مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / نؤمن بيسوع / الدرس الثالث: النبي

نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الأول

الدورات الدراسية نؤمن بيسوع الدرس الثالث: النبي نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الأول
الدرس Progress
0% Complete
 
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

المقدمة
خلفية العهد القديم
الشروط

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES03_01.mp4

الدعوة من الله
نيل كلمة من الله
الوفاء لله

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES03_02.mp4
موضوعات ذات صلة
What was the primary job of biblical prophets?

تأكيد صدق النبوات في تحقيقها

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES03_03.mp4
موضوعات ذات صلة
What was the main purpose of biblical prophecy?

العمل
السلطان
المهمة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES03_04.mp4
موضوعات ذات صلة
How did the process of prophetic inspiration work?

الطرق
التوقعات

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES03_05.mp4

التطور التاريخي

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES03_06.mp4
موضوعات ذات صلة
Why don't some prophecies in Scripture come to pass as predicted?

النبوات المحددة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES03_07.mp4
  • المقدمة
    خلفية العهد القديم
    الشروط
  • الدعوة من الله
    نيل كلمة من الله
    الوفاء لله
  • تأكيد صدق النبوات في تحقيقها
  • العمل
    السلطان
    المهمة
  • الطرق
    التوقعات
  • التطور التاريخي
  • النبوات المحددة

المقدمة
خلفية العهد القديم
الشروط

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES03_01.mp3

الدعوة من الله
نيل كلمة من الله
الوفاء لله

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES03_02.mp3
Related Audio What was the primary job of biblical prophets?

تأكيد صدق النبوات في تحقيقها

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES03_03.mp3
Related Audio What was the main purpose of biblical prophecy?

العمل
السلطان
المهمة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES03_04.mp3
Related Audio How did the process of prophetic inspiration work?

الطرق
التوقعات

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES03_05.mp3

التطور التاريخي

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES03_06.mp3
Related Audio Why don't some prophecies in Scripture come to pass as predicted?

النبوات المحددة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES03_07.mp3
  • المقدمة
    خلفية العهد القديم
    الشروط
  • الدعوة من الله
    نيل كلمة من الله
    الوفاء لله
  • تأكيد صدق النبوات في تحقيقها
  • العمل
    السلطان
    المهمة
  • الطرق
    التوقعات
  • التطور التاريخي
  • النبوات المحددة

المقدمة

حين يواجه الناس مشاكل أو تكون لديهم قرارات مهمّة عليهم أخذها والبتّ بشأنها، فإنّهم كثيراً ما يطلبون النصح من الآخرين. فإن كان الموضوع بسيطاً أو مألوفاً، فقد يطلبون النصح من العائلة أو الجيران بشأن ما عليهم عمله. ولكن حين يكون الموضوع كبيراً وله عواقب بعيدة المدى، فكثيراً ما يبحث الناس عن خبيرٍ، شخصٍ يمكن الوثوق به، ليقدِّم إرشاداً مدروساً وواعياً وحقيقياً بشأن ما ينبغي عمله. في تاريخ الكتاب المُقدَّس، كثيراً ما وفّر الله هذا النوع من الإرشاد الذي يمكن الاعتماد عليه تماماً من خلال أنبيائه. كان هؤلاء الرجال والنساء يطبّقون عهود الله بسلطان على الأوضاع التي كان الناس يواجهونها.

هذا هو الدرس الثالث في سلسلتنا نؤمن بيسوع، وقد أعطيناه عنوان النبي. سنستكشف في هذا الدرس الطرق التي بها تمّم يسوع وظيفة النبي، مُطبِّقاً عهود الله على حياتنا بسلطان.

كما ذكرنا في درسٍ سابق، فإن الله في العهد القديم عيّن ثلاث وظائف أدار بها شؤون مملكته، وهذه الوظائف هي: النبي والكاهن والملك. وفي المرحلة الأخيرة من ملكوت الله، وندعوها بشكلٍ عام بعصر العهد الجديد، تجد هذه الوظائف الثلاث تتميمها بأسمى أشكاله في المسيح. ولهذا، فإن دراسة أهمية هذه الوظائف وعملها عبر التاريخ يمكن أن تساعدنا في فهم كيفية إدارة يسوع لملكوت الله في الوقت الحالي، وكذلك في فهم بركات أتباعه الأمناء والمسؤوليات المُلقاة على أكتافهم.

معظم الناس حين يسمعون الكلمة “نبي”، يميلون للتفكير بشخصٍ يتنبّأ بشأن المستقبَل. وفي الحقيقة هذا ينطبق حتّى على معظم المؤمنين. ولكنْ، مع أن أنبياء الكتاب المُقدّس كانوا أحياناً يُنبِئون بالمستقبل، فإن هذا لم يكن نقطة تركيزهم الأولى. ولكن الأمر الأساسي والأكثر أهمية هو أن أنبياء الله كانوا سفراءه. فقد كانت مهمتهم شرح عهود الله، وحثّ شعبه على أن يكونوا أمناء له. وقد كان هذا جوهر عمل يسوع النّبوي. انسجاماً مع هذا الفهم لما كان الأنبياء يعملونه، نعرِّف النبي باعتباره:

سفير عهد الله الذي يُعلِن كلمة الله ويطبِّقها، ويسعى بشكلٍ خاصّ للتحذير من الدينونة على الخطية، ويحثّ على خدمة الله وعبادته بأمانةٍ وإخلاص مِمّا يؤول إلى اختبار بركاته.

سيعالج درسنا ثلاثة مواضيع تتعلَّق بيسوع كنبي: أولاً، فحص خلفية العهد القديم عن وظيفته النبوية. ثانياً، كشف تعليم العهد الجديد حول تحقيق هذه الوظيفة في يسوع. ثالثاً، النظر إلى التطبيق المعاصر لعمل يسوع المسيح النبوي. لنبدأ بخلفية العهد القديم التي توفِّر أرضيةً ننطلق منها لفهم وظيفة يسوع المسيح النبوية.

خلفية العهد القديم

حين نفكِّر نحنُ المؤمنين بيسوع المسيح باعتباره نبيّنا، فإنّه ضروريّ ومهم أن نتذكّر أنه لم يكن أول نبي خدم الله وعهده. فعبر التاريخ الكتابي، خدم مئاتٌ من الرجال والنساء كأنبياء للرب. لم يكُن هؤلاء مساوين ليسوع بالسّلطة أو القوّة، ولكنّ خدمتهم كانت بمثابة الظّلّ أو الرمز للكيفية التي تمّم يسوع بها هذه الوظيفة الخاصّة بالملكوت. ولذا، إن أردنا أن نفهم ما عمله يسوع كنبي، فمن المفيد أن نبدأ بالنظر إلى الأنبياء الذين أتوا قبله.

ينقسم حديثنا عن خلفية العهد القديم لوظيفة يسوع النبوية إلى ثلاثة أقسام: أولاً، شروط وظيفة النبي. ثانياً، عمل الأنبياء. ثالثاً، التوقُّعات التي أوجدها العهد القديم بشأن هذه الوظيفة. لننظر أولاً إلى شروط وظيفة النبي.

الشروط

كما سبق فاقترحنا، فإن أنبياء العهد القديم كانوا سفراء عهد الله أو مبعوثيه. أعلن الله في عهوده عن نفسه بأنه الإمبراطور العظيم لشعبه، وقد عمل أنبياؤه كمبعوثين أو رسلاً مفوَّضين لدى بلاطه الملكي في السماء. فأتوا بكلمة الله لشعب إسرائيل وللأمم الأخرى، وحثّوهم على أن يكونوا أمناء لله باعتباره ملكهم.

