما يلفت انتباهك حين تقرأ العهد القديم، لا سيّما الكتب الخمسة الأولى، وتسمّى التوراة، هو التوقّع المسبق لمجيء مَلك. لديك مواصفات المَلك، وما ينبغي أن يفعله وذلك قبل تواجد الملوك بفترة طويلة. لمَ كانت هذه هي الحال؟ أعتقد أنّ الجواب هو بالنظر إلى مقاطع معيّنة وتحديداً إلى تثنية 17، حيث يَرِد توقّع للمَلك، وللأعمال التي سيقوم بها على ضوء المخطّط الإلهي. ولا بدّ هنا أن نعود إلى آدم. كان آدم بمثابة نبي، وكاهن، وملك. لكنّه فقد إلى حدٍّ ما دوره كالسيّد على هذه الأرض، كالحاكم والملك. لكن ما لبث شعب إسرائيل أن استردّ هذا الدور من خلال العهد الإبراهيمي. ففي تكوين 17 وعودٌ بأنّه سيخرج ملوك من نسل إبراهيم. ومنذ ذلك الحين، بدأ هذا الدور يتحقّق في إسرائيل وبصورة فريدة من خلال الملك. وبالرغم من كون الإعلان عن الملوك في العهد القديم قد تمّ قبل سنين عديدة من تصريح موسى في تثنية 17، إلّا أنّه يمهّد الطريق إلى عودة نتائج الخطيّة إلى العالم، وإلى الإصلاح الذي سيأتي عن طريق الملوك المتحدّرين من نسل داود، بل أكثر من ذلك، إنّه يمهّد إلى مجيء الرب يسوع المسيح الذي أتى ليأخذ هذه الأدوار فيتمّم الدور الداودي، ويتمّم دور إسرائيل وآدم إلى النهاية، ويردّنا إلى ما خُلقنا لأن نكونه. ذلك كلّه توقّع مسبق. ذلك كلّه يهيّئنا إلى كشف خطّة الله، ويأتي بنا إلى الموضوع المسيحاني: “هذا ما سيحصل، هذا من سيأتي، هكذا سيتمّم المَلك كلّ تلك الأدوار”. وأعتقد أنّ كلّ ذلك كان السبب الذي دفع موسى لأن يكلّمنا بهذه الأمور حتّى قبل أن يوجد ملوك. [د. ستيفين وِلَم]

بينما كان موسى يعّد شعب إسرائيل لدخول أرض الموعد واحتلالها، شرح لهم أن الله سوف يعيّن لهم في آخر الأمر ملكاً عليهم. وأشار إلى أربعة قواعد كدليل للملك الذي يعيِّنه الله. استمع إلى ما كتبه موسى في تثنية 17: 14-19:

مَتَى أَتَيْتَ إِلَى الأَرْضِ… وَامْتَلَكْتَهَا وَسَكَنْتَ فِيهَا…  فَإِنَّكَ تَجْعَلُ عَلَيْكَ مَلِكاً الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ. مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِكَ تَجْعَلُ عَلَيْكَ مَلِكاً… لاَ يُكَثِّرْ لَهُ الْخَيْلَ، وَلاَ يَرُدُّ الشَّعْبَ إِلَى مِصْرَ لِكَيْ يُكَثِّرَ الْخَيْلَ… وَلاَ يُكَثِّرْ لَهُ نِسَاءً… وَفِضَّةً وَذَهَباً لاَ يُكَثِّرْ لَهُ كَثِيراً… يَكْتُبُ لِنَفْسِهِ نُسْخَةً مِنْ هذِهِ الشَّرِيعَةِ… وَيَقْرَأُ فِيهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، لِكَيْ يَتَعَلَّمَ أَنْ يَتَّقِيَ الرَّبَّ إِلهَهُ وَيَحْفَظَ جَمِيعَ كَلِمَاتِ هذِهِ الشَّرِيعَةِ وَهذِهِ الْفَرَائِضَ لِيَعْمَلَ بِهَا. (تثنية 17: 14-19)

أشار موسى إلى أربعة قواعد تتعلق بمؤهلات المَلك. أولا، قال إنه على ملك إسرائيل أن يكون مختاراً من الله. فالشعب غير مؤهل ليختار ملكاً يقودهم في الطريق التي يطلبها الله. وليس لهم الحق أن يعهدوا إلى شخص السلطان المفوّض من الله. وحده الله يمكنه أن يفوّض سلطانه الخاص. وهو يعطيه فقط للشخص الذي يختاره.

الأمر الثاني الذي أشار إليه موسى في تثنية 17 أنه يجب أن يكون من شعب إسرائيل. أي يجب أن يكون من شعب الله المختار. وهذا كتحقيق للوعد الذي قطعه الله مع إبراهيم في تكوين 17: 1-8، حيث أقسم الله بأن يكون نسل إبراهيم ملوكاً على شعبه.

أما المؤهِل الثالث في تثنية 17، فهو أنّه يجب على الملك أن يعتمد على الله وليس على المخططات البشرية لتوطيد السلام والازدهار. ويشير موسى إلى أربع نواحٍ يمكن أن يبتعد فيها الملوك عن الاعتماد على الله.

  • كان محظوراً على الملك أن يجمع عدداً كبيراً من الخيل، على الأرجح بسبب أهميتها بالنسبة لجيشه. فقد كان على الملك أن يعتمد على قوة الله، وليس على القدرة البشرية، في صونه للأمة.
  • أما تحريم الرجوع إلى مصر فهو يشير إلى الخضوع لمملكة أعظم لتحميه وتدعمه، بل عليه أن يخضع لله.
  • أما حظر تعدد الزوجات فهو ينطبق بصورة خاصة على الاتفاقات السياسية التي كانت تصاغ من خلال ترتيبات الزواج. وهذه المسألة شكّلت مشكلة ليس لأنها جعلت إسرائيل تعتمد على دول أجنبية بدل اعتمادها على الله، بل أيضاً على الأرجح، لأن الزوجات الأجنبيات سيعبدن آلهة غريبة، ويعرضن الملك إلى أن يحذو حذوهن.
  • أما الوصية ضد جمع كميات كبيرة من الذهب والفضة، فتشير على الأرجح إلى فرض الضرائب بصورة غير عادلة. لم يكن خطأً أن يكون الملك غنياً، لكنه كان من الجرم أن يصبح غنياً عن طريق ظلم شعب الله.

وبصورة عامة، ضمنت هذه القيود اعتماد الملك على الله في نجاح ملكه وحماية أمته.

أما الأمر الرابع الذي شدّد عليه موسى في تثنية 17 هو أن على الملك ان يكون وفياً للعهد مع الله عن طريق قبوله لشريعة العهد والاحتفاظ بنسخة منها والتأمل فيها. وأريد من هذه الأفعال التشجيع على الوقار الشخصي، والتواضع اللائق، والحُكم الأمين.

