مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / الرسالة إلى العبرانيين / الدرس الثاني: المحتوى والبنية

الرسالة إلى العبرانيين – الدرس الثاني – القسم الثاني

الدورات الدراسية الرسالة إلى العبرانيين الدرس الثاني: المحتوى والبنية الرسالة إلى العبرانيين – الدرس الثاني – القسم الثاني
الدرس Progress
0% Complete
 
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

البنية الإنشائية الأدبية
الإعلانات الملائكية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aHEB02_07.mp4

سلطان موسى

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aHEB02_08.mp4

كهنوت ملكي صادق

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aHEB02_09.mp4

العهد الجديد

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aHEB02_10.mp4

الثبات العملي

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aHEB02_11.mp4

الخاتمة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aHEB02_12.mp4
  • البنية الإنشائية الأدبية
    الإعلانات الملائكية
  • سلطان موسى
  • كهنوت ملكي صادق
  • العهد الجديد
  • الثبات العملي
  • الخاتمة

البنية الإنشائية الأدبية
الإعلانات الملائكية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aHEB02_07.mp3

سلطان موسى

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aHEB02_08.mp3

كهنوت ملكي صادق

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aHEB02_09.mp3

العهد الجديد

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aHEB02_10.mp3

الثبات العملي

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aHEB02_11.mp3

الخاتمة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aHEB02_12.mp3
  • البنية الإنشائية الأدبية
    الإعلانات الملائكية
  • سلطان موسى
  • كهنوت ملكي صادق
  • العهد الجديد
  • الثبات العملي
  • الخاتمة

البنية الإنشائيّة الأدبيّة

كما رأينا في درسنا السابق، كان القرّاء الأولون لرسالة العبرانيين يواجهون اضطهاداً. فتجربة اعتناق التعاليم اليهوديّة المزّيفة في مجتمعهم المحلي كانت شائعة جدّاً. وقد كتب الكاتب ليقنع قرّاءه بعدم الاستسلام وعدم الابتعاد عن المسيح بسبب هذه التعاليم. فكيف صاغ كاتب العبرانيين محتوى رسالته ليحقّق غايته؟ وما هي هذه البنية البلاغيّة الأدبيّة التي استخدمها؟

بإمكاننا أن ننظر إلى البنية الإنشائية الأدبية للعبرانيين على عدّة مستويات. لكن من أجل أغراضنا في هذا الدرس، سننظر في خمسة أقسام رئيسيّة تحويها الرسالة. وتساعدنا هذه الأقسام على إدراك كيف حاول الكاتب أن يقنع قرّاءه بأن يبقوا أمناء للمسيح:

  • القسم الرئيسي الأوّل يركّز على معتقدات حول الإعلانات الملائكيّة من 1: 1 إلى 2: 18.
  • القسم الرئيسي الثاني يناقش سلطان موسى من 3: 1 إلى 4: 13.
  • الجزء الرئيسي الثالث يتناول كهنوت مَلْكِي صَادَقَ الملكي من 4: 14 إلى 7: 28.
  • القسم الرئيسي الرابع يركّز على العهد الجديد من 8: 1 إلى 11: 40.
  • القسم الرئيسي الخامس يتناول موضوع الثبات العمليّ من 12: 1 إلى 13: 25.

الإعلانات الملائكيّة (1: 1-2: 18)

وقد استخدم كاتب العبرانيين كلًّا من هذه الأقسام الرئيسية ليقنع قرّاءه أنّ عليهم أن يبقوا أمناء للمسيح، حتى وسط الآلام. لننظر أولاً كيف تناولت الرسالة إلى العبرانيين موضوع الإعلانات الملائكيّة من 1: 1 إلى 2: 18.

كما ذكرنا في درسنا السابق، أشار عددٌ من الكتابات اليهوديّة في قمران، وكتبٌ مثلُ رسالتَي أفسس وكولوسي، إلى أنّ المجتمعات اليهوديّة في القرن الأول غالبًا ما مجّدت الملائكة باعتبارها مخلوقات قديرة ومجيدة حملت إعلانات إلهيّة إلى البشر الأدنى منها رتبة.

إنّ وجهات النظر التي تبنّتها المجتمعات اليهوديّة المحلّيّة تجد لها جذوراً في النصوص الكتابيّة، إلّا أنّهم أعطوا مجداً زائداً للملائكة. وهذا التعظيم المبالغ فيه للملائكة أنشأ تحدّيّاً خطيراً بالنسبة لأتباع المسيح. ففي النهاية، يعلم الكلّ أنّ يسوع هو من لحم ودمٍ، هو بشر. فكيف إذن لأي فرد أن يتبع ما علّمه هو بدلاً من اتّباع إعلانات الملائكة؟

يردّ كاتب العبرانيين على هذا الاعتراض على خمس مراحل. أوّلاً، في العبرانيين 1: 1–4، يكتب أنّه يجب على قرّائه اتباع يسوع لأنّه المصدر الأعلى للإعلان الإلهي. ويقرّ الكاتب أنّ الله كلّمنا بواسطة الملائكة وبأنواعٍ وطرقٍ كثيرة على مرّ أزمنة العهد القديم. لكنّه يشدّد على أنّ يسوع، رئيس الكهنة والملك الذي وعد الله به في الأيام الأخيرة، حمل إعلانًا فاق إلى حدٍّ بعيد كلّ إعلان جاء على لسان الملائكة.

في 1: 5–14، يبيّن كاتب العبرانيين أنّ يسوع أعظم من الملائكة لأنّه وحده المسيح ابن الله. ويذكر أنّ المسيح حقّق نموذجًا مثاليًّا لبيت داود. وفيه تحقّقت نبوّة داود عن انتصار المسيح ابن الله على أعداء الله. ويذكر الكاتب في المقابل أنّ الملائكة ليست سوى أرواح مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص في المسيح.

