مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / نؤمن بيسوع / الدرس الأول: الفادي

نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الأول

الدورات الدراسية نؤمن بيسوع الدرس الأول: الفادي نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الأول
الدرس Progress
0% Complete
 
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

المقدمة
الأزلية
الألوهية
تصريحات واضحة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES01_01.mp4
موضوعات ذات صلة
Why do we need a Redeemer?

العهد القديم
الصفات الإلهيّة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES01_02.mp4

الثالوث
الوجودية
التدبيرية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES01_03.mp4

المشورة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES01_04.mp4
  • المقدمة
    الأزلية
    الألوهية
    تصريحات واضحة
  • العهد القديم
    الصفات الإلهيّة
  • الثالوث
    الوجودية
    التدبيرية
  • المشورة

المقدمة
الأزلية
الألوهية
تصريحات واضحة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES01_01.mp3
Related Audio Why do we need a Redeemer?

العهد القديم
الصفات الإلهيّة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES01_02.mp3

الثالوث
الوجودية
التدبيرية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES01_03.mp3

المشورة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES01_04.mp3
  • المقدمة
    الأزلية
    الألوهية
    تصريحات واضحة
  • العهد القديم
    الصفات الإلهيّة
  • الثالوث
    الوجودية
    التدبيرية
  • المشورة

المقدمة

تُحكى قصة قديمة عن صبي صنع قارباً صغيراً، ثم لوّنه بكل عناية وصنع له شراعاً. وعندما أصبح القارب جاهزاً، أخذه ووضعه على وجه المياه في جدول. عام المركب في البداية بسهولة وسار على وجه المياه، لكن لم يلبث أن جرفه التيار بعيداً. بحث الصبي عن مركبه الضائع، لكن دون جدوى. بعد مرور فترة من الزمن، فوجئ يوماً برؤية قاربه الصغير معروضاً في واجهة أحد المحال التجارية. فأسرع إلى داخل المحل وقال للبائع: “هذا قاربي في الواجهة!” فأجابه البائع: “أنا آسف يا ولدي، إذا أردته عليك أن تدفع ثمنه”. وكان على الصبي أن يعمل لأسابيع عديدة ليوفّر ثمن القارب ويستردّه. عاد الصبي أخيراً واشترى قاربه. وبعد أن غادر المحل والقارب بين يديه، خاطب قاربه قال: “أيها القارب الصغير، أنت لي الآن من جديد. فأنا صنعتك، ثم بحثت عنك واشتريتك”.

من عدة نواح، علاقة يسوع بشعبه تشبه العلاقة بين هذا الصبي الصغير وقاربه. فابن الله خلقنا، لكننا سقطنا في الخطية وضللنا. لكنه لم يتخلَ عنا قط. فقد جاء إلى الأرض ليبحث عن الخطاة الهالكين ويخلّصهم. وبعد أن وجدنا، دفع الثمن المناسب ليفدينا بموته لأجلنا.

هذا هو الدرس الأول في هذه السلسلة نؤمن بيسوع. في هذه السلسلة نبحث في مجال اللاهوت المعروف بالكريستولوجيا، أي التعليم عن المسيح. نعالج في كل هذه الدروس الكثير من الحقائق المختلفة حول شخص يسوع المسيح وعمله، والتي أقرّ بها أتباعه لمئات السنين. في هذا الدرس الذي أعطيناه العنوان الفادي سنركز فيه على كيفية فداء يسوع للخطاة من الخطية، وضمانه التجديد النهائي للخليقة من أجل تمتعنا بخيراتها ولمجد الله.

في هذا الدرس عن يسوع الفادي، نبحث في شخص يسوع المسيح، ابن الله، وعمله خلال أربع مراحل مختلفة. أولاً، سنتناول وجوده وخطته في الأزلية قبل خلق العالم. ثانياً، نتابع نشاطه خلال المرحلة الأولى للخلق. ثالثاً، نتحدث عن مرحلة الفداء التي بدأت بعد سقوط الجنس البشري في الخطية وامتدت حتى عصرنا الحاضر. ورابعاً، ننظر في اكتمال التاريخ الذي يحدث عند رجوعه. لنبدأ بـالأزلية.