كان ملوك إسرائيل ويهوذا يمثّلون الشعب أمام الله. وبالتالي كان لهم حضورٌ مقدّس كممثّلين لله على الأرض، وكممثّلين للشعب أمام الله على حدّ سواء. وهذا الدور الفريد المزدوج الذي لعبه الحكّام كان هامّاً لنفهم كيف كان الله يستجيب للملوك، وكيف كان ينعكس ذلك في النهاية على الأمّة بأسرها. لنلقِ نظرة على تاريخ إسرائيل ويهوذا بكامله. لم يكن هناك ملوك أتقياء في إسرائيل. كلّهم فعلوا الشرّ أمام الله. وكان أوّل سقوط للأمّة سنة سبعمئة واثنين وعشرين قبل الميلاد. ثم بعد ذلك نرى في يهوذا نوعاً من المدّ والجزر في علاقة الملوك مع الله، حيث لديك من جهة ملوكٌ أتقياء فعلوا الصلاح أمام الرب، ومن جهة أخرى ملوكٌ أردياء فعلوا الشرّ في عينيه. وعندما كان الملوك الأردياء يعملون الشر في عيني الرب كان لذلك نتائج وخيمة. وحين يحصل هذا كان الرفض الإلهي يُعلن على الملك وعلى الشعب على حدّ سواء. ويبدو أنّ سلوك الملك أو سلوك الشعب كانا مترابطين وينعكس سلوك كل منهما على الآخر. فإن كان الملك يقيم هياكل للأوثان ويعبد آلهة غريبة، كان الشعب يشترك معه في ذلك، والعكس صحيح. وحين كان هناك إصلاح كما في عهد يوشيا الملك، نرى أنّ استجابة الشعب لله ولشريعته كان لها أثرٌ على مستوى الأمّة ككلّ. إذن، كان للملك دور رئيسيٌّ في تمثيل الشعب أمام الله لكن أيضاً في تمثيل الله أمام الشعب. [د. مارك غينيليت]

بعد أن استعرضنا المؤهلات التي يجب أن تتوفر في المَلك كما أعلنها موسى، لننظر إلى مؤهِلٍ إضافي وضعه الله في عهده مع داود.

العهد مع داود

أقام الله عهده مع داود في 2 صموئيل 7: 8-16، ونجد بنود هذا العهد في أماكن مثل المزمورَين 89 و132. وقد ثبّت هذا العهد سلالة داود كملوك دائمين على عرش إسرائيل. وقد أظهر الله لطفاً عظيماً لداود ولشعب إسرائيل عن طريق ضمانه أن سلالة داود ستحكم وسيتمتع شعب إسرائيل بالاستقرار مع استمرارية هذه الخلافة الملكية. استمع إلى وعود عهد الله مع داود في 2 صموئيل 7: 8-16:

أَنَا أَخَذْتُكَ مِنَ الْمَرْبَضِ مِنْ وَرَاءِ الْغَنَمِ لِتَكُونَ رَئِيساً عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ…‏ وَعَمِلْتُ لَكَ اسْماً عَظِيماً… وَعَيَّنْتُ مَكَاناً لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ… وَقَدْ أَرَحْتُكَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكَ… أُقِيمُ بَعْدَكَ نَسْلَكَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ… وَيَأْمَنُ بَيْتُكَ وَمَمْلَكَتُكَ إِلَى الأَبَدِ أَمَامَكَ. كُرْسِيُّكَ يَكُونُ ثَابِتاً إِلَى الأَبَدِ. (2 صموئيل 7: 8-16)

وفق هذا العهد الإلهي، أضاف الله مؤهِلاً جديداً على مؤهلات ملوك إسرائيل: فمن الآن وصاعداً، شعب الله سيكونون تحت قيادة ابن لداود. وبيت داود وحده له الحق الشرعي بالحكم الدائم على الأمة بكاملها.

باكراً منذ زمن كتابة التكوين بارك الله سبط يهوذا بالمُلك على إسرائيل. فقد قال يعقوب في الفصل 49: “لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا”. ولما كان داود من سبط يهوذا، فإن وعد الله لداود كان تتميماً لبركته في كتاب التكوين. فقد كان قصد الله باستمرار أن يكون لإسرائيل يوماً ملك من سبط يهوذا. فمن خلال طاعة داود وولائه لله، وعد بأن الله ملك إسرائيل سيستمر إلى الأبد من خلال سلالة داود. ولهذا السبب كان مهماً بالنسبة لكتّاب الأناجيل أن يبرهنوا ليس أن يسوع هو مدعو من الله فحسب، بل أنه كان يتحدر مباشرة من نسل داود وله الحق الشرعي بعرش داود.

والآن بعد أن نظرنا إلى مؤهلات المَلك، لننتقل إلى موضوعنا الثاني: وظيفة ملوك العهد القديم.

الأعمال

مارس ملوك إسرائيل في العهد القديم، حُكما أميناً على شعب الله بالدرجة الأولى عن طريق طاعة شريعة الله والحكم بموجبها. وكما رأينا في دروس سابقة، كان من الشائع بالنسبة للأباطرة الأقوياء، أو الملوك الأسياد في الشرق الأدنى القديم، أن يخضعوا ممالك أضعف من ممالكهم، جاعلين إياها خادمة أو تابعة لهم. وكان الملوك الأسياد يديرون عادة البلدان الخاضعة لهم من خلال اتفاقات أو عهود، تُلزم الممالك الخاضعة بخدمة الملك السيد والخضوع لشرائعه. والأمر نفسه ينطبق على علاقة إسرائيل بالله. فالأمة بكاملها كانت مطالبة أن تطيع عهد الله، وكان على الملك أن يضمن هذه الطاعة.

وكان الملوك يضعون شعبهم أمام مسؤولياتهم بطاعة عهد الله بطرق عدة. لكن من أجل أغراضنا في هذا الدرس، سنركّز على المسائل الأهم في الشريعة أو ما دعاه يسوع “أَثْقَلَ النَّامُوسِ”. ولقد قال يسوع في متى 23: 23:

أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. (متى 23: 23)

فوفق ما قاله يسوع، وفي مقابل تركيز الفريسيين على الطقوس والشعائر، فإن الخصائص الأهم في الشريعة هي الحق أو العدالة، والرحمة، والإيمان أو الأمانة.

سنعرض الطرق التي أطاع من خلالها ملوك العهد القديم شرائع الله وطبّقوها بموجب كل من هذه الخصائص الهامة. أولاً، مسؤولية الملك في تحقيق العدالة. ثانياً، واجب الملك في تطبيق الرحمة. وثالثاً، دور الملك في التشجيع على الأمانة. لننظر أولاً إلى مسؤولية الملك في تحقيق العدالة.

العدالة

في سياق مسؤوليات المَلِك، يمكن تعريف العدالة كما يلي: مقاضاة كل إنسان حسب استحقاقه، وفق شريعة الله.