في 2: 1–4، يحذّر الكاتب قرّاءه لينتبهوا جيّدًا إلى رسالة الخلاص العظيمة المعلنة أوّلاً في يسوع. ويذكّرهم أنّ من عصى الرسائل التي أُعطيت بواسطة الملائكة في الماضي نال جزاءه العادل. فعلى قرّائه ألّا يظنّوا أنّ بإمكانهم أن ينجوا من عقاب الله إن هم أهملوا الخلاص العظيم المعلن في المسيح، الذي هو خلاصنا.

ويدعم ما جاء في عبرانيين 2: 5–9 الاعتقاد بتفوق المسيح ويُظهر أنّ يسوع الآن يسود على الملائكة. وفي المستقبل سيسود المؤمنون معه على الملائكة. ويذكر الكاتب أنّ الله قد وضع الإنسان قليلاً عن الملائكة مؤقّتًا، ليجعله يسود على الخليقة كلّها في العالم الآتي. وهذا المجد الذي سيُعطى للإنسان في النهاية هو متوقّع من خلال ملك المسيح الآن في السماء كرئيس الكهنة والملك المعيّن من الله.

وأخيرًا، في العبرانيين 2: 10–18، يبرهن الكاتب أنّ يسوع هو من نسل إبراهيم. وسيشارك مجده مع نسل إبراهيم وليس مع الملائكة. ويقتبس الكاتب في هذا الجزء من داود وإِشَعْيَاء ليُظهر ارتباط يسوع بنسب إبراهيم. ويشرح أيضًا أنّ يسوع، بطبيعته الإنسانيّة، أباد سلطة الملاك الساقط الأكبر، أي إبليس. ولم يكن ذلك من أجل تحرير الملائكة، بل من أجل تحرير أبناء إبراهيم من رهبة الموت. فطبيعة المسيح الإنسانيّة جعلت منه رئيس كهنة رحيمًا وأمينًا يكفّر عن خطايا شعبه.

سلطان موسى (3: 1–4: 13)

بعد أن رأينا كيف تناول الكاتب موضوع التعاليم اليهوديّة المتعلّقة بالإعلانات الملائكيّة، لننتقل إلى القسم الرئيسي الثاني من الرسالة. في العبرانيين 3: 1–4: 13، يردّ الكاتب على الاعتراضات التي تتعلّق بـسلطان موسى. لم يُكرَّم أحد في إسرائيل مثلما كُرِّم موسى.

بسبب الإكرام الذي أُعطي لموسى، يجب حقّاً ألّا نتفاجأ بهذه التعاليم اليهوديّة المحلّيّة. فلقد حفَّزت قرّاء العبرانيين على طاعة كلّ ما أعلنه الله بواسطة موسى، دون الاكتراث بالمسيح. وكما سنرى في هذا القسم، يكرم كاتب العبرانيين موسى أيضاً. ولكن على الرغم من كون موسى خادمَ الله الأمين، فالمسيح هو أعظم منه، إذ أنه الملك رئيس كهنة الله للأيّام الأخيرة.

ينقسم هذا الجزء من الرسالة إلى ثلاثة أجزاء رئيسيّة، يتضمّن كلٌّ جزء حضًا على التمسك بسلطان يسوع فوق سلطان موسى. ففي الجزء الأول، في العبرانيين 3: 1–6 يدعو الكاتب القرّاء بوضوح إلى تمجيد يسوع أكثر من موسى. فيشير في هذا الجزء إلى أنّ موسى هو من بنى بيت الله، المسكن. في حين أنّ يسوع، كونه ابن الله الملك، هو الذي يملك على بيت الله، أي الكنيسة.

استمع إلى العبرانيين 3: 1–3 حيث يعظ الكاتب قرّاءه قائلاً:

لاَحِظُوا … يَسُوعَ … [الذي] قَدْ حُسِبَ أَهْلاً لِمَجْدٍ أَكْثَرَ مِنْ مُوسَى (العبرانيين 3: 1–3).

يشدّد الكاتب هنا على كون يسوع أمينًا لله، نظير موسى، لكنّه “حُسب أهلاً لمجدٍ أكثر منه”.

في الأعداد التي تتبع، في 3: 7–19، ينبّه الكاتب قرّاءه ألّا يقسّوا قلوبهم أو يتمرّدوا كما فعل شعب إسرائيل إذ تمرّدوا على موسى. وقد دعم الكاتب تحذيره هذا حين أشار إلى أنّ غالبية الذين تبعوا موسى لم يدخلوا أرض الميعاد لأنّهم تمرّدوا على الله. وعلى غرار ما جرى لشعب إسرائيل، سوف يكون لأولئك الذين تبعوا المسيح نصيب مع المسيح فقط إن هم تمسّكوا بإيمانهم الأول وثبتوا فيه حتّى النهاية. فعدم الإيمان أبقى الإسرائيليين خارج أرض الميعاد، والأمر عينه يحصل للذين لم يؤمنوا بالمسيح.

في العبرانيين 4: 1–13، يتوسّع الكاتب في مقارنته بين أتّباع المسيح وأتّباع موسى. ويحثّ قرّاءه على أن يبذلوا كلّ مجهود ليدخلوا راحة الله. ويشرح، مستعينًا بالعهد القديم، أنّ راحة الله لا تزال أمرًا مستقبليًّا. فيجب أن يدركوا كيف أنّ كلمة الله تجعل كلّ شيء عريانًا أمامه. فهم لله سوف يؤدّون الحساب. لذا عليهم أن يجتهدوا ليدخلوا راحته ولا يسلكوا مسلك شعب إسرائيل في البرّيّة.

