مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / نؤمن بيسوع / الدرس الثالث: النبي

نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الثاني

الدورات الدراسية نؤمن بيسوع الدرس الثالث: النبي نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الثاني
الدرس Progress
0% Complete
 
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

التحقيق في يسوع
الشروط
الدعوة من الله

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES03_08.mp4
موضوعات ذات صلة
In the transfiguration, why did God only command the disciples to listen to Jesus?

نيل كلمة من الله
الوفاء لله
تأكيد صدق النبوات في تحقيقها

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES03_09.mp4
موضوعات ذات صلة
How can we be sure that Jesus will fulfill the prophecies about his return?

العمل
السلطان
المهمة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES03_10.mp4
موضوعات ذات صلة
Why did Jesus' gospel message focus on repentance and the kingdom of God?

الطرق
التوقعات
المنادي المرسل من الرب

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES03_11.mp4
موضوعات ذات صلة
Should Christians regularly confess and repent of our sins?

نبي مثل موسى
استرداد خدمة النبوة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES03_12.mp4
موضوعات ذات صلة
Is Jesus the prophet like Moses that was foretold in Deuteronomy chapter 18?
  • التحقيق في يسوع
    الشروط
    الدعوة من الله
  • نيل كلمة من الله
    الوفاء لله
    تأكيد صدق النبوات في تحقيقها
  • العمل
    السلطان
    المهمة
  • الطرق
    التوقعات
    المنادي المرسل من الرب
  • نبي مثل موسى
    استرداد خدمة النبوة

التحقيق في يسوع
الشروط
الدعوة من الله

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES03_08.mp3
Related Audio In the transfiguration, why did God only command the disciples to listen to Jesus?

نيل كلمة من الله
الوفاء لله
تأكيد صدق النبوات في تحقيقها

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES03_09.mp3
Related Audio How can we be sure that Jesus will fulfill the prophecies about his return?

العمل
السلطان
المهمة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES03_10.mp3
Related Audio Why did Jesus' gospel message focus on repentance and the kingdom of God?

الطرق
التوقعات
المنادي المرسل من الرب

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES03_11.mp3
Related Audio Should Christians regularly confess and repent of our sins?

نبي مثل موسى
استرداد خدمة النبوة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES03_12.mp3
Related Audio Is Jesus the prophet like Moses that was foretold in Deuteronomy chapter 18?
  • التحقيق في يسوع
    الشروط
    الدعوة من الله
  • نيل كلمة من الله
    الوفاء لله
    تأكيد صدق النبوات في تحقيقها
  • العمل
    السلطان
    المهمة
  • الطرق
    التوقعات
    المنادي المرسل من الرب
  • نبي مثل موسى
    استرداد خدمة النبوة

التحقيق في يسوع

يوضّح العهد الجديد أن يسوع هو نبي الله الأسمى والأكمل. فقد كان مؤهَّلاً تماماً لخدمة الله كسفير عهد الله المُفوَّض. فقد تمّم كل أعمال هذه الوظيفة. وفيه تتمّ كل توقُّعات العهد القديم النبوية.

سيركّز نقاشنا لموضوع تحقيق يسوع للوظيفة النبوية على الجوانب التي وصفنا بها أنبياء العهد القديم وعملهم، وخصوصاً الشروط اللازمة للوظيفة، وعملها، والتوقُّعات منها. ولنبدأ أولاً بالطريقة التي بها وفّى يسوع بمتطلّبات وشروط النبي.

الشروط

وكما رأينا مُسبقاً، كان على الأنبياء الحقيقيين أن يوفوا بأربعة شروط: كان ينبغي أن يكونوا مدعوّين من الله. وينبغي أن ينالوا كلمة من الله لينقلوها إلى الناس. وكان مطلوباً منهم أن يكونوا أوفياء للرب فلا يتكلّموا إلا بما أمرهم به. وكان يجب تأكيد صحة وصدق رسائلهم من خلال تحقيقها. وكما سنرى، فقد وفى يسوع بكل هذه المُتطلبات والشروط. وأولها، أنْ كان يسوع مدعوّاً من الله.

الدعوة من الله

دُعي يسوع بشكلٍ خاصّ من الله ليكونَ نبيَّه. يمكننا أن نرى هذا بوضوح تامّ في الأحداث التي حصلت في ولادته ومعموديته وتجلّيه. بدايةً، استمع إلى كلمات النبي سمعان الشيخ حين كان يسوع طفلاً في لوقا 2: 30-35:

لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ وَمَجْداً لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ … هَا إِنَّ هَذَا قَدْ وُضِعَ …َلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ… لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ. (لوقا 2: 30-35)

أعلن سمعان أنه من وقت ولادة يسوع، دُعي ربُّنا ليكون إعلاناً نبويّاً وعلامةً لشعبه.

وفي معمودية يسوع، أظهر الله الآب والروح القدس أن يسوع دُعي ليكون نبيّاً. ونقرأ في متّى 3 و4، ومرقس 1، ولوقا 3 و4 أن الآب تكلّم بصوتٍ مسموع، والروح القدس ظهر بهيئة حمامة لإظهار أن يسوع هو ابن الله الذي عُيّن للقيام بخدمةٍ خاصّة. في كل هذه الفصول، توضِّح معمودية يسوع أنه أُفرِز لخدمته العلنية، التي هي خدمة المناداة بالرسالة النبوية، رسالة التوبة ومجيء ملكوت الله.

