مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / الأناجيل / الدرس الثاني: الإنجيل بحسب متى

الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الأول

الدورات الدراسية الأناجيل الدرس الثاني: الإنجيل بحسب متى الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الأول
الدرس Progress
0% Complete
 
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

المقدمة
الخلفية
المؤلف
الموقف التقليدي

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS02_01.mp4
موضوعات ذات صلة
How confident should we be that the apostle Matthew wrote the Gospel of Matthew?

السيرة الشخصية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS02_02.mp4

القراء الأولون
ملكوت السموات
العادات اليهودية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS02_03.mp4

المناسبة
التاريخ
المكان
القصد

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS02_04.mp4
موضوعات ذات صلة
Why is it important to understand the historical setting in which Matthew and other gospels were written?
  • المقدمة
    الخلفية
    المؤلف
    الموقف التقليدي
  • السيرة الشخصية
  • القراء الأولون
    ملكوت السموات
    العادات اليهودية
  • المناسبة
    التاريخ
    المكان
    القصد

المقدمة
الخلفية
المؤلف
الموقف التقليدي

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS02_01.mp3
Related Audio How confident should we be that the apostle Matthew wrote the Gospel of Matthew?

السيرة الشخصية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS02_02.mp3

القراء الأولون
ملكوت السموات
العادات اليهودية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS02_03.mp3

المناسبة
التاريخ
المكان
القصد

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS02_04.mp3
Related Audio Why is it important to understand the historical setting in which Matthew and other gospels were written?
  • المقدمة
    الخلفية
    المؤلف
    الموقف التقليدي
  • السيرة الشخصية
  • القراء الأولون
    ملكوت السموات
    العادات اليهودية
  • المناسبة
    التاريخ
    المكان
    القصد

المقدمة

في العامِ ١٩١٩، كان ألبرت، ملكُ بلجيكا، مسافراً بالقطارِ عِبْر الولاياتِ المتحدةِ. وإذ كان خبيراً في قيادةِ القطاراتِ، ارتدى ثوبَ المهندسِ وقادَ القطارَ لمِسافةِ عشرةِ أميالٍ. في المحطةِ التاليةِ، كانتِ الحشودُ الهاتفةُ تبحثُ عن الملكِ ألبرت، لكنهم لم يتمكنوا من إيجادِه. فقد توقعوا أن يبدوَ الملكُ بشكلٍ معيّنٍ، وأن يتصرفَ بطريقةٍ معينةٍ. لذلك، لم يُدركوا أن ذلك الرجلَ الطويلَ بالقميصِ القُطنيةِ وقُبّعةِ مَصلحةِ السِّكةِ الحديديةِ، هو في الواقع ملكُ بلجيكا.
من مَنظورٍ مُعيّنٍ، يُخبرنا إنجيلُ متى قِصةً مماثلةً. إنها قِصةُ ملِك – يسوع، ملكِ اليهودِ. لكنَّ الكثيرينَ في زمنِه لم يتعرّفوا إليه، إذ لم يبدُ كما توقَعَه الناسُ أن يبدوَ، ولم يتصرفْ كما توقعوه أن يتصرفَ. فقد كان مَلِكاً من نَوعٍ مُختلفٍ.
هذا هو الدرسُ الثاني في هذه السِلسِلَة حولَ الأناجيل. وقد أَعطَينا هذا الدرس عنواناً هو “الإنجيل حسب متى”، لأَن الدرس يدور حول الإنجيل الأول، كتاب متى.
تنقسم دراستنا لإنجيل متى إلى ثلاثة أقسام. أولاً، خلفية إنجيل متى. ثانياً، بنيته ومحتواه. وثالثاً، المواضيع الرئيسية في إنجيل متى. لنبدأ بخلفية الإنجيل بحسب متى.

الخلفية

يسأل الكثيرون: “لماذا أحتاج إلى أن أعرف كل هذه الأمور المتعلِّقة بسياق الكتاب المُقدَّس؟ أنا أقرأ في ترجمةٍ جيّدة للكتاب المُقدس، وأفهم ما يقصده”. وأُحِبّ هنا أن أقول، إن قراءة النص من دون اعتبارٍ لسياقه هي ذريعة لجعله يعني ما نريده نحن. لكنّ النصوص القديمة كلّها لها سياقات تاريخية وأدبية وبلاغية وأثرية ودينية متنوعة، وكلها سياقاتٌ تختلف عن سياقاتِنا. قال أحدهم مرّة: “الماضي يشبه بلداً أجنبياً”. فالناسُ في الماضي يتصرفون غير اليوم، والماضي مختلفٌ جدّاً عن الحاضر. ولكن الإجراءات التي يجب اتّخاذها ضدّ المفارقات التاريخية، أي قراءة الماضي بالاعتماد على افتراضاتنا المعاصرة، هي دراسة الكتاب المُقدَّس بحسب سياقه التاريخي. [د. بِن ويذرينغتون]

من المهم عندما نريد أن نفسّر الكتاب المُقدس بشكلٍ دقيق، أن نفهم القضايا المتعلّقة بخلفية نصّ الكتاب، مثل هوية الكاتب والسياق التاريخي، لأن المؤلِّفين يفترضون أنّهم يتوجّهون إلى قرّاء يشاركونهم ثقافتهم، وبالتالي يسلّمون جدلاً بأنهم يعرفون الكثير عن السياق الواسع لما سيكتبونه من جُمَل وتصريحات. من هنا، فإن مهمّتنا في كثيرٍ من الحالات تكون العمل على التدقيق في هويّة الكاتب وثقافته، لنحصل على رؤية جليّة من خلال ربط النص بإطاريه الثقافي والتاريخي الأوسع، فنصوّب بعض الافتراضات والأفكار التقليدية التي لم يجرِ فحصها. [د. جيمز هاملتون]

نبحث الآن في خلفية إنجيل متى من ثلاثة جوانب. أولاً، نبحث في متى ككاتب للكتاب. ثانياً، في القرّاء الأولين وثالثاً في المناسبة أو الظروف التي كتب فيها متى. لننظر أولا في مسألة كاتب هذا الإنجيل.