كهنوت ملكي صادق (4: 14–7: 28)

بعد أن يتناول موضوع الإعلانات الملائكيّة وسلطان موسى، يعترض الكاتب على التعاليم اليهوديّة المحلّيّة المتعلّقة بـكهنوت ملكي صادق الملكي في العبرانيين 4: 14–7: 28.

في درسنا السابق، أتينا على ذكر نصً تم اكتشافه في قمران ويُدعى المصدر 11Q ملكي صادق أو المدراش حول ملكي صادق. وقد صوّر هذا النص ملكي صادق كشخصيّة سماويّة سوف تظهر في الأيام الأخيرة لتقدّم ذبائح كفّاريّة نهائيّة وتعلن ملكوت الله. ويبدو أنّ البعض من القرّاء الأصليين للرسالة قد ارتبكوا بهذا النوع من التعليم. فلماذا عليهم أن يتبعوا المسيح الملك رئيس كهنة الله في الأيام الأخيرة عوضاً عن انتظار مجيء ملكي صادق؟ لذا، أوضح كاتب العبرانيين أنّ المسيح هو الكاهن والملك الحقيقيّ.

يتشعّب هذا القسم من الرسالة إلى أربعة أجزاء. الجزء الأول والثالث يحثّان القرّاء على تقديم المسيح على ملكي صادق والقسم الثاني والرابع يُظهران بالحجج والبراهين لماذا ينبغي على القرّاء تبنّي هذا الفكر.

في العبرانيين 4: 14–16، يفتتح الكاتب موضوع ملكي صادق بحض مستلمي رسالته على التمسّك بحزم بالإيمان الذي اعترفوا به. ويشجّعهم على ذلك بتشديده على أن يسوع هو إنسان كامل، بلا خطيّة، ورئيس كهنة عظيم صعد إلى السماء حيث يشفع في المؤمنين لكي ينالوا رحمة ويجدوا نعمة، ويعينهم في أوقات الشدّة.

في 5: 1–10، يشرح كاتب العبرانيين كيف كان يسوع جديرًا بأن يكون رئيس الكهنة والملك المعيّن من الله على رتبة ملكي صادق. لقد توفرت في يسوع مؤهلات الكهنوت من خلال طاعته وآلامه. غير أنّه لم يرتقِ بنفسه إلى هذه الرتبة. وقد أظهر الكاتب من خلال اقتباسه من المزمور 2: 7 والمزمور 110: 4، أنّ الآمال التي وضعها شعب إسرائيل في ملكي صادق سوف تتحقّق في الواقع بالآتي من سلالة داود. فالله نفسه اختار يسوع ليكون رئيس كهنة وملكًا على رتبة ملكي صادق. وبهذا، أصبح يسوع مصدر الخلاص الأبدي للذين يطيعونه.

إنّ 5: 11–6: 12 هو عظة مطوّلة موجّهة إلى مستلمي رسالة العبرانيين ليرتقوا من التعليم الأوّلي البسيط إلى الأكثر عمقًا. ويقرّ الكاتب بأنّ جمهوره ليس مستعدًّا ليفهم بحثه في موضوع المسيح وملكي صادق. ولكنّه يشجّعهم على أن ينضجوا في الفهم حتّى لا يقعوا في خطر الارتداد. ويحذّرهم أنّهم إن رفضوا الإيمان برئيس الكهنة والملك الحقيقي لن تكون بعد كفّارة للخطيّة. يعد الكاتب قرّاءه بآمالٍ كبيرة، لكن عليهم أن يبتعدوا عن تباطئهم ويتمثّلوا بأولئك الذين يتحلّون بالإيمان والثبات ليرثوا ما وعد الله به.

في العبرانيين 6: 13–7: 28، يستمرّ الكاتب في كلامه على يسوع كمتمّم لكهنوت ملكي صادق الملوكي. ويشرح تحديدًا أنّ كهنوت يسوع الملكي قد حلّ محلّ الكهنوت اللاوي أو تخطّاه. كانت خدمة الهيكل في زمن كتابة العبرانيين لا تزال قائمة في أورشليم. وهذه الحقيقة قد أنشأت تحدّيًّا خطيرًا للمسيحييّن الذين أذاعوا أنّ موت يسوع قد أبطل الحاجة إلى ذبائح اللاويين في الهيكل. وليواجه هذا التحدّي، بنى الكاتب على الاعتقادات اليهودية المحلّية بأنّ ملكي صادق سوف ينهي كلّ الذبائح الكفّاريّة في الأيّام الأخيرة. ولكنّه ختم بقسم الله الوارد في المزمور 110: 4 أنّ يسوع، ابن داود العظيم، هو كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق. لذا أنهى يسوع النظام الذبائحي اللاوي.

ولكي يُظهر تفوّق كهنوت يسوع على الكهنوت اللاوي، يذكر الكاتب، أنّه في التكوين 14: 20، قدّم إبراهيم عشوره إلى ملكي صادق مُظهرًا بذلك أنّ ملكي صادق أعظم منه شأنًا. وبناءً على ما جرى، صار اللاويون وهم من صُلب إبراهيم يأخذون الأعشار لما في ذلك من رمزيّة للدور الذي لعبه ملكي صادق. فكان إذًا جديرًا بالمسيح، كرئيس كهنة وملك على رتبة ملكي صادق، أن يحلّ محلّ الكهنوت اللاوي. فما كان ممكنًا للذبائح التي بحسب النظام اللاوي أن تحقّق تكفيرًا تامًّا للخطايا، لكنّ يسوع، الذي فيه تحقّق كهنوت ملكي صادق الملوكي، حقَّق تكفيرًا عن خطايانا مرّة واحدة وإلى الأبد.