ولكن الأمر الذي أظهر يسوع بصفته نبياً هو حادثة تجلّيه، الذي يُوصَف في متّى 17: 2-3:

وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ [يسوع] قُدَّامَهُمْ وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا … يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ. (متّى 17: 2-3)

ظهر يسوع مع أعظم نبيين في العهد القديم: موسى، معطي الشريعة والمقياس للذين سيتكلّمون بكلمة الله لشعبه، وإيليا، صانع المعجزات، الذي دعى في كرازته بيت داود الخائن إلى التوبة. ومجرّد وجود يسوع مع هذين الرجلين أظهر أنَّ يسوع كان نبياً عظيماً. ولكن لاحظ ما حدث بعد ذلك في متّى 17: 4-5:

فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: يَا رَبُّ جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ هَهُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ. لَكَ وَاحِدَةٌ وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ وَلإيلِيَّا وَاحِدَةٌ. وفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا. (متّى 17: 4-5)

أمر الله بطرس والتلميذين الآخرين بأن لا يسمعوا للنبيَين الآخرَين، بل فقط ليسوع. فكان عليهم أن يصغوا إلى يسوع أكثر من موسى وإيليا. وبهذا، أظهر الله نفسه أن يسوع كان النبي الأبرز في كل الأزمان.

من الملفت للنظر في رواية التجلي أن الله أمر أو حث تلاميذه أن يسمعوا ليسوع. أعتقد أنه من المهم أن ندرك أنه لم يعلمهم أن يتخلوا عن موسى أو إيليا، بل أن يعطوا الأولية ليسوع. والنقطة الأساسية برأيي في تلك اللحظة، كانت تأكيد حقيقة أن يسوع المسيح هو ذروة إعلان الله. وكان تقليد اليهود يقتضي باحترام موسى والاعتراف به كتجسيد للشريعة، وإيليا هو أحد أشهر الأنبياء.  ليس بمعنى أن الشريعة من الطراز القديم، أو أن الأنبياء هم كذلك. بالتأكيد نحن لا نريد أن نتخلى عن العهد القديم. لكن التشديد هنا هو على الطبيعة الجوهرية والمتفوقة والأسمى لإعلان يسوع المسيح. فالأمر هو بالحري شبيه بالفصل الأول في عبرانيين حيث تكلم الله إلينا مرات عديدة وبَطُرُق كَثِيرَةٍ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، لكننا الآن أتينا إلى الإعلان الأنقى والأكمل. فالله لم يرسل ملاكاً بل جاء هو بنفسه إلينا. وهذا كما أظن هو الرسالة الضمنية في أمر الله عند التجلي. [د. غلِن سكورجي]

فيما يختصّ بالشرط الثاني، قال يسوع على وجه التحديد إنَّه نال كلمة من الله ليتكلّم بها.

نيل كلمة من الله

خُذْ على سبيل المثال كلمات يسوع المُدوَّنة في يوحنا 14: 24:

وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. (يوحنا 14: 24)

وقد تكلّم يسوعُ بكلام مشابه في يوحنا 12: 49-14: 10 وأماكن أخرى. وفي الحقيقة، يُشار إلى يسوع في يوحنا 1 بكونه كلمة الله.

إن التعبير “كلمة” المستخدم في يوحنا الفصل الأول، هو الكلمة اليونانية “لوغوس” التي تباحث حولها اللاهوتيون عبر العصور، وقد يكون التفسير بأن المقصود هنا هو الفكر اليوناني الذي ينظر إلى الله كعقل أو حكمة صحيحاً، لكن من الواضح أن المفهوم “كلمة الرب”، أو كلمة الله، هو موضوع رئيسي في العهد القديم. وقد يكون يوحنا يستخدم هنا مفاهيم مستخدمة في الفلسفة اليونانية بشكل جزئي، لكنه في الواقع يشير إلى يسوع ككلمة الله، ومعلن الله الذي قال: “ليكن نور فكان نور”، تكلم فحدث. أراد يوحنا أن يقول ببساطة إنه عندما صار الكلمة بشرا وسكن بيننا، جاء بسلطان الله وإعلانه الذي مارسه أيضاً في كل العهد القديم. [د. سايمن فايبرت]

أولاً، يمكننا أن نرى أن كلمة الله هو شخص، هو الرب يسوع المسيح، وثانياً ككلام الله. لكن يوحنا يشير إليه “بكلمة الله” اللوغوس. وما يفعله في هذا المجال هو إبلاغنا أساساً دور ربنا في تعريفنا بالآب. والكاتب العبراني يخبرنا أن لا أحد رأى الرب في أي وقت، لكن يسوع المسيح الذي هو في حضن الله، جاء وأعلنه لنا. إذاً يسوع المسيح هو الإعلان الكامل عن الآب. [د. لاري كوكريل]

يوحنا إن كان قصده تبشيريا هنا، فهو يريد أن يعلن أن هذا هو كلمة الله والمساوي لله في طبيعته، ويجب أن يقبل الناس ذلك. بل أكثر، يريدنا يوحنا أن ننظر إلى يسوع كالإله المتجسد، الذي يعلن لنا كلمة الله. ويمكننا أن نثق بكلمته لأنها كلمة الله. [د. جون ماكينلي]

ثالثاً، وفى يسوع بشرط النبي بوفائه لله.

الوفاء لله

أصرّ يسوع طولَ فترة خدمته على أنه كان يتمّم ويعمل مشيئة الآب. فلم يقُل ولم يفعل إلا الأمور التي أمر الآب بها. هذا ما نراه في أماكن كثيرة، مثل يوحنا 5: 19 و30؛ و8: 28.

كما وضّح يسوع أن كل كلامه وأعماله كانت متوافقة مع أقوال وأفعال الأنبياء الذين أتوا قبله. فمثلاً، تكلّم مصادِقاً على خدمة يوحنا المعمدان في متّى 11: 9-14. وأكّد على خدمة النبي يونان في متّى 12: 38-45. ودشن خدمته في لوقا 4 بإعلانه أنه يتمّم كلام إشعياء 61 بمجيء نبي مسحه الله. وفي الحقيقة، أكّد يسوع بشكلٍ متكرّر وثابت على الحقِّ الذي تعلمه أسفار العهد القديم وعلى شرعيتها وصحّتها الدائمتَين. كما قال في متّى 5: 17:

لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأكَمِّلَ. (متّى 5: 17)

بهذه الطّرق وغيرها أظهر يسوع أن كلّ ما قاله وفعله كان إثباتاً لولائه الكامل لله.