المؤلف

في كلِّ مرةٍ ندرسُ كتاباً، أو رسالةً، أو أيَّ نوعٍ من الكتابةِ، من المفيدِ أن نعرفَ من هو الكاتبُ. فكلما عرفنا أكثرَ عن الكاتبِ ومحيطِهِ، كلما كنا مجهّزين بشكلٍ أفضلَ لنفهمَ وُجهاتِ نظرِ الكاتبِ وقصدَه من الكتابةِ. وهذا ينطبقُ على دراسةِ الكتابِ المقدسِ. فكلما عرفنا أكثرَ عن كُتّابِ الكِتابِ المقدسِ، كلما كنا مجهّزين بشكلٍ أفضلَ لنفهمَ الدروسَ التي يعلموننا إياها. لذلك في بدايةِ دراستِنا لإنجيلِ متى، نطرحُ أولَ سؤالٍ يجبُ أن نباشرَ به وهو: “من كتبَ هذا الكتابَ؟”

سنبحث في كاتب إنجيل متى، من جهتين. أولاً، سنؤكد على الموقف التقليدي بأن هذا الكتاب كتبه الرسول متى، أحد تلاميذ يسوع الاثْنَيْ عشر. وثانياً، سنتعرف إلى سيرة متى الشخصية. لنبدأ بالموقف التقليدي الذي يعتبر أن متى هو كاتب هذا الإنجيل.

الموقف التقليدي

أعتقد أن بإمكاننا أن نؤكد بكل ثقة أنّ الرسول متى هو كاتب إنجيل متّى على الرغم من تشكيك بعض العلماء بهذه الحقيقة. نحنُ على يقين أن آباء الكنيسة في القرون الباكرة كانوا يرتابون بأَي تلاعب في المعلومات، وكانوا حريصين إلى حد كبير. فكانوا يعارضون بشكلٍ تامّ أية وثيقة مزيّفة، فلا يقبلونها كوثيقة صحيحة وقانونية، ولا يقبلونها بالتالي ضمن مجموعة الأسفار الموحى بها. ثانياً، لا توجد أي نظرية تنافس التقليد المتعلق بكتابة متّى للإنجيل الذي يحمل اسمه. التقليد الوحيد الذي لدينا هو أن متّى هو الكتاب. ثالثاً، لو أن الكنيسة الأولى رغبت بربط اسم رجلٍ بهذا الإنجيل بصورة لا تستند إلى الوقائع التاريخية، أي أن يختلقوا أي إسم أو يختاروا احد الرسل بصورةٍ عشوائيّة ويربطوه بهذا الإنجيل، لكان متّى اختياراً غير موفّق. وسبب ذلك هو أنّ متّى كان جابي ضرائب، وهذا العمل بالذات كان الشعب اليهودي يحتقره أشدّ احتقار. إذاً، لدينا إنجيل متى، هذا الإنجيل الذي وُجّه ليهود لإقناعهم بأن يسوع هو المسيح. فهل تختار الكنيسة متّى ليكون كاتب هذا الإنجيل؟ هذا غير منطقي. إذاً الكنيسة الأولى ربطت اسم متّى بإنجيل متَّى لأنّ كان لديها سببٌ وجيهٌ وقويّ للاعتقاد بأن متّى هو مَن كتب هذا الإنجيل. [د. ستيف كوان]

يعود الموقف التقليدي القائل بأن متى هو كاتب الإنجيل الأول، إلى القرون الأولى للكنيسة. ففي كل المخطوطات القديمة لهذا الإنجيل التي تحتوي على عنوان، يشير العنوان إلى متى والى متى وحده. ولا يوجد عندنا أي دليل أن هذا الإنجيل انتشر بين الكنائس دون اسم متى ككاتب له.

أحد الأوائل الذين نسبوا الإنجيل الأول إلى متى، هو بابياس من هيرابوليس. عاش بابياس في الفترة الممتدة من نهاية القرن الأول إلى القرن الثاني. وهو يعبّر عن وجهة نظر تعود إلى أقدم حقبة نعرفها في تاريخ الكنيسة.

ودوّن لنا يوسابيوس القيصري، مؤرخ الكنيسة الذي كتب حوالي عام ٣٢٥ للميلاد، شهادة بابياس حول كاتب إنجيل متى في كتابه “تاريخ الكنيسة”، المجلد ٣ والفصل ٣٩ والجزء ١٦. استمع إلى كلمات بابياس:

وضع متى “أقوال يسوع” بترتيب منظَّم.

نرى هنا، أنه باكراً في القرن الثاني، نسب بابياس الإنجيل إلى متى. ومن الملفت للنظر أن يوسابيوس اقتبس من بابياس ليدعم موقفه بأن متى هو كاتب الإنجيل الأول.

كذلك إيريناوس من ليون، أحد أباء الكنيسة الأولين الذي كتب حوالي عام ١٨٠ للميلاد، نسب الإنجيل الأول إلى متى. استمع إلى ما كتبه في مؤلفه “ضد الهرطقات”، المجلد ٣، الفصل ١ والجزء ١:

كذلك أصدر متى إنجيلاً مكتوباً بين العبرانيين في لهجتهم، بينما كان بطرس وبولس يكرزان في روما، ويضعان أسس الكنيسة.

