مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / الأناجيل / الدرس الخامس: الإنجيل بحسب يوحنا

الأناجيل – الدرس الخامس – القسم الأول

الدورات الدراسية الأناجيل الدرس الخامس: الإنجيل بحسب يوحنا الأناجيل – الدرس الخامس – القسم الأول
الدرس Progress
0% Complete
 
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

المقدمة
الخلفية
المؤلف

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS05_01.mp4
موضوعات ذات صلة
What might the term Word of God have meant to John's original audience?

الموقف التقليدي

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS05_02.mp4
موضوعات ذات صلة
Why should we be concerned with the Bible's human authors?

السيرة الشخصية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS05_03.mp4
موضوعات ذات صلة
Why did John connect love for God with obedience to God?

المناسبة
المكان
القرّاء

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS05_04.mp4
موضوعات ذات صلة
How might the place where John wrote his gospel have influenced its shape and content?

التاريخ

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS05_05.mp4
موضوعات ذات صلة
When was the Gospel of John written?

القصد

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS05_06.mp4
موضوعات ذات صلة
Why did John write his gospel?
  • المقدمة
    الخلفية
    المؤلف
  • الموقف التقليدي
  • السيرة الشخصية
  • المناسبة
    المكان
    القرّاء
  • التاريخ
  • القصد

المقدمة
الخلفية
المؤلف

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS05_01.mp3
Related Audio What might the term Word of God have meant to John's original audience?

الموقف التقليدي

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS05_02.mp3
Related Audio Why should we be concerned with the Bible's human authors?

السيرة الشخصية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS05_03.mp3
Related Audio Why did John connect love for God with obedience to God?

المناسبة
المكان
القرّاء

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS05_04.mp3
Related Audio How might the place where John wrote his gospel have influenced its shape and content?

التاريخ

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS05_05.mp3
Related Audio When was the Gospel of John written?

القصد

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS05_06.mp3
Related Audio Why did John write his gospel?
  • المقدمة
    الخلفية
    المؤلف
  • الموقف التقليدي
  • السيرة الشخصية
  • المناسبة
    المكان
    القرّاء
  • التاريخ
  • القصد

المقدمة

ليس هذا اسمَها الحقيقيّ. إنه الاسمُ الذي تَستخدِمُه لتُخفيَ هويتَها الحقيقيةَ عن الأصدقاءِ وأفرادِ العائلةِ الذين يُهدّدون بقتلِها، لأنها تؤمنُ الآنَ بيسوعَ. تنتمي صوفيا إلى بيئةٍ فيها يؤدي الإيمانُ بيسوعَ أحياناً إلى الاضطهادِ. وكما كانت الحالةُ في القرنِ الأولِ للميلادِ، هكذا هي الحالةُ اليومَ في أماكنَ عديدةٍ من العالمِ. ففي زمنِ الرسولِ يوحنا، كان الذين يؤمنون بيسوعَ من اليهودِ يُطردون من المجامعِ بسببِ إيمانِهم بأنه يتمِّمُ الوعودَ التي قَطعها اللهُ لأسلافِهم في القديمِ. كان هؤلاء يُبعَدون عن عائلاتِهم وتاريخِهم وديانتِهم. وقد كتبَ يوحنا ليؤكدَ لأولئكَ المؤمنينَ المُضطهَدين بأن يسوعَ هو حقاً ابنُ اللهِ. كما أراد أن يشجِّعَهم أن يبقوا أمناءَ ليسوعَ حتى في ظروفِهم القاسيةِ، وأن يتمتعوا بالحياةِ الفيّاضةِ معه.

هذا هو الدرس الخامس في سلسلتنا الأناجيل. في هذه السلسلة، نحن نبحث في كتب أربعة توجد في الكتاب المقدس وتخبرنا كيف أعلن يسوعُ ملكوتَ الله ومجدَه في التاريخ على الأرض. وقد أعطينا هذا الدرس العنوان “الإنجيل حسب يوحنا”. في هذا البحث، سندرس إنجيل يوحنا بطريقة تساعدنا على قراءته بفهم أعمق، وتزيد من محبتنا لله، وتجعلنا نتمتع بحياتنا مع المسيح بشكل أفضل.

سنتناول في درسنا هذا إنجيل يوحنا من ثلاث نواح هامة. أولاً، سننظر في خلفية إنجيل يوحنا. ثانياً، سنفحص بنيته ومحتواه. ثالثاً، سننظر في المواضيع الرئيسية في إنجيل يوحنا. فلنبدأ في درس خلفية إنجيل يوحنا.

الخلفية

سنتناول خلفية إنجيل يوحنا من خلال البحث في كاتب الإنجيل، ومناسبة الكتابة. لنبدأ بكاتب إنجيل يوحنا.

المؤلف

عبر تاريخ الكنيسة، نسب المسيحيون هذا الإنجيل باستمرار إلى يوحنا تلميذ يسوع، وأخي يعقوب بن زبدي. وكان يوحنا أحد رفاق يسوع المقربين، وقد وضع يسوع ثقته بهم بشكل خاص، وكان يوحنا من أعمدة الإيمان في الجماعة المسيحية الباكرة. وتتضمن كتاباته في العهد الجديد بالإضافة إلى الإنجيل الرابع، رسائل يوحنا الأولى والثانية والثالثة، وكتاب الرؤيا.

سندرس من هو كاتب إنجيل يوحنا على مرحلتَين. أولاً، سنبرهن أن الموقف التقليدي الذي يعتبر أن الرسول يوحنا كتب هذا الإنجيل، موثوق به. وثانياً، سنتناول سيرة يوحنا الشخصية. لنبدأ بالنظر في الموقف التقليدي القائل بأن الرسول يوحنا هو كاتب الإنجيل الرابع.