وبطبيعة الحال، فقد كان لدى كثيرٍ من الأمم والدول المحيطة بإسرائيل أنبياؤهم الخاصّون الذين كانوا يشابهون أنبياء الله الحقيقيين في بعض الأمور الشكلية السطحية. ولكن هؤلاء الأنبياء الكذبة كانوا يستخدمون الخداع والخرافات والقوى الشيطانية ليمثّلوا آلهتهم المُزيَّفة الكاذبة.

كان الأنبياء الكذبة في أزمنة الكِتاب المُقدَّس، سواء أفي فلسطين او في الدول المجاورة، يتكلمون ويفعلون ويشبهون الأنبياء الحقيقين من حيث المظهر والتصرفات، لكن أعتقد فوق كل شيء، أن الأمر البارز عندما تنظر في الكِتاب المُقدَّس في كتب مثل الملوك وأخبار الأيام وكتب نبوية أخرى هو حقيقة أن أنبياء العهد القديم يميّزون أنفسهم كأنبياء حقيقيين من الآخرين، لأنهم يتكلمون باسم الرب نفسه. ولا ينتهكون ما قاله الرب في كلمته. ولا ينتهكون ما قاله الأنبياء الحقيقيون الآخرون، وهم يميّزون أنفسهم بهذه الطريقة. ورغم أنّهم كانوا عادة يتصدون للمعتقدات الشعبية، فقد كانت هناك مع الأسف فترة، لا سيما في شمال إسرائيل، كان فيها الأنبياء يتقاضون أجراً. فعندما قال عاموس في الفصل 7، “لَسْتُ أَنَا نَبِيّاً وَلاَ أَنَا ابْنُ نَبِيٍّ” قصد بقوله لرئيس الكهنة في المملكة الشمالية، أنه لا يتقاضى راتباً من الملك أو من رئيس الكهنة. فأنا لست نبياً، أي أني لا أمتهن النبوة، ولا ابن نبي أي لست في مدرسة الأنبياء. وبالتالي لا تقدر أن تقول لي ماذا أفعل. قال عاموس ذلك هو لأن رئيس الكهنة قال له أن يذهب إلى البيت ويتوقف عن إزعاجهم هناك في الشمال. عد إلى الجنوب. لكن عاموس أجاب لا أقدر لأن الرب أمرني أن أفعل ذلك. وغالباً ما نرى أنبياء مثل إرميا وميخا يواجهون أولئك الأنبياء الكذبة الذين يتقاضون راتبهم من الملك. إذاً الأنبياء لا يتقاضون راتباً من الملك. ولا يتقاضون راتباً من الكاهن. لذا هم يقفون ليشهدوا للرب في وجه أشخاص مثل الملوك والكهنة عندما يسيئون معاملة الشعب بما يمارسون من الشر والجرائم. [د. ريتشارد برات الابن]

في عالمٍ كثُر فيه الأنبياء الكذبة، كان من المهم أن يكون بنو إسرائيل قادرين على التمييز بين أنبياء الله الحقيقيّين والأنبياء الكذبة. ولذا، حدَّد العهد القديم عدة أوصافٍ وشروط لأنبياء الله الصادقين.

ترد المواصفات المطلوبة التي تحدّد صحة الأنبياء في تثنية 18: 17-22، حيث كتب موسى هذه الكلمات:

قَالَ لِيَ الرَّبُّ… أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ… وَأَمَّا النَّبِيُّ الَّذِي يُطْغِي، فَيَتَكَلَّمُ بِاسْمِي كَلاَماً لَمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، أَوِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى، فَيَمُوتُ ذلِكَ النَّبِيُّ… فَمَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحْدُثْ وَلَمْ يَصِرْ، فَهُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّبُّ. (تثنية 18: 17-22)

نستطيع أن نرى في هذا المقطع أربع مواصفات أو شروط على الأقلّ لأنبياء الله الحقيقيين. فكما علّم موسى هنا، فإن الأنبياء الحقيقيين مدعوّون من الله. وأُعطي هؤلاء كلمة الله ليكلّموا الناس بها. وأظهروا ولاءهم لله بالتكلُّم باسمه فقط بحسب أوامره. وقد تأكّدت صحة خدمتهم من خلال تحقيق رسالتهم.

ستركّز دراستنا لشروط أنبياء العهد القديم على كلّ واحدةٍ من المتطلّبات الأربعة التي ذكرها موسى: أولاً، ينبغي أن يكون الأنبياء الحقيقيون مدعوّين من الله. ثانياً، ينبغي أن ينالوا كلمةً من الله لينطقوا بها. ثالثاً، ينبغي أن يكون الأنبياء أوفياء لله بحيث لا يتكلّمون إلا بحسب أمره. رابعاً، ينبغي أن يتم تأكيد صحة وصدق خدمتهم من خلال تحقيق رسالتهم. وسننظر إلى كل واحدٍ من هذه المعايير والامتحانات بتفصيل أكثر، بدءاً من حقيقة أن الأنبياء الحقيقيين مدعوّون من الله.

الدعوة من الله

دعا الله في العهد القديم كثيرين ليخدموه كأنبياء له. لم تكُن تلك الدعوة مُجرّد دعوةٍ كما إلى حفلٍ أو عشاء، ولكنّها كانت حثّاً وأمراً إلهيين. فالله، الملك الإلهي، أمر أحد مواطنيه بأن يعمل سفيراً ومبعوثاً له. نرى هذا الأمر الإلهي في كلِّ مرةٍ يدوّن فيها العهد القديم دعوة نبي. فمثلاً، انظر إلى دعوة النبي حِزْقِيال، المدوّنة في حِزْقِيال 2: 1-2:

فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ، قُمْ عَلَى قَدَمَيْكَ فَأَتَكَلَّمَ مَعَكَ. فَدَخَلَ فِيَّ رُوحٌ لَمَّا تَكَلَّمَ مَعِي، وَأَقَامَنِي عَلَى قَدَمَيَّ فَسَمِعْتُ الْمُتَكَلِّمَ مَعِي. (حِزْقِيال 2: 1-2)

نرى هنا أنه حين أمر الله حِزقيال بأن يقف، وسمع حِزقيال هذا الأمر، أرسل الله روحه ليضمن امتثال حِزقيال للأمر. كان الله يمارس حقه بالاختيار النابع من سلطته بصفته الملك السماوي لشعبه كلما قام بدعوة شخص للخدمة النبوية.

كثيراً ما وجّه الله الدعوة للخدمة النبوية للنبي مباشرة، وغالباً ما كانت هذه الدعوة بصوتٍ مسموع. فدعا الله صموئيل بشكلٍ مباشر في 1 صموئيل 3، ودعا إشَعياء في إشَعْياء 6، ودعا عاموس في عاموس 7، وإرميا في إِرْمِيَا 1.

ولكن في أماكن أخرى، نرى الله يدعو الأنبياء بشكلٍ غير مباشر، وذلك بأن يخبر نبيّ نبيّا آخر بهذه الدعوة. فمثلاً، في 1 ملوك الأول 19: 16، أمر الله النبي إيليا بأن يكلّف أليشع ليكون خليفته. تلقي هذه الدعوة المُفوَّضة ضوءاً على “مدرسة الأنبياء” أو “بني الأنبياء”، ويرد ذكرها في مقاطع مثل 1 ملوك 20، و2 ملوك 2، وهي مجموعاتٌ من الأنبياء كانت تتمحور حول نبي دعوته الإلهية أكيدة وواضحة. ولكن سواء أكانت الدعوة تأتي للنبي مباشرةً من الله أم من خلال خادمٍ لله مُفوَّض، فإن دعوة النبي في جوهرها تأتي بمبادرة من الرّبّ. فمن دون دعوة الله فوق الطبيعية، لا يمكن لأحد أن يصير نبياً، بغض النظر عن نيّاته ومقاصده الصالحة، وتكريسه لله، أو معرفته بكلمة الله.

