مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / قانون إيمان الرسل / الدرس الثالث: يسوع المسيح

قانون إيمان الرسل – الدرس الثالث – القسم الثاني

الدورات الدراسية قانون إيمان الرسل الدرس الثالث: يسوع المسيح قانون إيمان الرسل – الدرس الثالث – القسم الثاني
الدرس Progress
0% Complete
 
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

الناسوت
الاختبارات
الولادة
الجسد

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aAPC03_04.mp4
موضوعات ذات صلة
Does Jesus' miraculous conception make him less human?

النفس
القيامة
الوظيفة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aAPC03_05.mp4

خلفية العهد القديم

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aAPC03_06.mp4
موضوعات ذات صلة
What did the Old Testament say about who the Messiah would be?

التحقيق في يسوع

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aAPC03_07.mp4
موضوعات ذات صلة
How is Jesus' role as Christ similar to Adam's role as the first human being?

الطبيعة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aAPC03_08.mp4
موضوعات ذات صلة
How could Jesus be both fully human and fully divine?
  • الناسوت
    الاختبارات
    الولادة
    الجسد
  • النفس
    القيامة
    الوظيفة
  • خلفية العهد القديم
  • التحقيق في يسوع
  • الطبيعة

الناسوت
الاختبارات
الولادة
الجسد

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aAPC03_04.mp3
Related Audio Does Jesus' miraculous conception make him less human?

النفس
القيامة
الوظيفة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aAPC03_05.mp3

خلفية العهد القديم

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aAPC03_06.mp3
Related Audio What did the Old Testament say about who the Messiah would be?

التحقيق في يسوع

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aAPC03_07.mp3
Related Audio How is Jesus' role as Christ similar to Adam's role as the first human being?

الطبيعة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aAPC03_08.mp3
Related Audio How could Jesus be both fully human and fully divine?
  • الناسوت
    الاختبارات
    الولادة
    الجسد
  • النفس
    القيامة
    الوظيفة
  • خلفية العهد القديم
  • التحقيق في يسوع
  • الطبيعة

الناسوت

في القرنَين الأخيرَين، قَبِلَ العديدُ من اللاهوتيين ناسوت يسوعَ بسهولة، لكنهم شككوا في لاهوته. أما في القرون الباكرة للكنيسة، كان الناس عامةً يُشككون في ناسوت يسوع. فقد جَعَلَتِ الفلسفاتُ المؤثرةُ حينها، أسهل على الناس نوعاً ما، أن تقبلَ فكرةَ تخفي إلهٍ بصورة بشر. لكن، كان من الصعب عليهم جداً أن يقبلوا فكرة صيرورةِ إلهٍ إنساناً حقيقياً.  فالبشرُ هم كائناتٌ ماديةٌ عاطفية. وفي رأيهم، لن يُعرِّضَ اللهُ مجدَه وكرامَته للخطرِ عن طريق اتخاذه طبيعةً بشريةً وضيعةً مخلوقة. ومن المحزن، أن الكثيرَ من المسيحيين اليوم، يجدون صعوبةً في تصديق أن الله الابنَ يُمكنُ أن يأتيَ إلى الأرضِ ويتّخذَ طبيعةً بشريةً كاملة، بكل ضعفاتها، ومحدودياتها، وهشاشتها.

وحتى نبرهن أن يسوع كان إنساناً كاملاً، سنتكلم عن ثلاث ميزات واسعة لناسوته. أولاً، سنتحدث عن اختباراته البشرية. ثانياً، سنناقش وظيفته البشرية. وثالثاً، سنتحدث قليلاً عن طبيعته البشرية وعلاقتها بطبيعته الإلهية. فلْنبدأ بالنظر إلى اختباراته البشرية المذكورة في قانون إيمان الرسل.

الاختبارات

يُبرهن العديد من اختبارات يسوع أنه كان إنساناً حقاً، لأن البشر وحدهم من يختبرون مثل هذه الاختبارات. اصغِ للتأكيدات التالية من قانون الإيمان:

[يسوع] حُبل به بالروح القدس،

وولد من مريم العذراء.

وتألم على عهد بِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ،

وصلب ومات وقبر؛

ونزل إلى الجحيم،

وقام في اليوم الثالث من الأموات.

تؤكّد هذه الاختبارات أربعة جوانب على الأقل لناسوت يسوع، ولادته، جسده، نفسه، وقيامته. سنبدأ بالنظر إلى ولادته التي تضمنت الحبل به والولادة.

الولادة

يتحدث قانون إيمان الرسل عن ولادة يسوع بهذه الكلمات:

[الذي] حُبل به بالروح القدس،

وولد من مريم العذراء.

باعتراف الجميع، كان هناك تفاصيل غير عادية مرتبطة بالحبل بيسوع وولادته. أولاً، حُبل به بالروح القدس، وليس من أب بشري. كما وحُبل به بطريقة لم تمس عُذرية أمه. وسنتحدث عن هذه التفاصيل بمزيد من التفصيل لاحقاً في هذا الدرس. لكننا نريد أن نركّز الآن على الأفكار الأساسية لمفهوم الحبل والولادة كاختبارات بشرية في جوهرها.

عندما يقول قانون إيمان الرسل أن يسوع “حبل به”، فهو يعني أن يسوع بدأ بنفس الطريقة التي بدأ بها كل الناس بعد آدم وحواء: كطفل صغير في رحم أمه. وتدلّ فقرات مثل متى 1: 18، لوقا 2: 5-6؛ غلاطية 4: 4 وعبرانيين 10: 5، على أن الله كوّن يسوع في رحم مريم بنفس الطريقة التي يشكّل فيها كل طفل بشري. يسجّل لوقا 1: 34–37 هذا الحديث الذي جرى بين مريم والملاك جبرائيل حول حبلها:

فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها. اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ… لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ. (لوقا 1: 34–37)

لقد أدركت مريم، أن الحبل بطفل بهذه الطريقة يتطلب معجزة. وهذا تماماً ما حصل معها.