الموقف التقليدي

إنّ إنجيل يوحنا هو أحد كتب الكتاب المقدّس التي لا يرد فيها اسم مَن كتبها. وسنبدأ من هذه النقطة. فأنا أعتقد أنّنا كمسيحيّين مؤمنين بالكتاب المقدّس، في الواقع، لا نملك تصريحاً مؤكّداً حول هويّة الكاتب. وفي القرن الثاني، نسبه ترتليانوس وإيريناوس وآخرون بلا ريب إلى الرسول يوحنّا. وعلينا أن نطرح السؤال التالي: لماذا كانوا يعتقدون ذلك في وقت قريب من زمنه؟ والجواب هو، إما لأنهم كانوا على تواصل مع آخِر الرسل الأحياء، أو على الأقل مع الجيل التالي، ما جعلهم متأكّدين إلى هذه الدرجة. ثم نقرأ الإنجيل، ونبحث عن الأدلّة الداخلية في الكتاب نفسه، فنجد رواية شهود عيان، فأياً كان الكاتب فهو يخبرنا بما عاين من أحداث. على سبيل المثال، في عشاء الربّ، كان الذي يُدعى التلميذ الحبيب على المائدة، جالساً هو نفسه مع التلاميذ، وهذا أمر بالغ الأهمية. [د. ستيف هاربر]

يمكننا أن نؤكد أن يوحنا هو على الأرجح كاتب الإنجيل الرابع، مستندين إلى ثلاثة أنواع من الأدلة الباكرة. أولاً، سننظر في المخطوطات القديمة لإنجيل يوحنا.

المخطوطات. إن الكثير من المخطوطات القديمة للإنجيل الرابع، تذكر اسم يوحنا ككاتب لهذا الإنجيل. على سبيل المثال، البرديتان ٦٦ و٧٥ ويعود تاريخهما إلى حوالي عام ٢٠٠م، يدعوان الإنجيل إيفانجلِيون كاتا يُوانّي، أي “الإنجيل حسب يوحنا”. أما المخطوطة السينائية والمخطوطة الفاتيكانية، ويعود تاريخ كتابتهما إلى منتصف القرن الرابع للميلاد، فتُسميان الإنجيل ببساطة “حسب يوحنا”.

بالطبع، كان اسم يوحنا شائعاً، لكن من الواضح من خلال كتابات الكنيسة الباكرة، أن المُراد بهذه التسمية هو “يوحنا” الرسول، أحد الشخصيات البارزة المذكورة في الكتاب المقدس.

ولا تشير المخطوطات القديمة إلى أن يوحنا هو كاتب الإنجيل الرابع فحسب، بل يمكن أن نستنتج أيضاً من الدليل الداخلي، أي الأدلة من الإنجيل نفسه، إلى أن يوحنا على الأرجح هو الكاتب.

   الدليل الداخلي. يذكر كاتب الإنجيل جدالات حصلت بين يسوع والقادة اليهود حول نقاط محدّدة في الشريعة اليهودية. وتُظهر هذه الجدالات أن للكاتب فهماً عميقاً بالشريعة اليهودية، فهماً لا يمتلكه سوى يهودي كان يعيش في فلسطين، مثل يوحنا الرسول.

علاوة على ذلك، يوجد دليل قوي على أن كاتب الإنجيل هو يهودي فلسطيني. فالطابع الفلسطيني للإنجيل ظاهر في وصفه لخدمة يسوع. على سبيل المثال، يشير الكاتب في ٧: ١٥ إلى أهمية التدريب الديني في نظر القادة اليهود في فلسطين.

كما يذكر كاتب الإنجيل الرابع مواضيع دينية، ويستخدم مفردات شبيهة بتلك التي كانت مستخدمة في كتابات يهودية أخرى في القرن الأول في فلسطين. على سبيل المثال، أشار عدد من الدارسين إلى أوجه الشبه بين لغة إنجيل يوحنا وكتابات قمران، المعروفة عامة بمخطوطات البحر الميت. فعبارة “أَبْنَاءَ النُّورِ” مثلاً تَظهر في مخطوطات قمران وفي إنجيل يوحنا ١٢: ٣٦. كما تَرد عبارة “نُورُ الْحَيَاةِ” في كتابات قمران وفي يوحنا ٨: ١٢. وتدل أوجه شبه مماثلة، على أن كاتب الإنجيل الرابع كان معتاداً على الحوار الديني في فلسطين في القرن الأول.

ولا يعطي نص الإنجيل الانطباع بأنه كُتب على يد يهودي فلسطيني فحسب، بل يعطي أيضاً الانطباع بأن كاتبه هو شاهد عيان. وهذا ينطبق على يوحنا الرسول، فهو كان شاهدَ عيان على حياة يسوع. وهناك أدلة على كون الكاتب شاهد عيان في مواضع عدة. فمثلا بعد موت يسوع، نقرأ في يوحنا ١٩: ٣٥:

وَالَّذِي عَايَنَ شَهِدَ، وَشَهَادَتُهُ حَق، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ لِتُؤْمِنُوا أَنْتُمْ.

هنا، أشار الكاتب بوضوح إلى كونه شاهد عيان على موت يسوع. ونجد تصريحاً مماثلاً في ٢١: ٢٠-٢٤، حيث وردت إشارة إلى شاهد العيان هذا بعبارة التلميذ الذي كان يسوع يحبه، ما يدل على أن للكاتب علاقة صداقة ودية بيسوع.