بالإضافة لكون أنبياء العهد القديم مدعوّين من الله، فقد كان يجب أن ينالوا كلمة من الله لينطقوا بها.

نيل كلمة من الله

أوحى الروح القدس للأنبياء بأن يتكلّموا بكل ما يأمرهم به الله. كان الأنبياء الحقيقيون يطيعون الله حين كانوا يتنبأون. ولكن حين نقارن الطرق التي تكلَّم بها الأنبياء المختلفون، نرى أن الوحي الإلهي لم يكن يعني أن كلامهم كان خارجاً عن سيطرتهم. بل على العكس، كان الروح القدس يستخدم شخصيات ووجهات نظر الأنبياء حين كان يقدّم رسالته النبوية المعصومة من الخطأ من خلالهم. ومن هذه الناحية، كان وحي النبوة مطابقاً لوحي كل الأسفار المُقدَّسة. استمع إلى الطريقة التي تكلّم بها بطرس عن وحي الروح القدس للأنبياء في 2 بطرس 1: 20-21:

أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.‏ (2 بطرس 1: 20-21)

كما نرى هنا، فإن الروح القدس أشرف عن قربٍ على كلمات الأنبياء الحقيقيين في العهد القديم. وقد ضمِن هذا أن تكون أقوالهم ذات سلطة ومعصومة من الخطأ.

عمل الروح القدس من خلال شخصية النبي المحدّد الذي اختاره ومن خلال وجهة نظره. وأعتقد أن الإطار التقليدي لفهم ذلك لاهوتياً هو “الوحي الطبيعي”، أي أن الله كان يعمل من خلال خدّامه، وأنبيائه، ويستخدم شخصياتهم، ووجهات نظرهم الخاصة، ويستخدم كونهم مثقفين أو أميين من أجل أهدافه. وهذا يجعلنا نفكر بعقيدة التقديس ونفهم كيف أن الله يأخذ البشر، والأشياء الأرضية، والمادية، ويقدّسها من أجل أهدافه ليستخدمها من أجل قصده الخاص. ويفعل ذلك بالأنبياء أيضاً. لكن رغم ما ذكرت، فأحيانا نجد في الأدب النبوي كيف يملي الله كلامه على الأنبياء، مثل: عليك أن تذهب وتقول للشعب، ويذهب إشَعياء وإِرْمِيَا وحِزْقِيَال، وينطقون بما أمرهم الرب. من هنا توجد نقاط في الأدب النبوي حيث يملي الله كلامه على الأنبياء، لكن في الوقت نفسه، يستخدم الله هويتهم، ولا يهيمن على شخصياتهم في إنتاجه عمله النبوي لإسرائيل، إسرائيل القديمة، والكنيسة. [د. مارك غينيليت]

الصفة أو الشرط الثالث لأنبياء العهد القديم هو وفاؤهم للرب، وهو ما يُرى في انسجام نبوّاتِهم مع شريعته.

الوفاء لله

مع أن كلامَ الأنبياء لم يُملَ عليهم إملاءً من الله، فإن الروح القدس لم يعطِهم حريةً مُطلقة ليقولوا ما شاءوا مهما كان. فلم يكن عليهم أن يُوصِلوا ما أمرهم الله بقوله فحسب، ولكنْ كان عليهم أيضاً أن يتأكّدوا من كون نبوّاتهم تتّفق مع إعلان الله الموجود أصلاً، خاصّةً المُدوَّن في الكتاب المُقدس. استمع إلى ما يقوله النبي موسى في تثنية 13: 1-4:

إِذَا قَامَ… نَبِيٌّ… وَأَعْطَاكَ آيَةً أَوْ أُعْجُوبَةً وَلوْ حَدَثَتِ الآيَةُ أَوِ الأُعْجُوبَةُ التِي كَلمَكَ عَنْهَا قَائِلاً: لِنَذْهَبْ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى… وَنَعْبُدْهَا فَلا تَسْمَعْ لِكَلامِ ذَلِكَ النَّبِيِّ أَوِ الحَالِمِ… لأَنَّ… وَرَاءَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ تَسِيرُونَ وَإِيَّاهُ تَتَّقُونَ وَوَصَايَاهُ تَحْفَظُونَ وَصَوْتَهُ تَسْمَعُونَ وَإِيَّاهُ تَعْبُدُونَ وَبِهِ تَلتَصِقُونَ. (تثنية 13: 1-4)

علّم موسى أمراً بالغَ الأهمية هنا: حتّى لو كان النبي يستطيع أن يعمل معجزات ويُنبئ بالمستقبل، ينبغي رفضه إن تعارض ما يعلّمه مع وصايا الله وأوامره.

نرى هذا التشديد أيضاً في مراثي إرميا 2: 13-14، حيث عبّر إرميا عن حزنه لتضليل الأنبياء الكذبة في إسرائيل الشعبَ. قال إرميا إن هؤلاء الأنبياء لم يُعلِنوا الإثم، أي أنّهم أبدوا موافقةً لمخالفة الشعب لشريعة الله. وبدلاً من محاسبة الشعب وحثّه على إطاعة عهد الله وحفظه، شجّعوا العصيان. وبهذه الطريقة أظهروا أنّهم كانوا أنبياء كذبة.

وأخيراً، الشرط الرابع لأنبياء العهد القديم هو تأكيد صحة وصدق نبوّاتهم من خلال تحقيقها. أي أنه ينبغي أن تُرى تنبؤاتهم بشأن المُستقبل تتحقّق ويكون ثمة شهود على إتمامها.

تأكيد صدق النبوات في تحقيقها

استمع إلى كلمات موسى في تثنية 18: 22:

فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ. (تثنية 18: 22)

يمكن الاعتماد على كلام كل أنبياء الله، لأنهم نقلوا بدقّة كلام الله. إن طبيعته تعالى ووعود عهده تستحق الثقة التامّة بها. النبوات التي مصدرها الله تتحقّق لأن الله يملك القوة والحقّ لجعلها تتحقّق بالطريقة التي يريد، ولأنه ملتزمٌ بأن يحفظ كلامه.

في بعض الأحيان، كان يتم التأكيد على صحّة النبوّات بتحقُّقها السريع نسبياً. فمثلاً، في 1 ملوك 17: 1، أعلن النبي إيليا أنه لن يكون مطرٌ أو طلٌّ إلى أن يقول بغير ذلك. ونعرف من 1 ملوك 18 أن الجفاف استمرّ ثلاثَ سنين إلى أن أنهاه الرب بإنزال المطر. وفي 2 ملوك 7: 17-20 نرى تحقيقاً فورياً لنبوة أليشع عن موت جندي الملك.

لكن في مراتٍ أخرى، لم تكُن النبوّات تتحقّق بالسرعة نفسها. فمثلاً، أنبأ نبي حقيقي حوالي العام 930 ق. م. بولادة يوشيا، الذي سيكون وارثاً أميناً لبيت داود. هذه النبوّة مُدوَّنة في 1 ملوك 13: 2. ولكن الطفل الذي أُنبئ بولادته لم يُولَد إلا حوالي عام 630 ق. م.، أي بعد 300 سنة تقريباً من النبوة، ونقرأ عن ذلك في 2 ملوك 22: 1. والنبوّات التي قيلت عن ولادة يسوع المسيح تحقّقت بعد فترةٍ أطول بكثير أيضاً.