الأزلية

في معظم الأحيان، عندما يتحدث المسيحيون عن يسوع، يركّزون على حياته على الأرض، وعلى العمل الذي يقوم به في السماء الآن. وأحياناً قد يتأملون بتعليم الكتاب المقدس حول ما سيقوم به يسوع في المستقبل، عند عودته. وهذه جميعها تعاليم مهمة جداً. لكن الحقيقة هي أن الأقنوم الثاني في الثالوث، الذي نشير إليه بيسوع المسيح، هو ابن الله السرمدي. لذا عندما ننظر إليه من الناحية اللاهوتية، يساعدنا غالباً أن نبدأ من الماضي البعيد في التاريخ، حيث نجد أنه كان يخطط ويعمل من أجل فدائنا على مدى التاريخ، وحتى قبل أن يبدأ التاريخ.

لا يتفق اللاهوتيون تماماً حول طبيعة الأزلية السابقة لخلق العالم. ينظر بعضهم إلى الزمن نفسه كأحد أوجه الخليقة، لذا يستحيل التحدث عن الزمن فيما يسبق خلق الله للعالم. من هنا سنعرّف الأزلية في هذا الدرس، كوجود الله الذي سبق خلق العالم. في الأزل، كان الله وحده موجوداً. وكان موجوداً كثالوث: الآب، والابن والروح القدس.

نتناول هنا موضوع الأزلية على ثلاثة أقسام. أولاً، نبحث التعليم الكتابي حول ألوهية يسوع أو لاهوته. ثانياً، ننظر في دوره في إطار الثالوث. وثالثاً نبيّن مشورته الأزلية. لنبدأ بألوهية يسوع المسيح، ابن الله.

الألوهية

طبعاً، الكتاب المقدس غير أزلي. فهو كُتب في زمن محدّد في التاريخ. ولا نجد فيه إعلاناً واضحاً عن يسوع كأقنوم متميّز في الثالوث قبل العهد الجديد. لكن رغم ذلك، يعلّم الكتاب المقدس أن ألوهية يسوع قائمة منذ الأزل. لذلك، إن الأمور التي يعلنها العهد الجديد عن ألوهيته تنطبق عليه أيضاً قبل خلق العالم. وستبقى صحيحة عنه إلى الأبد. كما نقرأ في عبرانيين ١٣: ٨:

يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ. (عبرانيين ١٣: ٨)

وتظهر ألوهية يسوع في العهد الجديد بعدة طرق. أولاً، يتضمن الكتاب المقدس عدة تصريحات واضحة عن ألوهيته. ثانياً، ترد اقتباسات من العهد القديم في بعض المقاطع في العهد الجديد تطبَّق على يسوع بطريقة تبرهن ألوهيته. ثالثاً، تَنسِب إليه بعض المقاطع الكتابية صفات إلهية. لننظر في بعض الأمثلة حول ألوهية يسوع، بدءاً من التصريحات الواضحة.

التصريحات الواضحة

تعلّم العديد من المقاطع في العهد الجديد لاهوت يسوع بوضوح عن طريق الإشارة إليه مباشرة بصفته إلهاً. على سبيل المثال، في يوحنا ٢٠: ٢٨، دعا الرسول توما يسوعَ إلهي. وفي تيطس ٢: ١٣، دعا بولس يسوعَ إلهنا ومخلصنا العظيم يسوع المسيح. وفي 2 بطرس ١: ١، دعا بطرس يسوع إلهنا والمخلص يسوع المسيح. ويوحنا الأولى ٥: ٢٠، دعا يوحنا يسوعَ الإِلَه الْحَقّ وَالْحَيَاة الأَبَدِيَّة.

ولعل المقطع الأشهر الذي ينسِب بوضوح صفات الألوهية إلى يسوع هو يوحنا ١: ١، حيث نقرأ هذه الكلمات:

فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. (يوحنا ١: ١)

هذا العدد يقول بالتحديد وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ، أي أن طبيعته كانت من طبيعة الله منذ البدء، أي قبل خلق العالم. لاحقاً في هذا الفصل في ١٤-١٨، يعلن يوحنا بوضوح أن الكلمة التي يتحدث عنها هي المسيح. وهكذا، لم يترك يوحنا مجالاً للشك في أن يسوع هو من جوهر الله. فقد كان دائماً إلهاً كاملاً من كل ناحية وسيكون إلى الأبد.