عاش ترتليانوس بعد ذلك بقليل، بين العام ١٥٥ و٢٣٠ للميلاد. وأقرّ ترتليانوس بأن متى هو كاتب الإنجيل الأول في مؤلفه “ضد مارقيون” المجلد ٤ والفصل ٢:

إذن، بين الرسل، يوحنا ومتى كانا أول من غرس الإيمان فينا … وقد جدّد هذا الإيمان لوقا ومَرقُس لاحقاً.

برأي إيريناوس وترتليانوس، متى هو كاتب هذا الإنجيل. وقد شاركتهما الكنيسة الباكرة قناعتهما هذه. وقُبِل متى ككاتب للإنجيل من غير أدنى شك.

من المهم أيضاً أن ندرك أن هذه الادعاءات الباكرة بكون متى كاتب الإنجيل، عزّزها الغموض النسبي الذي أحاط بمتى. فمن المفترض أنّه، لو أرادت الكنيسة، أو شخص آخر، أن يعطوا مصداقية لإنجيل ما عن طريق نسبته إلى رسول، لاختاروا أحد الرسل الأبرز. لكن نادراً ما ذُكر متى في الأناجيل. لذلك، نستبعد أن يكون وراء نسبة الإنجيل إلى متى أيُ مصلحة للكنيسة الباكرة.

أولاً، ينبغي أن ندرك أهمية شهادة شهود العيان في القرن الأول. كانت لشهادة شهود العيان قيمة كبيرة، ولم يكُن ادّعاء شخصٍ بأنَّه شاهد يُعامَل باستخفاف. كان الأمر أشبه بفئة خاصّة من الأقوال المُقدّسة عن أمور حدثت. كما نعرف أنّه في بدايات القرن الثاني قال رجلٌ اسمه “بابياس” إنّ الرسول متّى هو نفسه كاتب إنجيل متّى. ومن المحتمل أن بابياس عرف الرسل معرفةً شخصية لأنّه وُلِد في القرن الأول. السبب الأخير الذي يدعم ثقتنا بأن إنجيل متّى كُتِب بقلم الرسول متّى هو أنّه على الرغم من عدم ذكر اسم متّى في نصّ الإنجيل، فالحقيقة هي أنّ أقدم السجلات تشير إلى أن إنجيل متّى لم يتمّ تداوله بين الناس من دون ارتباط اسم الرسول به بصفته كاتبه والمرجعية الكامنة وراءه. [ق. مايكل غلودو]

بالطبع، شكّك بعض علماء النقد العصريين بكون الرسول متى هو كاتب الإنجيل الأول، كما شكّكوا في الكثير من الآراء التقليدية الأخرى حول كتّاب الكتب المقدسة. لكن قوة الشهادة القديمة التي تدعم متى ككاتب لهذا الإنجيل، بالإضافة إلى الغياب الكامل لأي اعتراضات قديمة، يشكّلان عموماً سبباً قوياً لنؤمن أن متى هو من كتب هذا الكتاب.

بعد أن تناولنا الموقف التقليدي أَن متى هو من كتب الإنجيل الأول، فلننتقل إلى سيرة متى الشخصية.

السيرة الشخصية

يذكر الكتاب المقدس بعض الحقائق حول سيرة متى الشخصية، فيرد فيه على سبيل المثال، أنه كان يهودياً وأنه كان جابياً للضرائب. سنتناول هاتين النقطتين، بدءاً من الحقيقة الأولى أنه كان يهودياً.

إن إرث متى اليهودي ظاهر في نواح عدة. فمن ناحية، هو أحد التلاميذ الاثني عشر، الذين كانوا جميعاً يهوداً. ومن جهة أخرى، كان لمتى أسماء يهودية. فاسم متى هو اسم يهودي، مشتق من العهد القديم العبري. واسمه الثاني، لاوي، وهذا نجده في مَرقُس ٢: ١٤، وفي لوقا ٥: ٢٨، وهو اسم أحد أسباط إسرائيل. ويبرهن الاسمان أن متى كان يهودياً. كما يمكن استنتاج إرث متى اليهودي من خلال الكتابات المسيحية القديمة التي أشارت إلى أنه كتَبَ بالعبرية.

إرث متى اليهودي هو خلفية هامة لفهم الإنجيل، فهو يساعدنا على فهم سبب تشديده على الأمور اليهودية بشكل خاص. وسندرس هذه السمة اليهودية لإنجيله بتفصيل أكثر لاحقاً في هذا الدرس. لكن سنشير الآن إلى مثل واحد كإيضاح.

في متى ١٥: ٢٤ ينقل لنا متى قول يسوع:

لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.

وقد شدّد متى، أكثر من الأناجيل الأخرى، على أن يسوع جاء بصورة خاصة من أجل شعب إسرائيل.

بالإضافة إلى إرث متى اليهودي، هناك ناحية أخرى في حياته يجدر بنا التوقف عندها، وهي أنه كان جابياً للضرائب.

في القرن الأول، كان العديد من اليهود في فلسطين يعملون في جمع الضرائب لمصلحة الإمبراطورية الرومانية. بعض جباة الضرائب هؤلاء، كانوا يجبون التعريفات على البضائع التي كانت تنقل من منطقة إلى أخرى. وقد كانوا بمثابة متعهدين مستقلين يدفعون للحكام مقابل منحهم الحق في جمع الضرائب. وقد جنوا أرباحهم عن طريق زيادة الضرائب التي كانوا يجبونها من الشعب. ونتيجة لذلك، نُظر إلى جباة الضرائب هؤلاء كمبتزين ولصوص – وهذه السمعة السيئة كانت مبرّرة.