أحد الأجزاء المفضّلة في العبرانيين لدى الوعّاظ والمعلمين، هو المقارنة بين يسوع وملكي صادق، وهو كاهن في العهد القديم نكاد لا نعرف عنه شيئًا. لكن قبل هذه المقارنة، يقوم الكاتب بمقارنة أخرى مع كهنوت هارون اللاوي. فالكهنوت الهاروني متوارث من الآباء إلى الأبناء الذين هم من سبط لاوي. أمّا كهنوت المسيح فلم يكن كذلك. فالمسيح لم يكن وريث اللاويين لأنّه أتى من سبط داود، من يهوذا. فكهنوت هارون سوف يضمحلّ، لأنّه كهنوت متوارث ينتقل من الأباء إلى الأبناء. لكن في المقابل، فإن كهنوت المسيح أبدي. كهنوته لا يزول؛ هو سيبقى الكاهن نفسه. لم يكن لملكي صادق أي حقّ في ممارسة الكهنوت، لكنّنا نراه يدخل التاريخ ككاهن، مختار من الله، ثمّ يختفي. ونرى يسوع في صورة مشابهة أيضًا، إذ يصعد إلى السماء في نهاية خدمته الأرضيّة بعد قيامته. [الدكتور ألفين باديلا]

هناك نوعان من الكهنوت يرد ذكرهما في الرسالة إلى العبرانيين. الأوّل هو الكهنوت التقليدي الذي ابتدأ مع هارون وانتقل من الآباء إلى الأبناء في سبط لاوي. ثمّ لدينا كهنوت ملكي صادق الفريد من نوعه، إذ هو كاهن للرب، رئيس كهنة للرب، يظهر باكرًا في تاريخ الآباء في زمن إبراهيم. وتتمّ مقارنة يسوع بكلٍّ من هذين الكهنوتَين، من جهة لإظهار تفوّقه على الكهنوت اللاوي، ومن جهة أخرى لإظهار التشابه بينه وبين ملكي صادق كرئيس كهنة من ناحية فرادة هذا الكهنوت- فقد كان كهنوته مصحوبًا بوعد أبديّ. وما نعلمه عن ملكي صادق هو أنّه كان بلا أبٍ وبلا أمٍّ؛ وهو يظهر على الساحة بلا نسبٍ أو سلالة يتحدّر منها؛ وهو أعظم من إبراهيم لأنّ إبراهيم نفسه قدّم له الإجلال، إذ أعطاه عشوره، والأصغر هو الذي يعشّر للأكبر. إن هذا المثال الذي هو ملكي صادق لرئيس الكهنة المتفوق من كل ناحية، حظي بتقدير الآباء الذين أسّسوا اليهوديّة وتاريخ إسرائيل، والشعب الذي تحدر منهم، والذين في النهاية منهم أتى الكهنوت اللاوي. على صورة هذا المثال الذي هو ملكي صادق، رُسم كهنوت المسيح، هذا الكهنوت الجديد من نوعه. [الدكتور إدوارد إم. كيازيران]

العهد الجديد (8: 1–11: 40)

يركّز القسم الرئيسي الرابع في العبرانيين الممتدّ من 8: 1-11: 40 على العهد الجديد. هنا، يشرح الكاتب المزيد عن تفوق المسيح كرئيس كهنة وملك معيّن من الله من خلال إظهاره تفوّق العهد الجديد على العهد القديم.

إنّ تسمية “العهد الجديد” ترجع إلى إرميا 31: 31. في هذا العدد، تنبّأ النبي أنّ الله سيمنح عهداً للتجديد نهائياً لإسرائيل ويهوذا في الأيام الأخيرة بعد فترة سبي إسرائيل. وهذا العهد الأخرويّ نفسه يدعى “عهد سلام” في إشعياء 54: 10 وحزقيال الإصحاحين 30 و34. لذا عند هذه المرحلة، انتقل كاتب العبرانيين من كلامه حول ملكي صادق في الأيام الأخيرة إلى التحدث عن العهد الجديد.

يتألف هذا القسم من العبرانيين من ثمانية أجزاء رئيسية. أوّلاً تقدّم لنا الرسالة إلى العبرانيين 8: 1–13 صورة يسوع كوسيط للعهد الجديد لكونه رئيس الكهنة الجالس على عرش السماوات.

في العددين 1 و2، يعلن الكاتب بوضوح ما هو “رأس الكلام”. ويبين أنّ يسوع، رئيس الكهنة والملك، هو في السماوات خادمًا “للْمَسْكَنِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي نَصَبَهُ الرَّبُّ لاَ إِنْسَانٌ”. بكلماتٍ أخرى، كان الكهنوت اللاوي يقوم بهذا الدور على الأرض. إلّا أنّ كهنوتهم كان مؤسسًا على الشريعة أي (الناموس). في العهد القديم، أقام العهد مع موسى الكهنوت اللاوي الأرضي، لكنّ هذا الكهنوت فشل بسبب خطيّة إسرائيل.

في المقابل، لا يمكن للعهد الجديد الذي نقرأ عنه في إرميا 31 أن يفشل، لأنّه كما تُخبرنا الرسالة إلى العبرانيين 8: 6:

قد تَثبَّتَ على مواعيدَ أفضل (العبرانيين 8: 6).

وهذه “المواعيد الأفضل” هي وعد بتغيير كامل لشعب الله وبمغفرة أبديّة ونهائيّة لخطاياهم.