العهد القديم

ثانياً، بالإضافة إلى تصريحات العهد الجديد الواضحة حول ألوهية يسوع، فهو يبرهن أيضاً هذه الألوهية من خلال الطريقة التي يتناول فيها بعض الإشارات إلى الله في العهد القديم.

تحدث كتّاب العهد الجديد في مناسبات مختلفة عن يسوع بصفته إلها من خلال مساواته بالرب في العهد القديم. ففي العهد القديم، أعلن الله نفسه إلى شعبه باسمه يهوه، الذي يترجَم عادة بالرب. وفي عدة أماكن في العهد الجديد، أشار الكتّاب إلى مقاطع تتحدث بوضوح عن يهوه، الرب، وقالوا إن هذه المقاطع تتحدث عن يسوع.

على سبيل المثال، يقتبس مرقس في ١: ٢-٣ من ملاخي ٣: ١، ومن إشعياء ٤٠: ٣، حيث نقرأ أن النبي أو المرسل سيسير قدام الرب. لكن لا يلبث مرقس أن يقول إن هذه النبوات قد تمّت عندما أعدّ يوحنا المعمدان الطريق أمام يسوع. بهذه الطريقة، أشار مرقس إلى أن يسوع هو الرب، يهوه، الذي تنبأ عنه ملاخي وإشعياء.

وقد وجد بولس ارتباطاً مماثلاً بين يسوع ويهوه في فيلبي ٢: ١١، حيث أشار إلى الإعلان المسيحي الأساسي بأن يسوع هو رب. ويصف يوحنا في ١: ١-٣، يسوع بكلمة الله التي بها خلق الله العالم في البدء. وهذه إشارة واضحة، كتب موسى في “الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض… وَقَالَ اللهُ: لِيَكُنْ نُورٌ”. وهذه الإشارة إلى وساطة يسوع في الخلق، تدل على أنه الله من جهة الجوهر بالفعل.

الصفات الإلهية

ثالثاً، بالإضافة إلى استخدام التصاريح الواضحة في العهد القديم للتأكيد على ألوهية يسوع، نسب كتّاب العهد الجديد أيضاً إلى يسوع الصفات الإلهية، صفات يملكها الله وحده. على سبيل المثال، نقرأ في عبرانيين ١: ٣:

وَهُوَ (الابن) بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ. (عبرانيين ١: ٣)

هنا، الابن يتساوى بالله بطرق نستنتج منها ألوهية الابن. علاوة على ذلك، يمارس الابن قوة الله غير المحدودة في الخلق والحفظ. فلا يمكن لكائن محدود أن يمتلك قوى غير محدودة؛ وحده الله غير المحدود يمتلك قوى مماثلة. وبالتالي، لا بد أن الابن هو مساوِ لله نفسه.

يؤكد العددان الأول والثاني من يوحنا الفصل الأول ألوهية يسوع بطريقة مماثلة عندما يعلنان:

فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، … هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. (يوحنا 1: 1-2)

عندما قال يوحنا إن الكلمة كان موجوداً في البدء، قصد بقوله إن الابن كان موجوداً منذ الأزل، قبل أن يُخلق أي شيء. كذلك نتعلم من تكوين ١: ١ أن الله كان موجوداً منذ الأزل قبل الخليقة. بعبارة أخرى الابن غير مخلوق. فقد وُجد مع الآب منذ الأزل. وبما أن اللهَ وحده يمكنه أن يمتلك صفة الوجود الأزلي، فلا شك في أن الابن هو من جوهر الله نفسه.

بعد أن رأينا أن المسيح يمتلك ألوهية كاملة، غدونا مستعدين أن ننتقل إلى العلاقات بين الابن وأقنومَي الثالوث الآخرَين.

الثالوث

عقيدة الثالوث حيوية بالنسبة للإيمان المسيحي. فمن جهة، الثالوث هو إحدى تلك العقائد التي تجعلنا ندرك أن الله هو فوق كل قدراتنا على فهمه. كذلك، أن الله سر عجيب، وبالتالي هو يلهمنا لنعبده. لكن من جهة أخرى، هذه العقيدة تفرز المسيحية عن كل الديانات الأخرى. فبينما ترى بعض الديانات الله ببساطة كشخص واحد، وتؤمن أخرى أنه يوجد آلهة متعددة، فإن العقيدة الكتابية للثالوث تعلمنا أن الله هو بمعنى ما ثلاثة، وبمعنى آخر واحد. وتاريخياً، هذه العقيدة المسيحية كانت لب إقرارنا بالمسيح.

