مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / الأناجيل / الدرس الثالث: الإنجيل بحسب مرقس

الأناجيل – الدرس الثالث – القسم الأول

الدورات الدراسية الأناجيل الدرس الثالث: الإنجيل بحسب مرقس الأناجيل – الدرس الثالث – القسم الأول
الدرس Progress
0% Complete
 
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

المقدمة
الخلفية
المؤلف
الموقف التقليدي

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS03_01.mp4
موضوعات ذات صلة
How reliable is church tradition regarding the authorship of Mark's gospel?

السيرة الشخصية
القرّاء الأولون
شهادة الكنيسة الولى
تفاصيل الإنجيل

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS03_02.mp4
موضوعات ذات صلة
Humanly speaking, how qualified was Mark to write a gospel?

المناسبة
التاريخ
القصد

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS03_03.mp4
  • المقدمة
    الخلفية
    المؤلف
    الموقف التقليدي
  • السيرة الشخصية
    القرّاء الأولون
    شهادة الكنيسة الولى
    تفاصيل الإنجيل
  • المناسبة
    التاريخ
    القصد

المقدمة
الخلفية
المؤلف
الموقف التقليدي

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS03_01.mp3
Related Audio How reliable is church tradition regarding the authorship of Mark's gospel?

السيرة الشخصية
القرّاء الأولون
شهادة الكنيسة الولى
تفاصيل الإنجيل

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS03_02.mp3
Related Audio Humanly speaking, how qualified was Mark to write a gospel?

المناسبة
التاريخ
القصد

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS03_03.mp3
  • المقدمة
    الخلفية
    المؤلف
    الموقف التقليدي
  • السيرة الشخصية
    القرّاء الأولون
    شهادة الكنيسة الولى
    تفاصيل الإنجيل
  • المناسبة
    التاريخ
    القصد

المقدمة

كلُّ يومٍ، يعاني آلافُ المسيحيين الاضطهاَد، وذلكَ ببساطةٍ، بسببِ اتباعِهِم المسيح. ويواجهُ ملايينُ من المؤمنين يوميّاً، خطرَ مصادرةِ ممتلكاتِهم، ويُعتدى على قادتِهم ويُسجنون، وتتعرضُ عائلاتُهم للضربِ والخطفِ وحتى القتلِ.

في الحقيقةِ، كان اضطهادُ المسيحيين في فكرِ مَرقُسَ عندما كتبَ ما هو اليومَ الإنجيلُ الثاني في العهدِ الجديدِ، أي إنجيلُ مَرقُس. وقد اختبرتِ الكنيسةُ المسيحيةُ الباكرةُ الألمَ في نواحٍ عدة. لكن كيف يفهمُ المؤمنون المغزى من ألمِهم؟ وما هو الدرسُ الذي يُمكنُهم أن يتعلموه من مثالِ يسوعَ وَسَط معاناتِهم؟ أجاب مَرقُس عن أسئلةٍ من هذا النوعِ بإخبارِهِم قصةَ حياةِ يسوعَ بطرقٍ دعّمَت إيمانَ المسيحيين الأوائلِ وشجعتْهم على الثباتِ.

هذا هو الدرس الثالث في سلسلتنا الأناجيل، وقد أعطينا هذا الدرس العنوان “الإنجيل حسب مَرقُس”. في هذا الدرس، سندرس عن قرب سِجل مَرقُس لحياة يسوع، بحيث يمكننا تطبيق تعاليمه بصورة فعَّالة أكثر على حياتنا اليوم.

تنقسم دراستنا لإنجيل مَرقُس إلى ثلاثة أقسام رئيسية. أول، خلفية إنجيل مَرقُس. ثانياً، بنية الإنجيل ومحتواه. ثالثاً، نحلِّل بعض المواضيع الرئيسية في إنجيل مَرقُس. لنبدأ بخلفية إنجيل مَرقُس.

الخلفية

سنتناول خلفية إنجيل مَرقُس عن طريق فحص الكاتب مَرقُس نفسه، وقراءه الأولين، والمناسبة أو ظروف الكتابة. لنبدأ أول بكاتب إنجيل مَرقُس.