ويلزمنا هنا أن نتوقّف لنذكر أنّه في بعض الأحيان حتى كلمات الأنبياء الحقيقيين لم تتحقّق بالدقّة التي كتبوا بها. ولكنْ كيف يمكن لهذا الأمر أن يحدث في ضوء تعليم موسى؟ للإجابة عن هذا السؤال، من المهم أن ندرِك أنّنا حين نقرأ نبوّات العهد القديم يتكوّن لدينا انطباع خاطئ بشأن ما تُنبئ به. فمع أنّ كثيرين يظنّون أن الأنبياء أنبأوا بالمستقبل بيقين مُطلَق، فالحقيقة هي أن هذا كان نادرَ الحدوث.

في معظم الأحوال، كان الأنبياء يحذِّرون من اللعنات التي ستأتي إن استمرّ الشعب في الخطية، وكانوا يؤكّدون على البركات التي ستأتي إن عاش الشعب بأمانة. كان هدف هذه النبوّات تحفيز الناس على التوبة عن خطاياهم والثبات في الأمانة للرب وعهده. ولم تكُن تنبؤات الأنبياء الحقيقيين أكيدة إلا حين كانوا يشيرون إلى أن الله أقسم أن يقوم بعمل شيءٍ ما.

نتيجة لهذا، فإن إحدى الطرق الصحيحة والمشروعة التي يمكن للنبوة أن تتمّ بها هي أن يغيّر الشعب سلوكهم، ما يؤثّر بنتيجة النبوات. وفي هذه الحالات، تكون النبوّات قد تحقّقت بشكلٍ سليم، مع أن تحذيرات الأنبياء أو وعودهم لم تتحقّق بالطريقة التي أشاروا إليها.

ثمة أمثلة كثيرة على هذا في الكتاب المُقدَّس، ولكن المبدأ الأساسي يُوصَف في إرميا 18: 7-10 حيث نقرأ الكلمات التالية:

تَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْقَلْعِ وَالْهَدْمِ وَالإِهْلاَكِ فَتَرْجِعُ تِلْكَ الأُمَّةُ الَّتِي تَكَلَّمْتُ عَلَيْهَا عَنْ شَرِّهَا فَأَنْدَمُ عَنِ الشَّرِّ الَّذِي قَصَدْتُ أَنْ أَصْنَعَهُ بِهَا. وَتَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَتَفْعَلُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ فَلاَ تَسْمَعُ لِصَوْتِي فَأَنْدَمُ عَنِ الْخَيْرِ الَّذِي قُلْتُ إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْهَا بِهِ. (إرميا 18: 7-10)

هناك مبدأ معلن لنا في إرميا 18 حيث يقول الله في الواقع: إن هددت بالدينونة أمة أو شعباً وتابا فإني لا أنزل بهما الشر الذي قصدته لهما. كذلك يشير إلى الناحية العكسية: إن وعدت بمباركة شعب أو ملك أو أمة وعصوا وصاياي فإني آمر بالدينونة حيث سبق وأمرت بالبركة. ثم يبدو أن هذا المبدأ قد تطبق بحيث إن هذا الشرط المذكور هنا بوضوح، يبدو حسب الظاهر أنه قد نُفذ في مقاطع أخرى حيث هدّد الله بالدينونة أو وعد بالبركة، ولعل المثل التقليدي نجده في كتاب يونان، حيث أرسل الله يونان ليعلن الدينونة على شعب نينوى. ففعل يونان وتاب شعب نينوى، محدثاً هذا المقياس للتوبة البشرية التي يبدو أن الله كان يحاول أن يحركها في قلوبهم منذ البداية. [د. روبرت لِستر]

بطريقةٍ أو بأخرى، كلام الأنبياء الحقيقيين يتحقّق دائماً. في بعض الأحيان يتحقَّق بالطريقة المذكورة وفي أحيانٍ أخرى يستجيب الناس للنبوات، فيتسبّبون بنتيجةٍ أخرى غير ما تكلّمت النبوة عنها. ولكن في جميع الأحوال، نتائج النبوّة الحقيقية تتوافق مع عهد الله وطبيعته، وتصادِق على خدمة أنبيائه الحقيقيين.

ذكر موسى مؤهّلات الوظيفة النبويّة ليتمكّن شعب الله من تمييز الأنبياء الذين تكلّموا بكلام الله حقاً. عمل هذا لأنّه أرادهم أن يميّزوا رسائل الأنبياء الحقيقيين ويطيعوها، وأن يعيشوا بأمانةٍ وإخلاص لعهد الله. ومن المهم لنا أيضاً أن نتذكّر هذه المؤهّلات، لأنّ هذه هي المؤهلات ذاتها التي وفى يسوع بها في خدمته نبيّاً لله في عصر العهد الجديد.

الآن، بعدَ أن نظرنا إلى الشروط الواجب توافرها في الأنبياء، صرنا جاهزين للنظر إلى عمل وظيفتهم هذه.

العمل

سنتكلّم عن ثلاث نواحٍ في عمل الأنبياء. أولاً عن سلطانهم. وثانياً، عن مهمتهم. وثالثاً، عن الطرق التي استخدموها لتتميم مهمتهم. ولننظر أولاً إلى سلطانهم.

السلطان

كما ذكرنا في بداية هذا الدرس، فإن النبي هو:

سفير عهد الله الذي يُعلِن كلمة الله ويطبِّقها، ويسعى بشكلٍ خاصّ للتحذير من الدينونة على الخطية، ويحثّ على خدمة الله وعبادته بأمانةٍ وإخلاص مِمّا يؤدي لاختبار بركاته.

صوّر الله في العهد القديم باعتباره الملك العظيم الذي حكم شعبه من خلال العهود. وقد كان أنبياؤه هم سفراء هذه العهود الذين شرحوا ما أعلنه الله لهم في بلاطه السماوي.

في الشرق الأدنى القديم، كان الأباطرة الأقوياء أو الملوك الأسياد يحكمون أمماً أصغر تابعة من بُعدٍ، من عاصمتهم. وكان هؤلاء الأباطرة يفرضون اتفاقية على الدول التابعة، بحيث يُشار في هذه الاتفاقية إلى طبيعة وإطار العلاقة بينهما. عادةً ما يشير الكتاب المُقدّس إلى هذا النوع من الاتفاقيات بكلمة عهد أو ميثاق.

ولتتميم وفرض هذه العهود، كان الملوك الأسياد يُرسِلون سفراء يتكلّمون باسمهم، ويمارسون السلطات المُفوَّضة لهم. كان عمل السفير هو أن يذكِّر الأمم التابعة ببنود الاتفاقية، وأن يحذِّرهم من العواقب التي يمكن أن تأتي عليهم إن لمْ يكونوا أمناء في حفظ بنود الاتفاقية، وأن يشجّع تلك الأمم التابعة على حفظ بنود الاتفاقية لينتفعوا ببركات الاتفاقية.

معرفة تاريخ الشرق الأدنى القديم مهم لأنّ الله كثيراً ما وصف في العهد القديم علاقته بشعبه بصفتها علاقة عهدٍ بين الملك السيد والتابع له. وباعتباره الملك السيد، عيّن الله الأنبياء ليكونوا سفراء مفوّضين يذكِّرون شعبه التابع له ببنود العهد وإطاره.