فلنتأمل فيما كان شعور يوحنّا في العشاء الأخير عندما اتّكأ على صدر يسوع. لا شك في أن صداقة ودودة كانت تجمع بينهما. والدليل هو عندما كان يسوع يحتضر على الصليب لم يضَعْ مريم في عهدة أي كان، بل وضعها في عهدة الرسول يوحنّا. لا بدّ من وجود علاقة قُربى تجمع بين الفتى يوحنا ويسوع. وحتّى عندما يصف يوحنّا ذاته، لا يفعل ذلك بتكبّر أو غرور، بل كتلميذٍ كان يسوع يحبّه. [القس تاد جيمز]

وهذا “التلميذ الذي كان يسوع يحبه” يَرد ذكره هكذا بضع مرات في إنجيل يوحنا. فمثلاً، نقرأ في يوحنا ١٣: ٢٣، أن التلميذ الحبيب كان أثناء العشاء الأخير مُتَّكِئاً على صدر يَسُوعَ. في ١٩: ٢٦-٢٧، تحدث يسوع إلى تلميذه الحبيب من على الصليب، وأوكل إليه الاهتمام بأمه. وهذا التلميذ عينه ركض إلى القبر مع بطرس صباح القيامة في ٢٠: ٢-٨. وفي ٢١: ٧، كان التلميذ الحبيب أول من لاحظ يسوع واقفا على الشاطئ.

لم يُذكَر يوحنّا بالاسم قطّ في الإنجيل الذي كتَبَه لأنّه كان يفضّل التعريف عن نفسه بأنه الذي أحبَّه يسوع. وبذلك هو يُعبّر عن تواضعه من جهة، وعن الصداقة التي تربطه بالرب من جهةٍ أخرى. فعندما نقرأ الإنجيل؛ إنجيل يوحنا بالتحديد، نرى أنّه يذكر التلاميذ الآخرين كلّهم ولا يشير أبداً إلى نفسه بالاسم، وهذا أمرٌ معبِّر ومثير للاهتمام. [د. لاري كوكريل]

لا نجدُ في الإنجيلِ أيَّ إشارةٍ إلى يوحنا بالاسمِ. والمُدهشُ أن الشخصَ الذي ذُكِرَ مراراً في الأناجيلِ الأخرى، لا يُشارُ إليه إطلاقاً بالاسمِ في هذا الإنجيلِ. والتفسيرُ المرجَّحُ لذلك، هو أن يوحنا هو التلميذُ الحبيبُ الذي كتب هذا الإنجيلَ، وأنه بدافعِ التواضعِ امتنع عن ذِكرِ اسمِه. لكنه، شدَّد على حَقيقةِ أنه لم يكنْ ليُصبحَ تلميذاً ليسوعَ لولا تلك المحبةُ الإلهيةُ المدهشةُ للمخلّصِ من نحوِه.

لا يدعم الإنجيل الرابع فقط الاعتقاد بأن يوحنا هو كاتبه المرجّح، بل إن كتابات الكنيسة الباكرة تدعم أيضاً هذا الاستنتاج.

   الكنيسة الباكرة. في الفترة ما بين العامين ١٧٠ و١٩٠م، كان الاعتقاد بأن الرسول يوحنا هو كاتب الإنجيل الرابع قد ترسّخ في الكنيسة. فأَكليمَندُس الإسكندري، وترتليانوس، وإيريناوس أكدوا جميعاً أن يوحنا ابن زبدي هو الكاتب. حوالي عام ٣٢٥م، وفي مؤلفه تاريخ الكنيسة، المجلد ٥ والفصل ٨ والجزء ٤، استشهد المؤرخ الكنسي يوسابيوس بقول إيريناوس:

ثم يوحنا تلميذ الرب، الذي ارتاح على صدره، هو نفسه أعطانا الإنجيل الرابع، بينما كان مقيماً في أفسس في آسيا.

شهادة إيريناوس مهمة بصورة خاصة لسببين على الأقل. أولاً، يخبرنا يوسابيوس بأن إيريناوس كان تلميذاً لبوليكاربُس أسقف سميرنا. وبحسب رسالة من كنيسة سميرنا تتعلق باستشهاد أسقفهم، يَظهر أن بوليكاربُس نفسه كان تلميذاً للرسول يوحنا. لذلك، يمكن أن يكون إيريناوس قد عرف أن الرسول يوحنا هو الكاتب، من شخص موثوق به، كان يعرف يوحنا شخصياً. ثانياً، تجوّل إيريناوس كثيراً في زمن الكنيسة الباكرة، ولذا كان على اطِّلاع على الكثير من المعلومات الإضافية التي يمكن أن تكون ساعدته على معرفة من هو كاتب الإنجيل الرابع.

كما أن الأمر الذي له دلالته، هو عدم وجود أي اعتراض على أن يوحنا ابن زبدي هو الكاتب. فلا يرد في كتابات الكنيسة الباكرة أي تلميح إلى كاتب آخر لهذا الإنجيل. في الواقع، يشير التاريخ فقط إلى جماعتين عارضتا إنجيل يوحنا، هما: الأَلوغوي والمارقيونيون. وهاتان الجماعتان رفضتا تعاليم إنجيل يوحنا، ولا يوجد دليل واضح أنهما رفضتا نسبة الإنجيل إلى يوحنا.

مع أنه لا يمكننا أن نبرهن بكل يقين أن هذا الإنجيل الذي لا يحتوي على اسم كاتبه قد كتبه يوحنا، فإن الموقف الأكثر إقناعاً يبقى التقليد القديم بأن يوحنا هو الكاتب.

والآن بعد أن نظرنا في الموقف التقليدي القائل بأن يوحنا هو كاتب الإنجيل الرابع ووجدنا أنه مقنع، فلننظر في سيرة يوحنا الشخصية.

السيرة الشخصية

في الواقع، ما نعرفه عن يوحنا هو أكثر مما نعرفه عن أي تلميذٍ من تلاميذ يسوع الآخرين. يُشار إلى يوحنا في الأناجيل مع أخيه يعقوب بـ”ابنَي زبدي”. ويَرِد يوحنا دائماً ثانياً، ما يدلّ على أنه الأصغر بين الاثنين. وحسب مرقس ١: ١٤-٢١ كانت الأسرة تعمل في تجارة صيد السمك قرب كفرناحوم على بحر الجليل. وكما نقرأ في العدد ٢٠، كانت التجارة مزدهرة بحيث كان عندهم مستخدَمون. بعد موت يسوع، كانت التجارة ما زالت نشيطة بحيث عادا إليها كما نقرأ في يوحنا ٢١: ١-١٤.