المؤلف

نتناول كاتب إنجيل مَرقُس من ناحيتين. الأولى، الموقف التقليدي من كاتبه. والثانية، السيرة الشخصية للكاتب. لنبدأ بالموقف التقليدي من كاتب هذا الإنجيل.

الموقف التقليدي

يُجمِع التقليد الكنسي القديم على أنّ يوحنا مَرقُس هو مَن كتب إنجيل مَرقُس. ففي العهد الجديد، يظهر مَرقُس كأحد أنسباء برنابا. وهو رافق بولس وبرنابا في رحلتهما التبشيرية الأولى في أعمال الرسل. أما أم مَرقُس فقد كان لها بيت في أورشليم كان التلاميذ الأولون يجتمعون فيه. كما يشير بُطْرُس إلى يوحنا مَرقُس كابنه. وفي إحدى رسائله يقول بابياس إن يوحنا مَرقُس كان مع بُطْرُس في روما ودوّن كلّ تعاليمه بدقّة. [د. روبرت بلَمَر]

من بين الكتّاب المسيحيين الأوائل الذين أشاروا إلى مَرقُس ككاتب الإنجيل الثاني، بابياس. عاش بابياس في بداية القرن الثاني، وكان أسقفاً في آسية الصغرى حوالي عام ١٣٠ للميلاد.

نحن نعرف موقف بابياس من خلال مؤرخ الكنيسة الشهير يوسابيوس، فهو كتب حوالي عام ٣٢٥ للميلاد. في مؤلفه تاريخ الكنيسة، المجلد ٣ والفصل ٣٩ والجزء ١٥، اقتبس يوسابيوس عن بابياس ما يلي:

إن مَرقُس الذي أصبح مترجم بُطْرُس، دوّن بدقة، لكن ليس بالترتيب، كل ما تذكّره من أقوال وأعمال المسيح. فهو لم يسمع الرب ولا تبعه، لكنه، كما قلت آنفاً، صار لاحقاً من أتباع بُطْرُس، الذي كيّف تعليم الرب مع حاجات سامعيه.

وفق بابياس، يعتمد إنجيل مَرقُس بشدة على تعليم الرسول بُطْرُس. لم يكن مَرقُس شاهد عيان على خدمة يسوع، لكنه دوّن ما رآه بُطْرُس وسمعه من يسوع.

أعتقد أن تقاليدنا الكنسيّة الباكرة قريبة كفايةً من الحقبة التي كُتِبت فيها الأناجيل ومن حقبة بداية انتشار الأناجيل بين الناس. والمثال الأفضل على ذلك هو ما نعرفه من بابياس الذي كان أسقفاً لهيرابوليس في آسيا الصغرى في مطلع القرن الثاني. فقد كتب بابياس كتاباً كبيراً لم يبقَ منه أثرٌ، للأسف، ولا نملك حاليّاً من كتاباته إلا بعض المقتطفات الصغيرة، ومنها ما يضمّ بعض الملاحظات حول الأناجيل. ويقول لنا بابياس بالتحديد إنّ مَرقُس كتب إنجيله معتمِداً على كرازة بُطْرُس. فقد كان مَرقُس مترجماً لبُطْرُس بحسب بابياس، ما قد يعني أنّه قام بترجمة لغة بُطْرُس الآرامية إلى اليونانية أو اللاتينية. ويَعتبر بابياس أنّ مَرقُس كتب إنجيله مستنِداً إلى معلوماته التي جمعها من كرازة بُطْرُس. وأعتقد أنّ هذا التقليد قد يكون الأكثر مصداقيّةً وقِدَماً بين التقاليد المتعلّقة بالأناجيل، وأنا لا أرى أيّ سببٍ يدعو إلى الشك في صحّته. [د. ريتشارد بوكام]

أقرّ كتّاب آخرون في الكنيسة الباكرة أيضاً بالموقف التقليدي الذي يقول إن مَرقُس كتب هذا الإنجيل. على سبيل المثال، تؤكد مقدمة ضد مارقيون للإنجيل الثاني، التي كُتبت حوالي عام ١٧٠ للميلاد، بوضوح أن مَرقُس هو كاتب الإنجيل. أما إيريناوس وقد كتب حوالي عام ١٧٧ للميلاد، فيدعم هو أيضاً هذا الرأي. أيضًا، فإن المخطوطات اليونانية الباكرة التي تعطي عنواناً لهذا الكتاب، تسميه “حسب مَرقُس”.