لا يرد التعبير ثالوث في الكتاب المقدس، لكنه يعكس المفهوم الكتابي بأن الله هو ثلاثة أقانيم في جوهر واحد. والتعبير أقنوم يشير إلى شخصية متميّزة وواعية لذاتها. ويعلّم الكتاب المقدس أن الأقانيم الثلاثة هم الآب والابن والروح القدس. والتعبير جوهر يشير إلى طبيعة الله الأساسية، أو كُنه ما يتكون منه.

تعلم عقيدة الثالوث المسيحية بأن إلهاً واحداً موجود منذ الأزل في ثلاثة أقانيم متحدة: الآب، والابن والروح القدس. وقد استغرق التوصل إلى هذا المفهوم عن الله عدة قرون من صراع المسيحيين مع الكتاب المقدس. والدافع وراء نشأة عقيدة الثالوث، كان عبادة المسيحيين الباكرة للمسيح المقام والممجد. ويعلّم الكتاب المقدس أن يسوع هو إله. وقد عبّر المسيحيون عن ذلك بقولهم إن الابن هو من ذات طبيعة الآب. لكن كيف وفّقوا بين عبادة المسيح ووحدانية الله؟ المفتاح هو في التمييز بين الأقنوم والطبيعة. وتوصَّل المسيحيون من خلال الكتاب المقدس إلى الإقرار بأن الآب والابن هما واحد في الجوهر لكن مميزَين كأقنومَين. باختصار، يوجد إله واحد موجود منذ الأزل في كيان واحد كثلاثة أقانيم، الآب والابن والروح القدس. [د. كيث جونسون]

وصف اللاهوتيون عامة الثالوث من زاويتين. فمن جهة، تحدثوا عن العلاقات الوجودية بين أقانيم الثالوث. ومن جهة أخرى، تحدثوا أيضاً عن العلاقات التدبيرية. سننظر بصورة موجزة في هاتين الفكرتين، بدءاً من العلاقات الوجودية في الثالوث.

الوجودية

الكلمة وجودية تعني ما يتعلق بالوجود. لذا، عندما نتحدث عن علاقات وجودية بين أقانيم الثالوث، فنحن نقصد بذلك طريقة اتحادها فيما بينها، وحقيقة اشتراكها بجوهر إلهي واحد أو طبيعة واحدة. ولما كانت أقانيم الله الثلاثة تشترك بجوهر إلهي واحد، فهي جميعها تمتلك الصفات الإلهية ذاتها، مثل اللامحدودية والسرمدية وعدم التغير.

في فيلبي ٢: ٥-٨، يتحدث بولس عن هذه الناحية في الثالوث بهذه الطريقة:

الْمَسِيحِ يَسُوعَ … الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. (فيلبي ٢: ٥-٨)

يشير هذا المقطع إلى أمور كثيرة تتعلق بيسوع. لكننا سنركز على التصريح الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ. في هذه العبارة، علّم بولس بوضوح أن الابن يشترك مع الله الآب في الطبيعة الإلهية الواحدة أو الجوهر الواحد.  وتشير مقاطع أخرى إلى أن ذلك ينطبق أيضاً على الروح القدس. فجميعهم لهم الطبيعة الإلهية ذاتها. وكما قال يسوع في يوحنا ١٠: ٣٠:

أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ. (يوحنا ١٠: ٣٠)

وقد أدرك غير المؤمنين الذين سمعوا يسوع يُدلي بهذا التصريح المدهش، أنه يدّعي أنه الله، وسعوا إلى رجمه بتهمة التجديف.

الآن بعد أن نظرنا في التعليم الكتابي حول الثالوث الوجودي، لننظر فيما تعلمه الأسفار المقدسة عن العلاقات التدبيرية في الثالوث.

التدبيرية

الكلمة تدبيري تعني ما له علاقة بتدبير البيت. من هنا، عندما نتكلم عن علاقات تدبيرية ضمن الثالوث، نعني بذلك كيف يرتبط الآب والابن والروح القدس بعضهم ببعض، وكيف يتفاعلون فيما بينهم كأقانيم متميّزة.