يؤكد الحبل المُعجزي بيسوع أنه إله كامل بالإضافة إلى كونه إنسان كامل، لقد كان الحبل مُعجزياً، وربما من أعظم المعجزات التي عرفها التاريخ الفدائي. ومع ذلك، كان الحبل به ونموه في الرحم منذ البداية، مثل أي كائن بشري آخر. كما كانت ولادته مثل ولادة أي كائن بشري آخر. واعتمد على أمه في كل احتياجاته الغذائية والصحية. لقد كان يسوع أكثر من مجرد كائن بشري، لكن ليس أقل من ذلك. [د. روبرت لِستر]

يُقال أحياناً أنه لا يمكن ليسوع أن يكون إنساناً، لأنه لم يكن له أب بشري. لكن الإنسانَين الأولَين لم يكن لهما أب ولا أم. وكما يخبرنا تكوين 2، فقد جُبل آدم من تراب الأرض، وخُلقت حواء من ضلع آدم. ولم يكن لأي منهما والدان. ولم يُولد أي منهما من امرأة. لكن كان كلاهما إنسانان كاملان حقاً. وبنفس الطريقة، كان يسوع إنساناً كاملاً، رغم أن الحبل به لم يكن مألوفاً على الإطلاق.

ونعرف من خلال كل ذلك، من الأسفار المقدسة، أن نمو يسوع في رحم مريم كان حدثاً طبيعياً بشكل كامل أيضاً، ووصل إلى الذروة في ولادته. فهو لم يظهر بصورة سحرية، أو نزل من السماء لحظة ولادته. بل بالعكس، حيث يدل متى 1 ولوقا 2، على أن حبل مريم لم يُكتَشَف في البداية، لكنه أصبح واضحاً فيما بعد. حتى أنه تسبب في تشكيك خطيبها يوسف في إخلاصها، إلى أن أخبره الله الحقيقة في حلم. وكانت النتيجة النهائية أن يسوع وُلِدَ كطفل بشري حقيقي.

في الواقع، أظهر لنا يسوع البشرية في الحبل المُعجزي، كما كان ينبغي أن تكون عليه، لأننا نرى في المسيح أننا قادرون على أن نكون بشراً بالكامل دون أن نخطئ، وهذا هو ما سنكون عليه في السماء. [د. إريك ثيونس]

بعد أن تأملنا في ولادة يسوع، أصبحنا مستعدين لمناقشة كيف أكّد جسده ناسوته الكامل.

الجسد

يوجد لدينا هنا ادعاء قانون إيمان الرسل بأن:

[يسوع] تألم على عهد بيلاطس البنطي،

وصلب ومات وقبر.

يَنسِب قانون إيمان الرسل إلى يسوع، في هذه الكلمات، اختبارات معيَّنة تكون ممكنة فقط إذا كان كائناً بشرياً جسدياً حقاً.

وبحسب سجلات القبض على يسوع وصلبه في متى 27، مرقس 15، لوقا 23، ويوحنا 18 و19، عانى يسوع خلال حكم بِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ بطرق متنوعة. فقد جُلد، أُرغِم على ارتداء إكليل من شوك، بُصق عليه، سُخِرَ منه، ضُرب مراراً على رأسه بعصا، وأُجبر على حمل صليبه في جزء من الطريق إلى موضع الصلب. لقد برهنت معاناة يسوع، صلبه موته ودفنه أنه كان إنساناً حقيقياً بجسد بشري مادي، جسدٌ يمكن أن يُضرَب، يَنزِف، يُؤذيه الجنود، ينهار نتيجة الإرهاق، يُقتل، ويُدفَن في قبر عندما فارقته نفسه.

إن وجود جسد بشري حقيقي أمر حاسم، لأن عدالة الله تطلبت أن يعاني كائن بشري حقيقي الحكم الإلهي ليكفّر عن خطايا البشرية. ونجد هذا التشديد في أماكن مثل رومية 7: 4، كولوسي 1: 21-22، وعبرانيين 10: 10. وكمثال واحد فقط، اصغِ لكلمات عبرانيين 2: 14–17:

فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذلِكَ فِيهِمَا لِكَيْ … يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ. (عبرانيين 2: 14–17)

كما توضّح هذه الفقرة، كان على يسوع أن يكون لحماً ودماً، أي كائناً بشرياً مادياً، حتى يكفّر عنّا.

بعد أن فهمنا ولادة يسوع وجسده، دعونا ننظر إلى حقيقة أن نفس يسوع أكملت طبيعته البشرية.

النفس

تقول الأسفار المقدسة بانتظام، أن البشر يتألفون من جسد فانٍ تسكن فيه نفس خالدة. إنها تتكلم عن أنفسنا بالعديد من المصطلحات المختلفة، لكنّ أكثرها شيوعاً هي “النفس” و”الروح”. واستناداً إلى عبرانيين 4: 12 ورسالة تسالونيكي الأولى 5: 23، تمسكت بعض التقاليد بأن “النفس” و”الروح” هما جزآن مختلفان في كياننا. لكن هناك حوالي مئتَي آية استُخدم فيها أحد هذين المصطلحين للإشارة إلى كل الجوانب الداخلية غير المادية لكياننا ككل. وهكذا، من الأفضل أن نستنتج أن كلمتَي “نفس” و”روح” تشيران إلى الحقيقة الضمنية ذاتها، بأن الإنسان يتألف من جزأَين رئيسيَين فقط: الجسد والنفس.

تحدث يسوع في لوقا 23: 46 عن “نفسه” أو “روحه” عندما كان يحتضر. اصغِ لكلماته هناك:

يَا أَبَتَاهُ فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي. (لوقا 23: 46)

عندما مات يسوع على الصليب، بيّن أنه رغم أن جسده موضوع في القبر، فإن روحه أو نفسه البشرية ستكون بين يدي الله الآب.