ونستخلص من مقارنة مرقس ١٥: ٤٠ مع متى ٢٧: ٥٦، أن اسم أم ابني زبدي هو سالومة، وأنها هي أيضاً تبعت يسوع ولو لفترة قصيرة. وقد طلبت مرة من يسوع أن يُعطي ولدَيها مركزاً مميّزاً في ملكوته كما ورد في متى ٢٠: ٢١. علاوة على ذلك، فإن مقارنة يوحنا ١٩: ٢٥ مع متى ٢٧: ٥٦ قد تشير إلى أن سالومة، أم ابني زبدي، هي في الحقيقة أخت مريم أم يسوع. وهذا يجعل يوحنا ابن خالة يسوع. وفي حال كان ذلك صحيحاً، فإنه يساعدنا أن نفهم لماذا طلب يسوع من يوحنا وهو على الصليب أن يعتني بأمه كما ورد في يوحنا ١٩: ٢٥-٢٧.

في مرقس ٣: ١٧، دُعي يعقوب ويوحنا “ابنَي الرعد”. ويبدو أن تلك كانت إشارة إلى طبعهما الناري. وكمثال على ذلك، يخبرنا لوقا عن مناسبةٍ حاول فيها يسوع أن يجد مكاناً يبيت فيه ليلته في مدينة سامرية. وعندما رفض السكان أن يسمحوا له ولتلاميذه بالمكوث، غضب يعقوب ويوحنا غضباً شديداً. استمع إلى لوقا ٩: ٥٤-٥٦:

فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ تِلْمِيذَاهُ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا، قَالاَ: “يَا رَبُّ، أَتُرِيدُ أَنْ نَقُولَ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتُفْنِيَهُمْ؟” فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا… فَمَضَوْا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى.

يبدو أنه في الفترة التي أمضاها يوحنا مع يسوع، تحول من إنسان سريع الغضب إلى إنسان ناضج في محبته، الأمر الذي جعله لاحقاً الكاتب الذي ركّز أكثر من أي كاتب آخر في العهد الجديد على محبة الله وشعبه.

يعتقدُ بعضُ النُقّادِ أن ميزةَ الرحمةِ الوافرةِ في الإنجيلِ الرابعِ تتناقضُ مع صورةِ يوحنا التي تَبرزُ في الأناجيلِ الأخرى. لكن المَنطِقَ يقولُ إنه لا يوجدُ تناقضٌ. أولاً، كان يوحنا إنساناً تغيّرَتْ حياتُه بمحبةِ اللهِ. ومحبةُ الله غيَّرتْ يوحنا ليُصبحَ رسولَ المحبةِ. ثانياً، عندما غيّرَ اللهُ يوحنا حادَّ الطِباعِ والعاطفيَّ لم يُغيّرْه ليصبحَ هيكلاً بشريّاً بِلا عاطفةٍ. بل غيّرَه إلى مُبَشِّرٍ بإنجيلِ المحبةِ بعاطفةٍ جياشةٍ. فقد استخدمَ اللهُ جوهرَ كِيانِه وأعادَ تَوجيهَه، من دونِ أن يمحوَ ذلك الجوهرَ.

في روايات الأناجيل، يوحنا هو أحد التلاميذ المقرّبين من يسوع إلى جانب بطرس ويعقوب. وهؤلاء الثلاثة وحدهم كانوا مع يسوع في الأحداث الحاسمة مثل التجلي، وصلاة يسوع في جَتْسيماني ليلة القبض عليه. يذكر كتاب أعمال الرسل، أن بطرس ويوحنا كانا قائدَين بين التلاميذ. وفي غلاطية ٢: ٩، سمَّى بولسُ يوحنا عموداً من أعمدة الكنيسة في أورشليم.

نعلم من إيريناوس ومن مصادر أخرى كثيرة في الكنيسة الباكرة عن خدمة يوحنا الطويلة في أفسس بعد مغادرته أورشليم. وهناك تقليد قوي يروي أن يوحنا نُفي في النهاية إلى جزيرة بطمس. وبحسب بعض المصادر، أُطلق لاحقاً من منفاه وعاد إلى أفسس، حيث مات هناك إبان حكم الإمبراطور تراجان، نحو نهاية القرن الأول.

والآن بعد أن أثبتنا الموقف التقليدي أن يوحنا هو كاتب الإنجيل الرابع، وتعرّفنا قليلاً إلى تاريخ يوحنا الشخصي، دعونا نفحص مناسبة كتابة إنجيل يوحنا.

المناسبة

سنتناول مناسبة كتابة إنجيل يوحنا من أربع نواحٍ. أولاً، سننظر في المكان الجغرافي لكلا الكاتب والقرّاء. ثانياً، سننظر عن قرب أكثر في هوية القرّاء الأولين. ثالثاً، سنبحث في تاريخ الكتابة. ورابعاً، سنتأمل بالقصد من الإنجيل. لنبدأ بالنظر في مكان إنجيل يوحنا.

المكان

من المرجح أن يوحنا كتب إنجيله عندما كان في أفسس، وأنه كتب إلى جماعة تعيش خارج فلسطين، ربما في آسية الصغرى. لا يمكننا التيقن من هذه الأمور، لكن هناك عوامل عدة تدعم هذه الاستنتاجات. على سبيل المثال، تعليقات يوحنا على العادات اليهودية في فلسطين، تدلّ على أنه يكتب إلى قرّاء يعيشون خارج فلسطين. استمع إلى ما كتبه يوحنا في ٤: ٩:

فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟” لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ.