في العبرانيين 9: 1–28، يتوسّع الكاتب في حديثه عن حقيقة كون كهنوت يسوع الملوكي أعظم من الكهنوت اللاوي. وقد بدأ هذا القسم بإشارته إلى المسكن الأرضي بحسب الترتيب الموسوي، مُظهِرًا ميزات مشتركة بينه وبين مَقْدِس الله السماوي. إضافةً إلى ذلك، يأتي على وصف الممارسات الكهنوتيّة التي أمر بها الله في اللاويين 16: 34 فيما يتعلق بيوم الكفّارة السنوي. وهذا يدلّ على أنّ الذبائح التي كانت تُقدّم في المسكن الأرضي لا يمكنها أن تحلّ مسألة الخطيّة بشكلٍ كامل، بل هناك حاجة لتكرارها سنة بعد أخرى. فكان لا بدّ من أن تُقام هذه الذبائح حتى يصل التاريخ إلى ذروته في الأيام الأخيرة – وهو ما سمّاه الكاتب، في العبرانيين 9: 10، “وقت الإصلاح”. ثمّ يضيف الكاتب في العبرانيين 9: 11 قائلاً:

ذَلِكَ أَنَّ الْبَرَكَاتِ السَّمَاوِيَّةَ قَدْ تَحَقَّقَتْ فِي الْمَسِيحِ. فَهُوَ الآنَ كَاهِنُنَا الأَعْلَى (العبرانيين 9: 11، ترجمة كتاب الحياة).

ويشدّد هذا التصريح على أنّ الذين وضعوا إيمانهم في المسيح قد تحرّروا من الخطيّة بفضل كفّارة كهنوته الكاملة، وصار لهم الآن دخول إلى عرش النعمة السماوي.

إحدى المقابلات التي يستخدمها كاتب الرسالة إلى العبرانيين ليُظهر التباين بين ذبيحة المسيح عن الخطيّة والنظام الذبائحي في العهد القديم، هي أنّ عمل الكاهن في النظام الذبائحي للعهد القديم لم يكن يومًا تامًّا. إذ كان على الكاهن أن يستمرّ في تقديم ذبائح عن الخطايا مرّة بعد مرّة. والنقطة التي يحاول الكاتب إيصالها هي أنّ هذا العمل لا يكفي لإتمام التكفير عن الخطيّة والتخلّص منها نهائيًّا، لكنّ عمل المسيح قد أتمّ ذلك كليًا. في الواقع، يسوع هو رئيس الكهنة العظيم الذي إذ قدّم نفسه ذبيحة عن الخطيّة جلس عن يمين الله. وكاتب العبرانيين يفسّر ذلك كما لو أنّ المسيح يقول إنّ عمله قد أُنجِز بالكامل، وتمّ التعامل نهائيًّا مع الخطيّة. [الدكتور قسطنطين كامبل]

ويشرح الكاتب أيضًا لماذا كانت ذبيحة المسيح ضرورية. كان ينبغي على المسيح أن يقدّم نفسه ذبيحة مستخدمًا مثال الوصيّة. فإنفاذ الوصايا المألوفة يستلزم موت الموصي. وهكذا كان عهد موسى يستلزم موتًا وسفك دمٍ. من هنا، وبالتحليل المنطقي، شرح الكاتب أنّ تدشين العهد الجديد يستلزم موتًا وسفك دم – دم المسيح في قدس أقداس الله في العرش السماوي. وفي هذه الحالة، إنفاذ حكم إرث “الوصيّة” هو الغفران. لذلك، لا ينال الناس الغفران إلّا عندما يتطهرون بدم ذبيحة يسوع. يعبر الكاتب في العبرانيين 9: 26 عن فكرته بهذه الطريقة:

وَلَكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ مَرَّةً عِنْدَ انْقِضَاءِ الدُّهُورِ لِيُبْطِلَ الْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ (العبرانيين 9: 26).

لقد أبطل يسوع الخطيّة مرّةً لأنّ دمه لم يُرشّ في أقداسٍ مصنوعة بيد إنسان. بل دخل السماء بذبيحة نفسه. وتمامًا كما وعد الرب في إرميا 31: 34:

لأَنِّي أَصْفَحُ عَنْ إِثْمِهِمْ وَلاَ أَذْكُرُ خَطِيَّتَهُمْ بَعْدُ (إرميا 31: 34).

مات يسوع فدية عن شعبه ليحرّره من الدينونة. ويُنهي الكاتب هذا القسم بقوله إنّ المسيح سيعود، لكن لا ليحمل خطايانا مجدّدًا. لكن عندما سيظهر ثانيةً، سوف يأتي يسوع بالخلاص للذين ينتظرونه.

يواصل الكاتب في العبرانيين 10: 1–18 المقارنة والمقابلة بين عهد موسى والعهد الجديد. لكنّه هذه المرّة يجزم أنّه من خلال العهد الجديد، صار لنا مغفرة نهائيّة لخطايانا، بـيسوع رئيس كهنتنا. ثم يكرّر أنّ الذبائح التي كانت تُقدّم في يوم الكفّارة، كانت بمثابة تذكير سنوي بخطايانا، لكن ليس بإمكانها أن ترفع تلك الخطايا. ويؤكد بأنّ الذبائح الحيوانية لا يُمكن أن تُسرّ الله. ويقتبس من المزمور 40 حين قدّم داود نفسه كقدوة أمام الله ليفعل مشيئته. ويبين أنّ يسوع قد تمّم هذه المشيئة بتقديم جسده على الصليب. وبينما لم تقدر ذبائح اللاويين أن تأتي بالمغفرة النهائية لخطايانا، جاء وعد الله من خلال نبوّة إرميا بعهدٍ جديد سيصفح فيه الله عن خطايا شعبه إلى الأبد. وقد تمّم يسوع ذلك. وبالتالي لا توجد بعد حاجة إلى ذبائح حيوانية عن الخطيّة.

يشكّل 10: 19–23 من العبرانيين أول أقسام المناشدات الأربعة. أولاً، يدعو الكاتب قرّاءه إلى الاقتراب من الله والتمسّك بـرجائهم، موضّحًا أنّ المسيح، بدمه، قد هيّأ أمامهم الطريق إلى قدس الأقداس. وكما جاء في العدد 23، بإمكانهم أن “يتمسّكوا بإقرار الرجاء راسخًا” لأنّ الله أمينٌ.