وأخيراً، وفى يسوع بشرط تأكيد صحة وصدق رسائله النبوية من خلال تحقيقها.

تأكيد صدق النبوات في تحقيقها

كثيراً ما تُثبت الأناجيل أنَّ يسوعَ نبي حقيقي بالإشارة إلى أن نبواته تحقّقت. وفي بعض الأحيان، كانت كلماته تتحقّق فوراً ومباشرة، مثلما يُرى في نجاحه في السيطرة على الطبيعة، وفي إخراجه الشياطين، وفي شفاء المرضى، وفي إقامة الموتى. في هذه الحالات أطاع مناخ الطبيعة والشياطين والمرض، بل وحتى الموت، أوامره النبوية ذات السلطان فوراً. وفي مراتٍ أخرى، تحقَّقت نبواته لاحقاً، كما هو الحال في تنبّؤاته بشأن المستقبل. على سبيل المثال، في يوحنا 18: 9، كتب يوحنا هذا التعليق:

ليتمّ القول الذي قاله: إن الذين أعطيتَني لم أُهلِك منهم أحداً. (يوحنا 18: 9)

أشار يوحنا هنا إلى أمرٍ قاله يسوع في صلاته الكهنوتية في يوحنا 17: 12، وأشار إلى أن ما قاله يسوع قد تم.

كما أن ما تكلّم به يسوع عن موته الوشيك وإقامته تحقَّق أيضاً، كما نرى في مقاطع مثل متّى 16: 21، و20: 18-19، ويوحنا 18: 32. من خلال مثل هذه التحقيقات لأقواله، أظهر يسوع بأنَّه نبي حقيقي لله.

ولكنْ لم تتمّ كل نبوات يسوع في حياته على الأرض، إذ كثيرٌ منها يتعلَّق بالمستقبل، وفي بعض الأحيان بالمستقبل البعيد. وفي بعض الحالات، نقرأ عن تحقُّق بعض هذه النبوات في مُدوّنات التاريخ. فاستمع مثلاً إلى النبوّة التي أعطاها يسوع في لوقا 21: 5-6:

وَإِذْ كَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ عَنِ الْهَيْكَلِ إِنَّهُ مُزَيَّنٌ بِحِجَارَةٍ حَسَنَةٍ وَتُحَفٍ قَالَ: هَذِهِ الَّتِي تَرَوْنَهَا سَتَأْتِي أَيَّامٌ لاَ يُتْرَكُ فِيهَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ. (لوقا 21: 5-6)

قال يسوع إن هيكل اليهود سيُدمّر لأن اليهود رفضوا التوبة عن خطيتهم، ولكن الهيكل بقي قائماً حين مات يسوع. ولكنّه دُمِّر بعد فترةٍ قصيرة حين حاصر الرومان أورشليم وسلبوها عام سبعين ميلادية.

مِنَ الواضِحِ أنْ لَيْسَ كلُّ نُبُوّاتِ يَسوعَ قَدْ تَحَقَّقَت. فَمَثَلاً، هوَ لَمْ يَعُدْ بَعْدُ لِيَصِلَ بِمَلَكوتِ اللهِ إلى ذُرْوَتِهِ وكَمالِه. ولَكِنْ لَدينا الثِقَةَ التامَّةَ بأنَّ يسوعَ سَيُتَمِّمُ في النِهايَةِ كلَّ وعودِه. لأنَّنا في كُلِّ مَرَّةٍ فَحَصْنا بِها نُبُوّاتِهِ في ضَوْءِ الكِتابِ المُقَدَّسِ وبَقِيَّةِ التاريخِ، كانَتْ صِحَّةُ كَلامِهِ دائماً تَتَثَبَّتُ مِنْ خِلالِ تَحَقُّقِه. وَبِما أنَّ كلامَهُ كانَ صادِقاً دائِماً في الماضي، يَجِبُ أنْ نَتَوَقَّعَ أنْ يَصْدُقَ أيضاً في المُسْتَقْبَل.

أظنّ أنّ الثقة التي لدينا هي أنّه بالعودة إلى تاريخ العهد القديم نستطيع أن نرى كيف أنّ الله تمّم وعوده في المجيء الأول للرب يسوع المسيح. بدءاً من أول وعوده في تكوين 3: 15، ثمّ خطوةً خطوة في تاريخ الإعلان النبوي الذي بين أيدينا حين كان الله يستبق مجيء ابنه، المسيح المنتظر. كلّ ذلك قد حصل. كلّ ذلك قد تمّ ألفي عام من اليوم. وحين يقول يسوع بعد مجيئه وإتمام عمله إنّه سيعود وأنّ عودته ستحصل، نستطيع أن نثق من منطلق أنّ الله وفى بوعوده في الماضي أنّه سيستمرّ بالوفي بها في المستقبل. [د. ستيفين وِلَم]

بعد أن رأينا أن يسوع وفى بشروط الوظيفة النبوية، صرنا مستعدّين للنظر إلى تتميمه لمهمات وأعمال هذه الوظيفة.

العمل

كما قلنا حتى الآن في هذا الدرس، كان الأنبياء سفراء عهد الله. فقد فسّروا إرادته لشعبه، حاثّين إياهم على التوبة عن تمرُّدهم، وعلى خدمة الرب بكل ولاء وأمانة. وقد نظرنا بشكلٍ خاص إلى ثلاث نواحٍ في عملهم: سلطانهم، ومهمتهم، وطرقهم.