كانتِ الأدلةُ التي تدعمُ مرقسَ ككاتبٍ للإنجيلِ الثاني، منتشرةً في الكنيسةِ الباكرةِ. في الواقعِ، لا يوجدُ عندنا أيُّ سجلٍ من الكنيسةِ الباكرةِ يشيرُ إلى خِلافٍ ذي شأنٍ حولِ هويةِ كاتبِه. ورَغْمَ أن بعضَ الدارسين في العصورِ الحديثةِ، حاولوا أن يُنكروا هذا المَوقِفَ التقليديَّ، لكنهم لم يدحضوا الشهادةَ القديمةَ القائلةَ إن مَرقُسَ هو كاتبُ الإنجيلِ، كما أنهم لم يتمكنوا من الإشارةِ إلى أيِّ شيءٍ في الإنجيلِ نفسِه يستبعدُ مَرقُسَ ككاتبٍ. لهذه الأسبابِ، يُمكن للمسيحيينَ في عصرِنا أن يُقِرّوا بثقةٍ بأن مَرقُسَ كتبَ هذا الإنجيلَ.

الآن وقد أثبتنا صحة الموقف التقليدي الذي يدعم مَرقُس ككاتب للإنجيل، لنفحص سيرته الشخصية لنتمكن من فهم ما دوّنه بصورة أفضل.

السيرة الشخصية

وفق أعمال الرسل ١٢: ١٢، فإن مَرقُس هو ابن امرأة تدعى مريم، تعيش في أورشليم، اجتمع في بيتها بعض المسيحيين في أورشليم للصلاة من أجل بُطْرُس عندما كان في السجن. لذا، فإن علاقة مَرقُس ببُطْرُس وبقية الرسل بدأت على الأقل في هذه المرحلة الباكرة.

مَرقُس هو أيضاً ابن عم برنابا، بحسب النص الأصلي لكولوسي ٤: ١٠. كما أنه عاون بولس وبرنابا في رحلتهما التبشيرية الأولى. لكنه، كما ورد في أعمال الرسل ١٣: ١٣، تركهما في منتصف الرحلة وعاد إلى أورشليم.

وقد رفض بولس، نتيجة لذلك، أن يسمح لمَرقُس بالانضمام إليه في رحلته التبشيرية الثانية. وهكذا افترق بولس عن برنابا بسبب هذه المسألة كما نقرأ في أعمال الرسل ا١٥: ٣٦ – ٤١: فأخذ برنابا مَرقُس معه للخدمة في قبرص، بينما اختار بولس سيلا بدل برنابا ليرافقه في سفره.

لكن بحسب كولوسي ٤: ١٠، يبدو أن مَرقُس استعاد ثقة بولس، حتى إنه كان معه في إحدى فترات سجنه.

لاحقاً، عاون مَرقُس بُطْرُس في خدمته في روما. في الواقع، ربطته ببُطْرُس علاقة حميمة حتى دعاه بُطْرُس بحنان: “ابني”، في ١ بُطْرُس ٥: ١٣. ويُرجّح أنه خلال هذه الفترة علّم بُطْرُس مَرقُس معظم التفاصيل عن خدمة يسوع الأرضية التي نجدها مدوّنة في إنجيل مَرقُس.