نحن كأفراد أو حكّام، لنا الحقّ والحريّة والإرادة لنختار السلوك في الطريق السليم أو في طريق الشر. في النهاية، سيحاكمنا الله جميعاً. وكنتيجة لذلك، سيُحاكم أولئك الحكّام. فحين يأتي يسوع سيردّ الأمور إلى نصابها الصحيح. لكن حتى ذلك الحين، لدينا مهمّة لنقوم بها، وهي أن نحيا كأفرادٍ ينتمون إلى ملكوت الله، وكمواطنين في الأرض صفتهم سماوية. في الزمن الحاضر، نحن نسعى لتحقيق العدالة والمساواة، ونحترم الآخرين ونكرم الضعفاء. ونواجه الظالم بترسيخ العدالة، ونسعى جهدنا لتحقيق المساواة بين الناس، عالمين أنّنا ما زلنا نحيا في عالمٍ شرّير، عالم ممزّق، عالمٍ واقع تحت دينونة الله. وفي هذا العالم لا يزال العنف والفقر والجهل والفساد ينتشرون. ونحن في عالم الظلام هذا من واجبنا أن نشع بالنور، ونذكّر الآخرين بأنّ في السماء إلهاً محبّاً يهتمّ بإزالة الظالم، وأنّه مهما طال التصرّف الوحشي والفساد والتكبّر في الأرض وكلّ هذه الأمور السيّئة، فهذه أمور وقتية ومحدودة لأنّ الله سيقوم في النهاية بإصلاح كلّ شيء. [د. جوناثان كتّاب]

كان على ملوك إسرائيل أن يحققوا العدالة على مستويَين مختلفَين على الأقل: على المستوى الأول، كان عليهم أن يحققوا عدالة الله على المستوى الدولي، بفرض شريعة الله بين إسرائيل والشعوب الأخرى.

إحدى الطرق التي كان الملوك يحققون من خلالها العدالة على المستوى الدولي، كانت بالتفاوض لتحقيق السلام مع الشعوب الأخرى كما فعل سليمان مع حيرام ملك صور، في ملوك الأول 5: 1-12.

كذلك سعى الملوك إلى تحقيق العدالة على الدول من خلال الحروب. وقد فعلوا ذلك بمعاقبة الأمم الشريرة كما فعل شاول في صموئيل الأول 14: 47-48. وكما فعل داود في صموئيل الثاني 8: 1-13. وكان الملك يدافع عن الأمة عندما تُهاجم، كما فعل داود في صموئيل الثاني 5: 17-25، وكما فعل حزقيا في ملوك الثاني 19. يلخّص المزمور 2 العدالة التي كان على ملوك إسرائيل أن يمارسوها نحو الشعوب التي تمردّت عليهم وعلى الرب. اصغ إلى ما يقوله في 6-12:

أَمَّا أَنَا فَقَدْ مَسَحْتُ مَلِكِي عَلَى صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي… قَالَ لِي: أَنْتَ ابْنِي، أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ. ‏اسْأَلْنِي فَأُعْطِيَكَ الأُمَمَ مِيرَاثاً لَكَ، وَأَقَاصِيَ الأَرْضِ مُلْكاً لَكَ. تُحَطِّمُهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ. مِثْلَ إِنَاءِ خَزَّافٍ تُكَسِّرُهُمْ. ‏فَالآنَ يَا أَيُّهَا الْمُلُوكُ تَعَقَّلُوا. تَأَدَّبُوا يَا قُضَاةَ الأَرْضِ. اعْبُدُوا الرَّبَّ بِخَوْفٍ، وَاهْتِفُوا بِرَعْدَةٍ. قَبِّلُوا الابْنَ لِئَلاَّ يَغْضَبَ فَتَبِيدُوا مِنَ الطَّرِيقِ. لأَنَّهُ عَنْ قَلِيل يَتَّقِدُ غَضَبُهُ. طُوبَى لِجَمِيعِ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ. ‏(مزمور 2: 6-12)

تتبع هذه الأعداد العادة المتبّعة في الشرق الأدنى القديم بالإشارة إلى الملك السيد كأب، وإلى الملك التابع كابن. في هذه الحالة، كان الله الملك السيد والملك من نسل داود هو الابن. وخطة الله للعالم كانت تقتضي بأن تخدم تلك الأمم الملك الداودي وتطيعه. كان عليهم أن يهابوه ويكرموه لأنه أداة الله في إقامة العدالة في العالم.

على المستوى الثاني، كان الملوك مسؤولين أيضاً عن تحقيق عدالة الله على المستوى الوطني داخل إسرائيل. فرض الملوك العدالة الوطنية عن طريق قيادة شعب الله المميّز في الطاعة لشريعته. وهذا شمل أموراً مثل تأمين احتياجات الضعفاء وحمايتهم، كما نقرأ في أمثال 29: 14 والدفاع عن المظلومين، كما نرى في مثال داود في 2 صموئيل 4: 9-12؛ ومقاضاة المجرمين، كما في 2 ملوك 14: 5؛ وتوطيد الاستقرار لنجاح المواطنين وازدهارهم، كما نتعلم من المزمور 72.

علاوة على ذلك، كان على الملوك أن يحرصوا على الاستقامة في القضاء فلا يفضِّلون الأغنياء على الفقراء، ولا الأقوياء على الضعفاء. والكتاب المقدس يتحدث عن هذا الدور للملوك في عدة أماكن بما في ذلك لاويين 19: 15، وإشَعياء 11: 1-5.

بالعودة مرة أخرى إلى تعريف يسوع للمسائل الأهم في الشريعة، أو أَثْقَلَ النَّامُوسِ، فإن الطريقة الرئيسية الثانية التي على الملوك أن يطبّقوا من خلالها شريعة الله، هي الرحمة.

الرحمة

الرحمة هي التمثل بحنان الله نحو خلائقه. الله غالباً ما يعامل خلائقه بصبر عندما يخطئون، ويتفهم ضعفهم. وهو يمنحهم الخيرات في الحياة، ويريحهم من الألم، ببساطة لأنه يُسَّر بأن يُظهر لطفه نحو خليقته. ويتحدث الكِتاب المُقدَّس عن رحمة الله في مواضع عدة، مثل المزمور 40: 11؛ والمزمور 103: 8؛ ويونان 4: 2.

كما هي الحال مع العدالة، نشدّد على أن الملوك يجب أن يعملوا الرحمة على الأقل في مجالَين، بدءاً من العلاقات على المستوى الدولي. على المستوى الدولي، مارس الملوك الرحمة نحو الأمم والشعوب التي خضعت لإله إسرائيل. على سبيل المثال، في صموئيل الثاني 10: 19، نجد أن عددا من الملوك التابعين لأحد أعداء إسرائيل، قد عاملهم داود بالرحمة عندما تصالحوا معه. وفي 2 صموئيل 10: 1-2، عامل داود ملك العمونيين بالرحمة.

علاوة على ذلك، أنبأ أنبياء العهد القديم بأن الأمم الوثنية ستخضع في النهاية لأورشليم. وسيأتون ليدفعوا الجزية في عاصمة مملكة الله، وينالون الرحمة والحماية من الملك المعّين من الله. وهذه الأمور مُتَنبأ عنها في أماكن مثل إشَعياء 60: 1-22، و66: 18-23، وميخا 4: 1-8، وصَفَنْيَا 2: 11.

بالطبع، كما رأينا في بحثنا حول العدالة، لا يريد الله أن يُظهر الرحمة دائماً. وهو يطلب أحياناً من الملك أن يمنع الرحمة عن الأمم الشريرة. على سبيل المثال، في 2 صموئيل 5: 17-25، أوصى الله داود بمعاقبة الفلسطيين، وهو ما قام به داود دون رحمة. فقد كان شرّهم كبيرا بحيث كان لا بد من معاقبتهم. من هنا تكون مسؤولية الملك، التمييز بين متى يريده الله أن يُظهر الرحمة، ومتى يريدُه أن يمنعها.