لأنّ الأنبياء كانوا سفراء الله، وكان ينبغي قبول كلامهم كما لو كان الله نفسه هو الناطق به. كما أوحى الروح القدس لأنبيائه، حتى يُعلِنوا أفكار الله ومقاصده بشكلٍ سليم في استجابتهم لشعب إسرائيل والطريقة التي كانوا يحيون بها. وبهذا، فقد ضمن الله أن يتكلّم كلُّ أنبيائه دائماً بسلطان حين يمثّلونه.

لماذا نأخذ كلمات الأنبياء الحقيقيين بجدية؟ لأن الأنبياء الحقيقيين يتكلمون بلسان الله كممثلين له. لذلك، إن لم نأخذ كلماتهم بجدية، نكون غَيْرَ مَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ، كما يقول الكتاب المقدس. هذا يعني أن قلوبنا لم تتغير بعد. ونحن في الواقع نتمرّد على الله. وهكذا إن كنا نرفض أن نسمع كلمات الأنبياء، فنحن نرفض أن نصغي إلى كلمة الله. وهذا أمر خطير. [د. بيتر تشو]

بعد النظر إلى هذا الفهم للسُّلطان النّبوي، فلنبقه في أذهاننا ونحن ننتقل إلى المهمة التي أوكلّها الله لأنبيائه.

المهمة

لفهم مهمة الأنبياء، لننظر مرةً أخرى إلى الاتفاقيات بين الملوك والتابعين في الشرق الأدنى القديم. حين كان الملوك الأسياد يفرضون اتفاقيات على الدول التابعة في الشرق الأدنى القديم، كانَتْ هذه الاتفاقيات توضّح تفاصيل العلاقة بينهم. فكانت هذه المواثيق تذكر: إحسان الملك السيد في الماضي، أي الأمور الجيدة التي عملها الملك السيد للملك التابع؛ والوفاء المطلوب من الملك التابع تجاه الملك السيد، وهذا يشمل القواعد والشروط الكثيرة التي كانت على الملك التابع أن يعمل بحسبها؛ والعواقب التي ستنجم عن إطاعة أو مخالفة بنود الاتفاقية، أي البركات للملك التابع ودولته إن عملوا بحسب بنود الاتفاق والعقوبات أو العواقب إن هم خالفوا تلك البنود.

وتُرى ديناميكيات مشابهة تماماً لهذه في علاقة الله بشعب عهده. كان الأنبياء بمثابة سفراء عهد الله الذين أُوكلت إليهم مهمة تذكير شعب الله بتفاصيل عهده، واستخدام تهديدات الدينونة ووعود البركة لتشجيعهم وحثّهم على إطاعة بنود عهده.

حين كان شعب إسرائيل في وضعٍ سليم أمام الله، كان الأنبياء يذكِّرونهم بعواقب أعمالهم لتشجيعهم على الثبات والمثابرة في البّر. ونرى أمثلةً على هذا في إرميا 7: 5-7، 21: 12، 22: 4-5.

ولكن حين لم يكن شعب إسرائيل في وضعٍ سليم أمام الله بسبب عصيانٍ خطير أو عصيان منذُ مدّةٍ طويلة لبنود العهد، كان الأنبياء يواجهونهم بتهمة التمرُّد والعصيان وعدم الولاء. فكانوا يصفون خطايا شعب إسرائيل، ويذكِّرون الشعب بلعنات العهد ليقودوهم إلى التوبة. نرى أمثلة على هذا في إرميا 8، وعاموس 4: 1-3. وفي كثيرٍ من الأحيان، كان الأنبياء يتكلَّمون عن بركات للأمة إن تابت. نرى هذا النوع من النبوات في يوئيل 2: 12-27، وأماكن أخرى كثيرة.

بعد أن نظرنا إلى سلطان الأنبياء الكتابيين ومهمتهم، نريد أن نشير باختصار إلى الطرق والأساليب التي استخدموها لإنجاز عملهم.

الطرق

لا شك أن أكثر طريقة استخدمها الأنبياء لتتميم مهمتهم كانت الكلام. فقد أتمّ الأنبياء عملهم بشكلٍ رئيسي بإعلان كلام الله لشعبه. كانوا يعلِنون إدانة خطية الشعب، ويأمرونهم بالطاعة، ويشجّعونهم على الثبات، ويحذّرونهم من الدينونة ويعرضون عليهم وعود البركات. كانوا يحكون الأمثال، ويُنبئون بالمستقبل، ويصلّون، بل إنّهم تشفّعوا وتضرّعوا لأجل شعب الله. نرى هذا مئاتِ المرات في الكتاب المُقدّس. وعلاوةً على ذلك، فإن أنبياء كثيرين كتبوا كلامهم، وهذا هو سبب وجود أسفار نبوية كثيرة وكتابات أخرى في الكتاب المُقدَّس.

ولكنّ الأنبياء استخدموا أيضاً طرقاً اعتمدت على أعمال خاصة أكثر من اعتمادها على التواصل الكلامي. فمثلاً، أعطى الروح القدس بعض الأنبياء قوةً على عمل آيات ومعجزات نبوية. وقد شهدت هذه الأعمال المعجزية لشرعية الأنبياء كسفراء لله، وأظهرت قصد الله بأن يدعم التحذيرات والبركات التي كان الأنبياء يعلِنونها.

وكمثالٍ على هذا، أعلن النبي موسى إرادة الله لشعب إسرائيل وللمصريين، وكان كلامه مصحوباً بمعجزاتٍ وآيات لا حصر لها، مثل الضربات العشر على مصر، وشق البحر الأحمر، ومعجزات أخرى كثيرة مُدوّنة في أسفار الخروج واللاويين والعدد. شهدت أعمال الروح القدس هذه على أن موسى كان نبياً حقيقياً، ونبّهت المصريين وبني إسرائيل إلى ضرورة إطاعته.

وشملت خدمتا إيليا وأليشع أحداثاً معجزية كثيرة، كما نرى في 1 ملوك 17 إلى 2 ملوك 13. والنبي صموئيل عمل معجزاتٍ أيضاً، مثل إنزال الرعد والمطر في 1 صموئيل 12. وأعطى نبيٌّ لا يُذكَر اسمه في 1 ملوك 13 علامة معجزية هي تصلُّب يد الملك يربعام.

كما استخدم الأنبياء طرقاً أخرى في نقل رسائلهم وتأكيدها. فقد قاموا بأعمالٍ رمزية، وقدّموا ذبائح، وحاربوا آلهةً مُزيَّفة وانخرطوا في نشاطات أخرى حثت شعب الله على إطاعة بنود العهد.

النظر إلى الأنبياء باعتبارهم مبعوثي عهد الله يساعدنا على أن نفهم أن تهديدات الكتاب المُقدّس باللعنات ووعوده بالبركات كُلُّها مبنية على علاقة العهد بين الله وشعبه. لا يتّصف الله بالنزوية في تعامله مع شعبه، ولا يعمل بطرقٍ لا يمكن التنبُّؤ بها على الإطلاق. ولكنّه بدلاً من ذلك يسعى لفرض بنود عهده، وهذه البنود ليست سرّاً. فقد أعطانا بنعمته ناموسه، وأرسل سفراءه ليُرونا كيف نطبّقه على ظروفنا المتغيّرة. يسهّل الله على شعبه معرفة ما يطلبه لأنه يريدنا أن نسلك أمامه بالأمانة، وأن نختبر بركاته، وأن ننجز أهدافه التي وضعها وحدّدها لملكوته.

نظرنا حتّى الآن إلى شروط وأعمال وظيفة النبي، لننتقل الآن إلى التوقّعات التي خلقها العهد القديم بشأن الخدمات النبوية.