مَرقُس، أو بالأحرى يوحنّا مَرقُس باسمه الكامل، هو شخصيّةٌ مثيرةٌ للاهتمام في الكتاب المقدّس. فهو لا يظهر إلا في حالاتٍ قليلة، وأمّه كانت تُدعى مريم، وكانت تملك بيتاً في أورشليم. ونعرف ذلك لأنّ الكنيسة كانت تجتمع في بعض الأحيان في هذا البيت. وقد كان مَرقُس نسيب برنابا الذي كان أحد رفاق الرسول بولس في التبشير. وقد سافر مع بولس وبرنابا في رحلتهما التبشيرية الأولى. ونقرأ في تاريخ الكنيسة أنّه كان قريباً من بُطْرُس أيضاً. وفي الواقع، يقول لنا تقليد الكنيسة إنّ إنجيل مَرقُس كان فعل نوعاً من الاستعادة لأقوال بُطْرُس. فيتساءل البعض “مَن مَرقُس هذا؟ فهو ليس برسول”؛ هذا صحيح، فهو حتماً لم يكن رسول، ولكن أنظروا إلى حياته المذهلة. فهو على الأرجح قد رأى وعرف يسوع وهو بعدُ شاب. فقد كان إذاً شاهداً على وجود المسيح، وربّما شاهِد عيان على القيامة. ولكن مَن كان مرشدوه؟ المرشدان الأساسيّان كانا بولس رسول الأمم وبُطْرُس الذي يمثّل فعل التلاميذ الإثني عشر؛ ما يعني أنّه مؤهَّل تماماً لكتابة إنجيل يسوع المسيح. [د. مارك ستراوس]

بعد أن تكلمنا عن مَرقُس ككاتب لهذا الإنجيل، فلنفحص هوية القرّاء الأولين لإنجيل مَرقُس.

القرّاء الأوّلون

إن شهادة الكنيسة الباكرة وبعض التفاصيل في إنجيل مَرقُس، تشير إلى الكنائس في إيطاليا، لا سيما في مدينة روما، كقرّاء مَرقُس الأولين.

سنفحص الرأي القائل بأن مَرقُس كتب إلى كنائس إيطاليا وروما عن طريق النظر باختصار إلى شهادة الكنيسة الباكرة وبعض التفاصيل في إنجيل مَرقُس نفسه. لننظر أول إلى شهادة الكنيسة الباكرة.

شهادة الكنيسة الأولى

الشهادات الثلاث التي ذكرناها سابقاً، بابياس الذي كتب حوالي عام ١٣٠ للميلاد، والمقدمة ضد مارقيون كُتبت حوالي عام ١٧٠ للميلاد، وإيريناوس الذي كتب حوالى عام ١٧٧ للميلاد، تخبرنا جميعها أن مَرقُس كتب إنجيله في إيطاليا، ويحدّد بعضها روما كمكان الكتابة. كما لم تُشر أي من تلك الشهادات إلى أن مَرقُس أرسل إنجيله إلى كنيسة في مدينة أخرى، أي أن مَرقُس كتب إلى الكنائس المحلية في المكان الذي عاش فيه. وما يدعم ذلك هو الشاهد في رسالة بُطْرُس الأولى ٥: ١٣، الذي يحدٍّد موقع مَرقُس في روما في الفترة التي خدم فيها إلى جانب بُطْرُس.

بالطبع، كما هي الحال بالنسبة إلى كل الأناجيل، برهن التاريخ أن الله أراد لإنجيل مَرقُس أن يُستخدم في كل الكنائس، في كل العصور. لكننا نكون أكثر استعداداً أن نفسّر إنجيل مَرقُس بالطريقة التي قصدها مَرقُس، عندما ندرك أن مَرقُس كتب بقلق بالغ على مصير المسيحيين الإيطاليين، ولا سيما مسيحيي روما في زمنه.

بالإضافة إلى شهادة الكنيسة الباكرة، تشير العديد من التفاصيل في إنجيل مَرقُس إلى أنه كتب إلى كنائس في إيطاليا، وأكثر تحديداً في روما. سنشير إلى أربعة تفاصيل في إنجيل مَرقُس تدعم الرأي بأنه كتب إلى كنائس إيطاليا وروما.

تفاصيل الإنجيل

أولاً، في مناسبات عدة، قام مَرقُس بشرح العادات الفلسطينية إلى قرائه. على سبيل المثال، شرح مَرقُس ممارسة الفَريسيين لعادة غسل الأيدي في مَرقُس ٧: ٣ – ٤. وشروح من هذا النوع تشير إلى أنه يوجد بين قرّاء مَرقُس، عدد كبير من غير اليهود الذين كانوا يعيشون خارج فلسطين.