وكونها الجانب الروحي في كياننا، فإن نفسنا هي مركز وعينا. فعندما تموت أجسادنا، تنفصل أنفسنا عن أجسادنا وتستمر في حالة من الوعي. ويُوضح قانون إيمان الرسل أن الشيء ذاته حدث ليسوع عند موته. ويقول بالتحديد:

ونزل إلى الجحيم.

يصرّح قانون الإيمان هنا، أنه عندما مات يسوع، انفصلت نفسه الواعية، العقلانية عن جسده. وبينما بقي جسده في القبر، نزلت نفسه إلى الجحيم. سنفحص معنى هذه العبارة بعمق أكثر لاحقاً في هذا الدرس. لكننا نريد الآن أن نشير ببساطة أنه بذِكْر نزول يسوع إلى الجحيم، يقرّ قانون إيمان الرسل أنه كان ليسوع نفس بشرية.

أخيراً، بالإضافة إلى الإقرار بناسوت يسوع من خلال الإشارات إلى ولادته، جسده، ونفسه، يتحدث قانون إيمان الرسل أيضاً عن قيامة يسوع، التي اتحدت فيها نفسه مع جسده.

القيامة

تُبرهن القيامة أن يسوع كان كائناً بشرياً حقيقياً، لأنها تؤكد من جديد أن وجوده البشري الممجد الكامل تضمن اتحاد جسده البشري الحقيقي مع نفسه البشرية الحقيقية. وحدثت قيامة جسده عندما دخلت نفسه البشرية في جسده البشري الكامل. نعم، لقد كان جسده المُقام مختلفاً بطريقة ما لأنه تمجد ولم يعد فانياً. لكن ذلك لم يجعله أقل من الناحية المادية أو البشرية. بل بالعكس، عندما نرى رسالة كورنثوس الأولى 15، نجد أن جسد يسوع المقام هو باكورة القيامة الجسدية لكل المؤمنين. ويُظهِر لنا على هذا النحو ما ستكون عليه أجسادنا البشرية في المستقبل. اصغِ لما كتبه بولس في رسالة كورنثوس الأولى 15: 20–23:

وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ. فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ بِإِنْسَانٍ أَيْضاً قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ. وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ. الْمَسِيحُ بَاكُورَةٌ ثُمَّ الَّذِينَ لِلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ. (1 كورنثوس 15: 20–23)

وكما كان آدم الإنسان الأول الذي خُلق، كان يسوع الإنسان الأول الذي أُقيم بجسد ممجَّد. ورغم أن آخرين قبله أُعيدُوا إلى الحياة، وقد أقام يسوع بعضهم. حتى أَخْنُوخَ وإيليا أُخِذَا إلى السماء في أجسادهم دون أن يموتوا. لكن، لم ينل أي واحد منهم جسداً ممجداً خالداً. لكن رغم أن جسد يسوع مُمجدٌ الآن، إلا أنه ما زال بشرياً بالكامل – تماماً كما سنكون نحن بشريين بالكامل بعد أن يجدّد الله أجسادنا عند قيامة الأموات العظيمة.

لقد كان يسوع طفلاً. وكان يعتمد في طفولته على أمه بالكامل. ويقول لوقا أنه نما بالحكمة، القامة والنعمة أمام الله والناس. فهو لم يكن إنساناً كاملاً فقط، بل كان إلهاً كاملاً أيضاً، لكن لم تكن الحقيقة أن يسوع كان إنساناً أصلياً فقط، بل إنسان تام. [د. آلبرت مولر، الابن]

بعد أن نظرنا إلى ناسوت يسوع بالنسبة لاختباراته، سنلفت انتباهنا إلى وظيفته البشرية المذكورة في قانون إيمان الرسل، أي وظيفة المسيح.

الوظيفة

إن وظيفة المسيح مذكورة في هذه الكلمات في قانون إيمان الرسل:

أؤمن بيسوع المسيح.

يجهل العديد من المؤمنين في المسيحية الحديثة، أن كلمة المسيح هي في الواقع لقبٌ لوظيفة يسوع، أكثر من كونها جزء من اسمه الشخصي. إن كلمة “المسيح”، بهذا المعنى، مشابهة كثيراً لكلمات مثل “الملك” و”القاضي”.

سنتحدث عن وظيفة يسوع البشرية في جزأين. أولاً، سنستقصي خلفية العهد القديم حول الوظيفة المعروفة “بالمسيح”، وثانياً، سنشرح كيف يشير تحقيق هذه الوظيفة في يسوع إلى ناسوت ربنا. دعونا نبدأ بخلفية العهد القديم حول الوظيفة المعروفة “بالمسيح”.

خلفية العهد القديم

إن الكلمة العربية المسيح هي ترجمةٌ للكلمة اليونانية christos، التي هي بدورها ترجمةٌ لكلمة العهد القديم العبرية mashiach أو مسيّا ومعناها الممسوح. كان مصطلح “الممسوح”، في زمن العهد القديم، واسع المعاني ويمكن أن يُطبَّق على أي شخص عينّه الله ليخدمه بطاقة خاصّة. على سبيل المثال، يشير أخبار الأيام الأول 16: 22 إلى الأنبياء بكلمة مُسَحاء. يتحدث لاويين 4: 3؛ 5 و16 عن الكهنة الممسوحين. وأشار داود في صموئيل الأول 26: 9؛ 11 و16، إلى شاول كمسيح الرب لأنه كان ملك إسرائيل. اصغِ للطريقة التي يصف بها لاويين 21: 10–12 مسح الكاهن الأعظم:

وَالْكَاهِنُ الأَعْظَمُ بَيْنَ إِخْوَتِهِ الَّذِي صُبَّ عَلَى رَأْسِهِ دُهْنُ الْمَسْحَةِ وَمُلِئَتْ يَدُهُ لِيَلْبَسَ الثِّيَابَ … إِكْلِيلَ دُهْنِ مَسْحَةِ إِلهِهِ عَلَيْهِ. (لاويين 21: 10–12)

كما نرى هنا، كرّس طقس المسحة الناس لخدمة الله.