إلى جانب إظهار الرحمة في العلاقات على المستوى الدولي، كان على الملك أيضاً أن يطبّق شريعة الله بإظهار الرحمة على المستوى الوطني. بما أن الملك خادم الله، فهو مطالب أن يعامل شعب الله بالطريقة ذاتها التي يعاملهم الله بها. وهذا يعني أن يعاملهم بالرحمة. وكما نقرأ في أماكن مثلِ هوشع 6: 6، رغب الله في أن يُظهر شعبه الرحمة أكثر من تقديمهم للذبائح التي أمرت بها الشريعة. وهذا لا يعني أن شريعة الله غير مهمة، بل يعني بالحري أن الرحمة هي أحد أهم مطالب الشريعة. لهذا السبب، الملك الرحوم هو القائد المثالي، هو شخص على مثال الله في الاهتمام بالآخرين. وهذه الرحمة ظهرت في مواقف داود في مواضع مثلِ 2 صموئيل 19: 18-23، حيث أظهر رحمة نحو الأعداء الذين خضعوا له.

يمكننا أن نرى الرحمة في كل شريعة العهد القديم. وإذا استطعنا أن نتفوّق على نزعتنا إلى اعتبار الشريعة أمراً رديئاً وقرأناها على أنّها مرسال رأفة من الله، سنبدأ نرى الرحمة في كلّ مكان. فحتّى حينما ننظر إلى الوصايا العشر كنقطة انطلاق، نرى فريضة كحفظ السبت مثلاً باعتباره يوماً مقدّساً في الوصية الرابعة. لكن علينا أن نذهب بقراءتنا أبعد من القسم الأوّل للوصيّة لنرى أنّنا لسنا مدعوّين إلى الاستراحة في يوم الرب فحسب، أو في يوم السبت، بل نحن مدعوون أن ندع الخدّام في منزلنا، مواشينا وكلّ ما هو تحت أيدينا يرتاح أيضاً في هذا اليوم. في عالمنا العصري، كنّا لنقول، إنّ رجلاً أو امرأة صاحب عمل، يهاب الله ينبغي أن يرأف بموظّفيه ولا يعاملهم كثرواتٍ يجب أن تستنزف من المناجم، بل أن يعاملهم كبشر. ومن جهة أخرى يجب أن نكون مسؤولين تجاه الناس الذين جعلهم الله رؤساء علينا. فالرحمة لها مكانتها في الشريعة، لأنه يوجد في العهد القديم العديد من الأحكام الفرديّة المفصّلة التي تظهر الرحمة. كالوصيّة في تثنية التي تقضي بترك لقاط الحصيد على أطراف الحقل حتّى إذا ما مرّ المسكين والغريب يكون له ما يأكله، ويلتقط ممّا تُرك بعد الحصاد. وفرائض أخرى من العهد القديم كتلك التي توصي بألّا تأخذ رباً أو ربحاً من أهل بلدك. في ذلك العالم لم يكن الأمر استثماراً اقتصاديّاً رأسماليّاً، وكان تقاضي الربا غالباً طريقة لاستغلال الناس والاستفادة على حسابهم. وبالتالي عدم تقاضي الربا كان بمثابة تعبير عن الكرم. فإذا قام أحدهم بالانتفاع من أحد اخوته المحتاجين، فسيغتني على حسابه، لكنه سيَحرم الآخر. فالوصية تأمر بألّا تفعل ذلك. بل على العكس، كن كريماً ولا تتقاضى رباً وربحاً مّمن هم في عوز. وهناك أيضاً شريعة الإعفاء من الديون كلّ سبع سنين، أو شريعة اليوبيل التي ردّت الشعب إلى الأرض التي أبعدتهم عنها أقدارٌ مشؤومة. ففرائض الإصلاح هذه تظهر رحمة الله مع شعبه وهو يعطيهم هذه الفرائض ليريهم ذاته من خلال شرائع العهد القديم. [ق. مايكل غلودو]

بالإضافة إلى العدالة والرحمة، كان على الملك أن يطبّق شريعة الله عن طريق التشجيع على الأمانة لله.

الأمانة

يمكن تعريف الأمانة كوفاء لله يظهر من خلال الثقة والطاعة القلبية. الأمانة تتضمن الإيمان بأن الله هو حقاً ما يقول، ونخدمه بأمانة وحده دون آلهة أخرى ونطيعه بمحبة.

كما فعلنا مع العدالة والرحمة، سننظر إلى ناحيتين كان الملك من خلالهما ملزماً بالتشجيع على الأمانة، بدءاً بالعلاقة على المستوى الدولي. كان على ملوك إسرائيل أن يقودوا شعب الله نحو الأمانة لله بحيث تتوب الأمم المجاورة عن عبادتها الصنميةِ وخطيّتها، وتبدأ في خدمة الله. وقد تمّم الملوك هذا الدور بصورة خاصة عن طريق تأسيس عبادة أمينة في أمة إسرائيل، كما نرى في صلاة سليمان في تدشين الهيكل في 1 ملوك 8: 41-43. وهذا التفويض الشامل في تلمذة الشعوب وتهذيبهم مشار إليه أيضاً في مقاطع مثل المزمور 72: 8-11 وزكريا 8: 20-23.

بالإضافة إلى التشجيع على الأمانة لله على المستوى الدولي، كان على الملك أيضاً أن يشجّع على الأمانة على المستوى الوطني. كان على الملك أن يشجّع على الأمانة داخل أمة إسرائيل بصورة خاصة من خلال صون الطهارة في العبادة. والملوك الصالحون يوفرون الموارد والخطط للعبادة، وينظمون الموظفين، ويضعون سياسات لصيانة الهيكل، ويلعبون غالباً أدواراً هامة في احتفالات العبادة العامة. على سبيل المثال، قام داود بهذه الأمور في 1 أخبار الأيام 15 و16 و23 إلى 28.