والآن، سنصف وظيفة المسيح كنبي بطرقٍ توازي وتقابل وظيفة الأنبياء في العهد القديم. أولاً، سنرى أنه كان ليسوع أيضاً سلطان باسم الله. ثانياً، سنرى أن مهمته كانت شبيهةً بمهمة أنبياء العهد القديم. وثالثاً، سنُظهِر أن أساليبه وطرقه كانت شبيهة بطرق أنبياء العهد القديم. لننظر أولاً إلى سلطان يسوع بأن يمثِّل الله.

السلطان

يوضِّح العهد الجديد بأنه كان ليسوع السلطان للتكلُّم باسم الآب. نرى هذا في مقاطع مثل يوحنا 7: 16-19؛ و12: 49-50؛ 14: 24. تكلّم يسوع في هذه المقاطع بالسلطان الذي منحه إياه الله الآب. فقال يسوع للجموع في أورشليم في يوحنا 7: 16-19:

تَعْلِيمِي لَيْسَ لِي بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي… مَنْ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ يَطْلُبُ مَجْدَ نَفْسِهِ وَأَمَّا مَنْ يَطْلُبُ مَجْدَ الَّذِي أَرْسَلَهُ فَهُوَ صَادِقٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمٌ. (يوحنا 7: 16-19)

وكون سلطان يسوع من الآب أمرٌ واضحٌ أيضاً في تعليمه بأن من يقبله يقبل الآب أيضاً، ومن يرفضه يرفض الآب أيضاً. وهذا واضحٌ في مقاطع كثيرة جداً، مثل متّى 10: 40؛ ومرقس 9: 37؛ ولوقا 9: 48؛ ويوحنا 13: 20؛ و12: 44. وكمثالٍ على ذلك، استمع إلى كلمات يسوع في لوقا 10: 16:

الَّذِي يُرْذِلُنِي يُرْذِلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. (لوقا 10: 16)

الذي يرفض الشخص المرسَل من الله وسفيره المُفوَّض سيدرك في النهاية صحة رسالة هذا المُرسَل. ولكن للأسف، حين يدرِكها سيكون قد فقد الفرصة للاستجابة. استمع إلى رواية مواجهة يسوع مع خصومه في يوحنا 8: 26-28:

إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ فَهَذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ.  وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. (يوحنا 8: 26-28)

بعد فهمنا لسلطان يسوع النبويّ، صِرنا قادرين على النظر إلى المهمة التي أُرسِل يسوع ليقوم بها.

المهمة

كما رأينا سابقاً، لأن الأنبياء كانوا سفراء عهد الله، فقد أُعطوا مهمةَ تذكير شعب الله بتفاصيل عهده، وتشجيعهم وحثّهم على إطاعة بنوده وشروطه. وفي دور يسوع كنبي، كانت هذه المهمة مُوكَلة إليه هو أيضاً. نرى هذا بشكلٍ خاصّ من الطريقة التي أعلن بها يسوع الخبر السارّ بأن المراحل الأخيرة لملكوت الله كانت آتية.

أولاً، في كلِّ تعليمه عن ملكوت الله، أعلن حقيقة مُلك الله وسلطانه، وبالتالي أكّد وجود عهد لله مع شعبه. نرى هذا في أماكن كثيرة، بما في ذلك الصلاة الربّانية في متّى 6: 10، حيث علّم يسوع تلاميذه بأن يصلّوا أن يأتي ملكوته إلى الأرض وأن تتم مشيئته.

ثانياً، أكّد يسوع أيضاً أن بنود العهد لا تزال قائمة، وأن الشعب لم يخضع لها. هذا واضح من حثّه الناس على التوبة عن خطاياهم، مثلما نرى في متّى 4: 17، ومرقس 1: 15.

ثالثاً، أكّد يسوع على عواقب العهد. فمثلاً، في الويلات السبعة التي نطق بها يسوع في متَّى 23، حثَّ يسوع شعب الله على إطاعة الله بقصد تجنُّب دينونته. وفي التطويبات التي تشكّل بداية العظة على الجبل في متّى 5: 3-12، حثّ يسوع شعب الله على أن يسألوا الله رحمته حتى ينالوا بركاته. استمع إلى تلخيص يسوع لمهمّته في بداية خدمته العلنية في لوقا 4: 17-21:

فَدُفِعَ إِلَيْهِ سِفْرُ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ. وَلَمَّا فَتَحَ السِّفْرَ وَجَدَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ مَكْتُوباً فِيهِ: رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ… فَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ: إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هَذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ. (لوقا 4: 17-21)

عرَّف يسوع عن نفسه هنا بصفته المنادي أو المعلِن عن استرداد ملكوت الله الذي أُنبئ به في إشعياء 61.

علّم إشعياء أنّه حين سيأتي الله بدينونته الأخيرة على أعدائه ولبسط ملكوته من خلال إسرائيل إلى كل العالم، فإنه سيبدأ عمله هذا من خلال نبيٍّ خاصّ. فسيُعلِن ذلك النبي الخبر السار أو الإنجيل بأن ملكوت الله قد أتى أخيراً. ومع إعلان النبي لهذه الأمور، سيذكّر شعب عهد الله بالتزاماتهم، حاثّاً إيّاهم على التوبة عن خطيتهم لتجنُّب عواقب الإخلال بالعهد، وعلى المثابرة والثبات في الأمانة والإخلاص للعهد لنوال بركات عهد الله. وبحسب شهادة يسوع نفسه، فقد كانَ ربّنا نفسُه ذلك النبي.