تفصيل ثانٍ ينسجم مع فرضية أن القرّاء هم من إيطاليا وروما، هو شرح مَرقُس للعبارات الآرامية. استمع على سبيل المثال إلى شرحه للأسماء المُعطاة ليعقوب ويوحنا في مَرقُس ٣: ١٧:

وَيَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ، وَجَعَلَ لَهُمَا اسْمَ بُوَانَرْجِسَ أَيِ ابْنَيِ الرَّعْدِ.

وقد قدّم مَرقُس شروح مماثلة في ٥: ٤١، و٧: ٣٤، و١٥: ٢٢، ٣٤. فسكان فلسطين الذين يتكلمون الآرامية، لم يكونوا بحاجة إلى هذه الشروح، وحتى اليهود خارج فلسطين، كانوا معتادين على الآرامية والعبرية في مجامعهم. من هنا، هذا التفصيل يقودنا إلى أن مَرقُس كتب إلى أشخاص غير يهود يعيشون خارج فلسطين.

تفصيل ثالث يشير حتى بأكثر وضوح إلى قرّاء في إيطاليا وروما، هو استخدام مَرقُس كلمات لاتينية أكثر من أي من كتّاب الأناجيل الآخرين، ما يدل على أن عدداً كبيراً من قرائه يفهمون اللاتينية.

في القرن الأول، لم تكن اللغة اللاتينية محكية على نطاق واسع في عالم البحر المتوسط. فقد كانت محصورة بالدرجة الأولى بإيطاليا، الوطن الأُم للإمبراطورية الرومانية. من هنا، لا شك في أن استخدام مَرقُس كلمات لاتينية ١٥ مرة في إنجيله أمر له دلالته. مثل في مَرقُس ١٢: ٤٢ كتب الكلمة اللاتينية لبتا بأحرف يونانيّة، للإشارة إلى قطعة نقود نحاسية صغيرة. وكان من المستبعد أن يفهمها أولئك الذين لا يتكلمون اللاتينية.

أما التفصيل الرابع الذي يدعم إمكانية كتابة مَرقُس إلى كنائسِ إيطاليا لا سيما روما، هو ذكر مَرقُس لشخص يدعى رُوفُس.

في مَرقُس ١٥: ٢١، نقرأ أن الرجل الذي حمل صليب يسوع إلى الجلجثة، كان والد رُوفُس وأَلَكْسَنْدَرُس، وهما شخصان لا يلعبان أي دور في إنجيل مَرقُس. فما القصد من ذكر مَرقُس لهما؟ أحد أفضل التفاسير المعروفة، هو أنهما كانا معروفَين من قبل قرّاء مَرقُس أو على الأقل من بعضهم. في الواقع، ورد اسم رُوفُس كعضو في كنيسة روما في رسالة رومية ١٦: ١٣. وإذا افترضنا أن روفس هذا هو الشخص ذاته المشار إليه في مَرقُس، يمكننا أن نستنتج أن مَرقُس كتب إلى الكنيسة التي في روما.

أيٌّ من هذه النقاطِ منفردةً لا يمكنُها أن تُثبِتَ أن روما هي المكانُ الذي كتبَ إليهِ مَرقُسُ إنجيلَه. لكنها مجتمعةً معاً، تدعمُ الشهادةَ القويةَ للكنيسةِ الباكرةِ. وكما سنرى لاحقاً في هذا الدرسِ، فإن قراءةَ الإنجيلِ وفي ذِهنِنا قرّاءٌ رومانٌ، يُمكنُ أن يُساعِدَنا على فهمِ بعضِ تشديداتِ مَرقُسَ الخاصةِ، وعلى تطبيقِها على حياتِنا في كنيستِنا اليومَ.

مع إبقاء الكاتب والقرّاء الأولين لهذا الإنجيل في ذهننا، صرنا مستعدين أن نفحص ناحية ثالثة لخلفية إنجيل مَرقُس: المناسبة أو ظروف الكتابة.