من الزاوية الوجودية، يمتلك الابن الطبيعة الإلهية ذاتها التي للآب والروح القدس. لكن في إطار علاقاتهم التدبيرية، يخضع الابن لإرادة الآب، وله سلطان على الروح القدس.  وكما قال يسوع في يوحنا ٦: ٣٨:

لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. (يوحنا ٦: ٣٨)

وكما قال في يوحنا ٨: ٢٨-٢٩:

لَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ. (يوحنا ٨: ٢٨-٢٩)

في إطار تدبير الثالوث، الابن يذعن باستمرار لسلطان الآب وإرادته. وكما أن للآب سلطاناً على الابن، هكذا الآب والابن لهما سلطان على الروح القدس.

تكلم الابن عن سلطانه على الروح القدس في يوحنا ١٥: ٢٦، حيث قال:

وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ … فَهُوَ يَشْهَدُ لِي. (يوحنا ١٥: ٢٦)

فكما أن للآب السلطان أن يرسل الابن، كذلك للابن السلطان أن يرسل الروح القدس.

بالطبع، لم يوجد أبداً أي صراع بين أقانيم الثالوث. فالآب والابن والروح القدس متفقون دائماً. فهم لهم فكر واحد. لكن مع ذلك، يوجد في علاقاتهم التدبيرية، رُتباً متفاوتة؛ فللآب السلطة العليا، يليه الابن، وأخيراً الروح القدس.

في الحقيقة، يستحيل علينا أن نفهم بصورة كاملة طبيعة الثالوث والعلاقات بين أقانيمه. ونحن نعلم بالإيمان أن ما يعلنه الكتاب المقدس صحيح. لكن علينا أن نقرّ بأنه توجد نواح عدة في الثالوث تفوق إدراكنا. لكن مع ذلك، يمكننا أن نطمئن ونتشجع في حقيقة أن كل أقانيم الثالوث تعمل معاً لصنع خلاصنا نحن البشر. فالآب يسامحنا ويغفر خطايانا على أساس كفارة الابن. والآب والابن كلاهما أرسلا الروح القدس إلى حياتنا ليلدنا ثانية ويجدد حياتنا، إلى حين عودة الابن ليتمّم خلاصنا.

استكشفنا حتى الآن شخص يسوع وعمله منذ الأزل عن طريق النظر في ألوهيته وفي الثالوث. دعونا الآن ننتقل إلى مشورته الأزلية.

المشورة

التعبير اللاهوتي مشورة أزلية، أو قضاء الله الأزلي، يشير إلى خطط الله للعالم التي وضعت قبل عملية الخلق. وتوجد إشارات إلى مشورة الله الأزلية في مواضع مثل أعمال ٢: ٢٣؛ رومية ٨: ٢٨-٣٠؛ و1 بطرس الأولى ١: ٢.

وتتفاوت الآراء اللاهوتية التقليدية حول طبيعة وامتداد خطط الله. البعض يعتقد أن خطة الله الأزلية تتضمن كل تفصيل في التاريخ. آخرون يؤمنون أن الله حدّد بعض الأشياء دون سواها. لكننا نتفق جميعاً على أن ما أنجزه المسيح هو أساسي بالنسبة لخطة الله، أي أن الله عيّن الخلاص من خلاله، وأن المسيح لن يفشل.  نقرأ في أفسس ١: ٤، ١١:

كَمَا اخْتَارَنَا [الله] فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ … الَّذِي فِيهِ أَيْضاً نِلْنَا نَصِيباً مُعَيَّنِينَ سَابِقاً حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ. (أفسس ١: ٤، ١١)

ما فعله الله في المسيح لم يكن صدفة أو تصحيحاً لمشكلة غير متوقعة؛ بل كان مخططاً له بقضاء الله الأزلي. وعندما نفكر بمشورة الله الأزلية فيما يتعلق بالمسيح، من المفيد أن نميّز بين ناحيتين لهذه المشورة: العلم السابق والقصد.

يوجد مقطع واحد تظهر فيه بوضوح هاتان الناحيتان حول مشورة الله الأزلية، وذلك في إشعياء ٤٦: ١٠. استمع إلى ما قاله الله هناك:

مُخْبِرٌ مُنْذُ الْبَدْءِ بِالأَخِيرِ وَمُنْذُ الْقَدِيمِ بِمَا لَمْ يُفْعَلْ قَائِلاً رَأْيِي يَقُومُ وَأَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِي. (إشعياء ٤٦: ١٠)

فيما يتعلق بعلمه السابق، قال الله إنه منذ البدء، أي قبل خلق العالم، علم ما سوف يحدث. وفيما يتعلق بقصده، قال: رَأْيِي يَقُومُ وَأَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِي. دعونا ننظر إلى هاتين الفكرتين بتفصيل أكثر.