لقد تم تطبيق أحد أهم استخدامات مصطلح الممسوح في العهد القديم على أنسال داود الذين مَلَكوا على إسرائيل ويهوذا. ونرى هذا في أماكن مثل مزمور 89: 38 و51، مزمور 132: 10 و17، وأخبار الأيام الثاني 6: 42. وقطع الله عهداً مع داود خلال حياته، واعداً إياه بتأسيس مملكةٍ ثابتة على الأرض تحت مُلك واحد من أنسال داود. يلخص مزمور 89: 3-4 عهد الله مع داود بهذه الطريقة:

قَطَعْتُ عَهْداً مَعَ مُخْتَارِي. حَلَفْتُ لِدَاوُدَ عَبْدِي إِلَى الدَّهْرِ أُثَبِّتُ نَسْلَكَ وَأَبْنِي إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ كُرْسِيَّكَ. (مزمور 89: 3-4)

من الطبيعي أن نتساءل لماذا خسر أبناء داود السيطرة على العرش في نهاية المَطاف، إن كان الله قد وعدهم به. إن الإجابة هي، أن البركات التي وعد بها الله في هذا العهد، كانت مشروطة بطاعة كل واحد من أنسال داود. وهذا الشرط مذكور بوضوح في أخبار الأيام الثاني 6: 16، مزمور 89: 30–32، ومزمور 132: 12. وهكذا، عندما تمرّد أنسال داود على الرب، خسروا عروشهم.

على سبيل المثال، في سنة 922 قبل الميلاد، سُلِبَ عشرة أسباط من سلالة داود، خلال حكم رَحُبْعَامُ حفيد داود، وأُعطيت إلى يَرُبْعَامُ. ونقرأ عن هذا في الملوك الأول 11 و12. وقد عُرِفَت الأسباط التي تبعت يَرُبْعَامُ بمملكة إسرائيل، وعُرِفَت البقية التي تبعت رَحُبْعَامُ بمملكة يهوذا. ولاحقاً، في سنة 587 قبل الميلاد سُلِبَت حتى مملكة يهوذا من بيت داود عندما خُلِعَ يَكُنْيَا عن عرشه وسقطت مملكته بالكامل في أيدي بابل. وقد تنبأ العديد من الأنبياء، في تلك الفترة، بأن الله سيرسل “مسيّا” أو “ممسوحاً” عظيماً في المستقبل. وسيكون مَلكاً عظيماً من نسل داود، يُحيي ويوحّد مملكتَي إسرائيل ويهوذا.

لقد كان الملك الشخصية التي عُرِفت بالمسيّا في العهد القديم، وهو ملك من سلالة داود. وقد قطع الله عهداً مع داود بأنه سيُقيم ملكاً ستكون له علاقة خاصة، مثل علاقة ابن الله أي علاقة بالله كابنه. وبالفعل عندما نُشير إلى مسيّا العهد القديم، نحن نُشير إلى ملكٍ. المَلك الذي سيحقق خلاص الله وتحريره. [د. مارك ستراوس]

تحدث العديد من أنبياء العهد القديم، عن المسيّا أو المسيح، كنسل داود، الذي سيعيد المسبيين إلى أرض الموعد، ويحمل بركات الله الأعظم إلى الأمة المُستعادة. على سبيل المثال نجد هذا النوع من النبوات في إرميا 23: 5–8؛ 30: 8-9؛ و33: 14–17. ونراها كذلك في حزقيال 34: 20–31؛ و37: 21–28. ونقرأها أيضاً في زكريا 12 و13. وكمثال واحد فقط، اصغِ إلى إرميا 23: 5-6:

هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرّ فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ وَيُجْرِي حَقّاً وَعَدْلاً فِي الأَرْضِ. فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ يَهُوذَا وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِناً. (إرميا 23: 5-6)

شجَّع العهد القديم شعب الله، من خلال نبوات كهذه، ليتوقوا إلى المسيا – أي الملك الممسوح من سلالة داود، الذي سيخلصهم من معاناتهم ويحمل لهم بركات الله المجيدة.

بعد أن فهمنا خلفية العهد القديم حول وظيفة المسيّا، أصبحنا جاهزين لنفحص كيف يشير إتمام هذه الوظيفة في يسوع إلى ناسوته.

التحقيق في يسوع

يتحدث العهد الجديد عن يسوع بصفته المسيح في أكثر من 500 مكان. وهكذا، يمكن الجزم من وجهة النظر المسيحية، بأنه المسيّا العظيم الذي كان العهد القديم يتوقعه. لكن حتى نُزيل كل الشك، توجد فقرتان في إنجيل يوحنا يُدعى فيهما يسوع “المسيّا”، ويشرح يوحنا أن “المسيّا” تعني نفس الشيء مثل “المسيح”. إن هاتان الفقرتان هما يوحنا 1: 41، و4: 25-26. فلْننظر إلى إحدى هاتين الفقرتين لنبرهن هذه النقطة. اصغِ لهذه الكلمات من حديث يسوع مع المرأة عند البئر في السامرة، والموجود في يوحنا 4: 25-26:

قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ. (يوحنا 4: 25-26)

أقرّ يسوع هنا بوضوح بأنه المسيّا المُتَنَبَأ عنه في العهد القديم. وقد شرح يوحنا أن الكلمة المعهودة “للمسيا” في اليونانية هي christos، والمترجمة هنا المسيح. ويخبرنا هذا، أنه في كل مرة نرى فيها الإشارة إلى يسوع “كالمسيح”، علينا أن نفهم أنه المسيّا المُتَنَبَأ عنه في العهد القديم.