المناسبة

سنتناول مناسبة إنجيل مَرقُس من ناحيتين. أول، سننظر في التاريخ الذي كتب فيه مَرقُس. وثانياً، سنفحص القصد من كتابته. لنبدأ بالنظر في تاريخ إنجيل مَرقُس.

التاريخ

لا يمكن تحديد تاريخ كتابة مَرقُس بكل يقين. لكن بصورة عامة، يبدو أن الأدلة تشير إلى تاريخ في منتصف الستينيَّات من القرن الأول.

والشهادات القديمة أمثال “إيريناوس” و”مقدمة ضد مارقيون” لمَرقُس، تعلن أن مَرقُس كتب إنجيله بعد موت بُطْرُس. وعلى الأرجح أن بُطْرُس استُشهِد في روما خلال فترة اضطهاد الإمبراطور الروماني نيرون للكنيسة، الذي نشب بعد حرق روما عام ٦٤ للميلاد. قد نستنتج من كلام بابياس أن مَرقُس بدأ عمله أثناء حياة بُطْرُس، لكنه لا يستبعد إمكانية موت بُطْرُس قبل أن ينهي مَرقُس إنجيله. من هنا، من المنطقي أن نعتبر أن التاريخ الأبكر لإتمام مَرقُس كتابة إنجيله هو حوالي عام ٦٤ للميلاد.

أما تحديد التاريخ الأقصى لكتابة مَرقُس فهو أصعب. فكما رأينا في درس سابق، يعتقد الكثير من الدارسين أن مَرقُس هو أول إنجيل كُتب، وأن متى ولوقا استخدما مَرقُس كمرجع عندما كتبا إنجيليهما. وإذ لم يشر أي من هذه الأناجيل الثلاثة إلى دمار أورشليم وهيكلها، الذي حصل عام ٧٠ للميلاد، يستنتج الكثير من الدارسين أن متى ومَرقُس ولوقا كتبوا جميعاً قبل ذلك الوقت. وفي حال استلم كل من متى ولوقا إنجيل مَرقُس واستخدمه قبل إتمام إنجيله، فمن الآمن أن نقول إن مَرقُس قد تمت كتابته في تاريخ أبكر من عام ٧٠ للميلاد – بلا ريب قبل نهاية عام ٦٩ للميلاد، وعلى الأرجح في عام ٦٧ كتاريخ باكر، مما وفّر الوقت الكافي لمتى ولوقا ليتعرّفا إلى إنجيل مَرقُس قبل كتابة إنجيلَيهما.

مع إبقاء تاريخ إنجيل مَرقُس في ذهننا، فلننظر الى القصد من كتابته.

القصد

يمكن القول إن مَرقُس والأناجيل الأخرى اشتركت معاً في قصد واحد: وهو الحفاظ على سجل تاريخي حقيقي عن حياة يسوع وتعاليمه. فبعد عام ٥٠ للميلاد تزايد عدد الذين ماتوا من الرسل، ومن الشهود لحياة المسيح وموته وقيامته. من هنا، كانت هناك حاجة متزايدة للحفاظ على شهادتهم. وكما أشار يوسابيوس وغيره من كتّاب الكنيسة الباكرة الذين أشرنا إليهم، فإن جزءاً من قصد مَرقُس كان الحفاظ على سجل بُطْرُس لخدمة يسوع.

لكن الحفاظ على هذا السجل لم يكن قصد مَرقُس الوحيد. فكما هي الحال بالنسبة إلى كل كاتب إنجيل، لم يشأ مَرقُس أن يَعْرفَ قراؤه فقط عن يسوع، بل أرادهم أن يستخلصوا دروساً من حياة يسوع ويطبقّوها على حياتهم الخاصة. ولكن ما كانت ظروف حياتهم؟