لهذا السبب، كان جباة الضرائب مذنبين على نحو مضاعف في عينَي شعبهم. أولاً، بسبب تعاملهم مع قوات الاحتلال الرومانية البغيضة. وثانياً، لأنهم نهبوا شعبهم من أجل ربحهم الشخصي. في الواقع، اعتُبروا أشراراً وغير جديرين بالثقة، بحيث نقرأ في الكتابات الرابّينية القديمة أنهم منعوا من الشهادة في محكمة يهودية. بالإضافة إلى ذلك كان الكذب على جباة الضرائب مقبولاً، بل ممدوحاً كنوع من أعمال العصيان المبرّر.

استمع إلى الطريقة التي دوّن فيها متى دعوة يسوع له في متى ٩: ٩-١٠:

يَسُوعُ … رَأَى إِنْسَاناً جَالِساً عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، اسْمُهُ مَتَّى. فَقَالَ لَهُ: “اتْبَعْنِي”. فَقَامَ وَتَبِعَهُ.‏ وَبَيْنَمَا هُوَ مُتَّكِئٌ فِي الْبَيْتِ، إِذَا عَشَّارُونَ وَخُطَاةٌ كَثِيرُونَ قَدْ جَاءُوا وَاتَّكَأُوا مَعَ يَسُوعَ وَتَلاَمِيذِهِ.‏

كان متى غير متحيّز في وصفه لنفسه، وقد أقرّ علناً بأنه هو وجباة ضرائب آخرين عاشروا “الخطاة” في زمن المسيح. وهو بعمله هذا، وضع نفسه ووضع يسوع وإنجيله المكتوب في خلاف مع القيادة اليهودية. وهذا الانقسام معبّر عنه غالباً في إنجيل متى.

على سبيل المثال، استمع إلى الطريقة التي انتقد فيها يسوع القيادة اليهودية في متى ٢١: ٣١ – ٣٢:

الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الْعَشَّارِينَ وَالزَّوَانِيَ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ،‏ لأَنَّ يُوحَنَّا جَاءَكُمْ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ فَلَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ، وَأَمَّا الْعَشَّارُونَ وَالزَّوَاني فَآمَنُوا بِهِ. وَأَنْتُمْ إِذْ رَأَيْتُمْ لَمْ تَنْدَمُوا أَخِيراً لِتُؤْمِنُوا بِهِ.

إن استعداد متى ليتحدث علناً عن سيرته الشخصية الأثيمة، يمكن ربطه أيضاً بتشديد آخر لهذا الإنجيل سننظر فيه بعمق أكثر لاحقاً في هذا الدرس. وقد شدّد متى أكثر من كتّاب الأناجيل الآخرين على حقيقة كون يسوع ملكاً متواضعاً دعا أتباعه إلى التواضع. وعن طريق اعترافه بماضيه، أقرّ متى دون تحفظ بحاجته الشخصية إلى النعمة، وأعلن استعداده أن يتبع الملك الذي دعاه وغيّره. فقد حوّله يسوع من خادم أثيم لهيرودس، إلى خادم متواضع لإنجيل ملكوت السماوات.

التواضع في حياتنا ينبغي أن يظهر من خلال سعادتنا ورضانا بالأمور الصالحة التي تحدث للآخرين، بمقدار سعادتنا بما يحدث لنا. فحين يحقّق الآخرون تقدّماً، وعندما يُكرَّم الآخرون أو يظهر أن عملهم مثمر، يجب أن نفرح معهم. ونحن نشكر الله على ذلك، ونرغب بأن نكرمه ونشكره قبل كل شيء. نريد أن نعيش لأجل الله، وليس ببساطة لأجل أنفسنا. وهكذا، فإن التواضع ليس السعي لتحقيق مصالحنا، بل السعي قبل كل شيء لتحقيق مصالح الله ورغباته، أكان ذلك من خلالنا أو من خلال آخرين. [د. جون ماكينلي]

أما الآن، بعد أن استنتجنا بأن الموقف التقليدي يؤيد متى ككاتب للإنجيل الأول، وتعرّفنا على القليل من سيرته الشخصية، سنبحث الآن في هوية القرّاء الأولين الذين كتب إليهم متى.

القراء الأولون

لم يخبرنا متى بالتحديد من هم قراؤه الأوّلون. لكنه أعطانا بعض التلميحات إليهم. فكما سنرى، يبدو أن متى كتب بالدرجة الأولى إلى اليهود المسيحيين.

وكما أشرنا في درس سابق، فإن كل الأناجيل كُتبت في المقام الأول إلى قرّاء مسيحيين. لكن هناك بضع تشديدات في إنجيل متى، تجعله يتناسب بصورة خاصة مع قرّاء مسيحيين من خلفية “يهودية”. على سبيل المثال، اقتبس متى من العهد القديم أكثر من أي من كتّاب الأناجيل الآخرين. وأشار تكراراً إلى الطرق التي من خلالها تمّم يسوع توقعات العهد القديم. وشدّد بصورة خاصة على أن يسوع هو الملك المسيحاني الذي انتظره اليهود منذ قرون عدة. وتشديد متى على القضايا اليهودية، يَظهر أيضاً في صراعات يسوع مع قادة اليهود غير المؤمنين، التي وصفها متى بتفصيل أكثر من كتّاب الأناجيل الآخرين. كما وضع متى التركيز الأكبر على علاقة يسوع بشريعة العهد القديم، معلناً أنه رب الشريعة.