ما العلاقة بين الإنجيل وملكوت الله؟ إنّ أولى الكلمات التي دوّنها مرقس في الفصل الأوّل من إنجيله، هي “تمّ الزمان واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل”. إنّ الإنجيل هو الخبر السار الذي يعلن أنّ حكم ملكوت الله قد أتى إلى العالم. من هنا كل المعجزات التي صنعها يسوع كانت علامات لمجيء الملكوت. وإذ أتى حكم الله وملكوته، غفرت خطايانا. والعمي أبصروا، والعرج مشوا، والبرص طهروا، والأرواح الشريرة طردت، والموتى قاموا. هذا هو الخبر السار. والخبر السار في جوهره طبعاً، هو الصليب-موت المسيح وقيامته. لو لم يمت المسيح ويقم من الموت، لما استطاع أن يحرز لنا الخلاص. لما استطاع أن يغلب سلطان الموت. ولما رأينا ملكوت الله آتياً. لذلك، فالإنجيل هو أجمل بشرى. ومجيء ملكوت الله هو البركة الأعظم والفرح الأعظم اللذان عرفهما الجنس البشري. [د. بيتر تشو]

أحد الأسئلة الهامة في العهد الجديد، هو ما هي العلاقة بين ملكوت الله والإنجيل؟ هذه العلاقة تتضح عندما نبدأ نفهم أنّ ملكوت الله هو حكم الله وملكه في قلوب الناس رجالا ونساء، وأنّ هذا الحكم والملك يعلن ذاته في كلّ مجال من مجالات حياتنا. والسبيل إلى دخول هذا الحكم والملك هو من خلال رسالة الإنجيل، الإفانجليون الخبر السار، وهو أنّ المسيح قد وضع حياته عنّا على الصليب لمغفرة خطايانا. وأنه من خلال قوة الإنجيل المغيّرة، هم مدعوون لتغيير العالم الذي حولهم وإدخال عمل ملكوت الله إلى كلّ حيّز من حياتهم. [د. جِف لومان]

الآن، بعد أن نظرنا إلى سلطان يسوع النبوي ومهمته، لنلقِ نظرةً إلى الطرق التي استخدمها في إنجاز خدمته.

الطرق

مثل أنبياء العهد القديم، كانت طريقة يسوع الرئيسية لإتمام مهمّته النبوية هي المخاطبة. أي أنّه كان يعلِن مسؤولية الشعب تجاه عهد الله بشكلٍ رئيسي بإعلان كلام الله لهم. فاتهمهم باقتراف الخطية، وأمرهم بأن يتوبوا ويطيعوا إرادة الله المُعلَنة في الكتاب المُقدَّس، وحثّهم على أن يثابروا ويثبتوا في الأمانة، وحذَّرهم من الدينونة الآتية، وقدّم وعد البركات للأمناء المُخلِصين. كلّم يسوع بأمثالٍ، وأنبأ بالمستقبل. وصلّى وتضرّع لأجل شعب الله.

من الأمور المثيرة واللافتة أن أحد الأمور التي لم يعملها يسوع هو أنه لم يكتب تعاليمه لنا، لكنّ تلاميذه دوّنوها في كتب العهد الجديد. يحتوي العهد الجديد على أربعة أناجيل: متّى، مرقس، لوقا، يوحنا، وقد ذكرت هذه الأناجيل خطابات يسوع النبوية بالتفصيل.

ومثل أنبياء العهد القديم أيضاً، استخدم يسوع طرقاً كثيرة أخرى غير الخطاب في خدمته النبوية، طرقاً اعتمدت على أعمالٍ خاصة أكثر مِمّا اعتمدت على التواصل الكلامي. وربّما كانت أوضح طريقة أخرى استخدمها هي معجزاته. فقد عمل يسوع معجزاتٍ أكثر من أيِّ نبيٍّ آخر في تاريخ شعب الله. وأعمال يسوع المعجزية شهدت على شرعيته كسفيرٍ لله، وأظهرت تأييد الله ورضاه على كل ما قاله يسوع. هذا ما قاله يسوع في يوحنا 10: 25:

اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي. (يوحنا 10: 25)

كذلك قام يسوع بأعمال رمزية كما فعل أنبياء العهد القديم. على سبيل المثال قَبِلَ أن يعتمد على يد يوحنا المعمدان كعمل رمزي، في متى 3: 15-17. ومثل أنبياء العهد القديم، خاض يسوع معارك روحية. على سبيل المثال، انتصر في تجربته على إبليس في متى 4: 1-11، ولوقا 4: 1-13. وقد قام بطرد الأرواح الشريرة في مرقس 1: 25-26، و5: 13.

بِالنظَرِ إلى سُلْطانِ يَسوعَ النَبَوِيِّ وَمُهِمَّتِهِ النَبَوِيَّةِ وَطُرُقِ تَتميمِ خِدْمَتِهِ النَبَوِيَّةِ، نَسْتَطيعُ أنْ نَرَى أنَّهُ كانَ يَشْغَلُ وَظيفَةَ النَبِيِّ بِكُلِّ اسْتِحْقاقٍ وَجَدارَةِ. وَلِذا، فَنَحْنُ على يَقينٍ بأنَّ كلَّ ما تَنَبَّأَ بِهِ قَدْ تَمَّ، وأنَّ كَلِماتِ يَسوعَ أمينَةٌ وصادِقَةُ. وَلِذا، فإنَّنا مُلزَمونَ بالاستِماعِ إلَيْهِ وإِطاعَتِه. وبِالنِسْبَةِ لِلَّذينَ هُمْ جُزْءٌ مِنْ مُجْتَمَعِ العَهْدِ، فَإنَّ طاعَتَنا لِكَلامِ يَسوعَ تَقودُ إلى بَرَكاتِ عَهْدِ اللهِ، بَيْنَما يُؤَدّي عِصْيانُنا لِتَأْديبِه. وبالنِسْبَةِ لأولَئِكَ الذينَ لَيْسوا جُزءاً مِنْ شَعْبِ اللهِ، فإنَّ كَلامَ يَسوعَ النَّبَوِيَّ كانَ تَحْذيراً مِنَ الدَيْنونَةِ الآتِيَةِ على الذينَ يَرْفُضونَهُ، وَوَعداً بالحَياةِ لِلَذينَ يَتوبُونَ عَنْ خَطاياهُمْ ويَقْبَلونَهُ بالإيمان.