كانت فترة الستّينيّات بعد الميلاد في روما صعبةً جدّاً على المسيحيّين. فلا يمكن أن ننسى أنّه حتّى هذه الفترة، في القانون الروماني، كانت اليهودية الديانة الوحيدة المُعتَرَف بها؛ وكانت تُدعى باللاتينية ريليجيو ليسيتا أي الديانة الشرعيّة. لذلك لم يتعرّض اليهود المسيحيّون إلى الكثير من الاضطهاد لأنّ الرومان كانوا يعتقدون أنّهم جزءٌ من اليهود. ولكن ماذا سيحصل عندما تبدأ السلطات الرومانية بالشكّ في أنّ هذه الديانة الجديدة تستقبل الأمم، أي غير اليهود، وأنّها مختلفة عن الديانة اليهودية؟ فجأةً لن تعود هذه الديانةُ آمنةً وقد يسبّب ذلك نوعاً من التوتّر لدى السلطات الرومانية. وهذا بالتحديد ما كان يحصل، أو ما سُجّل في روما في مطلع الستّينيّات بعد الميلاد. فأوّل خمس سنوات من عهد نيرون مرّت على خير نوعاً ما. ولكن منذ ذلك الحين وحتّى موته في العام ٦٨ كانت تصرّفاته غير متوقّعةٍ. ثمّ لدينا بولس الذي وصل إلى روما حوالي العام ٦٠ للميلاد، وكان مستعدّاً أن يموت من أجل المسيح، وأن يُظهِر أنّ هذه الديانة الحديثة هي للجميع، بما فيهم الإمبراطور نيرون. وحتماً عندما سيكتشف نيرون ذلك سيدرِك أنّ هذه الديانة لا تُعجِبه. “فمن المفترض أن أكون أنا المسؤول، وهم يعلنون أنّ يسوع هو الرب”. فعند اندلاع حريق روما الكبير في ١٨ من تمّوز من العام ٦٤ للميلاد، وقع اللّوم على نيرون، لكنّه اتهم هذه المجموعة الجديدة، أو البدعة الجديدة التي تُدعى المسيحيّة. وكم هو محزنٌ ما نسمعه حول تلك الحادثة. [د. بيتر واكر]

خلال السنوات التي يرجح أن مَرقُس كتب فيها، كانت الكنيسة في روما تعاني من الاضطهاد إبان حكم الإمبراطور نيرون. حَكمَ نيرون في الفترة بين ٥٤ و٤٨ للميلاد. وقد اشتهر باتهامه المسيحيين زوراً بحرق روما سنة ٤٤ للميلاد، وبمعاقبتهم بطرق رهيبة.

في عهد نيرون، قامت روما باضطهاد الكنيسة بقسوة. ففي البداية، كانت روما مؤسَّسة كجمهورية. لاحقاً، وبعد اغتيال يوليوس قيصر، قام أُغسطس بقيادة جيشه واحتلّ مدينة روما وحلّ مجلس الشيوخ. فأصبحت الجمهورية الرومانية الإمبراطورية الرومانية وأصبح أغسطس إمبراطورها الأوّل. ويشير ذلك إلى بداية تاريخ الشراسة الرومانية. ففي الواقع، لم يكن نيرون الأسوأ في اضطهاد المسيحيين. فأباطرة آخرون هاجموا المسيحيّة بعنفٍ أكبر، والكثير من المسيحيّين عانوا الأمرّين وقُتِلوا صلباً أو أُحرِقوا حتّى الموت، كما ذُكِر في السجلات التاريخية. والكثير من الشهداء في عهد الكنيسة الأولى شهدوا في موتهم لرحمة الله وبرّه. [د. ستيفين تشان]

كانت الحياة قاسية من عدة أوجه بالنسبة إلى المسيحيين في روما وضواحيها في تلك الفترة. وكما سنرى، فقد هدف مَرقُس بإنجيله ليعينهم في ظروفهم القاسية. وعلى الرغم من وجود عدة نواح نصِف من خلالها قصد مَرقُس من الكتابة، سنركز في هذا الدرس على الرأي القائل بأن مَرقُس كتب إنجيله ليقوّي المسيحيين المضطهدين في روما.