لكن كيف يبرهن دور يسوع كالمسيّا أو المسيح على أنه إنسان حقاً؟ لماذا لم يأتي الله إلى الأرض بمجده الإلهي ويخلص شعبه؟ أو لماذا لم يرسل ملاكاً ليقود شعبه المختار؟

في الواقع، كان على المسيّا أن يكون إنساناً بحسب نبوات العهد القديم، لأنه كان عليه أن يكون ابناً لداود. وكما رأينا، قطع الله عهداً مع داود مُحدِّداً أن أحد أنساله سيملك على إسرائيل إلى الأبد. وبالطبع، كان كل أنسال داود بشراً.

يُقيم الله العلاقات مع الخطاة من خلال العهد. وهو يقوم بذلك طوعاً. وهو ليس مُلزَمٌ بالقيام بذلك. كما أنه هو من يُبادر به. وهو اختيار الله السيادي أن يقطع عهداً معنا من خلال وساطة ابنه. لكن ما أن يقطع الله عهداً، فهو مُلزمٌ بإتمام أحكام ذلك العهد بالطبع، سواء كانت بركات أو لعنات. فهو ليس حراً في كسر ذلك العهد. [د. ديريك توماس]

ورغم أنه قد يبدو مدهشاً، فقد ألزم الله نفسه بقراره فعلاً. وهو يختار أن يُلزِم نفسه بهذه الطريقة، كوسيلة لتحقيق إرادته الأبدية لشعب عهده. لكن رغم أن العهد يُلزِمه، فهو ما يزال تعبيراً عن إرادته الحرة. [د. پول تشانج]

في حالة العهد مع داود، ألزم الله نفسه بإرسال مسيّا بشري ليخلص شعبه. وكان هذا المسيّا يسوع.

السبب الثاني هو، أنه لا يمكن إلا لابن بشري لداود أن يكون ذبيحة كفارية عن شعبه. وكما رأينا، يُشير عبرانيين 2: 14–17 إلى وجوب أن يكون المسيّا إنساناً. وفوق هذا، يُضيف إشعياء 53 المطلب بوجوب أن تكون الكفارة مصنوعة من قِبَلِ ابنٍ بشريٍ لداود. سبب ثالث لضرورة أن يكون المسيّا إنساناً، هو أنه لابد أن يكون آدم الثاني. أي لابد أن ينجح حيث فشل آدم.

عندما خلق الله البشر، أقام آدم رأساً للجنس بأكمله، وأوكل إلى البشر مهمة تحويل العالم إلى ملكوت الله. لكن آدم أخطأ مُغرقاً البشرية في الخطية، وجعلنا عاجزين عن أداء مهمتنا الموكلة إلينا. ويسجل تكوين 1-3 هذه القصة، ويشرح رومية 5: 12–19 مغزاها العميق. وتسجل أسفار العهد القديم بدورها، كيف حاولت البشرية الساقطة باستمرار، وفشلت في بناء ملكوت الله على مر القرون.

ومع ذلك، لم تتغير متطلبات الله؛ فما زال البشر مسؤولون عن بناء ملكوت الله. ولهذا، أرسل الآب ابنه في نهاية المَطاف ليحلّ المشكلة. وجاء الابن ليبني لنا الملكوت. لكن حتى يبنيه نيابةً عنا – وحتى يأخذ مكاننا – كان ينبغي أن يصبح هو نفسه إنساناً. ومن خلال حياته البارة، موته الكفاري، قيامته المخوَّلة، وتتويجه السماوي، نجح يسوع حيث فَشِلَ آدم وفَشِلنا جميعاً. فقد أصبح يسوع آدم البشرية الثاني. وعندما نتحد بيسوع بالإيمان، يصبح نجاحه نجاحٌ لنا، وقدرته قدرةٌ لنا. وقد استعدنا الدور الجليل الهام في بناء ملكوت الله.

لقد تحدثنا في مناقشتنا حول ناسوت يسوع عن اختباراته البشرية المتنوعة، بالإضافة إلى الوظيفة البشرية للمسيّا أو المسيح. نحن مستعدون الآن للحديث عن طبيعة يسوع البشرية وعلاقتها بطبيعته الإلهية.

الطبيعة

عندما نقول أن ليسوع طبيعة بشرية، فإننا نعني أنه يمتلك كل الصفات والسمات الأساسية للكائن البشري – أشياءٌ مثل جسد بشري مادي ونفس بشرية عقلانية.

خلال تاريخ الكنيسة، كان هناك الكثيرُ من المعارك اللاهوتية حول طبيعة ناسوت المسيح. هل كان إنساناً كاملاً من كل ناحية؟ هل كان له جسدٌ ودمٌ حقيقيان؟ أم أنه بدا كإنسان فقط؟ هل كانت له نفسٌ بشرية، أم أن شخصَه الإلهيَ سكنَ جسداً فارغاً؟ أسئلةٌ مماثلةٌ تبدو على الأرجح معقّدةً وغامضة، أو حتى غيرَ مهمة. لكن، في وقت من الأوقات، هدّدت النزاعاتُ حولَ طبيعةِ المسيح البشرية، بانقسام الكنيسة. وقد كانت هذه الخلافات، موضوعَ الكثير من المجامع اللاهوتية، وحجرَ عثرة، تعثرت به العديد من الطوائف المُهرطقة. لذلك، من المهم بالنسبة لكل مسيحي أن يفهمَ على الأقل النواحي الأولية لطبيعة يسوع البشرية.

تمسك اللاهوت المسيحي المخلص باستمرار، بأن يسوع هو إنسان كامل من كل ناحية: حيث أن له جسد ونفس؛ كان معرضاً للمرض، الأذى والموت؛ كانت له قيود مادية عادية؛ وهكذا.