في هذا العدد، أضاف يوحنا تعليقاً لقرائه حول العداوة بين اليهود والسامريين. لا شك أن هذه العداوة كانت معروفة جيداً عند الجميع في فلسطين، لذا نستنتج أن تعليق يوحنا يدلّ على أنه يكتب إلى أناس يعيشون في مكان آخر خارج فلسطين.

كما تدل كتابات الكنيسة الباكرة على أن الإنجيل كُتب في الأصل إلى جماعة تعيش خارج أورشليم. وسبق وأشرنا إلى يوسابيوس الذي اقتبس من إيريناوس قوله إن يوحنا كتب إنجيله في الأصل في أفسس في آسية الصغرى. وقد وافقت كل الكنيسة الباكرة تقريباً على هذا القول، ومن بينهم إيريناوس، بوليكراتس، إكلميندس الإسكندري، ويوستينيوس الشهيد. علاوة على ذلك، لا يشير أي مصدر قديم إلى قرّاء آخرين للإنجيل سوى المقيمين في آسية الصغرى.

كما يوجد ارتباط وثيق بين إنجيل يوحنا وكتاب الرؤيا. كتب يوحنا كتاب الرؤيا، وكان قراؤه بلا ريب في آسية الصغرى، فالكنائس السبع الموجهة إليها الرسائل في رؤيا ٢ و٣ هي في آسية الصغرى. والتشابه الكبير بين إنجيل يوحنا وكتاب الرؤيا يقود إلى الافتراض القوي بأن يكون القرّاء متشابهين. على سبيل المثال، إنجيل يوحنا له خط تعليمي مرتبط بالنزاع بين المهتدين من اليهود إلى المسيحية والمجامع اليهودية. وكتاب الرؤيا يعترف بهذه المشكلة. استمع إلى ما قاله الرب لكنيسته في رؤيا ٢: ٩ وفي ٣: ٩:

أَنَا أَعْرِفُ… تَجْدِيفَ الْقَائِلِينَ: إِنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُوداً، بَلْ هُمْ مَجْمَعُ الشَّيْطَانِ… هنَذَا أَجْعَلُ الَّذِينَ مِنْ مَجْمَعِ الشَّيْطَانِ، مِنَ الْقَائِلِينَ إِنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُوداً، بَلْ يَكْذِبُونَ،­ هنَذَا أُصَيِّرُهُمْ يَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَ رِجْلَيْكَ، وَيَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا أَحْبَبْتُكَ.

ونعلم، من جهة أخرى، من أعمال ١٩: ١-٧ أن أتباع يوحنا المعمدان كانوا لا يزالون في أفسس حتى ذلك الوقت. فإن كان يوحنا كتب إلى قرّاء من بينهم أتباعٌ ليوحنا المعمدان، فذلك يفسّر تشديد الإنجيل الواضح على تفوق يسوع على يوحنا.

مع أنه لا يمكننا الجزم في هذه المسألة، لكننا نرجح أن يوحنا كان في أفسس عندما كتب إنجيله، وقد لعبت الظروف في آسية الصغرى دوراً في تشكيل إنجيله.

أما بعد أن أشرنا إلى أن المكان الذي كُتب فيه الإنجيل كان على الأرجح أفسس، فلننظر عن قرب في طبيعة هؤلاء القرّاء الأولين الذين كتب إليهم يوحنا.

القراء

كما هي الحال بالنسبة لكل الأناجيل، فإن إنجيل يوحنا كان موجّهاً إلى كل الكنيسة عبر العصور. وله قيمة لامتناهية بالنسبة إلى كل شعب الله. لكن يبدو أن هناك أجزاء من إنجيل يوحنا لها قيمة خاصة بالنسبة للكنيسة في مكان وزمان معيّنين. على الأقل في بعض الأجزاء من إنجيله، كان في ذهن يوحنا أعضاء من المجتمع اليهودي الذين آمنوا أن يسوع هو المسيح الموعود، لكنهم استمروا يعبدون في المجمع، أو حافظوا على علاقات هامة مع الجماعة اليهودية. في الواقع، يتناول القسم الأوسط من الإنجيل بكامله تقريباً من ٥-١٢، الصراع الشديد بين يسوع واليهود.

ويُلقي يوحنا الضوء على هذا الصراع باستخدامه عبارة “اليهود” أكثر من ٧٠ مرة، والتي ترد أقل من ٢٠ مرة في الأناجيل الثلاثة الأخرى مجتمعة. واستخدم يوحنا هذا التعبير غالباً للإشارة إلى القادة الدينيين المقاومين ليسوع.

في المقابل، عندما تحدث يوحنا بشكل إيجابي عن شعب العهد القديم، استخدم على نحو نموذجي كلمات مثل “إسرائيل” أو “إسرائيلي”. على سبيل المثال، في يوحنا ١: ٤٧ دعا يسوع نثنائيل “إِسْرَائِيلِيٌّ حَقّاً لاَ غِشَّ فِيهِ”.

كما استخدم يوحنا أيضاً الكلمة اليونانية التي تشير إلى “المسيح” أكثر من أي كاتب إنجيل آخر. والتعبير “مسيح” هو ترجمة للكلمة اليونانية خريستوس والكلمة العبرية ماشياح وتعنيان الشخص الممسوح. فالمسيح هو الفادي الذي مسحه الله ليخلص إسرائيل من خطاياهم ويحرّرهم من الحكم الأجنبي.

والتعبير “مسيح” مهمٌ بصورة خاصة بالنسبة لليهود المسيحيين، لأن محور الاختلاف بين المجمع اليهودي والكنيسة المسيحية النامية، كان الإيمان بأن يسوع الناصري هو المسيح، مخلص شعب الله المنتظر منذ أمد بعيد، والذي أُنبِئ عنه في العهد القديم.