لاحقاً في هذا الدرس، سننظر في بعض هذه التشديدات بتفصيل أكثر. لكن في هذه المرحلة، سنقدّم ببساطة مَثلين يوحيان بأن متى كتب إلى قرّاء يهود، ونبدأ مع استخدام متى لعبارة ملكوت السماوات.

ملكوت السماوات

لاحظنا في درس سابق، أن موضوع ملكوت الله يوحّد بين الأناجيل الأربعة. لكن نادراً ما استخدم متى عبارة “ملكوت الله“. فهو استخدم عامة عوضاً عنها عبارة “ملكوت السماوات“. وإنجيل متى هو الإنجيل الوحيد في الكتاب المقدس الذي يستخدم هذا المصطلح. وكما رأينا، فإن للعبارتين معنى واحد.

فمن موضع التوقير لله، تجنب اليهود استخدام اسم الله، أو أي شيء يشبهه، كي لا يستخدموا اسم الله باطلاً دون قصد. وإحدى الطرق التي لجأوا إليها في هذا السبيل، هي بإحلال كلمة “السماوات” مكان اسم “الله”. وهذا تماماً ما فعله متى في عبارة “ملكوت السماوات”. وعندما نقارن المقاطع المتوازية في الأناجيل المتشابهة النظرة، نجد أنه في الوقت الذي استخدم فيه الكتّاب الآخرون “ملكوت الله”، استخدم متى عبارة ملكوت السماوات.

استخدم متّى عبارة “ملكوت السماوات” في معظم المرات في إنجيله، في حين تشير الأناجيل الأخرى إلى الأمر نفسه بعبارة “ملكوت الله”. أعتقد أنه هناك موضعين يستخدم فيهما متى عبارة “ملكوت الله”، ولكن لأن متّى كاتب يهودي، ومؤمن يهودي بالمسيح، وبالنسبة إلى ليهود، كان اسم الله مُقدَّساً جداً، لدرجة أنّه يستحسن عدم استخدامه. ولذا فإن استخدام كلمة “السماء” هي طريقة أخرى للإشارة إلى الله. نقرأ في إنجيل أخر، “أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ”. وهذا يعني، “أخطأت إلى الله”. والخطر هو أن نسمع عبارة “ملكوت السموات”، فنسيء فهمها، ونظن أنها تشير إلى أمرٍ غير ملموس وضعيف، شيءٍ لا يمكننا أن نراه، ولكن الحقيقة هي أنّه يتكلّم عن ملكوت الله، بمعنى أن الله يصير ملكاً على هذا العالم من خلال يسوع المسيح. والخطر أن نسيء فهم عبارة “ملكوت السموات”. فما يقوله يسوع هو أن الله ملك، وأنّه يصير المَلِكَ من خلاله. [د. بيتر واكر]

استمع إلى ما دوّنه مَرقُس عن مثل حبة الخردل في مَرقُس ٤: ٣٠ – ٣١:

وَقَالَ[يسوع]:”بِمَاذَا نُشَبِّهُ مَلَكُوتَ اللهِ؟ أَوْ بِأَيِّ مَثَل نُمَثِّلُهُ؟ ‏مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل، مَتَى زُرِعَتْ فِي الأَرْضِ فَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ.”

استخدم مَرقُس هنا الصيغة العادية لعبارة: ملكوت الله. لكن استمع إلى رواية متى للمثل في متى ١٣: ٣١:

قَدَّمَ [يسوع] لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ قَائِلاً: “يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ حَبَّةَ خَرْدَل أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ.”

عندما أعاد متى رواية الحدث ذاته استخدم عبارة ملكوت السماوات حيث استخدم مَرقُس عبارة “ملكوت الله”.

حين نقارن ما يدعوه متّى “ملكوت السماوات” في مَرقُس ولوقا حيث يستخدمان عبارة “ملكوت الله”، نرى أنهما يشيران إلى الأمر نفسه، وأن العبارتين لهما معنى واحد. حين تقرأ إنجيل متّى ككل، فإنك ترى أن ثمّة موضوعاً مهماً هو المقارنة بين الله في السماء والبشر على الأرض – طريقة الله في إدارته ملكوته، الذي ندعوه ملكوت السماوات، وطريقة البشر في الحكم والتسلط والسلوك بعضهم مع بعض، وهو ما ندعوه “ممالك العالم”. وهكذا فإنّ كلام متّى عن ملكوت السماوات هو طريقة معبّرة بقوة ترينا الفرق بين أمور هذا العالم والآب السماوي الذي يحكم ويعِد بأن يأتي ثانيةً. إذاً، فإن الغاية من استخدام متى “لملكوت السماوات” هو أن يجعلنا نشعر بالفرق ونتذوَّقه بين حكم الله الذي سيأتي، وكل ما نراه من حُكْم وتسلُّط في هذه الأرض. فهناك تباين بين هاتين الحقيقتَين، ويساعدنا مصطلح متى “ملكوت السموات” في أن نشعر ونتذوّق ملكوت الله السماوي وننتظر وقت مجيئه. [د. جوناثان بينيغتون]

يعتقد العديد من الدارسين أن متى حافظ على الطريقة التي تكلم بها يسوع إلى الجماهير اليهودية، بينما استخدم مَرقُس وكتّاب العهد الجديد الآخرون عبارة “ملكوت الله” ليوضحوا لقرائهم الذين كانوا من خلفيات متعددة، ما قصده يسوع. لذلك فإن استخدام متى لعبارة “ملكوت السماوات”، تعطي وزناً أكبر للرأي القائل بأنه كتب أصلاً إلى اليهود.