التوقعات

التوقُّعات التي أوجدها العهد القديم بشأن مستقبل وظيفة النبي هي على نوعين أساسيين. فمن ناحية، وُجِدت بعض التوقُّعات بسبب طبيعة التطوُّر التاريخي للوظيفة. ومن ناحية أخرى، فقد خُلِقت توقُّعات أخرى من خلال نبوّات مُحدّدة بشأن أنبياء مستقبليين. سننظر إلى هذين النوعين من التوقُّعات بدءاً بتلك المبنية على التطوُّر التاريخي لوظيفة النبي.

التطور التاريخي

لأنَّ علاقة الله بالبشر كانت دائماً محكومة بعهوده، فقد كان هناك دورٌ للأنبياء بشكلٍ دائم بأن يذكّروا الناس ببنود هذه العهود. ولكن عبر التاريخ، حدثت في بعض الأحيان تغيّراتٌ في هذا الدور. فبحدوث تغيُّرات في ملكوت الله وبنموّه عبر التاريخ، تغيّر دور الأنبياء ليلبّي الحاجات المتغيّرة.

سننظر إلى دور الأنبياء خلال أربع مراحل في التاريخ، بدءاً بالحقبة التاريخية التي سبقت وجود ملك في إسرائيل، وسندعوها بفترة ما قبل الملكية.

ما قبل الملكية

هذه هي الفترة الزمنية التي عقد فيها الله عهوده مع آدم ونوح وإبراهيم وموسى. في بداية فترة ما قبل الملكية، لم يكن ملكوت الله قد فُصِل عن بقية العالم في أمّةٍ أو دولةٍ مُعيّنة. وحتى حين أُفرِزت الأمّة وحُدّدت في زمن إبراهيم، لم يكُن لها ملك. في تلك الفترة من الزمن، كان الأنبياء يقومون بعدة مهمات، وكانوا يُدعون بعددٍ من الألقاب الوصفية. يمكِننا بشكلٍ عام أن نقول إنهم كانوا يتكلّمون مع الله، ويتلقّون رؤى، ويحاسبون البشر بما يختصّ بعهود الله وفي ضوئها.

فمثلاً، حين خلق الله العالم، كان يتكلّم مباشرةً مع آدم وحواء، وكانا ينالان إعلان الله بالسير معه والحديث معه، كما نقرأ في تكوين 2 و3. وقد قام آدم وحواء بدورهما النبوي بتعليم أولادهما عن الله وعهده. كما كان لبعضٍ من نسلهما علاقة شبيهة بالله، مثل أخنوخ الذي يُذكَر في تكوين 5: 24.

وفي ذلك الزمن الباكر، تكلّم الله مباشرة مع نوح أيضاً، كما نقرأ في تكوين الفصول السادس إلى التاسع. ولكنّه دعا نوحا أيضاً للتنبُّؤ بدينونة العهد للعالم لأن العالم أخطأ جداً بحق الله، كما علّم بطرس في 2 بطرس 2: 5. بالإضافة إلى ذلك، فقد عمل نوح عملاً نبوياً أمام الجميع تمثَّل ببناء الفلك وملأه بكل الحيوانات ليؤكّد رسالة الدينونة التي أعلنها.

كما تكلّم الله مباشرةً مع إبراهيم، وأعلن له خططه بشأن المستقبل. من خلال أحاديث إبراهيم مع الله وإعلانه هذه الأحاديث للآخرين، قام إبراهيم بدورٍ نبوي، ونرى هذا الدور في أماكن مثل تكوين 20: 7. كما خدمت ذُرِّيَّة إبراهيم، إسحق ويعقوب ويوسف، كأنبياء لله. فقد كانوا يتلقّون أحلاماً ورؤى من الله، وكانت الملائكة تزورهم. وكل واحدٍ من هؤلاء الأنبياء جعل الناس مسؤولين أمام عهد الله من خلال إعلان كلمته لهم، وبحثِّهم على الأمانة للرب.

وفي أيّام موسى، نجد فترةً بارزةً ومهمةً أخرى للنشاط النبوي في حقبة ما قبل الملكية. بحسب كتاب العدد 12: 6، فإن موسى نفسه كان نبي الله الأبرز في ذلك الوقت. في هذه الفترة من التاريخ، أعطى الله شعبه عهداً مكتوباً على شكل عشر وصايا و”كتاب العهد” في خروج 20: 23. وصارت مسؤولية موسى أن يدير هذا العهد ويعزّزه من خلال شرحه للشعب، وحُكمهم بحسب بنوده، وحثّهم على أنْ يكونوا أمناء لله حتى ينالوا بركات العهد بدلاً من الدينونة. إستمرّ الأنبياء الذين عاصروا موسى وأتوا بعده بالقيام بهذه الوظائف، مع أنّه لم يتمتّع أيٌّ منهم بمدى خدمة موسى أو تأثيره وسلطته.

مع أن وظيفة النبي كانت واسعة الانتشار في فترة ما قبل الملكية، فقد صارت رسميةً ومُنظّمة بشكلٍ واضح في أيام الملكية، بعد أن استقرّ شعب إسرائيل في الأرض الموعودة، وكانوا يعيشون تحتَ سلطة ملك.

الملكية

بدأت الحقبة الملكية بشاول، أول ملكٍ في إسرائيل. ولكنّها تُربَط أكثر بخليفة شاول، داود ونسله. خلال الحقبة الملكية، صارت وظيفة النبي متركّزة في مناطق النفوذ المركزية، خصوصاً بلاط الملك ومدينة أورشليم، وزاد عدد الأنبياء. وإذ كان الملك هو نقطة الاتصال المركزية في شعب الله، فقد كان عمل الأنبياء تذكير الشعب ببنود عهد الله. يتمّ هذا عادةً من خلال اتّصالهم المباشر بالملك.

في هذه الفترة، كان دور الأنبياء الرئيسي تذكير الملوك وموظّفي البلاط بواجب الأمة بأن يعبدوا الله ويخدموه بأمانة. فمثلاً، تدوّن كتب الملوك وأخبار الأيام الثاني الكثير من التواصل والتعامل بين الأنبياء وملوك إسرائيل ويهوذا. ومع هذا، فقد استمرّ الأنبياء في أن يكلّموا الشعب عموماً، مذكِّرين إياهم بمتطلّبات عهد الرب وبعواقب سلوكهم. كما أمر الأنبياء الأمم المجاورة بأن تعيش في سلام مع إسرائيل ويهوذا.

السبب وراء إشارة الكِتاب المُقدَّس إلى إسرائيل ويهوذا كمملكتين مختلفتين – بالطبع هما مملكة واحدة في الأصل، لكن لم تلبث المملكة أن انقسمت إبان حكم رحبعام ابن سليمان. وهذا حدث حوالي عام تسعمئة وعشرين قبل الميلاد تقريباً، وكان للمملكة الشمالية عشرة أسباط، أما الجنوبية فلها اثنان فقط.  دعيت المملكة الشمالية إسرائيل. والسبط الأكبر كان أفرايم، لكن العشرة أسباط دعوا إسرائيل. أما الجنوبية فدعيت يهوذا، وهو السبط الأكبر هناك، وكانت أورشليم العاصمة في يهوذا. [د. فرانك باركر]

بعد عهد سليمان، كان هناك انقسام بين المملكة الشمالية والمملكة الجنوبية. وقد أشير إلى المملكة الشمالية بإسرائيل، وكان لهم مركزهم الرئيسي الخاص للعبادة. ثم المملكة الجنوبية ويشار إليها بيهوذا. وبعد هذا الانقسام في المملكتين تجد الأنبياء يذهبون إلى أماكن مختلفة، مثلاً هوشع كان نبياً لإسرائيل، وإشعياء الذي كان نبياً ليهوذا. وبالتالي كان هناك حقبات مختلفة في الخدمة مرتبطة بهاتين المملكتين المنشقتين في الشمال والجنوب. [د. مارك غينيليت]

للأسف، لم يطِع ملوك إسرائيل ويهوذا وشعوبهم الأنبياءَ. ونتيجةً لهذا، تعرَّضوا للعنة العهد بسبيهم من الأرض الموعودة.