إنّ تعبير علم سابق يشير إلى علم الله قبل خلق العالم بالأحْداث التي ستحدث في مسار التاريخ. فالآب والابن والروح القدس هم كُلّيو المعرفة. وتمتد معرفتهم أيضاً إلى المستقبل. ونرى هذه الفكرة في إشعياء ٤٦: ١٠، نجدها أيضاً في أماكن مثل إشعياء ٤٢: ٩؛ ٤٥: ١١-١٣؛ وأعمال ١٥: ١٧-١٨.

ويمكننا وصف قصد الله في خلق العالم بطرق عديدة. في هذا الدرس، سنوجز هذا القصد بقولنا إن الله خلق العالم لكي يُظهر مجده ويُعظّمه من خلال ملكوت المسيح. ونرى هذا القصد معبّراً عنه في كل الكتاب المقدس، بما في ذلك المزمور ١٤٥: ١-٢١، 1 وتيموثاوس ١: ١٧، وعبرانيين ١: ١-١٣؛ 1 بطرس ١: ٢٠-٢: ٩؛ والرؤيا ١: ٥-٦.

في القرون الأخيرة، وجد بعض اللاهوتيين أنه من المفيد أن نصف مشورة الله الأزلية فيما يتعلق بملكوته المجيد بوصفه عهد فداء. ويشير الكتاب المقدس أنه قبل خلق العالم، قامت أقانيم الثالوث بوضع ترتيب مقدس لضمان الفداء، وتطبيقه على الخليقة الساقطة. وأخذ الابن على عاتقه أن يتجسد ويموت ليفدي الجنس البشري الساقط من نتائج الخطية. ووعد الآب أن يقبل ذبيحة الابن كثمن لفداء الخطاة. ويضيف بعض اللاهوتيين أن الروح القدس وعد بتطبيق الخلاص على الخطاة المفديين.

كان ذلك اتفاقاً وضع فيه الآب خطة خلاص شعبه. كما قرّر أيضاً أن يتجسد الابن في طبيعة بشرية، فيتخذ جسداً، جسداً بشرياً مشابهاً لجسدنا. ووافق الابن أن يأتي إلى هذه الأرض، ويبذل حياته على الصليب، نيابة عن شعب الله وفداءً للجنس البشري. كما أن جزءاً من عهد الفداء هذا هو إرسال الروح القدس الذي يأخذ عمل المسيح ويطبقه على شعب الله. [د. جِف لومان]

وعهد الفداء مهم بالنسبة إلينا لأنه يوضح لنا ويوجز ما فعله يسوع واستمر في فعله من خلال تجسده. والوعود المتضمنة في عهد الفداء مذكورة في مواضع عدة مثل المزمور ١١٠ وأفسس ١: ٣-). ومستنتجة في مواضع مثل 1 بطرس ١: ٢٠، والرؤيا ١٣: ٨. كمثال واحد فقط، استمع إلى كلمات يسوع في يوحنا ٦: ٣٨-٤٠:

نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. وَهذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئاً بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. (يوحنا ٦: ٣٨-٤٠)

الفداء هو مسألة تتعلق بقصد أزلي أنشأه الله قبل تأسيس العالم. لا يمكننا أن نسبر غور كل أسراره. فالله لامتناهٍ وهناك أمور تبقى محجوبة عنا لم يكشفها الله لنا، لكن نريد أن نفهم كل شيء أعلنه لنا حول الفداء. وهناك إشارات في كل الكِتاب المُقدَّس تشير إلى وجود عهد داخل الثالوث المقدس منذ الأزل، يقتضي بإظهار الله مجده. وبالتالي تُسرُّ كائنات أخرى بمجد الله ويكون هناك سرور متزايد لا ينتهي. ويبدو من خلال الكِتاب المُقدَّس أن الطريقة التي قام بها الله بذلك هي من خلال قصد فدائي. وذلك بأخذه كائنات بشرية أثيمة تستحق العقاب وفدائها. وما يمكن استنتاجه من الكِتاب المُقدَّس، فإن ترتيب العهد هذا قد تمّ قبل تأسيس العالم، قبل أن يخلق الله العالم، بحيث يختار الله شعباً، ويأتي المسيح ليموت ويفدي هذا الشعب، ثم يجذب الروح القدس هذا الشعب نازعاً منهم فساد الخطية، وهكذا يتوبون ويقبلون المسيح. [د. توماس نِتِلز]