بعد أن رأينا أن يسوع وفّى بشروط النبي، وأتمّ عمل النبي، لننظر بإيجاز إلى تتميمه لتوقُّعات العهد القديم بشأن مستقبل وظيفة النبي.

التوقعات

قلنا في جزءٍ سابق من هذا الدرس إنّه في نهايات فترة العهد القديم كانت هناك ثلاثة توقُّعات على الأقل بشأن الأنبياء في المراحل الأخيرة لملكوت الله: سيكون هناك المنادي المرسل من الرب، وسيكون هناك النبي الأخير الذي مثل موسى، وسيكون هناك استرداد لخدمة النبوة. وكما سنرى، فقد تحقّقت هذه التوقُّعات في شخص يسوع المسيح وخدمته.

ولننظر إلى كلِّ واحدٍ من هذه التوقُّعات في يسوع، بدءاً من انتظار المنادي المُرسَل من الرب.

المنادي المرسل من الرب

أُنبئ عن المنادي المُرسَل من الرب في إشعياء 40: 3-5، حيث نقرأ هذه الكلمات:

صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: “أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلاً لإِلَهِنَا. كُلُّ وَطَاءٍ يَرْتَفِعُ وَكُلُّ جَبَلٍ وَأَكَمَةٍ يَنْخَفِضُ وَيَصِيرُ الْمُعَوَّجُ مُسْتَقِيماً وَالْعَرَاقِيبُ سَهْلاً. فَيُعْلَنُ مَجْدُ الرَّبِّ وَيَرَاهُ كُلُّ بَشَرٍ جَمِيعاً لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ”. (إشعياء 40: 3-5)

النّبي الخاصّ الذي تمّ الإنباء به وعنه هُنا كان متوقّعاً منه أن يُعلِن مجيء الرب، الذي سيهزم كل أعدائه ويستردّ المُلك الداودي.

وفي الحقيقة، كان يسوع نفسه الربَّ الذي أتى ليهزم أعداءه، والملك الوارث لعرش داود. كان الله يتمّم من خلال يسوع كل النبوات المُتعلِّقة بالأيام الأخيرة وملكوت الله. ولكن مَن كان المنادي أمامه؟ وكيف تحقّقت النبوة المتعلقة بالمنادي أمام الرب في يسوع؟ كان المنادي أمام يسوع، المُمهّد الطريق أمامَه، هو يوحنا المعمدان، الذي أعلَن مجيء يسوع. استمع إلى كلمات يوحنا المعمدان في إنجيل الرسول يوحنا 1: 23:

أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ. (يوحنا 1: 23)

عُيِّن يوحنا المعمدان ليعلن وصول الرب الذي سيأتي كمحاربٍ يهزم أعداءه ويبارك شعبه. والشخص الذي أعلن يوحنا المعمدان مجيئه ونادى به هو يسوع. استمع إلى الرواية التالية الواردة في إنجيل يوحنا 1: 32-34:

وَشَهِدَ يُوحَنَّا: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ [يسوع] لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لِأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرّاً عَلَيْهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هَذَا هُوَ ابْنُ اللَّهِ. (يوحنا 1: 32-34)

أنجز يوحنا المعمدان مهمته النبوية بإعلانه أن يسوع هو ابن الله الذي أتى ليثبّت ملكوت الله بهزيمة أعداء الله وردّ العرش إلى بيت داود.

التوقُّع الثاني في العهد القديم بشأن الخدمة النبوية في المستقبل، والتي تمّ في يسوع، كان توقُّع مجيء النبي الأخير الذي مثل موسى.

نبي مثل موسى

كلّم موسى شعب إسرائيل بهذه الكلمات في تثنية 18: 15:

يُقِيمُ لكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لهُ تَسْمَعُونَ. (تثنية 18: 15)

وفي أعمال 3: 22-23، علّم بطرس بوضوح أن يسوع هو النبي الذي مثل موسى، الذي كان العهد القديم يُنبئ به ويتوقّع قدومه.

عمل يسوع معجزاتٍ بدرجةٍ لم تُرَ منذُ أيّام موسى. وقد تنبّأ بمعرفة أعظم مِمّا كان لأي شخصٍ منذُ موسى. وكان يعرف الله وجهاً لوجه مثل موسى. وقد ضمن يسوع أن كُلَّ من يستجيبون لتعليمه النبوي يُحسَبون حافظين لعهده بشكلٍ كامل، وبالتالي يرثون كل بركات ملكوت عهد الله. ونقرأ في عبرانيين 3: 5-6:

وَمُوسَى كَانَ أَمِيناً فِي كُلِّ بَيْتِهِ كَخَادِمٍ، شَهَادَةً لِلْعَتِيدِ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِهِ. وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَكَابْنٍ عَلَى بَيْتِهِ. وَبَيْتُهُ نَحْنُ إِنْ تَمَسَّكْنَا بِثِقَةِ الرَّجَاءِ وَافْتِخَارِهِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ. (عبرانيين 3: 5-6)

في الحقيقة، يعلِّم العهد الجديد أن يسوع لم يكن أعظم نبي منذُ زمن موسى فحسب، ولكنه كان أعظم نبي على الإطلاق. تعلّم رسالة العبرانيين 1: 1-2 بأن عمل الله قبل يسوع كان يتمّ من خلال أنبيائه عبر فترةٍ طويلة من الزمن، وبأساليب وطرق مختلفة. ولكن في الأيام الأخيرة، أيام ردّ ملكوت الله، أعطانا الله إعلاناً أعظم من خلال ابنه، أعظم الأنبياء كلِّهم. وكما رأينا في يوحنا 1: 18، 14: 9، فقد كان يسوع أكمل إعلان وأوضح إعلان عن طبيعة الآب وإرادته وخلاصه. وفي الحقيقة، بحسب إنجيل يوحنا 1: 14، يسوع المسيح هو كلمة الله المتجسّد.