السبي

فسُبي شعب المملكة الشمالية، مملكة إسرائيل عام 723 قبل الميلاد إلى أشور. وسُبي شعب مملكة يهوذا الجنوبية عام 586 قبل الميلاد إلى بابل.

استمرّ عمل وظيفة النبي موجّهاً نحو ملوك شعب الله، حتى خلال السبي. ولكن في هذه المرحلة من التاريخ، لم يكُن هناك ملك، ولذا كان التشديد على استرداد المَلك والمُلك لشعب الله.

ولتحقيق هذا الهدف، حثَّ الأنبياء شعب الله على التوبة عن خطاياهم، والعودة للأمانة للعهد حتى يمنحهم الله بركات عهده. كما أعلن الأنبياء أنّه إن عاد الشعب لله، فإنّه سيقوّيهم ليحفظوا عهده فلا يتعرّضوا لعقاب عهده ثانيةً. وكما نقرأ في إرميا 31: 33-34، فإن الرب سيجعل خرقهم للعهد ثانيةً مستحيلاً، حتى يحيوا بحسب شريعته بكلّ حماسة وشوق. من خلال هذه الخدمة، كان الأنبياء يأملون بأن يقنعوا الله بأن يسترد لهم مملكتهم في أرض الموعد تحتَ حكم ملكٍ بار من نسل داود.

أخيراً، انتهت فترة السبي جزئياً وكان هناك حقبة استرداد المملكة.

استرداد المملكة

بدأت حقبة ما بعد السبي أو حقبة الاسترداد عام 539. لم تكن الملكية قد استعيدت في إسرائيل أو يهوذا في هذا الوقت، ولكنْ أُعيد بناء مدينة أورشليم والهيكل، وعادت عائلات كثيرة للسكن في أرض الموعد.

كان لا يزال هناك عدد قليل نسبياً من الأنبياء في هذا الوقت. ولكنَّ بعض الأنبياء الأمناء، مثل حَجَّي وزَكَرِيَّا، بقيت عيونهم مراقبة وساهرة على القادة والشعب لتشجيعهم وحثِّهم على العيش بأمانة للرب. حثَّ هؤلاء الأمَّةَ على الأمانة خلال الاستعداد للاسترداد حتى يكمِل الله عمل استعادة الشعب للأرض. ولكن للأسف، لم يصغِ الشعب للتحذيرات والتنبيهات النبوية، ولذا تعثّرت جهود الاسترداد وإرجاع الشعب.

خلال فترة الاسترداد، أي فترة ما بعد السّبي، كانت التوقّعات المتعلقة بالملكوت هي أن الله سيتمّم في النهاية وعوده لداود بتنصيب واحدٍ من نسله على عرش إسرائيل ويهوذا. نرى هذا الرجاء في مقاطع مثل زكريا 12 و13. في البداية، كان الأمل في أن تُحرِّك طاعة الشعب اللهَ ليباركهم. ولكن حركة الاسترداد تعثّرت، وصار الأمل هو أن يرحم الله شعبه ويترأّف عليه، بالرغم من خطيته، ويقيم المملكة ثانيةً لأجل اسمه.

بتتبُّع التطوّر التاريخي لوظيفة النبي، نستطيع أن نرى أن الأنبياء كانوا دائماً سفراء الله، وهم أُعطوا مهمة حث الشعب على الخضوع لعهد الله والعيش بحسبه. وقد خلق هذا الثبات في عملهم توقّعاً مُعيّناً بشأن الخدمات النبوية في المستقبل. وبشكلٍ خاص، أشار هذا إلى أن كل أنبياء الله في المستقبل سيكونون مبعوثين مُفوَّضين عملهم تذكير شعب الله بإحسانات الله تجاههم، وبالولاء الذي طلبه منهم، وبالبركات والعواقب كنتائج لحفظ العهد أو تعدّيه.

ولكنْ كانت هناك أيضاً توقُّعات نتجت عن التغيُّرات التي حدثت في وظيفة النبي عبر الزمن. في البداية، لم يكن أنبياء الله مرتبطين عن قرب بوظيفة الملك، ولكن حين صار لإسرائيل ملكٌ، نرى أن دور الأنبياء صار مرتبطاً بقوة بوظيفة الملك، وفي كُلّ مرةٍ شُوهِدت تغييرات جذرية أثّرت بوظيفة الملك كان للأنبياء دور في ذلك. وهكذا، فإن التوقّعات بشأن وظيفة النبي في فترة العهد الجديد كانت تعتمد بشكلٍ أساسي على الحقبة الأخيرة في فترة العهد القديم، أي فترة ما بعد السبي، حين كان الشعب لا يزال ينتظر عودة ملك من نسل داود إلى العرش. فكانت توقُّعات الشعب أن أنبياء المستقبل سينادون بالملك المسيحاني ويرافقونه، ما يدشّن حقبةً جديدة من الأمانة والإخلاص لعهد الله.

بالإضافة لتوقّعات العهد القديم بشأن أنبياء المستقبل، والتي كانت مبنية على التطوُّر التاريخي لوظيفة النبي، فقد كانت هناك توقُّعات أوجدت نبوات مُحدّدة بشأن أنبياء المستقبل.

النبوات المحددة

نبوات العهد القديم المتعلِّقة بأنبياء المستقبل أكثر مِن أن نستطيع أن نذكرها جميعاً. ولذا، ولأهداف هذا الدرس، سنحصر نقاشنا في ثلاث نبوّات. النبوة الأولى هي الرجاء بأن الله سيحقِّق أخيراً نبوّة متعلّقة بالسبي تقول إن نبياً خاصاً سيكون المنادي المُرسَل من الرب.

فبحسب إشعياء 40: 3-5، سيُعلِن نبيٌّ خاصّ أن الرب سيأتي ليهزم أعداءه ويستردّ المُلك الداودي. وحين يظهر هذا النبي المنادي سيكونُ الرّدُّ وشيكاً.

ثانياً، كان الشعب لا يزال ينتظر النبي الأخير الذي مثل موسى، وهذا البار سيقود الشعب إلى البرّ، مثلما عمل موسى في حقبة ما قبل الملكية. تذكّر كلمات الرب لموسى في تثنية 18: 18:

أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ (تثنية 18: 18).