العادات اليهودية

ناحية أخرى في إنجيل متى تشير إلى القرّاء اليهود، هي افتراض متى أن قرّاءه مُلِّمون جيداً بالعادات اليهودية. كمثل واحد فقط، دوّن لنا متى في ١٥: ١ – ٢ الحدث التالي:

حِينَئِذٍ جَاءَ إِلَى يَسُوعَ كَتَبَةٌ وَفَرِّيسِيُّونَ الَّذِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ:‏ “لِمَاذَا يَتَعَدَّى تَلاَمِيذُكَ تَقْلِيدَ الشُّيُوخِ، فَإِنَّهُمْ لاَ يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ خُبْزاً؟

أشار مرقس إلى هذه القصة ذاتها في ٧: ١ – ٥ من إنجيله، لكنه أضاف ثلاثة أعداد شرح فيها عادة غسل الأيدي اليهودية، لكي يتمكن قراؤه الرومان من فهم هذه العادة. أما متى، فلم يشعر بحاجة قرائه إلى أي تفسير.

لكن انطلاقاً من الفرضية بأن متى كتب إلى قرّاء يهود، هناك سمة في هذا الإنجيل تبدو في غير محلها. فقد استشهد متى أحيانا بأقوال يسوع وهو يتحدث بالآرامية، ثم ترجم تلك الكلمات الآرامية إلى لغة قرائه.

على سبيل المثال، استمع إلى كلمات متى في ٢٧: ٤٦:

صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: “إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟” أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟

يوجد تفسيرات مختلفة عن أسباب كتابة متى بهذه الطريقة إلى قرّاء يفترض أنهم في المقام الأول يهود. أولاً، على الرغم من أن قراءه الأولين كانوا يهوداً، فهذا لا يستبعد غير اليهود. من هنا، قد تكون إضافة الترجمة لأجل غير اليهود من القرّاء. ثانياً، قد يكون بين قرّاء متى أشخاص يعيشون خارج فلسطين ولا يعرفون الآرامية. وثالثاً، قد يكون متى بكل بساطة نقل هذه المعلومات من مصدر آخر. على سبيل المثال، ترجمة متى في ٢٧: ٤٦ وردت أيضاً في مرقس ١٥: ٣٤، التي قد يكون متى نقل عنه.

على كل الأحوال، قوة الأدلة تؤيد أن متى كتب إنجيله بالدرجة الأولى إلى يهود مسيحيين، ليقوّي إيمانهم بيسوع، عن طريق معالجة عدة قضايا كانت مهمة بالنسبة إليهم.

والآن، بعد أن عرضنا مسألتَي كاتب الإنجيل الأول وقرّائه، بتنا مستعدين أن نبحث في مناسبة الكتابة.

المناسبة

عندما نتحدثُ عن “مناسبةِ” الكتابِ، تتبادرُ إلى ذهنِنا أمورٌ عديدةٌ تتعلقُ بالخلفيةِ التاريخيةِ – أمورٌ مثلَ تاريخِ الكتابةِ، مكانِ الكتابةِ، موقعِ القُراءِ الذين تسلّموا الكتابَ، والقصدِ من الكتابةِ. إن معرفةَ متى، وأينَ، وإلى من، ولماذا كُتِبَ الكتابُ، تعطينا الكثيرَ من المعلوماتِ حولَ خلفيتِهِ. وتساعدُنا هذه المعرفةُ على فَهمِ المُحيطِ التاريخيِّ، ومَعاني المُفرداتِ، والمُعتقداتِ الدينيةِ والاجتماعيةِ، والأساليبِ البلاغيةِ. كما تُساعدُنا هذه المعلوماتُ على فَهمِ الكِتابِ وتطبيقِه.

سنتأمل في ثلاث نواحٍ لمناسبة كتابة إنجيل متى: أولاً، تاريخ الكتابة. ثانياً، مكان الكاتب والقرّاء عند كتابة الإنجيل. وثالثاً، القصد الذي من أجله كتب متى إنجيله. فلنبدأ بتاريخ إنجيل متى.

التاريخ

أولاً، كما يعتقد معظم الدارسين، اعتمد متى على الأرجح، على إنجيل مرقس كأحد مصادر إنجيله. وكما سنرى لاحقاً في هذا الدرس، من المحتمل أن يكون مَرقُس قد كُتب حوالي عام ٦٤ للميلاد. وفي حال كان هذا صحيحاً، يكون التاريخ الأبكر لكتابة متى، هو على الأرجح بين منتصف الستينيات وأواخرها.

ثانياً، كان متى رسولاً ليسوع، ما يعني أنه كان راشداً عندما انخرط في خدمة يسوع، على الأرجح قبل عام ٣٠ للميلاد. وما لم يكن متى قد عاش حياة طويلة غير اعتيادية، فإن التاريخ الأبعد لكتابة إنجيله سيكون في أواخر القرن الأول.

وهذا يعطينا فترة زمنية واسعة نوعاً ما للزمن الذي كتب فيه متى. لكن يمكننا أن نضيّق هذه التواريخ المحتملة ضمن هذه الفترة الزمنية عن طريق التنبه إلى تفصيل محدّد في كتابة متى. أشار متى مراراً إلى الهيكل بالتحديد، وكذلك إلى الصدوقيين، الذين كانوا على صلة وثيقة بالهيكل. بعض هذه الإشارات يشير إلى أحداث ماضية، لكن بعضها يدل على أن الهيكل والصدوقيين كانوا ما زالوا عوامل تأثير في الزمن الذي كتب فيه متى. ولما كان الهيكل قد دمّر عام ٧٠ للميلاد، يمكننا أن نستنتج من هذه الإشارات أن متى كتب قبل عام ٧٠ للميلاد.