إن التزام الملك بالتشجيع على الأمانة في إسرائيل أثر على الأمة بطرق عميقة. فقد كان الملك ممثلَ الأمةِ امام الله، وغالباً ما اختبر الشعب بركات عظيمة تحت قيادة الملوك الأمناء، وكانت الدينونة قاسية عندما كان الملوك غير امناء. فالله بارك الملوك الأمناء وازدهرت أمة إسرائيل إبان حكمهم، واتسعت حدودُها. أما الملوك غير الأمناء فكانوا يُعاقبون. في الواقع، يضع كتاب الملوك جزء من اللوم في سبي يهوذا على عصيان ملوك إسرائيل. استمع إلى كلمات الملك سليمان في 1 ملوك 9: 6-7:

إِنْ كُنْتُمْ تَنْقَلِبُونَ أَنْتُمْ أَوْ أَبْنَاؤُكُمْ مِنْ وَرَائِي، وَلاَ تَحْفَظُونَ وَصَايَايَ، فَرَائِضِيَ الَّتِي جَعَلْتُهَا أَمَامَكُمْ، بَلْ تَذْهَبُونَ وَتَعْبُدُونَ آلِهَةً أُخْرَى وَتَسْجُدُونَ لَهَا، ‏فَإِنِّي أَقْطَعُ إِسْرَائِيلَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا، وَالْبَيْتُ الَّذِي قَدَّسْتُهُ لاسْمِي أَنْفِيهِ مِنْ أَمَامِي، وَيَكُونُ إِسْرَائِيلُ مَثَلاً وَهُزْأَةً فِي جَمِيعِ الشُّعُوبِ. ‏(1 ملوك 9: 6-7)

مع الأسف، لم يكن كل ملك من ملوك إسرائيل أميناً لله، وغالباً ما تألم الناس نتيجة لذلك. لكن حتى عندما أُهمل الهيكل أو سقط الشعب في خطيّة عبادة الأصنام، فإن الملوك الأمناء نجحوا غالباً في القيام بإصلاحات وردّ الشعب إلى عبادة الله. وهذا ما حدث مع حزقيا في 2 ملوك 18: 1-8، ومع يوشيا في 2 ملوك 22: 1-23: 25. وقد شجّعت، بل قادت جهودهم الإصلاحية الشعب على الأمانة لله، ما جعل الله يبارك الأمة خلال حكم هؤلاء الملوك.

بعد أن استعرضنا مؤهلات ووظائف ملوك العهد القديم، صرنا مستعدين أن ننظر في التوقعات التي نشأت في العهد القديم حول الملك المستقبلي في إسرائيل.

التوقعات

ولّد العهد القديم الكثير من التوقعات حول الملوك المستقبليين، لا سيما حول الملك المسيحاني المميّز الذي أنبئ أنه سيحقق هدف الله في تأسيس ملكوته على الأرض. وبالطبع، يكشف العهد الجديد أن هذا الملك المسيحاني هو يسوع. من هنا، يجب أن ننظر إلى توقعات العهد القديم هذه مع بعض التفصيل.

سنتناول التوقعات بملك مستقبلي في إسرائيل والتي نشأت من مصدرَين: الأول، التطور التاريخي للملكية في العهد القديم؛ والثاني، النبوات المحدّدة المتعلقة بملك مستقبلي على إسرائيل. للنظر أولاً في التوقعات التي نشأت من التطور التاريخي للمَلَكية.

التطور التاريخي

سنبدأ بالنظر إلى الدور الحيوي الذي لعبته وظيفة الملك البشري في خطة الله قبل المَلَكية في إسرائيل، من زمن الخلق إلى زمن قضاة إسرائيل.

قبل الملكية

عندما خلق الله العالم، وضع آدم وحواء في جنة عدن ليخدماه كممثلين له فوق الخليقة. وقد أشار الله إلى هذا الدور للجنس البشري في تكوين 1: 26-27، حيث خطّط وخلق آدم وحواء على صورته.

في زمن العهد القديم كانت تعابير مثل صورة الله، شبه الآلهة، وابن الله مستخدمة بصورة عامة للإشارة إلى الملوك والأباطرة. وتعبّر هذه المصطلحات عن الاعتقاد بأن الملوك هم ممثلون أرضيون أو مندوبون عن آلهتهم. وكان دور الملك أن يضمن تتميم إرادة الله على الأرض. فعندما يدعو الكِتاب المُقدَّس آدم وحواء صورتين لله، فهذا يعني أمراً واحداً وهو أن الله عيّن الجنس البشري كله ليكونوا كممثلين له على الأرض. وبالمعنى الأوسع، خُلق كل البشر ليعيشوا كملوك، كملوك خدام لله يضمنون تتميم إرادته على الأرض. وهذه الفكرة أن الصور الإلهية تشير إلى ملوك، تساعدنا لنفسّر تكوين 1: 28، حيث أعطى الله هذا التفويض لوالدَينا الأَولَين:

وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: “أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ. (تكوين 1: 28)

أراد الله أن يحوّل الأرض بأكملها إلى ملكوته. فعيّن ممثلين له، الجنس البشري، ليملأوا العالم بممثلين إضافيين لله، وليمارسوا سلطانهم أو حكمهم على الخليقة بأكملها. وهذه الوصية تُسمى غالباً بالتفويض الحضاري لأنها تأمرنا أن نبني ملكوت الله عن طريق تأسيس حضارات وثقافات في كل العالم.

بعد سقوط آدم وحواء في الخطيّة، ابتعدا هما ونسلهما عن مسؤولياتهم الأصلية بحيث دان الله البشرية الخاطئة في طوفان نوح. لكن بالرغم من ذلك، لم يُلغِ الله الدور الملكي للبشرية في العالم. فبعد خروج نوح وعائلته من الفلك، أعاد الله التأكيد على التفويض الحضاري، آمراً كل ممثليه الملوك أن ينشروا الحضارة التي تكرّم الله في العالم.

لكن هذا التمثيل لله تبدّل بطريقة هامة في أيام إبراهيم. فقد فدى الله إبراهيم وجعله أباً لشعبه المختار، إسرائيل. وعلى الرغم من أن كل البشر كانوا ما زالوا ممثلين لله بالمعنى العام، فقد اختار الرب إبراهيم ونسله ليكونوا البكر بين كل عائلات الأرض. وقطع الرب عهداً خاصاً مع إبراهيم في تكوين 15 و17، مُشيراً إلى أن إسرائيل لها الدور الملكي الخاص في بناء أمة مقدسة لله. وهذه الأمة يجب أن تكون نقطة البداية لإعلان إرادة الله لكل الأمم الأخرى.

لاحقاً في التاريخ، بدأ الله في تتميم وعوده لإبراهيم عن طريق إرسال موسى ثم يسوع ليقودا بني إسرائيل. وخلال حكمهما، خلّص الله شعبه من عبودية مصر، وقواهم ليحتلوا كنعان، أرض الموعد، حيث سيصيرون أمة عظيمة من المفديين، ممثلي الله القديسين.

مع الأسف، فشلت إسرائيل في إتمام احتلال كنعان. لذلك بعد موت يشوع، تفككت الوحدة الوطنية وقاد الأسباط قضاة ولاويون مختلفون في فترة من الاضطراب الشديد. وعلى الرغم من أن الله بارك إسرائيل خلال تلك السنين، فإن قيادة القضاة واللاويين لم تكن مناسبة لتنقل إسرائيل إلى النجاح كالأمة القائدة لممثلي الله الملوك؟ ويوضح كاتب القضاة ذلك في كل كتابه. استمع إلى السطر الأخير في كتاب القضاة 21: 25:

فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ. كُلُّ وَاحِدٍ عَمِلَ مَا حَسُنَ فِي عَيْنَيْهِ. (القضاة 21: 25)

وترد تعليقات مماثلة في قضاة 17: 6، و18: 1، و19: 1. وهذا التكرار يشدّد على أن إسرائيل يمكنها أن تتقدم نحو الأمام كشعب الله المختار فقط تحت قيادة ملك بار يخدم كممثل مميّز عن الله.