كان هناك في العهد القديم توقع لمجيء ربنا يسوع المسيح من جهة عمله، ودوره كنبي، وكاهن، وملك. وتثنية ثمانية عشر هو مقطع مهم جداً يتحدث عن نبي سيأتي في المستقبل مثل موسى. وفي قرينة العهد القديم، مثل موسى يعني شخصاً كان يلتقي الله وجهاً لوجه مثل موسى، شخصاً تلقى إعلان الله. في الواقع، وقف موسى كذروة كل الأنبياء. وأنت إذ تقرأ في العهد القديم لا سيما في نهاية تثنية أربعة وثلاثين، تجد هناك الاعلان بأنه لم يقم نبي مثل موسى. وهذا يعدّنا لمجيء الشخص الذي سيكون مثل موسى، لكن أعظم منه، من سيتكلم بكلمة الله، ويعطينا حقيقة الله، من سيعرف الله وجهاً لوجه، وهذا يصل إلى ذروته بربنا يسوع المسيح. وأشار يوحنا واحد إلى ذلك. فربنا الذي يعرف الآب منذ الأزل، هو يكشف عنه. ويشير أعمال ثلاثة إلى ذلك معلناً تحقيقه في يسوع هو الذي أتى بملكوت الله، وحقّق إعلان الله. هو الذي حقّق دور موسى لكن بشكل أعظم. وعبرانيين واحد يشدّد بصورة خاصة أن الله الذي تكلم من خلال الأنبياء، بمن فيهم موسى، وصل إعلانه إلى ذروته من خلال ابنه يسوع المسيح. [د. ستيفين وِلَم]

في مستوى ما، كان شعب الله ينتظر بشكلٍ دائم أن يرسل الرب هذا النبي الذي مثل موسى. والمحزن أنّه لم يتمكّن أيٌّ من أنبياء العهد القديم من إظهار المواهب الروحية العظيمة والقوية التي كانت لدى موسى، أو أن يقود الشعب لاختبار كامل لبركات عهد الله. ولكن في أيام الاسترداد، في فترة ما بعد السّبي، تجدّد الرجاء والأمل بأن الله يُوشك أن يرسل هذا النبي ليستردّ المُلْك والمملكة.

ثالثاً، كان هناك توقُّع بأنه حين تُسترَدّ المملكة بالكامل في المستقبل، فإن خدمة النبوة ستُسترَدّ أيضاً. فسيُزال الأنبياء الكذبة من الأرض، وسيزيد عدد الأنبياء الحقيقيين. كتب نبي ما بعد السبي زكريا في زكريا 13: 2:

وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ أَنِّي أَقْطَعُ أَسْمَاءَ الأَصْنَامِ مِنَ الأَرْضِ فَلاَ تُذْكَرُ بَعْدُ وَأُزِيلُ الأَنْبِيَاءَ أَيْضاً وَالرُّوحَ النَّجِسَ مِنَ الأَرْضِ. (زكريا 13: 2)

بالإضافة إلى ذلك، كان الشعب لا يزال يتوقّع تحقيق نبوة يوئيل المتعلّقة بزيادة عدد أنبياء الله الحقيقيين، وهو الأمر الذي سيصاحب بركات العهد الكاملة. استمع إلى ما أنبأ به يوئيل في يوئيل 2: 28-29:

وَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَماً وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى. وَعَلَى الْعَبِيدِ أَيْضاً وَعَلَى الإِمَاءِ أَسْكُبُ رُوحِي فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. (يوئيل 2: 28-29)

هذه الأيام المستقبلية، التي يشير إليها يوئيل بعبارة بعد ذلك، هي الأيام الأخيرة التي فيها سيؤسِّس الله ملكوته بشكلٍ كامل في كل الأرض، ويسكب بركاته الأخيرة والكاملة على شعبه. كان متوقّعاً أنه في ذلك الوقت، ستكون النبوّة شائعة جداً وسط شعب الله الأمين، بتعزيزهم ونشرهم جميعاً لعهد الله، وبتشجيع بعضهم بعضاً على عبادته.

يُختَتم العهدُ القديم وشعبُ إسرائيل في حالةٍ من الفوضى والتشويش، وبأملٍ ضعيف بأن يحدث أي نجاحٍ قريب للملكوت. ومع هذا، حافظ الأمناء في شعب إسرائيل على ثقتهم بأن الله سيتمّم في النهاية توقُّعات العهد القديم بشأن ملكوته، وبأنه سيُنجِز هذا الأمر جزئياً من خلال الوظيفة النّبوية. وكما سنرى، فإن هذا هو ما حدث بالضبط في خدمة يسوع.

بعد أن بحثنا واستكشفنا في خلفية العهد القديم المسؤوليات والخدمة التي أعطاها الله لأنبيائه، صرنا مستعدّين للانتقال إلى موضوعنا الرئيسي الثاني: تحقيق الوظيفة النّبويّة في شخص يسوع المسيح.

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

القسم الأول: خلفية العهد القديم

مخطط لتدوين الملاحظات

المقدمة

I. خلفية العهد القديم

أ. الشروط

1. الدعوة من الله

2. نيل كلمة من الله

3. الوفاء لله

4. تأكيد صدق النبوات في تحقيقها

ب. العمل

1. السلطان

2. المهمة

3. الطرق

ج. التوقعات

1. التطور التاريخي

2. النبوات المحددة

أسئلة المراجعة

1. كيف يعرِّف الدرس “النبي”؟
2. ما هي الصفات الأربعة للنبي الحقيقي؟
3. اشرح كيف كان الروح القدس يوحي للنبي. هل كان يحاصر شخصية النبي؟ اشرح.
4. هل كان يجب أن تتفق رسالة النبي دائمًا مع وحي الله الموجود بالفعل؟
5. هل كانت رسالة النبي دائمًا تتحقق سريعًا؟
6. اشرح تعليم الدرس بخصوص الطريقة التي كان يُفتَرَض ببعض النبوات أن تعتمد فيها على كيفية تجاوب الناس مع رسالتها.
7. اشرح كيف يساعد مثل يونان على تصوير كيف كان يُفتَرَض ببعض النبوات أن تعتمد على تجاوب الناس مع رسالتها.
8. ما هو “السيد” في الشرق الأدني القديم؟ وما هو “التابع”؟
ما هي العناصر التي كانت غالبًا ما تشملها عهود الشرق الأدنى القديم؟
10. ما هي الطرق التي كانت مُستخدَمة من قِبَل الأنبياء لكي يتمموا مهمتهم؟ ما هي الطريقة الأكثر شيوعًا؟
11. صِف التركيز الخاص لرسالة الأنبياء ومهمتهم أثناء كل حقبة من الحقب التاريخية للعهد القديم: ما قبل المملكة، المملكة، السبي، ما بعد السبي (الاسترداد).

أسئلة تطبيقية

1. ما الذي يمكننا أن نتعلمه من الوظيفة النبوية في الكلمة المقدسة؟ هل هناك أي طريقة تمكننا من القيام بخدمة مماثلة اليوم؟ بأي طريقة تكون خدمتنا مختلفة؟
2. كيف يمكنك أن تكون سفيرًا أمينًا لله في مجالات نفوذك الحالية؟
3. في أي الخدمات أنت ملتزم حاليًا وكيف تقوم بنشر عهد الله وتشجع الآخرين على عبادته؟ هل هناك أمر آخر يمكنك أن تقوم به؟
4. كيف يؤثر التعليم حول النبوات على رؤيتك للكتاب المقدس؟

AJAX progress indicator
Search: (clear)
  • الثالوث
    تعبير لاهوتي يُستخدم للتعبير عن حقيقة أن الله جوهر واحد في ثلاثة أقانيم
الاختبارات
نؤمن بيسوع - الدرس الثالث - الامتحان الأول
Previous القسم
Back to الدرس
Next القسم

انجازك في الدورة

0% Complete
0/42 Steps

محتوى الدورة الدراسية

الدورة Home عرض الكل
ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: الفادي
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثاني: المسيح
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثالث: النبي
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الرابع: الكاهن
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الرابع
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الخامس: الملك
6 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الخامس
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس السادس: القراءات المطلوبة
3 الأقسام | 4 الاختبارات
متطلبات القراءة 1
متطلبات القراءة 2
متطلبات القراءة 3
العودة إلى نؤمن بيسوع

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in