على ضوء كل هذه الأدلة، يبدو أن أفضل استنتاج هو أن متى كتب إنجيله في أواخر الستينيات، ربما حوالي ٦٧ أو ٦٨ للميلاد. طبعاً، لا يمكننا الجزم في هذه المسألة. ففي الوقت الذي تساعدنا معرفة التاريخ التقريبي لكتابة الإنجيل، فإن عدم معرفة التاريخ الدقيق ليست، لحسن الحظ، أساسية بالنسبة إلى تفسير تعاليمه.

والآن بعد أن نظرنا في تاريخ كتابة الإنجيل، دعونا ننتقل إلى السؤال حول مكان الكاتب والقرّاء.

المكان

يجب أن نبدأ بالإشارة إلى أن الدارسين اختلفوا حول مكان تأليف هذا الإنجيل، لذا يجب ألا نكون جازمين في استنتاجاتنا. لكن مع ذلك، هناك عدد من التفاصيل الجديرة بالذكر.

في البداية، بما أن متى كتب إنجيله إلى يهود مسيحيين، فعلى الأرجح أنه وجّه إنجيله إلى مجموعة تعيش في منطقة يتواجد فيها عدد كبير من السكان اليهود. وفلسطين هي احتمال واضح، فهي الوطن التقليدي لليهود، وهم كانوا يتواجدون بكثافة هناك.

لكن يوجد أيضاً أعداد هامة من اليهود في أجزاء من سورية. وأغناطيوس، الذي كان أسقفاً في أنطاكية سورية، كان أول آباء الكنيسة الذين أظهروا إلماماً بإنجيل متى. لهذا السبب، زعم عدد من الدارسين أن متى كتب إلى المؤمنين في أنطاكية سورية.

وبالطبع، لا يمكننا استبعاد إمكانية أن يكون في ذهن متى عدد أوسع من القرّاء، أي أنه كتب إلى المسيحيين اليهود عامة، في كل حوض المتوسط.

ففلسطين وسورية وأي منطقة أخرى داخل الإمبراطورية الرومانية يتواجد فيها يهود بأعداد مهمّة، يمكن أن تكون مكاناً مناسباً لقرّاء إنجيل ذي طابع يهودي قوي مثل متى.

في القرن الميلادي الأول، كان الشعب اليهودي منتشراً في أجزاء عديدة من العالم الروماني، وكذلك في المناطق الشرقية منه. ويعود ذلك إلى زمنٍ بعيد – إلى فترة السبي البابلي، حين بدأ اليهود يعيشون خارج أرض فلسطين. وقد استمرّوا في سكنهم هناك في أقصى الشرق، أي في بلاد الرافدين، العراق حالياً، ثم ارتحلوا إلى دمشق في سوريا، ومن ثمّ تشتّتوا – من هنا جاءت التسمية يهود الشتات، حيث انتشروا أكثر نحو الغرب، نحو أسيا الصغرى، تركيا الحالية ووصلوا حتى إلى روما. فسكن اليهود على ضفاف نهر التايبر في روما. ولا ننسَ أنهم سكنوا في شمال أفريقيا أيضاً. فنقرأ في الأناجيل عن سمعان القيرواني الذي أتى إلى أورشليم من شمال أفريقيا. إذاً تخيل معي: سكن اليهود في كل النّصف الشرقي من الإمبراطورية الرومانية وإلى الشرق منها. [د. بيتر واكر]

والآن بعد أن عرضنا تاريخ ومكان كتابة إنجيل متى، دعونا نتحدث عن القصد من كتابته.

القصد

بصورة عامة، كتب متى لأن القصة الحقيقية حول من هو يسوع وما فعله كانت مهمة إلى حد بعيد. لكن كانت لمتى أيضاً أهداف مباشرة ومحدّدة أكثر. فقد كتب بصورة خاصة إلى اليهود المسيحيين ليغذّي إيمانهم بيسوع كملكهم المسيحاني.

في الوقت الذي كَتب فيه متى، كان اليهود المهتدون إلى المسيحية مرفوضين بشدة من قبل السلطات اليهودية، وغالباً من قبل أصدقاء سابقين، ومن أفراد عائلاتهم. ويوضح لنا كتاب أعمال الرسل، أنه في عالم البحر المتوسط في ذلك الزمن، كان الاضطهاد نهج حياة بالنسبة إلى اليهود المسيحيين.

وكما نقرأ في أعمال الرسل ٨: ١:

وَحَدَثَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ اضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَتَشَتَّتَ الْجَمِيعُ فِي كُوَرِ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ، مَا عَدَا الرُّسُلَ.

وبسبب الاضطهاد، لا شك في أن اليهود الذين تبعوا يسوع بصفته المسيح الموعود واجهوا تجربة العودة إلى حياتهم السابقة، والتخلي عن المسيحية. ولمواجهة هذه التجربة، كتب متى إليهم ليذّكرهم بأن يسوع هو المسيح الموعود الحقيقي الذي جاء بملكوت الله. وإنجيله هو قصة تشجيع وتعزية، لكنه أيضاً قصة تحدٍّ، لأن يسوع لم يأتِ بملكوت الله بالطريقة التي توقعها الكثيرون، وقد كانت متطلبات الملكوت عظيمة.

في هذا الإطار، أعاد متى طمأنة قرائه بأن يسوع بدأ يتمّم توقعات العهد القديم بملكوت مسيحاني. لكن في الوقت عينه، ملكوت الله لم يتحقق بالكامل بعد. لذلك كتب متى أيضاً ليشجّع المؤمنين من اليهود ليبقوا أمناء إلى حين عودة الملك نفسه ليصحّح كل شيء – إلى الوقت الذي سيسحق فيه يسوع أعداء الملكوت، ويرحّب بدخول شعبه الأمين إلى ملء بركات الملكوت.