في الحقيقة يبدو أنّ كتاب القضاة هو الأساس المنطقي لمجيء الملك. هناك حلقة تتكرّر في كتاب القضاة؛ يقوم قاضٍ، وتكون الأمور حسنة لبعض الوقت، ثمّ يقع الشعب في الخطيئة ويصرخون إلى الله فيقيم الله آخر مكانه. ومن الواضح أن الكاتب يريد أن يشدّد على أنّه هناك حاجة إلى ما هو أكثر استقراراً وأكثر اطمئناناً، ويتوق إلى حاكم وقائد بحسب قلب الله. وبالطبع تنطبق هذه الصفة تحديداً على داود، الملك الذي بحسب قلب الله، والذي كان بمثابة نموذج لما ينبغي أن يكون عليه الملك، ليس فقط لشعب إسرائيل حينها، لكن في الواقع للطريقة التي يمارس فيها الله حكمه على شعبه. كتاب القضاة هو إذاً نوعٌ من الجدل حول الحاجة إلى ملك، ملك يحكم تحت سلطة الله، ملك يرينا كيف يحكم الله على شعبه في ذلك الوقت وفي أيّامنا هذه. [د. سايمن فايبرت]

من المهم أن نضع كتاب القضاة ضمن خطّة الله الكاملة، على طول قصّة الخليقة بدءاً من تكوين وصولاً إلى مجيء يسوع المسيح. ويلقي كتاب القضاة نظرة إلى الوراء، إلى الإعلان السابق، عندما كان آدم بمثابة رمزٍ ملكيّ وعندما كان إبراهيم في العهد الإبراهيمي يتوقّع مجيء ملوك من نسله، وعندما أعطى موسى العهد القديم، وإلى تثنية 17 حيث نجد التوقّع بمجيء ملك. مع أنه في تلك المرحلة من خطة الله لم يكن الملوك الفعليون المنتظرون قد أتوا. من هنا فإنّ كِتاب القُضاة، بمعنىً ما، يُظهر الحاجة إلى قادة، الحاجة إلى حكام. نرى يشوع يستلم من موسى والقضاة من يشوع. لكن، حتى الآن لا وجود لملك أنبأ عنه الله. فذلك لم يتحقّق بعد. أما القضاة فهم بحسب قيادتهم، إن كانوا صالحين كانت حالة الشعب عادةً لا بأس بها، وإن كانوا أشراراً كانت حالة الشعب يُرثى لها، ولم يكن هناك ملك. ويخبرنا كتاب القضاة أنّه بمجيء الملك ستتحسن الأمور. وسيتحقّق ما جاء في العهد القديم. بعد ذلك، ننتقل بالطبع من القضاة إلى شاول وداود، نوعٌ من مملكة في مواجهة أخرى – المَلك الذي من الناس ضد المَلك الذي من الله -وهذا ما يقودنا مرّة أخرى إلى العهد الداوُدي، إلى الوعود بابن أعظم لداود. كلّ ذلك جزءٌ من خطة الله، يهيّئنا إلى مجيء الرب يسوع المسيح، مُظهراً ما سيكون عليه الملك الحقيقي بالمقابلة مع سائر الملوك، والحاجة إلى ملك يردّنا إلى ما خُلقنا لنكونه. وذلك كلّه جزءٌ من خطّة الله التي تقودنا إلى يسوع المسيح. [د. ستيفين وِلم]

الآن وقد نظرنا إلى أصل المُلك البشري في الأيام التي سبقت المًلكية، دعونا ننتقل إلى التطورات التاريخية إبان المَلَكية في إسرائيل.

الملكية

بحسب 1 صموئيل 8: 5-20، في نهاية فترة القضاة، تاق شعب إسرائيل إلى الاستقرار والنظام الذي وفّره الملوك عند الشعوب المجاورة. لكنهم رفضوا أن ينتظروا الله حتى يقيم لهم ملكاً في وقته الخاص. فطلبوا من الله أن يعطيهم مَلِكاً فوراً. واستجابة لطلبهم، أعطاهم الله شاول كالملك الرسمي الأول على إسرائيل.

من المهم أن ندرك هنا أن رغبة إسرائيل في ملك بشري لم تكن شريرة في ذاتها. فالله أعلن عدة مرات سابقاً بأنه خطّط لتصبح إسرائيل أمة قوية مع ملك بشري قوي. على سبيل المثال، في تكوين 17: 6، وعد الله إبراهيم أن ملوكاً سيتحدرون من نسله. في تكوين 49: 8-10، بارك يعقوب ابنه يهوذا بإعلانه أن واحداً من نسله سيملك على إسرائيل كملك. وكما رأينا سابقاً في هذا الدرس، وضع موسى الترتيبات المتعلقة بملوك إسرائيل في تثنية 17: 14-19. علاوة على ذلك، في صموئيل الأول 2: 10، قبل قليل من أن تلح إسرائيل على الله أن يعطيهم ملكاً، رفعت حَنَّةُ البارة صلاة نبوية أشارت فيها إلى أن الله سيقيم في النهاية ملكاً باراً على شعبه.

لكن على الرغم من خطط الله الصالحة للمُلك في إسرائيل، أخطأت الأمة برفضها الوثوق بالله وانتظار توقيته. ومن خلال تعيين الله لشاول ملكاً عليهم، أراد أن يؤدبهم جزئياً على هذه الخطيّة. ومع أن شاول جعل إسرائيل تتقدم في بعض النواحي، إلا أن تمرّده على الله جعل الرب يعزله هو وعائلته.

لكن بعد سقوط شاول، أعطى الله إسرائيل الملك الذي يحتاجونه، وذلك بتنصيبه داود ملكاً عليهم. ومثل سائر البشر الساقطين، كان داود خاطئاً. لكنه كان أيضاً رجلاً بحسب قلب الله. وساعد الله داود على توحيد الأمة، والانتصار على أعدائها، وإحلال الأمن والازدهار في إسرائيل. علاوة على ذلك، صنع الله عهداً مع داود بحيث يملك نسله دائماً على إسرائيل كملوك دائمين. ونقرأ عن ذلك العهد في مواضع مثل 2 صموئيل 7، وفي 1 أخبار الأيام 17، والمزمورَين 89 و132.

بعد موت داود، خلفه ابنه سليمان على العرش. من عدة نواحٍ كان عصر سليمان الأفضل في تاريخ ملوك إسرائيل. وقد وسّع أراضي إسرائيل، وزاد من ثروتها ومكانتها المرموقة. لكنه مع الأسف كسر شريعة الله بصورة خطيرة بعبادته آلهة نسائه الأجنبيات. لذلك قسّم الرب المملكة في أيام رحبعام ابن سليمان. والأجيال التي تلت كانت أقل أمانة لله، ما جعل كلا من إسرائيل ويهوذا يقعان تحت دينونة الله ويُسبيان من أرضيهما. فخضعت مملكة إسرائيل الشمالية إلى الأشوريين سنة 723 أو 722 قبل الميلاد. وسقطت مملكة يهوذا الجنوبية بيد بابل حوالي سنة 587 أو 586 قبل الميلاد. أما الملك الشرعي الأخير فكان يَهُويَاكِينُ سليل داود، المعروف أيضاً بيَكُنْيَا الذي خُلع عن عرشه وسُبي سنة 597 قبل الميلاد.