وفي 10: 24–31، يحثّ الكاتب قرّاءه أيضًا على ملاحظة بعضِهم بعضًا لِلتَّحْرِيضِ “عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ”. ويذكر أنّه ينبغي أن يجتمعوا سويّةً، وبالأكثر على قدر ما يرون يوم الدينونة يقرب. ثمّ يتكلّم عن الدينونة المخيفة التي تنتظر من “دَاسَ ابْنَ اللهِ”، وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِسًا، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ. كما يشير إلى أن الرَّبُّ يَدِينُ شَعْبَهُ.

تفسير وليم ماكدونالد

ويدعو الكاتب قُرّاءه، في العبرانيين 10: 32–35، إلى تذكّر الأيّام السالفة كما يدعوهم ألّا يطرحوا ثقتهم. ويذكّرهم بأنّهم صبروا على ضيقات كثيرة في الماضي بفرحٍ لأنّهم واثقون أنّ لهم مالاً أفضل في السماوات وباقيًا. وأنّهم إن جاهدوا واحتملوا سوف ينالون مجازاة عظيمة.

ثمّ يحثّ الكاتب قرّاءه في العبرانيين 10: 36–39 على المثابرة على عمل مشيئة الله. وقد دعم هذه المناشدة بتذكيره إيّاهم أنّ الله سوف يأتي ليجلب البركات والدينونة الأخيرة. ويحذّرهم بقوله إنّ الله لا يسرّ بالذين يرتدّون عن حياة الإيمان. لكنّه يضيف في العبرانيين 10: 39 فيقول:

وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا مِنَ الاِرْتِدَادِ لِلْهَلاَكِ، بَلْ مِنَ الإِيمَانِ لاِقْتِنَاءِ النَّفْسِ (العبرانيين 10: 39).

من الواضح أن هؤلاء المؤمنين اليهود كانوا متعبين ومنهكين ومضطهدين – وهم بهذا شركاء كافّة المسيحيين في كلّ أنحاء العالم في ما يعانون. وكانوا متأرجحين في إيمانهم وقد سُلبت بيوتهم. لم يحصل اضطهاد حتّى الاستشهاد بعد، لكن يبدو أنّ الأمر ليس مستبعدًا، لذا كان إيمانهم عرضة لتحدّيات عديدة، وكانت لديهم أسبابٌ كثيرة ليتخلّوا عن الإيمان بيسوع ويعودوا إلى معتقداتهم السالفة. وهنا يشجّعهم الكاتب على البقاء أمناء ليسوع. [الدكتور ك. إريك ثيونّيس]

بعد سلسلة العظات أو المناشدات هذه، يجعل الكاتب مضمون رسالته في 11: 1–40 يتمحور حول الإيمان الذي يُخلّص. وقد ذكرنا أنّ قرّاء العبرانيين قاسوا الاضطهاد في الماضي وهم أمام إمكانية مواجهة اضطهادٍ أشدّ في المستقبل. فكان الكاتب يحثّهم على أن يتحلّوا بإيمانٍ ثابت لا يتراخى في الأوقات العصيبة.

ثمّ يوضّح ما عناه بذلك من خلال تسمية قائمة طويلة من شخصيات العهد القديم تحلّت بأمانتها حتى في وقت الضيق والشدة. وهم في حياتهم لم ينالوا المواعيد، لأنّ مواعيد الله كانت للزمن الآتي. لكن كما يخبرنا الكاتب سوف يشتركون مع الكاتب وقرّائه بالكمال عند عودة المسيح.

الثبات العمليّ (12: 1–13: 25)

إذ يأتي الكاتب، في الجزء الرئيسي الأخير من العبرانيين الممتدّ من 12: 1–13: 25، بالرسالة إلى نهايتها، يتوسّع في موضوع الثبات العمليّ. ويحتوي هذا الجزء على سلسلة طويلة من العظات والتفسيرات. لكن من أجل أهداف هذا الدرس، سوف نكتفي بتلخيص هذه العظات أو المناشدات.

إذ يأتي كاتب العبرانيين إلى نهاية رسالته، يذكر نصائح عديدة وسريعة حول نواحٍ معيّنة من الحياة. ومن عدّة جوانب، هذا القسم هو أكثر قسم عمليّ في رسالته حيث أنه يتطرّق بشكلٍ خاص إلى نوع السلوكيّات التي كان يأمل من مستلمي رسالته أن يتّبعوها. إلّا أنّ الكاتب ينتهز الفرصة أيضاً ليبعث في قرّائه الأمل والطاقة من خلال تذكيرهم بالامتيازات العظيمة التي ينعمون بها كأتباع للمسيح.

ويمكن أن تنقسم هذه المناشدات إلى خمس فئات عامّة تليها الخاتمة. يحثّ الكاتب قرّاءه في العبرانيين 12: 1–3 على المثابرة كما لو في سباق. ويمكنهم أن يحقّقوا الفوز من خلال طرح الخطيّة والنظر إلى المسيح الذي احتمل وجاهد مثلهم.

ثمّ يحثّ الكاتب قرّاءه في العبرانيين 13: 4–13، على احتمال المشقّات على أنّها تأديب الله لهم كأبٍ لبنيه. وقد دعم وجهة نظره مقتبسًا من الأمثال 3: 11–12، ويشرح أنّ تأديب الله “يُعطي الذين يتدرّبون به ثمر برٍّ للسلام”. إذن يشجّعهم على أن يتشدّدوا فلا يخوروا وقت الآلام.