إنّ تفوّق إعلان يسوع على إعلان سائر الأنبياء الذين أتوا قبله يكمن في حقيقة أنّ يسوع لم يعلن كلام الله فحسب بل هو كلمة الله الذي صار بشرا. هو يجسّد كلمة الله. إنّ كلّ الأنبياء الذين سبقوه، مهما بلغت خدمتهم من الأهمية، لم يكونوا سوى ناطقين بكلام الله. وحين جاء يسوع، من المؤكّد أنّه كان الناطق بكلام الله، بشّر بملكوت الله؛ وعظ عن التوبة، وعن وصايا الله، لكنّه فعل ذلك كما لو كان بتجسّده جسّد أيضاً هويّة الله. [د. روبرت لِستر]

فحين أتى يسوع كنبي، وقد أتى كنبي وكاهن وملك، محقّقاً كلّ تلك الأدوار في إسرائيل، تمّم بذلك كلّ وظائف المسيح. وكنبيّ، هو الذي تنبّأ عنه موسى نفسه، بأنّه سيأتي نبيٌّ مثلي. وسيعمل حينئذٍ على ختم كلّ النبوات الأخرى. لأنّ السبب وراء كون الله قد كلّمنا أخيراً بابنه، هو أنّه لم يكن أيٌّ من سائر الأنبياء ابن الله، ولم يتمكّن أيّ منهم من استيعاب الإعلان الإلهي الكامل. ولكن يأتي الآن هذا الذي هو حقّاً إعلان الله. يأتي الذي يعرف الله لأنّه ابن الله. يعرف المخطّط الإلهي بكامله. يدرك قدسية الله. هو يعرف بالتحديد ما هو مطلوبٌ أن ينجز وفق رضى الله.  فهو يحمل في نفسه كلّ ما يهم الله، ويعرف كلّ ما يرغب به الله لأنّه هو ابن الله. ومن خلال لطف إعلان المسيح في شخصه، ومن ثمّ في أقواله، كنبينا، يظهر لنا أنّه ما من سؤال آخر نحتاج أن نسأله لم يعلنه المسيح نفسه، فهو حكيم كفاية لكي يدرك ما ينبغي أن يعلنه وما ينبغي أن يتكتّم عنه. وهو لديه المعرفة الكاملة الكافية ليهبنا الحقيقة المطلقة ويكون لنا المثال الكامل في كلّ ما صنع. إنّه النبي المثالي. [د. توماس نِتِلز]

لا نبالغ إن شدّدنا على كون أنّ يسوع هو تتميم الوظيفة النبوية. فهو أوضح وأثبت إعلان لإرادة الله ومقاصده، الإعلان الذي يكشف متطلّبات الله لاسترداد ملكوته ووعوده بتتميم هذا العمل.

الطريقة الثالثة التي نرى من خلالها توقُّعات العهد القديم بشأن الخدمة النبوية تتحقَّق في يسوع تتعلق باسترداد الخدمة النبويّة.

استرداد خدمة النبوة

وكما رأينا، فقد أنبأ العهد القديم بيومٍ سيزول فيه الأنبياء الكذبة وينتشر فيها الأنبياء الحقيقيون بكثرة وسط شعب الله. ومن خلال يسوع، بدأ هذا الوعد يتحقّق. فيما يتعلّق بتكثير الأنبياء الحقيقيين، بدأ هذا حين عيّن يسوع رسله الكثيرين للكرازة بالكلمة بقوة وسلطان في كلّ العالم. كما استمرّ هذا في يوم الخمسين حين سكب الله روحه على الكنيسة، فبدأ الجميع يتنبؤون بألسنة.

استمع إلى وصف هذا الحدث في أعمال 2: 4، متبوعاً بشرح بطرس في أعمال 2: 14-18:

وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا… فَوَقَفَ بُطْرُسُ … وَرَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ لَهُمْ: أَيُّهَا الرِّجَالُ الْيَهُودُ وَالسَّاكِنُونَ فِي أُورُشَلِيمَ أَجْمَعُونَ لِيَكُنْ هَذَا مَعْلُوماً عِنْدَكُمْ … هَذَا مَا قِيلَ بِيُوئِيلَ النَّبِيِّ. يَقُولُ اللهُ: وَيَكُونُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ أَنِّي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤىً وَيَحْلُمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَماً. وَعَلَى عَبِيدِي أَيْضاً وَإِمَائِي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي فِي تِلْكَ الأَيَّامِ فَيَتَنَبَّأُونَ. (أعمال الرسل 2: 4، 14-18)

أرسل الرّبّ يسوع روحه للكنيسة الأولى ليقوّيها للقيام بالخدمة النبويّة. مع أن الكنائس في أيامنا كثيراً ما تتجادل بشأن استمرارية الخدمة النبويّة، فإنه لا يمكن لأحدٍ أن يشك بأنها كانت خدمة قوية ومنتشرة بقوة، فاستخدمها يسوع في تأسيس كنيسته في الأيام الأولى من الملكوت.

ولكنْ ماذا بشأن النبوات الكاذبة؟ كيف تمّ إنباء العهد القديم بانتهاء النبوات الكاذبة في يسوع؟ فمقاطع كثيرة في العهد الجديد أشارت إلى أنَّ النبوات الكاذبة كانت مشكلة استمرّت في الكنيسة. ونرى هذا في متّى 7: 15، و24: 11 و24، و2 بطرس 2: 1، و1 يوحنا 4: 1، وعددٍ من المقاطع الأخرى.