لم تُطلَق تسمية “المسيح” على المخلص الذي ينتظره اليهود إلا بعد وقتٍ طويل. غير أنّ الوعد بنسل امرأة ينتصر على الشرّ، أي على عمل إبليس ونسله، قد قُطِعَ في كتاب التكوين ٣: ١٥. حيث ذُكِر نسل المرأة الذي اتضح لاحقاً أنّه سيكون أيضاً نسل إبراهيم، ثمّ بعد ذلك أيضاً نسل يهوّذا، وأن الوعود التي قطِعت بدينونة الحيّة، وببركة كل الأمم من خلال نسل إبراهيم، ثمّ الوعود ليهوذا بأنّ صولجان الحكم لن يفارقه أبداً. هذه الوعود نراها محبوكةً معاً في أقوال بلعام، وهكذا كما كانت خطة الله منذ البداية، ينتصر المسيح الموعود على الشرّ ويفتح في النهاية من جديد الطريق إلى جنّة عدن وتَمْتَلِئُ الأَرْضُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَجْدِ الرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي الْمِيَاهُ الْبَحْرَ. [د. جيمز هاملتون]

نستنتج من الموضوعَين اللذَين تناولهما يوحنا ومن طريقة تناوله لهما، أن قراءه الأولين كانوا يهوداً مسيحيين، وأنهم كانوا يواجهون تحديات في اتباعهم ليسوع. لكن كما هي الحال بالنسبة إلى كل الكتاب المقدس، أراد الروح القدس أن يُستخدَم إنجيل يوحنا من قبل الكنيسة كلها عبر العصور. ففي يوحنا ١: ٤١ و٤: ٢٥، ترجم يوحنا الكلمة العبرية “مَسِيَّا” إلى اليونانية، ليفهمها قراؤه من غير اليهود. وأن التاريخ برهن أن إنجيل يوحنا له قيمة عظيمة للمؤمنين من اليهود والأمم على السواء.

والآن بعد أن نظرنا في مكان الإنجيل وقرائه، دعونا ننظر في تاريخ كتابته.

التاريخ

يمكننا أن نقول عامة، إن يوحنا كتب إنجيله على الأرجح بين عامَي ٨٥ و٩٠ م. وهناك عوامل عديدة تجعلنا نستبعد تاريخ الكتابة قبل عام ٨٥ م. الأول، يوحنا هو الإنجيل الوحيد الذي لا يتضمن نبوات عن دمار أورشليم والهيكل الذي حدث ٧٠ م. وهذا مردّه على الأرجح إلى أن فترة زمنية هامة قد انقضت منذ ذلك الحدث الفظيع.

ثانياً، يعكس الإنجيل زمناً كان فيه الشرخ بين الكنيسة والمجمع اليهودي مريراً جداً. فبعد سقوط أورشليم، باتت اليهودية صارمة جداً. وفي سبيل حماية نفسها من البدع، أعادت صياغة الصلوات اليومية في المجامع لتتضمن لعنة على الهراطقة كأولئك الذين يؤمنون أن يسوع هو ابن الله؛ وباتت ممارسة الحرمان الرسمي أكثر شيوعاً. ونرى صورة مسبقة عن هذا التوتر في مقاطع مثل يوحنا ٩، حيث يخبرنا يوحنا عن طرد الرجل الأعمى الذي شفاه يسوع من المجمع اليهودي. استمع إلى تعليق يوحنا على هذا الوضع في يوحنا ٩: ٢٢:

لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا قَدْ تَعَاهَدُوا أَنَّهُ إِنِ اعْتَرَفَ أَحَدٌ بِأَنَّهُ الْمَسِيحُ يُخْرَجُ مِنَ الْمَجْمَعِ.

في هذا المقطع، الإخراج من المجمع كان يعني الحرمان، أي الإقصاء عن حياة الجماعة اليهودية.

ثالثاً، يبدو أن إنجيل يوحنا كُتب بعد الأناجيل الثلاثة الأخرى. هذا الرأي يعود على الأقل إلى القرن الرابع إلى المؤرّخ يوسابيوس. فبحسب هذا المؤرخ، أراد يوحنا أن يكون إنجيله تكملة للأناجيل الأخرى، لا سيما بمعلومات تتعلق بخدمة يسوع قبل يوحنا المعمدان. استمع إلى ما كتبه يوسابيوس في تاريخ الكنيسة، المجلد ٣، الفصل ٢٤ والجزء ١٢:

وفقاً لذلك، يدوّن يوحنا في إنجيله، أعمال المسيح التي قام بها قبل أن يُطرح يوحنا في السجن، لكن البشيرين الثلاثة الآخرين يشيرون إلى الأحداث التي حدثت بعد ذلك الوقت.

سرعان ما ينتبه كلّ مَن يقرأ الأناجيل الأربعة إلى أنّ متى ومرقس ولوقا متشابهة إلى حدٍّ كبير؛ فالقصص نفسها، وتتمتّع بالهيكليّة الأساسيّة نفسها فيما يتعلّق بخدمة يسوع. ثمّ يأتي الإنجيل الرابع، إنجيل يوحنّا، وهو يختلف عن الثلاثة إلى حد كبير. ويبدو أنّ هذا الإنجيل قد كُتِب في وقتٍ متأخّرٍ من القرن الأوّل، حين كانت الكنيسة تواجه تحدّياتٍ من خارجها من أعدائها اليهود ومن غير اليهود. وقد كانت هذه التحديات متعلّقة بالتأكيد بشخص يسوع. فمن الواضح أنّ ألوهية يسوع كانت عرضةً للهجوم لأنّ إنجيل يوحنا يركّز بشدّة على هذه. لم تكن هذه المسألة هامة في الأناجيل الإزائية لأنها لم تكن مثار جدل. أما المسألة الأخرى فكانت التعاليم المغلوطة التي نشأت في الكنيسة، ويتصدى إنجيل يوحنا لتلك التعاليم المغلوطة. أمّا المسألة الثالثة فهي العداء بين الكنيسة واليهود. فقد بدت المقاطعة جليّةً في ذلك الوقت بين المسيحيّين واليهود؛ وهي مقاطعة لا نراها بهذا الشكل الحادّ في الأناجيل الإزائية متّى ومرقس ولوقا. [د. مارك ستراوس]

كل هذا يقودنا إلى الاستنتاج بأن تقليد الكنيسة القديم القائل بأن إنجيل يوحنا قد كُتب في فترة متأخرة من حياة يوحنا أي بعد عام ٨٥م، هو صحيحٌ على الأرجح.