أمّا في العبرانيين 12: 14–17، فيحثّ الكاتب قرّاءه مجدّدًا على أن يُشجّعوا بعضهم بعضًا. ويحرّضهم على العيش بسلام وقداسة. وكان عليهم أن يلاحظوا بعضهم بعضًا لئلّا يكون أحدٌ زانيًا أو مستبيحًا. وقد أظهر كم أنّ ذلك مهمٌّ مستعينًا بمثل عيسو الذي لم يستطع أن يستعيد بكوريّته بعد أن باعها.

في العبرانيين 12: 18–29، يحثّ الكاتب قرّاءه على أن يكونوا شاكرين على البركات التي نالوها في المسيح. ولكي يرفع نفوس قرّائه ويبعث فيهم الرغبة في المثابرة، يصف لهم البركات والامتيازات اللامحدودة التي نالوها. استمع إلى العبرانيين 12: 22–24:

بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ، أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، وَكَنِيسَةِ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ، وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَسُوعَ، وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ (العبرانيين 12: 22–24).

في العبرانيين 12: 22 والأعداد التي تتبع، يقول كاتب العبرانيين، “قد أتيتم إلى جبل صهيون”. ولا بدّ أن نأخذ ما جاء في هذا الفصل بعلاقته مع ما جاء في الفصل السابق، مع ما ندعوه “قاعة مشاهير الإيمان” في الفصل 11، حيث يخبرنا أنّ كلّ قدّيسي العهد القديم ماتوا في الإيمان دون أن ينالوا الموعد. ثمّ في بداية الفصل 12، يُخبرنا الكاتب أنّ المسيح أتى إلى العالم، وأنّه أنهى السباق، وانتصر. وهكذا إنّ ما يخبرنا به العدد 22 والأعداد التي تتبع هو أنّنا اليوم نعيش مرحلة لم يحظ قدّيسو العهد القديم بمثلها خلال حياتهم الأرضيّة. ويتابع كاتب العبرانيين فيقول، قَدْ أَتَينا “إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، إلى َكَنِيسَةِ أَبْكَارٍ، إِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، إلى جمهور الأبرار الذين في السماء”، وما يصفه هنا هو عرش الله، حضور الله في العوالم السماويّة. وأحد المعاني المثيرة للدهشة وراء هذا الموضوع هو أنّ كلّ ما كان جبل صهيون وأورشليم يشيران إليه في العهد القديم قد صار الآن حقيقة للذين هم في المسيح. إنّنا نقف في صهيون السماوية الحقيقية، التي سوف تنكشف في السماوات الجديدة والأرض الجديدة حين تنزل أورشليم الجديدة، إنّنا نقف في حضرة الله نفسه في المسيح ومن خلال المسيح الذي انتصر. ولذلك دور هام في تغيير النظرة التي ننظر فيها اليوم إلى الكنيسة المنظورة في العالم. [القس مايكل جلودو]

وفي العبرانيين 13: 1–19، يشجّع الكاتب قرّاءه باختصار على أن يكونوا أمناء في حياتهم اليوميّة. فيشير إلى ضرورة محبّة بعضهم لبعض، وتذكّر الغرباء والمقيّدين، وجعل الزواج مكرّمًا. ويشجّعهم على أن يكونوا مكتفين ويذكروا مرشديهم. كما يذكّرهم بعدم الانسياق وراء التعاليم الغريبة التي كانت تعتقد بها المجتمعات اليهوديّة المحلّيّة، بل أن يقبلوا بفرح آلام المسيح في حياتهم. ثم يحضّهم على تقديم ذبائح التسبيح، وعلى فعل الخير، والتوزيع، ثمّ يختم هذا القسم طالبًا إليهم أن يصلّوا من أجله ومن أجل رفاقه.

أخيرًا، في العبرانيين 13: 20–25، يختم الكاتب رسالته. وفي العدَدين 20 و21 يباركهم طالبًا إلى الله الذي أقام يسوع من الموت أن يعمل فيهم ما هو لمجده. ثمّ في العدد 22، يطلب من قرّائه أن “يحتملوا كلمة وعظه”، أو مناشدته القوية لهم. ويختم رسالته بتحيّاتٍ عدّة.

الخاتمة

لقد قمنا في هذا الدرس بالنظر إلى محتوى وبنية الرسالة إلى العبرانيين. وأشرنا إلى المحتوى المتكرّر الذي يركّز على الأيّام الأخيرة الحاصلة بيسوع، والدعم الكتابي من العهد القديم لمعتقدات الكاتب، وتحذيراته العديدة للثبات. كما قمنا بدرس البنية الإنشائية الأدبية للرسالة ولاحظنا كيف حبك الكاتب هذه المواضيع المتكرّرة ليواجه بها التحدّيّات الآتية من التعاليم اليهوديّة المحلّيّة لزعزعة الإيمان المسيحي.

تقدّم الرسالة إلى العبرانيين كنوزاً عظيمة لأتباع المسيح. فآراؤها اللاهوتيّة تصل إلى عمق ما فعله المسيح لأجلنا. وتدخل إلى عمق معنى أن نتبع المسيح. فتدعونا الرسالة إلى العبرانيين إلى التوجّه نحو النصوص الكتابيّة والاعتراف بسلطانها وإلى قبول المسيح كمتمّم لكلّ ما وعد الله به. كما تحثّنا على محبّة المسيح وخدمته بقلوب ممتنّة، إلى ذلك اليوم الذي سنُمنح فيه الملكوت الذي يعدّه المسيح لنا، وهو الملكوت الوحيد الذي لن يتزعزع أبداً.

 

د. عماد شحادة (المُقدم) هو مؤسس ورئيس مؤسسة الدراسات اللاهوتيّة الأردنيّة، وأستاذ أول لعلم اللاهوت بها.

د. قسطنطين كامبل، هو أستاذ مشارك للعهد الجديد في كليّة ترينتي الإنجيليّة للاهوت.