لكن عندما نتكلم عن يسوع بهذه الطريقة، سريعاً ما تصبح الصورة معقّدة، لأن يسوع مختلف عن باقي البشر في بعض الطرق الهامة. فمن جهة، يسوع هو كائن بشري كامل، في حين أن هناك عيوب في جميعنا. وهذا يؤدي إلى بعض الاختلافات الهامة فيما بيننا. على سبيل المثال، أخطأ كل كائن بشري. ونرى هذه الفكرة في الملوك الأول 8: 46، مزمور 130: 3، مزمور 143: 2، رومية 5: 12، غلاطية 3: 22 والعديد من الفقرات الأخرى. وكمثال واحد فقط، تأمل في هذه الكلمات من رومية 3: 10–12:

كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ. الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعاً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ. (رومية 3: 10–12)

 لكنّ يسوع مختلف. فقد وُلِد من دون خطية، وعاش حياة خالية من الخطية تماماً. ويتحدث الإنجيل تحديداً عن حياته الخالية من الخطية، في فقرات مثل عبرانيين 4: 14-15؛ و9: 14. وهكذا، كيف نوفّق هذه الفكرة مع التأكيد بأنه كان ليسوع طبيعة بشرية حقيقية كاملة؟ في الواقع، إن الإجابة البسيطة هي أن ارتكاب الخطية، وحتى القدرة على ارتكابها، ليسا ضروريَين حتى نكون بشر.

إن العبارة التي تقول أن الله خلق البشرية في البدء مع القدرة على ارتكاب الخطية صحيحة. وقد برهن آدم وحواء على ذلك في تكوين 3 عندما أكلا من شجرة معرفة الخير والشر. لكن علينا الاعتراف بأنهما كانا ما يزالان بشر حتى قبل أن يخطئا. وهكذا، يمكننا إيجاد إنسان لا يخطئ. في الواقع، عندما نموت ونذهب إلى السماء، سنخسر القدرة على ارتكاب الخطية فعلاً، كما يعلّم عبرانيين 12: 23. لكننا سنبقى بشراً بالكامل. وهكذا، رغم كون الخطية من صفاتنا في هذا العالم الساقط، فلن تكون من صفاتنا في العالم القادم. وبالتالي ليس الإثم صفة ضرورية للبشرية.

ولهذا السبب نقول: تتضمن طبيعة يسوع البشرية كل الصفات والسمات الأساسية للكائن البشري.

أمر آخر يجعل يسوع مختلفاً، هو حقيقةُ أنه الشخص الوحيد الذي يمتلك طبيعتين: طبيعة بشرية، وطبيعة إلهية. إن لدى كل البشر طبيعة واحدة: الطبيعة البشرية. أما يسوع فهو إله وإنسان معاً، كونه إنسانٌ كاملٌ وإلهٌ كاملٌ في نفس الوقت.

لا يخبرنا الكتاب المقدس بوضوح، كيف تتحد طبيعتا يسوع في أقنومه. وأدت الصعوبات المتضمَّنة في تفسير هذا الاتحاد، إلى العديد من الخلافات في الكنيسة الأولى. لكن استقرت الكنيسة في النهاية، على لغة أكّدت كلاً من الأقنوم الواحد ليسوع وطبيعتيه، دون تجاوز الكتاب المقدس في وصفه للتفاصيل.

إن المصطلح التقني الذي نستخدمه لوصف وجود الطبيعيتَين البشرية والإلهية في أقنوم المسيح هو الاتحاد الأقنومي. ورغم أن هذا المصطلح قد يبدو غريباً على مسامعنا اليوم، يمكننا فهمه عندما نفكر بالطريقة التي استُخدِم فيها في الكنيسة الأولى. حيث كانت “الأقنومية”، في الكنيسة الأولى، إحدى الكلمات التي استُخدِمت بصورة عامة للإشارة إلى ما نسميه أقنوماً، لا سيما الأقنوم في الثالوث.

على سبيل المثال، استخدم باسيليوس، أب الكنيسة في القرن الرابع، كلمة أقنوم في الفصل الثامن عَشَر من مؤلَّفه عن الروح القدس، كما يلي:

يوجد إلهٌ وأبٌ واحد، مولودٌ وحيدٌ واحد، وروحُ قدسٍ واحد. ونعلن كل اتحادٍ أقنومي على حدا.

لقد قصد باسيليوس هنا الشيء نفسه الذي نقصده إذا قلنا “نعلن كلٍ من الأقانيم على حدا”.

تتعامل عقيدة الاتحاد الأقنومي إذاً، مع وحدة الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية ضمن الاتحاد الأقنومي أو أقنوم الله الابن. وتقول بالتحديد:

إن يسوع هو أقنوم واحد بطبيعتين متميزتين (طبيعة إلهية وطبيعة بشرية) محتفظاً مع كل طبيعة بصفاتها الخاصة بها. لقد كان لدى الله الابن لاهوت كامل بكل صفاته دائماً. وعندما حُبل به ووُلد ككائن بشري، أضاف إلى شخصه كل الصفات الأساسية للكائن البشري، مثل الجسد والنفس.

إن أحد الأماكن التي يتحدث فيها العهد الجديد عن الاتحاد الأقنومي هو فيلبي 2: 5–7، حيث كتب بولس هذه الكلمات:

الْمَسِيحِ يَسُوعَ … الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ … أَخْلَى نَفْسَهُ آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. (فيلبي 2: 5–7)

أوضح بولس هنا أن يسوع كان كالله وله طبيعة إلهية كاملة. ثم، تجسد، مضيفاً بذلك طبيعة بشرية إلى الطبيعة الإلهية التي كان يمتلكها مسبقاً. وقد أربكت عبارة “أخلى نفسه”، أو حرفياً “جرّد نفسه”، المسيحيين أحياناً.