إن كان يوحنا بن زبدي هو كاتب هذا الإنجيل، فإن التاريخ الأبعد المحتمل محدّد بالمدة التي عاشها. كان يوحنا شاباً عندما تبع يسوع على الأرجح حوالي عام ٣٠ م. فلو كان يوحنا حينها في أول العشرينيات من عمره، لكان عمره يناهز ٨٠ في عام ٩٠ م. أما أن يكون قد عاش طويلاً بعد هذا التاريخ فهو أمر مستبعد جداً.

فتاريخ ٨٥ أو ٩٠ م هو التاريخ الأقصى المحتمل لكتابة يوحنا إنجيله، وهو يتفق مع دليل المخطوطات. فالمخطوطة الأقدم التي تحتوي على جزء من العهد الجديد هي البردية ٥٢، المسمّاة أيضاً بـبردية ريلاندز. وتحتوي هذه المخطوطة على جزء من يوحنا ١٨.

أما تاريخ البردية ٥٢ فهو ما بين عامَي ١٠٠ و١٥٠ م. وإذا افترضنا أن هذه المخطوطة الصغيرة كانت في الأصل جزءاً من إنجيل كامل، فهي تدلّ على أن الإنجيل كُتب في تاريخ مبكّر بصورة كافية لينتشر مع بداية القرن الثاني.

كما وُجدت مخطوطات ليوحنا تعود إلى فترة لاحقة من القرن الثاني. كل هذه المخطوطات مصرية في منشئها وتمثّل تقاليد مختلفة حول المخطوطات. من المشكوك فيه أن يكون هذا الانتقال الجغرافي من آسية الصغرى إلى مصر بالإضافة إلى تنوع المخطوطات، قد تمّ في أقل من ٤٠ أو ٥٠ عاماً. لذلك، يبدو من المنطقي أن نحدّد التاريخ الأقصى لكتابة إنجيل يوحنا بين عامَي ٩٠ و١٠٠ م.

الآن، بعد أن نظرنا في مكان كتابة إنجيل يوحنا وقرّائه وتاريخ كتابته، دعونا نركّز على القصد من كتابة يوحنا إنجيلَه.

القصد

كلُّ الكتُبِ ذاتِ الحجمِ الكبيرِ في العهدِ الجديدِ لها أهدافٌ متعددةٌ، وليس إنجيلُ يوحنا مختلفاً عنها. فكما تناولَ يسوعُ عدداً كبيراً من المواضيعِ خلالَ خدمتِه، فإن سجلَّ يوحنا عن خدمةِ يسوعَ تناول أيضاً قضايا عدة. لكن ما زال وصفُ تلك الأهدافِ بطريقةٍ موحّدةٍ ممكناً. في الواقعِ، لخّص يوحنا نفسُه قصدَه من أجلنا. فقد قال بالتحديدِ، إنه أرادَ أن يؤكدَ الإيمانَ بأن يسوعَ هو المسيحُ وابنُ اللهِ على حدِّ سواء. استمع إلى ما كتبه يوحنا في ٢٠: ٣٠-٣١:

وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ.

ببساطة، كتب يوحنا لكي يؤمن قراؤه بأن يسوع هو المسيح، ابن الله، ولكي ينالوا البركات التي تأتي من خلال الإيمان برسالة الإنجيل.

كان يوحنّا صريحاً في توضيح السبب الذي دفعه إلى كتابة هذا الإنجيل. ففي يوحنا ٢٠: ٣١ يُعلِن أنّ هذه الآيات كُتِبت لنؤمنَ بأنّ يسوع هو المسيح، ابن الله، ولكي تكون لنا حياةٌ باسمه. وهنا أتى على ذكر هدفٍ مزدوجٍ في هذه الآية. فقبل كلّ شيء، يؤكّد أنّ إنجيله بطبيعته تبشيريّ. ومن الواضح أنّه كتبه حتّى يؤمن قرّاؤه، في وقتٍ معيّن، بالرب الذي يجتذبهم إليه. وثانياً يَظهَر إنجيله بطبيعته دفاعياً. فقد أراد يوحنا إقناع قرّائه بأنّ يسوع هو فعلاً الإله المتجسّد. [د. لاري كوكريل]

إذاً يقول يوحنا، أنا أكتب هذا الإنجيل حتّى تتعرّفوا إلى هويّة يسوع. يسوع هو ابن الله. ويفسّر مَن هو ابن الله قائلاً إنّه الكلمة الذي كان مع الآب وصار بشراً، وإنّ يسوع هو المسيح الموعود، وهذه ليست مجرّد معلوماتٍ نظريّة نستند إليها، بل يقول يوحنا أريدكم أن تكونوا على إيمانٍ وثقة بذلك حتّى تكون لكم الحياة التي أعطاها الآب بيسوع المسيح. [د. روبرت بلَمَر]

كان تركيز يوحنا الرئيسي في كل إنجيله، على تعزيز الاعتقاد بأن يسوع هو المسيح الموعود وابن الله على حد سواء. هاتان هما النقطتان اللتان احتاج فيهما اليهود المسيحيون إلى الدعم الأكبر في نزاعاتهم مع المجمع اليهودي. فقد آمنوا بأن يسوع هو المسيح ابن الله، وكانوا بحاجة إلى أن يثبتوا في هذا الإيمان إن كان لا بد لهم أن ينالوا بركات الخلاص.