يجب أن تكون مشورة الله الأزلية مصدر تعزية لكل المؤمنين. فقبل أن يصنع الله الكون، صمّم الخليقة لتُظهر مجده، وتكون مكاناً مناسباً يختبر فيه الجنس البشري خيرات مُلكه. وبسبب علم الله السابق، لا شيء يفاجئه. فالله لم يُصدَم بسقوط الجنس البشري في الخطية. فخلاصنا ليس محاولته الأخيرة ليُصلح شيئاً تعطَّل فجأة. بل على العكس، فكل شيء يحدث وفق خطته. ورغم ذهولنا، فهذا الإله نفسه مهندس الكون وخالقه، تجسد في يسوع الناصري. فقد دخل الخليقة ليردّها ويردنا نحن أيضاً وفق مقاصده الأزلية.

والآن بعد أن بحثنا في أزلية الابن، لنوجه انتباهنا إلى الفترة الأولى للخلق.

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

القسم الأول: الأزلية

مخطط لتدوين الملاحظات

المقدمة

I. الأزلية

أ. الألوهية

١. تصريحات واضحة

٢. العهد القديم

٣. الصفات الإلهية

ب. الثالوث

١. الوجودية

٢. التدبيرية

ج. المشورة

أسئلة المراجعة

1. عقيدة المسيح معروفة باسم _____________.
2. متى جاء الثالوث إلى الوجود؟
3. تقول عبرانيين 13: 8 أن يسوع هو هو، “أمسًا واليوم و_____________.”
4. تدعو تيطس 2: 13 يسوع “_____________ العظيم ومخلصنا يسوع المسيح.”
5. ماذا تقول يوحنا 1:1 عن يسوع الكلمة؟
6. في بعض الأوقات يساوي كُتَّاب العهد الجديد يسوع مع أي اسم إلهي لله في العهد القديم؟
7. ماذا تقول عبرانيين 1: 3 عن الابن؟
8. هل يظهر مصطلح “ثالوث” في الكتاب المقدس؟
9. كيف يعبِّر الكتاب المقدس عن التعليم الكتابي عن الثالوث؟
10. ما الذي يعنيه الثالوث “الوجودي”؟
11. ما الذي يعنيه الثالوث “التدبيري”؟
12. ما هو “المجلس الأبدي” أو “الحكم الأبدي”؟
13. ما هو “عهد الفداء”؟

أسئلة تطبيقية

1. كيف تؤثر معرفتك بأن يسوع هو الله الأزلي على علاقتك معه؟
2. ما هي أهمية عقيدة الثالوث لك شخصيًا؟ ماذا لو لم تكن صحيحة؟ كيف سيغيِّر هذا حياتك؟ بما إنها صحيحة بالفعل، فما الاختلاف الذي يصنعه هذا؟
3. أي تعزية وتشجيع تجدها في خطة الله الأزلية للخلاص؟

AJAX progress indicator
Search: (clear)
  • الثالوث
    تعبير لاهوتي يُستخدم للتعبير عن حقيقة أن الله جوهر واحد في ثلاثة أقانيم
الاختبارات
نؤمن بيسوع - الدرس الأول - الامتحان الأول
Previous القسم
Back to الدرس
Next القسم

انجازك في الدورة

0% Complete
0/42 Steps

محتوى الدورة الدراسية

الدورة Home عرض الكل
ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: الفادي
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثاني: المسيح
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثالث: النبي
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الثالث
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الثالث – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الرابع: الكاهن
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الرابع
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الخامس: الملك
6 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الخامس
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الأول
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الثاني
نؤمن بيسوع – الدرس الخامس – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس السادس: القراءات المطلوبة
3 الأقسام | 4 الاختبارات
متطلبات القراءة 1
متطلبات القراءة 2
متطلبات القراءة 3
العودة إلى نؤمن بيسوع

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in