د. دونالد كارسون، هو أستاذ باحث في العهد الجديد بكليّة ترينتي الإنجيليّة للاهوت، والمؤسس المشارك لائتلاف الإنجيل.

مايكل جلودو هو أستاذ شريك للدراسات الكتابيّة بكليّة اللاهوت المُصلح، أورلاندو، فلوريدا.

د. باري جوزلين هو أستاذ مشارك للاهوت المسيحي ومدير برنامج الدراسات اللاهوتية والكتابية بكليّة بويس للاهوت في ولاية كنتاكي.

د. إدوارد كزريان هو أستاذ مساعد للغة اليونانية ومدير برنامج اللغة اليونانية بكليّة جوردن كونويل للاهوت.

د. ألفين باديلا هو نائب رئيس الشؤون الأكاديميّة في كلية وستيرن للاهوت.

د. إريك ثيونيس هو أستاذ ورئيس قسم الدراسات الكتابيّة واللاهوتيّة بكلية تالبُت للاهوت، جامعة بيولا.

د. سايمن فايبرت هو الراعي السابق لكنيسة القديس لوقا، ويمبلدون بارك، بالمملكة المتحدة، ويشغل حاليًا منصب نائب مدير ويكليف هوول، بأكسفورد، ومدير كلية الوعظ.

د. ستيفين ويلوم هو أستاذ اللاهوت المسيحي في كلية اللاهوت المعمدانية الجنوبية.

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

القسم الثاني: البنية الإنشائية الأدبية

مخطط لتدوين الملاحظات

2. البنية الإنشائية الأدبية

أ. الإعلانات الملائكيّة (1: 1–2: 18)

ب. سلطان موسى (3: 2–4: 13)

ج. كهنوت مَلْكِي صَادَقَ (4: 14–7: 28)

د. العهد الجديد (8: 1–11: 40)

ه. الثبات العمليّ (12: 1–13: 25)

الخاتمة

أسئلة المراجعة

1. لاحظ الأقسام الخمسة الرئيسية لرسالة العبرانيين وأعط وصفًا مختصرًا لمحتواها.

2. كيف يتعامل كاتب العبرانيين مع مشكلة التعظيم المبالغ فيه للملائكة بصفتهم كائنات مجيدة تأتي بالإعلان الإلهي؟

3. كيف يتعامل كاتب العبرانيين مع مشكلة النزعة اليهودية لطاعة ما قد كشفه الله من خلال موسى فقط؟

4. كيف يتعامل كاتب العبرانيين مع التعاليم اليهودية القائلة بأن ملكي صادق كان شخصية سماوية وأنه سيظهر في الأيام الأخيرة ليقدم ذبائح الكفارة النهائية ويبدأ ملكوت الله؟

5. ما مفهوم أن كهنوت يسوع للعهد الجديد يفوق كهنوت لاوي للعهد مع موسى؟

6. ما معنى أن العهد الجديد مبني على وعود “أفضل” (العبرانيين 8: 6) من العهد مع موسى؟

7. صف محتوى العبرانيين 11.

8. لماذا لم تنال شخصيات العهد القديم المذكورة في العبرانيين 11 ما وُعد به؟

9. في العبرانيين 12: 1-3، ما التشابه مع الحياة المسيحية؟

10. بحسب العبرانيين 12: 4- 13، لماذا يجب علينا أن نحتمل الصعاب؟

11. بحسب العبرانيين 12: 22- 24، ما طبيعة أورشليم التي أتينا لها؟

أسئلة التطبيق

1. فكر في التعاليم الشائعة للأديان الأخرى اليوم. كيف يبرز يسوع في سموه على الأمور التي يبدو أنها تقدمها؟

2. ما معنى أن يسوع هو رئيس كهنتنا الملوكي لك شخصيًا؟

3. ما المميزات التي تحصل عليها أنت شخصيًا تحت العهد الجديد؟

4. كيف تشجعك الشخصيات الأمينة من العهد القديم والمذكورة في عبرانيين 11؟

5. ما الذي يعنيه العبرانيين 12: 1- 3 لك شخصيًا؟ كيف يساعدك هذا المقطع على أن تعيش الحياة المسيحية؟

6. هل يساعدك العبرانيين 12: 4- 13 على تحمل المصاعب؟ كيف؟

7. ما تأثير هذا عليك، أن العبرانيين 12: 22- 24 يركز على أورشليم السماوية بدلاً من أورشليم الأرضية؟

8. ما أهم ما تعلمته من هذا الدرس؟

AJAX progress indicator
Search: (clear)
Nothing found. Please change the filters.
الاختبارات
الرسالة إلى العبرانيين - الدرس الثاني - القسم الثاني
الرسالة إلى العبرانيين - الامتحان التراكمي
Previous القسم
Back to الدرس
Next القسم

انجازك في الدورة

0% Complete
0/17 Steps

محتوى الدورة الدراسية

الدورة Home عرض الكل
ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: خلفية العبرانيين والقصد من كتابتها
5 الأقسام | 4 الاختبارات
تحضير الدرس الأول
الرسالة إلى العبرانيين – الدرس الأول – القسم الأول
الرسالة إلى العبرانيين – الدرس الأول – القسم الثاني
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثاني: المحتوى والبنية
5 الأقسام | 5 الاختبارات
تحضير الدرس الثاني
الرسالة إلى العبرانيين – الدرس الثاني – القسم الأول
الرسالة إلى العبرانيين – الدرس الثاني – القسم الثاني
الأسئلة التعبيرية
الأسئلة المقالية
الدرس الثالث: القراءات المطلوبة
3 الأقسام | 4 الاختبارات
متطلبات القراءة 1
متطلبات القراءة 2
متطلبات القراءة 3
العودة إلى الرسالة إلى العبرانيين

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in