لقد ظن البعض خطأً أن يسوع تخلى عن مجده، أو حتى عن طبيعته الإلهية. لكن كما رأينا في دروس سابقة، إن هذا مستحيل. حيث أن طبيعة الله ثابتة. فلا يمكن أن يتخلى الله عن أيٍ من صفاته الأساسية، فكم بالحري عن طبيعته بأكملها.

ولحسن الحظ، أوضح بولس معنى هذه العبارة بتفسيرها من خلال عبارتين تتضمنان اسم فاعل: آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ وصَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ.

تخبرنا هاتان العبارتان كيف “أخلى يسوع نفسه”، أو “جرّد نفسه”. وقد جرّد يسوع نفسه بالتحديد، ليس بفقدان طبيعته الإلهية، بل باتخاذه طبيعة إضافية – طبيعة بشرية لم تحلّ مكان مجده الإلهي، بل ببساطة حجبته.

ولعل البيان الأكثر شهرة الذي يفسّر الاتحاد الأقنومي هو “قانون إيمان المجمع المسكوني الذي اجتمع في سنة 451 ميلادية في مدينة “خلقيدونيّة” في شمال آسية الصغرى. وقد اجتمع “مجمع خلقيدونيّة” ليدافع عن العقائد التقليدية لأقنوم وطبيعتَي المسيح، وليدحض العديد من البِدَع المختلفة حول هاتين المسألتين.

إن البيان الذي قدمه المجمع معروف بعدة أسماء، منها قانون الإيمان الخلقيدوني أو “الرمز”، و”تعريف خلقيدونية”. اصغِ لهذا الاقتباس منه:

إن ربنا يسوع المسيح [هو] كامل في اللاهوت وكامل في الناسوت؛ إنه إله حق وإنسان حق، ومن نفس عاقلة وجسد… في كل شيء مثلنا، وبلا خطية… معروفٌ بطبيعتين، بدون التباس، بدون تغيير، بدون انقسام، وبدون فصل. إن تميُّز طبيعتيه لا يُلغَى بوحدتهما، لكن تكون صفات كل طبيعة محفوظة ومجتمعة سوية لتشكل جوهراً وأقنوماً واحداً.

إن الكثير من لغة قانون الإيمان الخلقيدوني تقني جداً. لكن يمكن تلخيصه في نقطتين. فمن جهة، إن ليسوع أقنوم واحد.

فهو لا يمتلك شخصين أو فِكرَين، كما لو أن شخصاً بشرياً استضاف شخصاً إلهياً في جسده. كما أنه ليس شخصاً واحداً، يكون نوعاً ما اتحاداً أو هجيناً لشخصَين أو فكرَين متميزَين، كما لو أن شخصاً إلهياً اندمج مع شخص بشري. فقد كان وما يزال الشخص الأبدي ذاته المعروف بابن الله. إن ليسوع، في الوقت ذاته طبيعتان متميزتان: طبيعة بشرية وطبيعة إلهية.

إن كلتا هاتين الطبيعتين كاملتين وصحيحتين، تماماً كما أن طبيعة الآب إلهية بالكامل، وطبيعة البشر بشرية بالكامل. ويمتلك يسوع كل صفة ضرورية للاهوت، وأيضاً كل صفة ضرورية للناسوت.

علاوة على ذلك، إن طبيعتا يسوع متميزتان عن بعضهما البعض. فهو لا يمتلك طبيعة هجينة تضم الصفات الإلهية والبشرية معاً. كما أن صفاته البشرية لا تعيق صفاته الإلهية، ولا تعزز صفاته الإلهية صفاته البشرية. حيث تبقى كل طبيعة بدون تغيير بالكامل.

أعتقد أن ما يُثير الفضول هو الطريقة التي تُشدد فيها الرسالة إلى العبرانيين على أهمية أن يكون الوسيط بين الله والإنسان، إلهاً بالكامل وإنساناً بالكامل. فهو الله الخالق الأبدي الذي يحفظ كل الأشياء بكلمة قدرته. ثم تقول الرسالة إلى العبرانيين، أنه من أجلنا ولأننا بحاجة لرئيس كهنة يكون إنساناً بالكامل، فهو يأخذ لنفسه جسداً ودماً مثلنا تماماً. ويمكنه أن يشفع لنا من وجهة نظر الشخص الذي يشترك في طبيعتنا البشرية. ولهذا نحن بحاجة لرئيس كهنة بشري. كما أننا بحاجة أيضاً لرئيس كهنة إلهي يعيش للأبد ليشفع لنا. ونجد هذا في شخص يسوع المسيح. [د. دينيس جونسون]

إن لناسوت المسيح عدة مضامين بالنسبة للطريقة التي نعيش فيها كأتباع له. وكما كتب بولس في رسالة تيموثاوس الأولى 2: 5 هذا يعني أن لنا وسيط بشري فعّال بيننا وبين الله، يمكننا أن ننال الغفران من خلال موته، ونعيش كالأشخاص الذين تمت مصالحتهم مع الآب بشكل كامل. وكما علّم بولس في رومية 5: 12-19، هذا يعني أن يسوع بصفته آدم الثاني، شكّل جنساً بشرياً جديداً من أولئك الذين يثقون به، مُعيداً إيانا إلى مركز مجد وكرامة ضمن الخليقة. وأصبح لدينا، بسبب هذا، القدرة لنعيش بطرق تُرضي الله، ولنغيّر العالم لنجعله شبيهاً بملكوته السماوي بشكل أكبر.

وعلى المستوى الفردي، وبينما نتصارع مع الخطية والمعاناة في حياتنا، يمكننا أن نقترب من عرش النعمة بثقة، عالمين أن مخلصنا الكامل الناسوت يفهم ويتعاطف مع آلامنا وضعفاتنا، ويجعله متلهف للاستجابة لنا بطرق تخفف من معاناتنا، تبني شخصيتنا، وتزيد من مكافآتنا الأبدية. إن هذه بعضاً من طرقٍ لا تحصى، يؤثر فيها ناسوت المسيح الكامل على حياتنا.