لهذا السبب غالباً ما يشير متى إلى موضوع ملكوت السماوات. في الواقع، استخدم متى كلمتَي “ملك” و”ملكوت” أكثر من ٧٥ مرة في إنجيله. بينما استخدمهما كتّاب الأناجيل الآخرون مجتمعون أقل من ١١٠ مرات. فقد رأى متى أن الطريقة الأفضل لتشجيع القرّاء اليهود وحثّهم، هي من خلال إخبارهم قصة ملكهم المسيحاني وملكوته.

نجد في إنجيل متّى تشديداً كبيراً على ملكوت السماوات. يبدأ متّى إنجيله بسلسلة نسب يسوع، وذلك بقصد أن يُظهِر أن يسوع هو الوريث الشرعي، الملك الداودي. الملك الداودي هو يسوع الناصري. وقرّاء متى، قراؤه الأولون، كانوا على ما أظن، في المقام الأول يهوداً. ولذا، هذا الكتاب كان يقول للناس: “هذا هو ملككم الشرعي”. ويشدّد متى على ملكوت السماوات في إعلانه الملموس المُعلَن في هذا الإنجيل، حيث يشير “ملكوت السماوات” إلى حكم المسيح على كل الناس في كل المجالات. إنّها مسألة سلطة. كثيراً ما سأل الفريسيون والصدوقيون يسوع: “بأي سلطان تعمل هذا؟” وينتهي الإنجيل بكلمات يسوع: “دُفِع إليَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض”. وفكرة الملكوت هذه تتجاوز فكرة الملك الداودي القومي الذي كان الشعب يتوقّعه وينتظره. وبالتالي ما يصرّح به متّى هو أن المسيح ملك على كل إنشٍ مُربَّع في الخليقة. [د. جيم ميبلز]

الآن وقد درسنا خلفية إنجيل متى، دعونا ننتقل إلى بنية هذا الإنجيل ومحتواه.

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

1. نشجعك على أن تنسخ وتلصق أدلة الدراسة في ملف Wordجديد.
2. قم بمشاهدة الفيديو مع تدوين ملاحظاتك أسفل كل عنوانٍ من عناوين أدلة الدراسة.

دليل الدراسة 1.2

الخطوط العريضة لتدوين الملاحظات

المقدمة

I الخلفية

أ. المؤلف

1. الموقف التقليدي

2. السيرة الشخصية

ب. القراء الأولون

1. ملكوت السماوات

2. العادات اليهودية

ج. المناسبة

1. التاريخ

2. المكان

3. القصد

أسئلة المراجعة

1. ماذا يعلّم الدرس فيما يخص هوية كاتب الإنجيل بحسب متى؟

2. اكتب الاقتباسات الخاصة بكل من الكُتَّاب التاليين فيما يخص هوية كاتب الإنجيل بحسب متى. تأكد من تمكُّنك من التعرُّف على كلٍّ منهم.
بابياس (بدايات القرن الثاني، اقتبس منه يوسابيوس في القرن الرابع)
إيريناوس (كتاباته ترجع إلى عام 180 ميلاديًا تقريبًا)
ترتليانوس (155-230 ميلاديًا)

3. اذكر التفاصيل المفتاحية حول متى.

4. ما هي مهنة متى؟ اذكر التفاصيل المفتاحية حول موقف اليهود في وقته تجاه مهنته.

5. لمَن كتب متى إنجيله بشكل خاص؟ هل كان يضع في اعتباره الناس الآخرين أيضًا؟ اشرح.

6. بحسب الدرس، ما هو السبب المرجح الذي جعل متى يستخدم تعبير ” ملكوت السموات” أكثر من “ملكوت الله”؟

7. صف الدليل الذي يبيِّن أن متى كان يتوقع أن يكون قُرَّائه مُلِّمون بالعادات اليهودية.

8. بحسب الدرس، ما هو الوقت المرجح الذي كتب فيه متى إنجيله؟ ما هي الحجج التي تثبت ذلك؟

9. ما هو هدف متى المميز والفريد عند كتابة إنجيله؟

أسئلة تطبيقية

1. ما هي أهمية معرفة هوية كاتب الإنجيل الأول؟

2. ما هي أهمية معرفة هدف الكاتب الخاص أثناء كتابة الإنجيل؟

AJAX progress indicator
Search: (clear)
Nothing found. Please change the filters.
الاختبارات
الأناجيل – الدرس الثاني – الامتحان الأول
Previous القسم
Back to الدرس
Next القسم

انجازك في الدورة

0% Complete
0/41 Steps

محتوى الدورة الدراسية

الدورة Home عرض الكل
ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: مدخل إلى الأناجيل
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الأول
الأناجيل – الدرس الأول – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الأول – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الأول – القسم الثالث
الأناجيل – الدرس الأول – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثاني: الإنجيل بحسب متى
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الثاني
الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثالث: الإنجيل بحسب مرقس
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الثالث
الأناجيل – الدرس الثالث – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الثالث – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الثالث – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الرابع: الإنجيل بحسب لوقا
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الرابع
الأناجيل – الدرس الرابع – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الرابع – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الرابع – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الخامس: الإنجيل بحسب يوحنا
6 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الخامس
الأناجيل – الدرس الخامس – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الخامس – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الخامس – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس السادس: القراءات المطلوبة
3 الأقسام | 4 الاختبارات
متطلبات القراءة 1
متطلبات القراءة 2
متطلبات القراءة 3
العودة إلى الأناجيل

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in