بالطبع، إنجيل يوحنا بمعنى ما هو لكل المؤمنين. على سبيل المثال، في الفصول ١٣-١٧ حاول يوحنا أن يُغذّي إيمان كل المؤمنين عن طريق التشديد على أنه رغم عدم تواجد يسوع على الأرض، فهو في الحقيقة حاضر في حياة شعبه من خلال الروح القدس. فكل تعليم يوحنا هدف إلى إغناء حياة جميع المؤمنين.

قال الدارسون إن إنجيلَ يوحنا هو “حوضُ سِباحةٍ يُمكنُ للأطفالِ أن يخوضوه، وللفيَلةِ أن تسبحَ فيه”. فرسالتُه الأساسيةُ بسيطةٌ وواضحةٌ: يسوعُ هو المسيحُ، ابنُ اللهِ. لكنَّ تفاصيلَ هذه الرسالةِ الرئيسيةِ ما زالتْ تُشكّلُ تحدياً أمامَ المفسّرينَ الذين درسوا الإنجيلَ من عقودٍ كثيرةٍ.

ولا شكَّ أن المسيحيينَ الأوّلين الذي قرأوا هذا الإنجيلَ، تشجعوا به. فقد علّمَهم أن يثبتوا في إيمانِهم المسيحيِّ رَغم نِزاعاتِهم مع خُصومِهم. وقد حثَّهم هذا الإنجيلُ على النموِّ في محبتِهم وتوقيرِهم للمسيحِ الذي كان المصدرَ الوحيدَ لحياتِهم الفياضةِ. ويضعُ إنجيلُ يوحنا أيضاً هذه التشجيعاتِ والتحديّاتِ أمام المسيحيينَ المعاصرينَ.

والآن بعد أن درسنا خلفية إنجيل يوحنا، لننتقل إلى بنية الإنجيل ومحتواه.

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

القسم الأول: الخلفية

مخطط لتدوين الملاحظات

المقدمة

I الخلفية

أ. المؤلف

1. الموقف التقليدي

2. السيرة الشخصية

ب. المناسبة

1. المكان

2. القرّاء

3. التاريخ

4. القصد

أسئلة المراجعة

1. ما هي أسفار العهد الجديد الأخرى التي كتبها كاتب الإنجيل بحسب يوحنا؟

2. اشرح الموقف العام عبر التاريخ فيما يخص هوية كاتب الإنجيل الرابع.

3. ما هو الدليل الخارجي على أن يوحنا هو كاتب الإنجيل الرابع؟ اكتب المعلومة الخاصة بأقدم المخطوطات للإنجيل الرابع التي تحتوي على اسم يوحنا.

4. ما هو الدليل الداخلي على أن يوحنا هو كاتب الإنجيل الرابع؟ اشرح تعليم الدرس فيما يخص المفردات والمواضيع وأيضًا الدليل على أن الكاتب كان شاهد عيان على حياة المسيح.

5. اكتب الاقتباس واسم الكاتب الذي اقتبس منه يوسابيوس، في كتاب تاريخ الكنيسة (325 ميلاديًا) فيما يخص هوية كاتب الإنجيل الرابع.

6. اكتب المعلومات المفتاحية فيما يخص عائلة يوحنا، كاتب الإنجيل الرابع.

7. اكتب المعلومات المفتاحية فيما يخص حياة يوحنا، كاتب الإنجيل الرابع.

8. أين كان يوحنا حين كتب إنجيله؟

9. قُم بوصف الجمهور الذي وجه له يوحنا إنجيله بشكل خاص.

10. اكتب التاريخ المرجح لكتابة الإنجيل بحسب يوحنا، وأعطِ الحجج المفتاحية لإثبات هذه التواريخ.

11. اكتب المعلومات الخاصة بأقدم مخطوطة تحتوي على جزء من إنجيل يوحنا، والتي تحتوي على الأسماء والتاريخ.

12. ما هو هدف يوحنا من كتابة الإنجيل؟

13. اكتب الاقتباس الذي قاله الدارسون فيما يخص محتوى الإنجيل بحسب يوحنا.

أسئلة تطبيقية

1. ما هي النتائج العملية لمعرفتك معلومات عن خلفية الإنجيل بحسب يوحنا؟ كيف يؤثر هذا على طريقة قراءتك للإنجيل؟

2. بحسب ما تعلمته عن الأناجيل الأربعة، أي إنجيل يمكنك أن توصي شخص غير مسيحي بقراءته أولًا؟ وأي إنجيل يمكنك أن توصي مؤمن جديد بقراءته للنمو في إيمانه؟ اشرح السبب.

AJAX progress indicator
Search: (clear)
Nothing found. Please change the filters.
الاختبارات
الأناجيل - الدرس الخامس - الامتحان الأول
Previous القسم
Back to الدرس
Next القسم

انجازك في الدورة

0% Complete
0/41 Steps

محتوى الدورة الدراسية

الدورة Home عرض الكل
ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: مدخل إلى الأناجيل
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الأول
الأناجيل – الدرس الأول – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الأول – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الأول – القسم الثالث
الأناجيل – الدرس الأول – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثاني: الإنجيل بحسب متى
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الثاني
الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثالث: الإنجيل بحسب مرقس
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الثالث
الأناجيل – الدرس الثالث – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الثالث – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الثالث – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الرابع: الإنجيل بحسب لوقا
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الرابع
الأناجيل – الدرس الرابع – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الرابع – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الرابع – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الخامس: الإنجيل بحسب يوحنا
6 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الخامس
الأناجيل – الدرس الخامس – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الخامس – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الخامس – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس السادس: القراءات المطلوبة
3 الأقسام | 4 الاختبارات
متطلبات القراءة 1
متطلبات القراءة 2
متطلبات القراءة 3
العودة إلى الأناجيل

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in