أوضحَ إنجيلُ مرقسَ أنه مهما كانتِ الصعوباتُ والتجاربُ التي واجهَها المسيحيون الرومانُ في تألمِهم لأجلِ المسيحِ، يُمكنُهم أن يَثقوا بأن يَسوعَ قد اختبرَ تلك الآلامَ. فقد حُكِمَ عليه ظُلماً في مَحكمةٍ رومانيةٍ، وضُرِبَ من قِبَل جنودٍ رومان. وصُلبَ على صليبٍ رومانيٍّ. لكن وَسَطَ آلامِه هذه، كان يسوعُ منتصراً. وأراد مَرقُسُ أن يؤكِدَ لقُرائه أنهم في حال تبعوا يسوعَ بأمانةٍ، فسوف ينتصرون هم أيضاً. صحيحٌ أنهم سيتألمون، لكنَّ ألمَهم سيكونُ طريقَهم إلى المجدِ، كما كانتِ الحالُ بالنسبةِ ليسوعَ.

الآن وقد نظرنا في خلفية إنجيل مَرقُس، لننتقل إلى بنيته ومحتواه.

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

القسم الأول: الخلفية

مخطط لتدوين الملاحظات

المقدمة

I. الخلفية

أ. المؤلف

1. الموقف التقليدي

2. السيرة الشخصية

ب. القراء الأولون

1. شهادة الكنيسة الأولى

2. تفاصيل الإنجيل

ج. المناسبة

1. التاريخ

2. القصد

أسئلة المراجعة

1. ما هو الدليل المعطى في الدرس على أن يوحنا مرقس هو كاتب الإنجيل الذي يحمل اسمه؟

2. من هو الرسول الهام الذي يرجح أن يكون قد ساعد مرقس في كتابة الإنجيل؟

3. اذكر التفاصيل الهامة حول حياة مرقس. من أين هو؟ هل كان رسولًا؟ هل من المحتمل أن يكون قد عرف يسوع؟ ما هي علاقته ببولس؟ وببرنابا؟ وببطرس؟

4. بحسب الدرس، لمَن كتب مرقس إنجيله بشكل خاص؟ ما هو الدليل الذي يساند هذه النظرة؟

5. من كان روفس المذكور في الإنجيل بحسب مرقس؟ لماذا يعتبر اسمه ذو معنى؟

6. ما هو التاريخ المرجح لكتابة الإنجيل بحسب مرقس؟ بين أي سنوات؟ ما هي الحجج المعطاة لهذا التاريخ المرجح؟
7. ما هو هدف الإنجيل بحسب مرقس؟

أسئلة تطبيقية

1. ما هي الدروس التي يمكننا أن نأخذها من حياة مرقس؟

2. ما الفرق الذي يحدثه فهم طبيعة الجمهور الذي كان يكتب إليه مرقس، والهدف من كتابته الإنجيل؟ هل ساعدك هذا على فهم الإنجيل؟ هل تشعر بتشابه ما بينك وبين القُرَّاء الذين كان يخاطبهم؟

AJAX progress indicator
Search: (clear)
Nothing found. Please change the filters.
الاختبارات
الأناجيل - الدرس الثالث - الامتحان الأول
Previous القسم
Back to الدرس
Next القسم

انجازك في الدورة

0% Complete
0/41 Steps

محتوى الدورة الدراسية

الدورة Home عرض الكل
ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: مدخل إلى الأناجيل
7 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الأول
الأناجيل – الدرس الأول – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الأول – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الأول – القسم الثالث
الأناجيل – الدرس الأول – القسم الرابع
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثاني: الإنجيل بحسب متى
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الثاني
الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثالث: الإنجيل بحسب مرقس
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الثالث
الأناجيل – الدرس الثالث – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الثالث – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الثالث – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الرابع: الإنجيل بحسب لوقا
6 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الرابع
الأناجيل – الدرس الرابع – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الرابع – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الرابع – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الخامس: الإنجيل بحسب يوحنا
6 الأقسام | 6 الاختبارات
تحضير الدرس الخامس
الأناجيل – الدرس الخامس – القسم الأول
الأناجيل – الدرس الخامس – القسم الثاني
الأناجيل – الدرس الخامس – القسم الثالث
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس السادس: القراءات المطلوبة
3 الأقسام | 4 الاختبارات
متطلبات القراءة 1
متطلبات القراءة 2
متطلبات القراءة 3
العودة إلى الأناجيل

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in