مع نهاية الحقبة الملكية، كان الله قد أعلن الكثير عن الملِك البشري. وبالمعنى الأوسع، كل البشر هم وكلاء لله على الأرض. أما بالمعنى الأضيق، كان لأمة إسرائيل مكانتها المميّزة كوكيلة لله، وكالعائلة البشرية المقدّسة التي دعيت لتكون نموذجاً للشعوب الأخرى. وبالمعنى الأضيق، قامت سلالة داود بلعب دور وكيل الله الرئيسي. فقد عيّن الله أبناء داود ليقودوا بني إسرائيل وبقية العالم في خدمة إرادة الملك الأعظم، الله نفسه.

الآن وقد نظرنا إلى التطور التاريخي لوظيفة المَلك قبل حقبة المُلك، لنفحص الفترة بعد المَلَكية، عندما كان إسرائيل ويهوذا في السبي ولم يكن هناك ملك من نسل داود.

السبي

وعلى الرغم من أن البابليين دمروا أورشليم وخلعوا وريث داود عن العرش، فإن الإمبراطور الفارسي كورش احتل بابل وقضى بمرسوم أن يعود كل بني إسرائيل إلى أرض الموعد. ونقرأ عن هذا التطور في 2 أخبار الأيام 36 وعزرا 1.

والسنين التي تلت مرسوم كورَش تدعى العودة من السبي. والذين عادوا أعادوا تكريس مذبح الله، وبنوا هيكلاً جديداً، وأعادوا بناء أسوار أورشليم. وفي فترة باكرة في حَجَّي 2: 21-23، أخبر النبي حَجَّي البقية التي عادت بأنهم إن كانوا أمناء، قد يُعيّن الله حاكمهم زَرُبَّابِلَ، الذي هو من سلالة داود، ملكاً على عرش داود. لكن الشعب لم يكن أميناً مع الله. فانتهى العهد القديم ببقية من بني إسرائيل يعيشون في أرض الموعد، مع رجائهم بالمجد مؤجَلاً إلى المستقبل.

في الفترة ما بين العهدين القديم والجديد، استمر ارتداد اسرائيل بتأخير عودة المُلك في إسرائيل. وهزمت المملكة اليونانية المملكة الفارسية ووقع بنو إسرائيل في فلسطين تحت حكمها. ولاحقاً هزمت الإمبراطورية الرومانية اليونانيين وسيطرت على أرض الموعد. وخلال كل تلك الفترة، لم يكن في إسرائيل ملكٌ معيّنٌ من الله.

والحالة المزرية لإسرائيل تحت طغيان الأشوريين والبابليين والماديين والفرس واليونان والرومان برهنت أمراً واحداً بوضوح: كانت الحاجة إلى أن يملك ابن بار لداود يضمن مستقبل أمة إسرائيل؛ فالأمة بحاجة إلى ملك من نسل داود ليتّمم دورها في العالم كشعب الله المختار. من هنا، استمر شعب الله الأمين بالنظر إلى المستقبل إلى الوقت الذي سيكرّم فيه الله عهده مع داود ويرسل الملك البار من نسله ليخلصهم من مضايقيهم ويحقق إرادة الله على العالم أجمع.

الآن بعد أن نظرنا إلى التطورات التاريخيَّة لوظيفة الملك في إسرائيل، لننظر في التوقعات المستقبلية للملك الذي قام بناء على نبوات محدّدة في العهد القديم.

النبوات المحددة

يحتوي العهد القديم على عدد كبير من النبوات حول الملك المستقبلي في إسرائيل بحيث لا يتسنى لنا ذكرها جميعها. لذلك، من أجل أهدافنا في هذا الدرس، سنذكر أربعة أفكار رئيسية فقط. الفكرة الأولى، أنبأ أنبياء العهد القديم بأن الله سيعيد سلالة داود الحاكمة إلى العرش.

يشدّد العهد القديم قبل كلّ شيء على أن المسيح الآتي سيكون ابن داود. طبعاً كان داود ذاك الملك العظيم في إسرائيل الذي وثق فعلاً بالربّ، وأحرز العديد من الانتصارات العظيمة، وأطاع الله بطرقٍ عديدة. طبعاً كانت له أيضاً بعض السقطات الهامة، لكن داود صار نموذجاً لما سيكون عليه المسيح المنتظر. الحاكم الذي سيجلب السلام للأمّة. وهكذا في الجزء الأخير من العهد القديم بعد وفاة داود، نرى توقّع مجيء ابنٍ لداود مرتبط خصوصاً بإحلال السلام والعدالة والسعادة. [د. توماس شراينر]

نرى في العهد القديم أن الشخصية التي صارت معروفة بالمسيح المنتظر، كانت ملكاً، ملكاً متحدّراً من نسل داود. فقد أعطى الله عهداً لداود وعَده فيه بأنّه في المستقبل، سيقيم ملكاً يكون بمثابة ابن لله بصورة فريدة، ويكون الله له أباً. وسيملك على عرش داود إلى الأبد، ويثبّت العدالة والبرّ. فبالفعل، عندما نشير إلى المسيح المنتظر في العهد القديم فإنّنا نشير إلى ملك. الملك النهائي، الذي سيأتي بخلاص الله وتحريره. [د. مارك ستراوس]

قال الأنبياء إن الله سيرسل في النهاية ابناً باراً لداود ليعيد الملك الداودي إلى إسرائيل. ونرى هذا في مواضع عدة، منها المزمور التاسع والثمانون، وإشَعياء 9: 7؛ 16: 5، 33: 25-26 وفي حزقيال 34: 23-24. كمثل واحد فقط، استمع إلى ما قاله الله على لسان النبي عاموس في عاموس 9: 11:

فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أُقِيمُ مِظَلَّةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ، وَأُحَصِّنُ شُقُوقَهَا، وَأُقِيمُ رَدْمَهَا، وَأَبْنِيهَا كَأَيَّامِ الدَّهْرِ. (عاموس 9: 11)

أما الفكرة الثانية، فهي أن الأنبياء أنبأوا بأن هذا الابن المستقبلي لداود سيعطي شعب الله الحرية والانتصار على أعدائهم. غالباً ما تكلم أنبياء العهد القديم عن زمن يتدخل فيه الله في التاريخ بشكل مثير ليغلب أعداءه لمصلحة شعبه الأمين. وعد الله بأن يُنزل الدينونة على كل الذين قاوموا طرقه، بمن فيهم غير الأمناء في إسرائيل. وقد ربط الأنبياء تكراراً هذا الانتصار بالوريث المستقبلي على عرش داود الذي سيتصرف كممثل لله. وهذه التوقعات أنبئ بها في مواضع مثل المزمور 132: 17-18، وفي إشعياء 9: 4-7، وإرميا 30: 5-17، وحزقيال 34: 2، وزكريا 12: 1-10. استمع على سبيل المثال إلى هذه النبوة في إرميا 30: 8-9:

وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ، أَنِّي أَكْسِرُ نِيرَهُ عَنْ عُنُقِكَ، وَأَقْطَعُ رُبُطَكَ، وَلاَ يَسْتَعْبِدُهُ بَعْدُ الْغُرَبَاءُ، بَلْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ إِلهَهُمْ وَدَاوُدَ مَلِكَهُمُ الَّذِي أُقِيمُهُ لَهُمْ. (إرميا 30: 8-9)

أما الفكرة الثالثة، فقد تنبأ أنبياء العهد القديم بأن هذا الابن المستقبلي لداود سيؤسس مملكة أبدية. علّم أنبياء العهد القديم باستمرار أنه عندما يملك ابن داود العظيم على إسرائيل، سيتمتعون ببركات الله إلى الأبد. والملك الذي من نسل داود سيجعل الأرض مثل السماء، ويعيش شعبه باستمرار في سلام وازدهار. وهذا التوقع يظهر في مقاطع مثل إشَعياء 55: 3-13، وحزقيال 37: 4 و25. على سبيل المثال، استمع إلى ما قاله إشعياء حول ابن داود المستقبلي في إشَعياء 9: 7:

لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ، لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ، مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هذَا. (إشعياء 9: 7)

أما الفكرة الرابعة، فهي أن الأنبياء علّموا أيضاً أن ابن داود المستقبلي سيؤسس مملكة تنتشر في كل العالم. مملكة داود المستقبلية ستكون بلا حدود ليس في الزمن فقط بل أيضاً في امتدادها الجغرافي. فهي ستمتد لتملأ الأرض كلها. وجميع الذين سيتوبون عن خطاياهم سيتمتعون ببركاتها بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم. ونرى أمثلة عن ذلك في المزامير 2، 68، 72، 110، 122. استمع إلى الطريقة التي يصف فيها دانيال 7: 13 هذه الناحية للمَلك المستقبلي وملكوته:

وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ … فَأُعْطِيَ سُلْطَاناً وَمَجْداً وَمَلَكُوتاً لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. (دانيال 7: 13)

واحدٌ من النصوص الرئيسية في العهد القديم لفهم دور المسيح المنتظر هو المزمور الثاني حيث نجد تنبّؤاً واضحاً بأنّ الله قد مسحَ ملكَه، مسحَه على صهيون جبلِه المقدّس. وحين تتمعّن في هذا المزمورِ يتّضحُ لك أنّ هذا الملكَ الذي سيمسحُه الله هو أيضاً هذا الذي سيكون الملكَ على الأمم. وستطيعُه جميعُ الشعوب. وهو شخصيةٌ ذات سلطانٍ حتى أنّ كلّ الأممَ وكلّ حكّامٍ الأرضِ يجب أن يتّعظوا ويعبدوا ويقبّلوا قدمَي الابنَ، هذا ما يقولُه المزمورُ الثاني. الموضوع هنا لا يقتصرُ على كونٍه المسيحَ مخلّصَ إسرائيل، مع أنّه كذلك، بل إنّ كونُه المسيحَ مخلّصَ إسرائيل جعلَه أيضاً ربّاً على العالمِ بأسره، الربَ الشرعيَ على العالمِ بأسرِه. فإحدى الأمورِ الرئيسيةِ التي يجب أن نفهمَها هي أنّ المسيحَ المنتظرَ كان بشراً، في الواقع هو إنسانٌ سيأتي وسيحكُمُ العالم. [د. بيتر واكر]

انتهى العهد القديم وهو يحمل آمالاً عظيمة بمُلك مستقبلي. فالله سيُرسل ابناً مميّزاً لداود، وكيل الله الأعظم. وسيهزم كل أعداء شعب الله. وسيؤسس مملكة أبدية على الأرض تضم جميع الذين سيخضعون لحكمه. وهذه المملكة ستتمّم قصد الله الأصلي للبشر بأن يكونوا ممثّلين لله؛ وستتمم هذه المملكة قصد الله الأصلي في شعب إسرائيل؛ وفي تثبيت عرش داود. وسيقوم ابن داود البار بتحويل العالم كله إلى ملكوت لله، ويطهّره من كل إثم، ويجعل شعبه ينعم بالسلام والازدهار إلى الأبد.

بعد أن استكشفنا خلفية العهد القديم لوظيفة الملك، أصبحنا مستعدين لننتقل إلى الموضوع الرئيسي الثاني: تتميم وظيفة الملك في يسوع.

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

القسم الأول: خلفية العهد القديم

مخطط لتدوين الملاحظات

المقدمة

I. خلفية العهد القديم

أ. المؤهلات

1. شريعة موسى

2. العهد مع داود

ب. الأعمال

1. العدالة

2. الرحمة

3. الأمانة

ج. التوقعات

1. التطور التاريخي

2. النبوات المحددة

أسئلة المراجعة

1. ما هي الوظائف التي تممها آدم؟ اشرح.
2. متى أُعطِيَت الإرشادات الخاصة بالملوك بين شعب الله لأول مرة؟
3. اذكر بعض متطلبات الملوك بحسب تثنية 17: 14-19.
4. لماذا كان من الممنوع أن يكون للملوك عدة زوجات؟
5. كان قصد الله دائمًا هو أن يكون لإسرائيل ملكًا من سبط _____________.
6. صِف مهام ملوك العهد القديم.
7. ما هي المواصفات الهامة الثلاثة من الناموس التي كان عن الملك أن يضمنها؟
8. كيف تظهر النعمة في الوصية الرابعة؟
9. ما هو “التفويض الثقافي”؟
10. أي الظروف أظهرت الاحتياج إلى ملك أثناء وقت القضاة؟
11. ما هو تعليم الدرس بخصوص رغبة إسرائيل في الحصول على ملك؟ هل كانت رغبة مقبولة؟ اشرح.
12. اذكر أول ملوك إسرائيل بالترتيب الصحيح.
13. انقسمت مملكة إسرائيل في أيام _____________.
14. ما هي التوقعات التي تأسست في العهد القديم بخصوص الملوك المستقبليين؟
15. الملك الأبدي الآتي كان يجب أن يكون من سبط _____________.

أسئلة تطبيقية

1. كيف يمكنك أن تعمق اتكالك على الله بدلًا من الاعتماد على الاستراتيجيات البشرية في ظروفك الحالية؟
2. هل أنت تميل أكثر إلى تطبيق العدل أم الرحمة عندما تتعامل مع أخطاء الآخرين تجاهك؟ هل أحدهما أهم من الآخر؟ اشرح إجابتك.

AJAX progress indicator
Search: (clear)
  • الثالوث
    تعبير لاهوتي يُستخدم للتعبير عن حقيقة أن الله جوهر واحد في ثلاثة أقانيم
الاختبارات
نؤمن بيسوع - الدرس الخامس - الامتحان الأول
Previous القسم
Back to الدرس
Next القسم

انجازك في الدورة

0% Complete
0/42 Steps

محتوى الدورة الدراسية

الدورة Home عرض الكل
ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: الفادي
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثاني: المسيح
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثالث: النبي
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الرابع: الكاهن
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الرابع
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الخامس: الملك
6 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الخامس
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس السادس: القراءات المطلوبة
3 الأقسام | 4 الاختبارات
متطلبات القراءة 1
متطلبات القراءة 2
متطلبات القراءة 3
العودة إلى نؤمن بيسوع

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in