الجواب عن هذه المسألة ذو شقّين. فمن ناحية، مع تكاثر عدد الأنبياء الحقيقيين تراجعت النبوات الكاذبة، فقد كان عليهم اكتشاف النبوات الكاذبة وإدانتها. استمع إلى تعليم الرسول بولس حول هذا الموضوع في 1 كورنثوس 14: 29:

أَمَّا الأَنْبِيَاءُ فَلْيَتَكَلَّمِ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ وَلْيَحْكُمِ الآخَرُونَ. (1 كورنثوس 14: 29)

أوضح الرسول بولس هنا أن أحد أعمال الأنبياء الحقيقيين في الكنيسة هو كشف النبوات الكاذبة واقتلاعها.

ومن ناحيةٍ أخرى، واضح أن النبوات الكاذبة والمُزيَّفة هي مشكلة مستمرّة. ولكنّ يسوع في النهاية سيُبطِل كلَّ الأنبياء الكذبة وكلامهم. وحين يعود ليدين العالم ويتمّم ملكوته ويوصِله إلى كماله، فإنّه سيُهلِك كل الأنبياء الكذبة بشكلٍ نهائي ودون إمكانية لعودتهم. وحتّى ذلك الوقت، فإننا نحيا مع حالةٍ من الكفاح ناتجة عن معرفة أن يسوع بدأ ملكوته وبدأ في كبح لجام النبوات الكاذبة، ورويدا رويدا سينزل الدينونة على الخدمة النبوية الكاذبة والمُزيَّفة لإبطالها في النهاية إلى الأبد.

يَسوعُ مُؤَهَّلٌ بِشَكلٍ كامِلٍ لِوَظيفةِ النُبوَّةِ، وقَدْ أَنْجَزَ أعمالَ النَّبِيِّ بِكُلِّ أمانَةٍ وَصِدْقٍ، كَما تَمَّمَ تَوَقُّعاتِ العَهْدِ القديمِ بِما يَتَعَلَّقُ بِوَظيفَةِ النَبِيّ. وهذا خَبَرٌ سارٌ. في العِهْدَ القديمِ وَعَدَ اللهُ بأنَّهُ يَوْماً سَيَقومُ نبيٌّ مِثلُ موسى لِيَقودَ شَعْبَهُ إلى الأمانَةِ والإخْلاصِ لِلْعَهْد. والآنَ، يَتِمُّ هذا الوَعدُ في يسوعَ المسيح. ولِهذا، فإنَّنا نَنْظُرُ إلى يَسوعَ ونُكرِمُهُ بِصِفَتِهِ أعظمَ نبيٍّ في كلِّ الأزْمانِ، ونُصْغي إلى كلامِهِ وَنُؤْمِنُ بِهِ، ونَخْضَعُ لِتَعاليمِهِ ونُطيعُها. ونحنُ نَعْمَلُ هذا لِثِقَتِنا بِأنَّ كَلِمَتَهُ النَّبَوِيَّةَ صادِقَةٌ، وأنَّها سَتَقودُ إلى التَمَتُّعِ الأبَدِيِّ بِبَرَكاتِ عَهْدِ الله.

بعد أن نظرنا إلى خلفية العهد القديم للخدمة النبوية وتتميم العهد الجديد لها، صرنا الآن مستعدّين لموضوعنا الثالث: التطبيق المعاصر لعمل يسوع المسيح النبوي.

 

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

القسم الثاني: التتميم في يسوع

مخطط لتدوين الملاحظات

II. التحقيق في يسوع

أ. الشروط

1. الدعوة من الله

2. نيل كلمة من الله

3. الوفاء لله

4. تأكيد صدق النبوات في تحقيقها

ب. العمل

1. السلطان

2. المهمة

3. الطرق

ج. التوقعات

1. المنادي المرسل من الرب

2. نبي مثل موسى

3. استرداد خدمة النبوة

أسئلة المراجعة

1. ما هو العمل الذي كان يعرِّف بأكثر وضوح يسوع كنبي؟
2. ما الذي كان يعنيه يوحنا بتلقيبه يسوع بـ”الكلمة”؟
3. قال يسوع في متى 5: 17 أنه لم يأتي لكي يلغي الناموس والأنبياء ولكن لكي “_____________”.
4. هل تمت كل النبوات عن يسوع أثناء حياته؟
بعد قراءته نبوة إشعياء 61 حول الشخص القادم الذي سيكون ممسوحًا من روح الله لإعلان الخبر السار، ماذا قال يسوع؟
6. ما هي الطرق النبوية التي استخدمها يسوع؟ أيها كانت طريقته الأولية؟
7. مَن الذي قام بعمل معجزات أكثر من أي نبي في تاريخ شعب الله؟
مَن كان “رسول الرب” في وقت العهد الجديد؟
9. بأي الطرق ضاعف يسوع عدد الأنبياء الحقيقين؟

أسئلة تطبيقية

1. كيف يؤثر تعليم هذا الدرس على طريقة قراءتك ودراستك للكتاب المقدس؟
2. كيف تساعدك معرفتك أن يسوع هو أعظم نبي في كل العصور في ظروفك الحالية؟
3. ما التشجيع والرجاء الذي يمكننا أن نستمده من تتميم يسوع للرسائل النبوية؟

AJAX progress indicator
Search: (clear)
  • الثالوث
    تعبير لاهوتي يُستخدم للتعبير عن حقيقة أن الله جوهر واحد في ثلاثة أقانيم
الاختبارات
نؤمن بيسوع - الدرس الثالث - الامتحان الثاني
Previous القسم
Back to الدرس
Next القسم

انجازك في الدورة

0% Complete
0/42 Steps

محتوى الدورة الدراسية

الدورة Home عرض الكل
ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: الفادي
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثاني: المسيح
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثالث: النبي
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الرابع: الكاهن
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الرابع
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الخامس: الملك
6 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الخامس
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس السادس: القراءات المطلوبة
3 الأقسام | 4 الاختبارات
متطلبات القراءة 1
متطلبات القراءة 2
متطلبات القراءة 3
العودة إلى نؤمن بيسوع

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in