استعرضنا في هذا الدرس ألوهية يسوع المسيح وناسوته. ونحن مستعدون الآن للتركيز على عمل المسيح المذكور في قانون إيمان الرسل.

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

القسم الثاني: الناسوت

مخطط لتدوين الملاحظات

II. الناسوت

أ‌. الاختبارات

1. الولادة

2. الجسد

3. النفس

4. القيامة

ب‌. الوظيفة

1. خلفية العهد القديم

2. التحقيق في يسوع

ج‌. الطبيعة

أسئلة المراجعة

1. في القرون الأولى بعد المسيح، عن أي موضوع كان الناس يتساءلون أكثر: ألوهية يسوع أم ناسوته؟

2. كيف ظهر ناسوت المسيح في ولادته وفي آلامه؟

3. مَن هم البشر، بالإضافة إلى يسوع، الذين لم يكن لهم أب بشري؟

4. ماذا تُعلِّم عبرانيين 2: 14-17 حول السبب الذي جعل يسوع يأخذ جسدًا إنسانيًا؟

5. اشرح معنى أن يسوع من نسل داود.

6. اشرح تعليم الدرس فيما يخص أقسام الإنسان ومعنى “النفس” البشرية.

7. أي نوع من الأجساد سيأخذ المؤمنين في القيامة الأخيرة؟

8. ما هو الأصل اللغوي لاسم “المسيح”؟

9. ماذا كانت أهمية ذكر أن يسوع كان من نسل داود؟

10. اشرح معنى “الاتحاد الأقنومي”.

11. تأكد من قدرتك على سرد الموقف الأورثوذكسي فيما يتعلَّق بالأقنوم الخاص بالمسيح وبطبيعتيه.

12. ماذا تُعلِّم فليبي 2: 5 حول التغيُّر الذي اختبره يسوع حين أصبح رجلًا؟ هل فقد الصفات الإلهية؟ هل تنازل عن مجده الإلهي؟

13. ماذا يقول قانون الإيمان النيقاوي عن المسيح؟

14. تأكد من معرفتك لمحتوى كل من المقاطع التالية:
1كورنثوس 15: 20-23
إرميا 23: 5-6
يوحنا 4: 25-26
رومية 3: 10-12

أسئلة تطبيقية

1. ما أهمية أن تتذكَّر في حياتك اليومية أن يسوع ليس فقط إلهًا، لكنه أيضًا إنسان؟

2. ما هو أكثر تعليم ورد في هذا الدرس عَنَى لك بشكل شخصي؟ لماذا؟

AJAX progress indicator
Search: (clear)
  • أوغسطينوس
    أسقف هيبو (354-430م)، آمن بالكتاب المقدس كالسلطة النهائية في العقيدة واعتبر قوانين الايمان الخاصة بالكنيسة ملّخصات مفيدة للتعاليم الكتابية. وهو الذي كتب كتاب الاعترافات Confessions، ومدينة الله The City of God.
  • السبعينية­
    الترجمة اليونانية للعهد القديم.
الاختبارات
قانون إيمان الرسل – الدرس الثالث – الامتحان الثاني
Previous القسم
Back to الدرس
Next القسم

انجازك في الدورة

0% Complete
0/44 Steps

محتوى الدورة الدراسية

الدورة Home عرض الكل
ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: بنود الإيمان
6 الأقسام | 5 الاختبارات
التحضير للدرس الأول
قانون إيمان الرسل – الدرس الأول – القسم الأول
قانون إيمان الرسل – الدرس الأول – القسم الثاني
قانون إيمان الرسل – الدرس الأول – القسم الثالث
الأسئلة المقالية
الأسئلة التعبيرية
الدرس الثاني: الله الآب
5 الأقسام | 5 الاختبارات
قانون إيمان الرسل – الدرس الثاني – القسم الأول
قانون إيمان الرسل – الدرس الثاني – القسم الثاني
قانون إيمان الرسل – الدرس الثاني – القسم الثالث
الأسئلة المقالية
الأسئلة التعبيرية
الدرس الثالث: يسوع المسيح
5 الأقسام | 5 الاختبارات
قانون إيمان الرسل – الدرس الثالث – القسم الأول
قانون إيمان الرسل – الدرس الثالث – القسم الثاني
قانون إيمان الرسل – الدرس الثالث – القسم الثالث
الأسئلة المقالية
الأسئلة التعبيرية
الدرس الرابع: الروح القدس
5 الأقسام | 5 الاختبارات
قانون إيمان الرسل – الدرس الرابع – القسم الأول
قانون إيمان الرسل – الدرس الرابع – القسم الثاني
قانون إيمان الرسل – الدرس الرابع – القسم الثالث
الأسئلة المقالية
الأسئلة التعبيرية
الدرس الخامس: الكنيسة
6 الأقسام | 6 الاختبارات
قانون إيمان الرسل – الدرس الخامس – القسم الأول
قانون إيمان الرسل – الدرس الخامس – القسم الثاني
قانون إيمان الرسل – الدرس الخامس – القسم الثالث
قانون إيمان الرسل – الدرس الخامس – القسم الرابع
الأسئلة المقالية
الأسئلة التعبيرية
الدرس السادس: الخلاص
5 الأقسام | 7 الاختبارات
قانون إيمان الرسل – الدرس السادس – القسم الأول
قانون إيمان الرسل – الدرس السادس – القسم الثاني
قانون إيمان الرسل – الدرس السادس – القسم الثالث
الأسئلة المقالية
الأسئلة التعبيرية
الدرس السابع: القراءات المطلوبة
4 الأقسام | 5 الاختبارات
متطلبات القراءة ١
متطلبات القراءة ٢
متطلبات القراءة ٣
متطلبات القراءة ٤
العودة إلى قانون إيمان الرسل

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in